المصريون على موعد مع زيادة جديدة في أسعار الأدوية

بعد الخبز والكهرباء

تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)
تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)
TT

المصريون على موعد مع زيادة جديدة في أسعار الأدوية

تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)
تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)

بعد تحريك سعر «الخبز المدعم»، والإعلان عن زيادة مرتقبة لأسعار الكهرباء، تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية على أسعار الدواء، خلال الفترة المقبلة، بداعي تدارك تأثيرات أسعار صرف العملات الأجنبية على صناعة الدواء.

وفيما اعتبرت «شعبة صناعة الدواء» في مصر، المعبرة عن مصالح الصناعيين، أن «تحريك أسعار الدواء أصبح ضرورة حتمية لإنقاذ الصناعة»، دعا خبراء في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «مراعاة البعد الاجتماعي» في الزيادات، مع توافر ضمانات لعدم اتجاه الشركات لتحريك الأسعار مرة أخرى في وقت قريب.

ومع بداية شهر يونيو (حزيران) الجاري، بدأت الحكومة المصرية تنفيذ قرار بيع الخبز المدعم بسعر 20 قرشاً للرغيف، بدلاً من 5 قروش (الجنيه يساوي 100 قرش، بينما يعادل الجنيه 0.021 دولار أميركي). فيما تعتزم الحكومة رفع تعريفة الاستهلاك لشرائح الكهرباء.

ويعد الدواء إحدى السلع المُسعرة جبرياً من الحكومة المصرية، مثل المواد البترولية والخبز، وتضم السوق المصرية أكثر من 17 ألف دواء مسجل، حسب تقديرات نقابة صيادلة القاهرة.

وقدمت شركات الأدوية العاملة في السوق المصرية، طلباً إلى هيئة الدواء (الجهة الحكومة المسؤولية عن تنظيم ومراقبة وتأمين صناعة الدواء)، «لتحريك أسعار قرابة 700 مستحضر دوائي»، بعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري، حسب رئيس شعبة صناعة الأدوية علي عوف.

وقال رئيس شعبة صناعة الدواء، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم «طالبوا هيئة الدواء بمضاعفة نسب الزيادة في أسعار الأدوية لتصل إلى حدود 50 في المائة على الأقل، لاستيعاب جزء كبير من الزيادة في تكاليف الإنتاج التي وصلت لنحو 60 في المائة بعد تحرير سعر الصرف، لكن هيئة الدواء قالت إن الزيادة ما بين 20 و25 في المائة لنحو 150 صنفاً دوائياً فقط».

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

غير أن مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية ياسين رجائي، قال في بيان رسمي، إن «تسعير الدواء يخضع لآليات محددة، وإن كل صنف يتم تسعيره بشكل منفرد بناء على طلب مقدم من الشركة المنتجة»، معتبراً أن «صعوبة تدبير العملة الصعبة للشركات المنتجة أثرت على استيراد المواد الخام ومدخلات إنتاج الدواء، ومن ثم على توافره».

وأشار إلى أن «سياسات التسعيرة الجبرية الخاصة بالمستحضرات الدوائية تعتمد على ركيزتين أساسيتين، وهما السعر العادل لمراعاة البعد الاجتماعي للمواطن، وضرورة توفير المستحضرات الدوائية»، لافتاً إلى أن «الهيئة تعمل بشكل مستمر على مراجعة الأسعار بما يضمن استمرار توافرها وضبط سوق الدواء المصرية».

وأعلنت الحكومة المصرية عن إجراءات جديدة، لمعالجة أزمة تسعير الدواء، وقال المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية حسام عبد الغفار، إن «الحكومة شكلت لجنة لمراجعة أسعار الدواء كل ستة أشهر».

وأشار عبد الغفار، على هامش مشاركته في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الذي انعقد في القاهرة الثلاثاء، إن «اللجنة عقدت أول اجتماعاتها الخميس الماضي، ومن المقرر أن تشهد اجتماعات أخرى الفترة المقبلة».

وجاء تشكيل لجنة مراجعة أسعار الدواء، استجابة لمقترح قدمته شعبة صناعة الدواء، بحيث تطبق اللجنة المقترحة آلية لمراجعة أسعار الدواء تشبه تلك المستخدمة في لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمراجعة وتحديد أسعار بيع المواد البترولية في مصر بشكل ربع سنوي، بناءً على عدة متغيّرات من بينها سعر الدولار وأسعار النفط العالمية.

تقلبات أسعار صرف العملة الصعبة أثرت على استيراد المواد الدوائية الخام (رويترز)

ويرى رئيس شعبة الأدوية علي عوف، أن «تكاليف صناعة الدواء ارتفعت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة، ما يتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية للحفاظ على الصناعة، خصوصاً أن 90 في المائة من المكونات يتم استيرادها من الخارج»، وأشار إلى أن «هيئة الدواء كانت تدرس جيداً ملف تحريك الدواء طيلة الأشهر الثلاثة الماضية».

وبلغت مشتريات المصريين من الأدوية المبيعة عبر الصيدليات 142.7 مليار جنيه، خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2022 إلى سبتمبر 2023، بزيادة تتجاوز 18 في المائة، وفقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة «آي كيوفيا» المعنية برصد مبيعات سوق الدواء المصرية.

وتفاقم الزيادة في أسعار الدواء من أعباء خاصة على أصحاب الأمراض المزمنة، حسبما يرى مدير «المركز المصري للحق في الدواء» محمود فؤاد، حيث أشار إلى «ضرورة مراعاة الحكومة للبعد الاجتماعي عند زيادة أسعار الدواء، خصوصاً لأصحاب الأمراض المزمنة وأصحاب المعاشات».

وأقر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بمشكلات حقيقية تواجه صُناع الدواء في مصر على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، مشيراً إلى أن «بعض الشركات بدأت في تسريح العمالة، وهناك خطوط إنتاج شبه متوقفة تقريباً بعد استنفاد المصانع الكبيرة لرصيدها من المواد الخام».

وأشار إلى أن «الحكومة سمحت لشركات الأدوية بتحريك أسعار نحو 3050 دواء خلال السنوات الثلاث الأخيرة»، لافتاً إلى أنه بعد تحريك أسعار الصرف في مارس (آذار) الماضي «اتفقت هيئة الدواء مع الشركات على زيادة تدريجية للأسعار على ثلاث مراحل، الأولى في شهر يونيو الحالي من 700 إلى ألف صنف دوائي، والثانية في أغسطس (آب)، والثالثة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

وسّعت الحكومة المصرية مشاوراتها مع سياسيين وخبراء متخصصين في مجالات عدة، بشأن مقترحات للحد من تبعات التطورات الجيوسياسية على البلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

سعياً لضبط حركة الأسواق ومواجهة الغلاء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».