100 قتيل على الأقل في مجزرة بالسودان... واتهامات لـ«الدعم السريع»

نشطاء قالوا إن القوات هاجمت قرية بولاية الجزيرة

TT

100 قتيل على الأقل في مجزرة بالسودان... واتهامات لـ«الدعم السريع»

صورة بثّتها «لجان مقاومة مدني» السودانية لما قالوا إنها جثامين قتلى هجوم «الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة (إكس)
صورة بثّتها «لجان مقاومة مدني» السودانية لما قالوا إنها جثامين قتلى هجوم «الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة (إكس)

اتهم نشطاء محليون «قوات الدعم السريع» السودانية، بتنفيذ هجوم على قرية ود النورة بولاية الجزيرة (وسط السودان)، يوم الأربعاء، وأنها «قتلت ما لا يقل عن 100 شخص».

والهجوم، إن تأكدت تلك التقارير، سيكون الأحدث في سلسلة من عشرات الهجمات التي تشنّها «قوات الدعم السريع» على قرى صغيرة في أنحاء ولاية الجزيرة الزراعية بعد سيطرتها على عاصمتها، ود مدني، في ديسمبر (كانون الأول).

وفي بيان، نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قالت مجموعة مؤيدة للديمقراطية تُعرف باسم «لجان مقاومة مدني»: «شهدت قرية ود النورة... ولاية الجزيرة، إبادة جماعية اليوم الأربعاء... بعد هجوم ميليشيا الدعم السريع على القرية مرتين وقتل ما قد يصل إلى مائة شهيد». وذكرت في وقت لاحق أن عدد القتلى بالمئات، وأن «ارتكازات القوات المسلحة لم تستجب لإغاثة المواطنين».

وتبعد قرية ود النورة نحو 40 كيلو متراً غرب مدينة المناقل والتي تتبع محلية 24 القرشي بولاية الجزيرة، وهي المحلية الوحيدة الخاضعة لسيطرة الجيش بالولاية، حيث يدور قتال ومناوشات حولها بين طرفي الحرب السودانية.

 

وحال انقطاعُ الاتصالات دون التواصل مع سكان للتحقق من عدد القتلى.

واندلعت الحرب بين «الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية في أبريل (نيسان) من العام الماضي، بعد خلافات حول دمج القوة شبه العسكرية في الجيش.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» منذ ذلك الحين على أجزاء من العاصمة الخرطوم، ومعظم مناطق غرب السودان. وتسعى حالياً إلى التقدم نحو وسط البلاد، بينما تقول وكالات الأمم المتحدة إن شعب السوداني معرّضٌ «لخطر مجاعة وشيك».

وذكرت «الدعم السريع»، في بيان، أنها هاجمت قواعد للجيش ومجموعات مسلحة متحالفة معه بمنطقة ود النورة، لكنها لم تعلن وقوع قتلى بين المدنيين.

واتهمت «لجان مقاومة مدني» «قوات الدعم السريع» باستخدام المدافع الثقيلة ضد المدنيين، ونهب القرية، والتسبب في «حالات نزوح كاملة للنساء والأطفال من الأهالي نحو المناقل (بلدة قريبة)».

ونشرت «لجان مقاومة مدني» صورة تظهر عشرات الجثامين وسط حشد كبير من الرجال يستعدون لدفنها في ساحة مفتوحة.

وقالت: «بادر أهالي قرية ود النورة إلى الاستنجاد بارتكازات القوات المسلحة، ولم تستجب لإغاثة المواطنين بكل الخزي والعار».

 

إدانات

 

وخلّف الهجوم ردود فعل واسعة محلية وإقليمية ودولية، إذ أدانته «جامعة الدول العربية»، وطالبت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان كليمنتاين نكويتا سلامي بإجراء تحقيق في ملابسات ما حدث، ودعت كل الأطراف لحماية المدنيين.

وقالت كليمنتاين إن «مصادر موثوقة أفادت بأن الهجوم على قرية ود النورة استخدمت فيه أسلحة متفجرة في مناطق مأهولة بالسكان، ودعت جميع أطراف النزاع لاتخاذ الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين».

وأضافت كليمنتاين في بيانها: «أشعر بالصدمة من التقارير التي تفيد بوقوع هجمات عنيفة وارتفاع عدد الضحايا في قرية ود النورة بولاية الجزيرة».

وتابعت: «بينما لا تملك الأمم المتحدة حتى الآن التفاصيل والحقائق الكاملة لأحداث (الأربعاء)، فإن هناك أنباء موثوقة عن إطلاق نار كثيف واستخدام أسلحة متفجرة في المناطق المدنية المأهولة بالسكان».

وندد «مجلس السيادة الانتقالي» السوداني بالهجوم. وأصدر بياناً وصف فيه الواقعة بأنها «أفعال إجرامية تعكس السلوك الممنهج لهذه الميليشيات في استهداف المدنيين».

كما أدانت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) انتهاكات «الدعم السريع» في حق المدنيين، وقالت في بيان باسم الناطق الرسمي بكري الجاك: «ندين بأشد العبارات الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها (الدعم السريع) في حق المدنيين، في قرى الجزيرة».

ودعت «تقدم» طرفي القتال للابتعاد عن مناطق المدنيين، والكف عن تجنيدهم وتسليحهم في كل مناطق القتال، كما دعتهم للوقف الفوري غير المشروط لإطلاق النار، والشروع في ترتيبات لحماية المدنيين، تبدأ بخروج قوات الطرفين من المدن والقرى، والدخول في حوار للوصول لحل شامل ينهي الحرب ويضمد جراحات السودانيين.

 

انتهاكات وسرقات

 

بدوره، أفاد المتحدث باسم «المقاومة الشعبية السودانية» عمار حسن لـ«وكالة أنباء العالم العربي» بأن «اقتحام (الدعم السريع) لقرية ود النورة أدى إلى مقتل أكثر من 154 شخصاً، ونزوح كثيرين».

واتهم عمار «الدعم» بارتكاب «انتهاكات وسرقات» منذ اندلعت الحرب بينها وبين الجيش السوداني، وأنها «استجلبت مرتزقة من كل أنحاء العالم» وفق قوله.

وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله في تصريحات صحافية، إن «عصابات (الدعم السريع) اعتدت على بلدة (ود النويرة) وقتلت أهلها وسحلتهم ونهبت ممتلكاتهم، زاعمة أنها تدافع عن نفسها ضد هجوم، في وقت لا توجد فيه أي قواعد عسكرية في البلدة، ولا توجد بها أهداف عسكرية».

ووصف عبد الله الهجوم بأنه امتداد لما سماه بـ«المشروع الاستيطاني الشيطاني العدواني» ضد المدنيين العزل.

لكن في المقابل، دافعت «الدعم السريع» في بيان عن نفسها، وقالت إن ما أطلقت عليها «ميليشيا البرهان» - تقصد الجيش - و«كتائب المجاهدين» حشدت قوات كبيرة في أكبر 3 معسكرات للعدو في منطقة تقع غرب المناقل عند بلدة «ود النورة»، للهجوم على قواته في منطقة «جبل أولياء». وزعمت أن قواتها تعرضت لهجوم.

وعادة تشهد القرى والبلدات المحيطة بالمنطقة عمليات عسكرية متبادلة بين الجيش و«الدعم السريع»، ويقول السكان إن انتهاكات واسعة تشمل القتل ونهب الأموال والممتلكات واعتداءات جنسية تحدث من «قوات الدعم السريع» أثناء هذه العمليات.

 


مقالات ذات صلة

حرب السودان تبلغ يومها الـ500 وتوقع آلاف الضحايا

شمال افريقيا يافعون سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)

حرب السودان تبلغ يومها الـ500 وتوقع آلاف الضحايا

انقضت 500 يوم على السودانيين وهم يكابدون إحدى «أسوأ الأزمات الإنسانية» في العالم، فالحرب التي تأكل أبناء الوطن الواحد لا يبدو لنهايتها أي أفق.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون على طول شارع يحمل آثار الدمار في أم درمان... السودان 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

20 قتيلاً في الفاشر جراء قصف مدفعي لـ«الدعم السريع»

قُتل 20 شخصا في قصف مدفعي لـ«قوات الدعم السريع» طال مخيما للنازحين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بغرب السودان، بحسب ما أفادت لجان محلية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)

خاص «الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

تحدث رئيس وفد «قوات الدعم السريع» إلى محادثات جنيف في حوار مع «الشرق الأوسط» عن خياراتهم إذا فشل التفاوض، ملوحاً بالحسم العسكري لكنهم لن يسمحوا بتقسيم البلاد.

عيدروس عبد العزيز (لندن)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (قناة مجلس السيادة الانتقالي عبر «تلغرام»)

البرهان يؤكد عدم المشاركة في محادثات جنيف: «سنحارب مائة عام»

أكد قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، عدم المشاركة في محادثات التي جرت في سويسرا برعاية أميركية لوقف الحرب في السودان.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
تحليل إخباري صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)

تحليل إخباري «تحالف السلام» في السودان... هل يصبح مقدمة لتدخل عسكري؟

انفضّت مباحثات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان، دون أن تشفي أشواق السودانيين الملحة لاستعادة حياتهم التي تسرّبت من بين أيديهم فجر 15 أبريل (نيسان) 2023.

أحمد يونس (كمبالا)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، التزاماً بالتعهدات التي قطعها وفده في محادثات جنيف في وقت سابق من أغسطس (آب).

وقال في تدوينة على منصة «إكس»: «أصدرت أمراً إدارياً استثنائياً لجميع القوات، بما فيها (قوة حماية المدنيين)، حول عدد من الالتزامات الخاصة بتعزيز حماية المدنيين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا حميدتي جميع القادة في المستويات كافة للتقيد بالأوامر، وتنفيذ التعليمات وقواعد الاشتباك أثناء القتال، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، وكل من يخالف هذه الأوامر يعرّض نفسه للمساءلة القانونية.

وذكر أن هذا الأمر الاستثنائي يأتي تماشياً مع مخرجات محادثات جنيف، ويتَّسق مع الأوامر الإدارية الروتينية التي نصدرها كل 3 أشهر، وتستند تلك الأوامر إلى أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017، ووفاءً للتعهدات التي التزمت بها «قوات الدعم السريع» في محادثات جنيف.

أرشيفية تُظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

«قوة حماية المدنيين»

وتُتَّهَم «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بما في ذلك مجازر عديدة في ولاية الجزيرة وسط السودان، لكنها تنفي ذلك. وأعلن حميدتي في أغسطس تشكيل قوة لحماية المدنيين، شرعت فوراً في أداء مهامها في ولايتي الخرطوم والجزيرة.

وتتكون القوة -حسب رئيس وفد «قوات الدعم السريع» للتفاوض في جنيف، عمر حمدان- من 27 عربة قتالية، مدعمة بقوات محترفة للتعامل مع التفلّتات التي تصدر من قواته. والأسبوع الماضي أكّد حميدتي التزامه الكامل بمخرجات محادثات جنيف، التي قاطعها وفد الجيش، وبتعهداته في تلك المحادثات، وعلى رأسها الاستجابة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

ووافق طرفا القتال في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، على توفير ممرَّين آمنَين للمساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المدنيين، وتطوير إطار عمل لضمان الالتزام بـ«إعلان جدة»، للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ نحو عام ونصف عام.

وتلقّى الوسطاء الدوليون خلال محادثات جنيف التزامات قوية من «قوات الدعم السريع»، بإصدار توجيهات قيادية إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات.

صناديق تحتوي على مساعدات مخزَّنة في مستودع تديره مفوضية العون الإنساني (رويترز)

قوافل المساعدات

وفي موازاة ذلك استمر دخول قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر «أدري» مع الحدود التشادية، لتوزيعها على المتضررين في إقليم دارفور غرب السودان. وقالت مفوضية اللاجئين، يوم السبت، إن شاحنات تابعة لها نقلت 200 شحنة إغاثة أساسية من تشاد إلى السودان عبر المعبر، بوصفها جزءاً من قافلة مساعدات الأمم المتحدة.

وأوضحت المفوضية الأممية أن «هذه الإمدادات التي تشمل الأغطية البلاستيكية والبطانيات وأدوات المطبخ، ستدعم الأسر المتضررة من النزاع في ولاية غرب دارفور»، ويزور البلاد هذه الأيام وفد رفيع من الأمم المتحدة برئاسة النائبة الخامسة للأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، وكبار المسؤولين من الوكالات الأممية.

من جانبه، جدّد مجلس السيادة السوداني لدى لقائه الوفد الأممي التزامَه بفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة والشركاء في محادثات جنيف. وقالت أمينة محمد إن زيارتها للسودان جاءت للوقوف على تطورات الأوضاع، مشيدةً بالخطوة التي اتخذتها حكومة السودان بفتح معبر أدري لمرور المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين من الحرب. وأكدت المسؤولة الأممية أن المنظمة الدولية ترحب بتعاون الحكومة السودانية من أجل إيصال الغذاء للمحتاجين.

بدوره قال وزير الخارجية السوداني حسين عوض في تصريحات صحافية: «على الرغم من توجّس حكومة السودان من معبر أدري، إلا أن الحكومة تعاونت في فتح هذا المعبر».