السجن 7 سنوات لسفيرة ليبيا لدى بلجيكا بتهمة «الاختلاس»

أجرت تحويلات مالية «مشبوهة» إلى شركة يملكها نجلها

رئيسة البعثة السياسية لدولة ليبيا لدى بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى السفيرة أمل الجراري (الشرق الأوسط)
رئيسة البعثة السياسية لدولة ليبيا لدى بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى السفيرة أمل الجراري (الشرق الأوسط)
TT

السجن 7 سنوات لسفيرة ليبيا لدى بلجيكا بتهمة «الاختلاس»

رئيسة البعثة السياسية لدولة ليبيا لدى بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى السفيرة أمل الجراري (الشرق الأوسط)
رئيسة البعثة السياسية لدولة ليبيا لدى بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى السفيرة أمل الجراري (الشرق الأوسط)

قضت محكمة طرابلس بسجن رئيسة البعثة السياسية الليبية لدى مملكة بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى، السفيرة أمل الجراري، 7 سنوات بعد إدانتها بتهمة «الاستيلاء على المال العام»، وغرمتها ضعف المبلغ المختلس.

في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أخضعت النيابة العامة الليبية الجراري للتحقيق لاتهامها بالتطاول على المال العام، وأمر حينذاك رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، بإنهاء إعارتها للعمل بوزارة الخارجية، وإحالة إجراءات إعفائها إلى المجلس الرئاسي، وفقاً للتشريعات النافذة، ووفق نص قراره رقم (728) لسنة 2023.

وبدأت القصة عندما فتح مكتب المدعي العام البلجيكي تحقيقاً في تلك الأثناء مع السفيرة الليبية لاتهامها بتحويلات مالية، وُصفت بـ«المشبوهة» إلى شركة يملكها نجلها، وحينذاك ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا بتفاصيل الواقعة في محاولة لاستجلاء خباياها.

ويتعلق الأمر، وفق وسائل إعلام بلجيكية، بتحويل 550 ألف يورو من حساب السفارة إلى شركة ألمانية يملكها نجلها، عبر شركة ثالثة، من أجل شراء أجهزة تصوير بالرنين المغناطيسي. لكن الأموال لم تصل إلى وجهتها؛ وهو ما أثار «شبهات اختلاس الأموال»، واستدعى تدخّل المدعي العام البلجيكي. (اليورو يساوي 5.25 دينار في السوق الرسمية).

النائب العام الليبي الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وقال مكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، الخميس، إن محكمة جنايات طرابلس، أدانت رئيسة البعثة السياسية لدولة ليبيا لدى مملكة بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى - دون أن تأتي على ذكر اسمها -، مشيراً إلى أن المدانة «تعمدت الإسهام في ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة؛ والاستيلاء من دون وجه حق على مال عام، والتسبُّب في إلحاق ضرر بالمصلحة العامة».

ولفت مكتب النائب العام إلى أن المحكمة قضت في آخر جلساتها، الخميس، بإدانة المتهمة؛ فأنزلت بها عقوبة السجن مدة 7 سنوات؛ وغرَّمتها ضعف المبلغ المختلس؛ مع حرمانها من حقوقها المدنية مدة تنفيذ العقوبة.

وسبق للنيابة العام أن أفادت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بأنها «تجري تدابير قضائية حول سلوكيات مؤثمة، منسوبة إلى رئيسة البعثة السياسية لدولة ليبيا لدى مملكة بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى، ونوهت حينها إلى أن المحامي العام الليبي بدأ التحقيق مع الجراري في التهم المنسوبة إليها، فاستقرَّ لديه «وجاهة أدلة إثبات مخالفتها، بتعمُّدها الإسهام في ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة؛ والاستيلاء من دون وجه حق على مال عام، والتسبّب في إلحاق ضرر بالمصلحة العامة».

وكان المحقق قد انتهى بعد إجراء استجواب المسؤولة واتهامها إلى حبسها احتياطياً على ذمة التحقيق؛ ومضى في استقصاء بقية الظروف الملابسة للواقعة.

ولم تكن تهم الفساد الموجهة لسفيرة ليبيا في بلجيكا هي الوحيدة التي توجه لمسؤولين نافذين بالسلك الدبلوماسي، فقد سبقتها اتهامات عدة لرؤساء بعثات دبلوماسية، بالإضافة إلى مسؤولين في حكومة «الوحدة الوطنية».

ففي الخامس من مايو (أيار) الماضي، أمرت النيابة العامة بحبس القائم السابق بأعمال بعثة دولة ليبيا لدى جمهورية البرتغال، ورقيب سابق على إدارة المال العام في البعثة احتياطياً على ذمة التحقيق. وقال مكتب النائب العام إن النيابة وجهت لهما تهمة الاستيلاء على مخصصات تقديم الخدمة الطبية لدى الدولة المعتمد لديها، بتعمدهما التصرف في ما يزيد على 800 ألف يورو من الأموال المخصَّصة لعلاج المرضى الليبيين، بتحويلها إلى حساب مصرفي لإحدى الشركات في تونس.

يشار إلى أن هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا، قررت في أغسطس (آب) الماضي، إيقاف السفيرة الليبية لدى بلجيكا عن العمل احتياطياً؛ بسبب ارتكابها مخالفات عدة. وقد سبق للنيابة العامة أن وجهت اتهامات لثلاثة رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية الليبية لدى أوكرانيا، وسفير ليبيا لدى إيطاليا، والمراقب المالي في سفارة ليبيا لدى جنوب أفريقيا.


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
TT

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة، بعدما أفادت تحقيقات أولية، السبت، بأن «الماس الكهربائي أحد الأسباب المسؤولة عن اشتعال النيران في حادثي (الموسكي) و(حارة اليهود)»، وهما الحريقان اللذان تسببا في سقوط 7 قتلى، إضافة إلى 6 مصابين، فضلاً عن خسائر مالية كبيرة.

وأشارت التحقيقات في الحادثين إلى أن الشرارة الأولى للنيران نتجت عن «ماس كهربائي»، قبل أن تمتد النيران لأماكن أخرى بسبب «وجود مواد قابلة للاشتعال نتيجة البضائع المخزنة في بعض العقارات».

وأخلت النيابة المصرية، السبت، سبيل صاحب مخزن الأحذية، الذي اشتعلت فيه النيران بعد توقيفه، الجمعة، عقب اندلاع حريق في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي. وتبيّن لسلطات التحقيق «عدم حصول صاحب مخزن الأحذية على تصريح بتحويل شقته إلى مخزن للأحذية».

و«الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي مسؤول عن 18.4 في المائة من إجمالي مسببات الحرائق بمصر العام الماضي»، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء»، الذي رصد في تقريره السنوي، الصادر في فبراير (شباط) الماضي، تراجع معدلات الحرائق في مصر من «51963 حريقاً عام 2020 إلى 45345 حريقاً في 2023»، وبنسبة انخفاض عن عام 2022 الذي شهد اندلاع «49341 حريقاً».

سيارات الإطفاء عقب إخماد حريق كبير أدى إلى تدمير متاجر «شهيرة» في وسط القاهرة (رويترز)

وأرجع الخبير الأمني المصري، محمد عبد الحميد، تكرار وقوع حوادث «الماس الكهربائي» لـ«عدم الالتزام بضوابط الحماية المدنية، في حين يتعلق بالأكواد المنظمة لعمليات التشغيل والحمل الكهربائي، مع وجود محال ومخازن تحتاج إلى تغيير العدادات، ووصلات الكهرباء الخاصة بها، نتيجة زيادة الأحمال بإضافة أجهزة وتشغيلها بشكل مستمر»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «غياب الرقابة والتفتيش الدوري على هذه الأماكن يعزز من فرص زيادة المخالفات المرتكبة».

وبحسب الخبير الأمني المصري، فإن «شبكات الكهرباء في المنازل تختلف عن المخصصة للمخازن، إضافة إلى أن بعض السلع والأدوات التي يجري تخزينها تكون بحاجة إلى درجة حرارة معينة»، لافتاً إلى أن بعض الأجهزة الحديثة، التي يجري استخدامها على غرار «غلايات المياه»، أو أجهزة تسخين الطعام، تكون بحاجة لضغط كهربائي عالٍ، الأمر الذي يؤدي لحدوث «شرارات»، ومع وجود مواد قابلة للاشتعال بجوارها «يتحول الأمر لحريق لا يمكن السيطرة عليه عن طريق الشخص؛ لكن يتطلب قوات الإطفاء المدربة».

ورأى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن محسب، أن «الحرائق تزداد عادة خلال الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» ضرورة «تنفيذ ضوابط مراقبة، ومتابعة التزام جميع المواقع بإجراءات الحماية المدنية». وأضاف عضو «النواب» أنه قدّم إحاطة برلمانية في مارس (آذار) الماضي لرئيس مجلس الوزراء عن «خطة الحكومة بشأن توافر وسائل الأمان لإخماد حوادث الحرائق، من دون حدوث أضرار ضخمة، وذلك بعد الحريق الذي نشب في استوديو (الأهرام) بالجيزة».

وتسبب «ماس كهربائي» في حريق هائل باستوديو «الأهرام»، أسفر عن تدمير بلاتوهات تصوير عدة داخل الاستوديو، إضافة إلى امتداد النيران للعقارات المجاورة، وتدمير عدد من الشقق السكنية.

سيارة إطفاء خلال إخماد حريق «الموسكي» الجمعة (رويترز)

عودة إلى الخبير الأمني المصري، الذي أكد وجود أسباب عدة لحدوث «الماس الكهربائي»، من بينها «عدم انتظام تيار الضغط الكهربائي لأي سبب من الأسباب، أو انصهار أسلاك بسبب تهالكها، وعدم تجديدها، خصوصاً في المباني القديمة بوسط القاهرة، التي لا تشهد عادة إعادة تأهيل، بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة التي تمارس داخلها»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بوجود التجهيزات اللازمة لإطفاء الحرائق حال حدوثها، وبما يتناسب مع المواد القابلة للاشتعال التي تكون موجودة بهذه الشقق».

كما شدد النائب البرلماني على «تطبيق الاشتراطات الخاصة بالأمن الصناعي في مختلف الأسواق، وعدم الاكتفاء بتحرير محاضر مخالفات من دون متابعة ما يجري بعد ذلك من إجراءات».