ليبيون يتخوفون من «تغيير ديموغرافي» بسبب تزايد النازحين السودانيين

الكفرة وحدها باتت تستقبل أكثر من ألف وافد كل يوم

عدد من نازحي السودان في الكفرة (الحكومة)
عدد من نازحي السودان في الكفرة (الحكومة)
TT

ليبيون يتخوفون من «تغيير ديموغرافي» بسبب تزايد النازحين السودانيين

عدد من نازحي السودان في الكفرة (الحكومة)
عدد من نازحي السودان في الكفرة (الحكومة)

أعرب عدد كبير من الليبيين عن تخوفاتهم من تزايد أعداد السودانيين النازحين إلى جنوب البلاد، بعد تصاعد المواجهات في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

وتحدث عبد الرحمن عقوب، رئيس بلدية الكفرة الليبية (جنوب شرق)، التي تُعدّ أقرب مدينة للحدود السودانية، عن «تصاعد نسب التدفُّق اليومي من النازحين السودانيين لمدينته خلال الأسبوعين الماضيين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الكفرة باتت تُعدّ «الوجهة الرئيسية الأولى لأغلب النازحين من المعارك بالسودان»، حيث كانت تستقبل خلال الشهور الماضية ما بين 300 و500 نازح في اليوم الواحد؛ لكن بعد امتداد المعارك للفاشر «ارتفعت النسبة لقرابة ألف نازح كل يوم وربما أكثر».

وزير الصحة بالحكومة المكلفة من البرلمان عثمان عبد الجليل يوزع المشروبات على النازحين السودانيين في الكفرة (الحكومة)

واستند المسؤول المحلي في تقديراته لنسبة النازحين، التي ترد إلى الكفرة يومياً «لإحصائيات عملية التسجيل الطوعي من قبل النازحين السودانيين للحصول على بطاقة إقامة بالبلاد لفترة 6 أشهر، وهي الآلية التي دشنتها الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان خلال الفترة الأخيرة». إلا أنه أكد في الوقت ذاته على أن «عدد النازحين الموجودين في المدينة حالياً يقترب من 40 ألف نازح»، مُرجِعاً ذلك «لقيام قطاع غير هيِّن من هؤلاء النازحين بعد فترة بسيطة من وصولهم للكفرة بالتوجه نحو الشمال، وتحديداً العاصمة طرابلس أو بنغازي شرقاً، وهم في الأغلب من النازحين المقتدرين مادياً أو لديهم أقارب بالمدن الكبرى».

من آثار المعارك في أم درمان (أ.ف.ب)

وسبق أن حذَّر عقوب من انهيار قدرات مدينته على استيعاب النازحين، وشكا إهمال الحكومتَيْن المتنازعتين على السلطة بالبلاد، وعدم تلقيه أي دعم، رغم كثرة النداءات التي تم توجيهها لهما. وقال بهذا الخصوص: «هناك اليوم إحصاء وتسجيل للنازحين من قبل الحكومة المكلفة من البرلمان، وهي تحرص على تقديم الخدمات الصحية لهم، كما قدمت القيادة العامة لـ(الجيش الوطني) مساعدات متعددة، وكذلك هيئة الإغاثة الليبية، بالتنسيق مع بعض المنظمات الدولية»، مشيراً إلى وجود أزمات عدة، مثل ارتفاع سعر الوحدات السكنية بالمدينة لقرابة ألفَي دينار ليبي (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية)، بعد أن كانت قبل نشوب الحرب بالسودان في حدود 500 دينار، وهذا الغلاء دفع قطاعاً كبيراً من النازحين لافتراش الطرقات أو الوجود بالمزارع.

كما أشار المسؤول المحلي إلى «اضطرار أكبر مستشفى عام في المدينة لإعلان حالة الطوارئ مؤخراً، إثر انقلاب ثلاث سيارات كانت تقل نازحين بالصحراء الواقعة جنوب الكفرة».

عائلة فرّت من بيتها هرباً من المعارك التي شهدتها أم درمان (أ.ف.ب)

ورغم عدم وجود أي توترات حتى الآن، فإن عقوب أوضح أن كثيراً من أبناء المدينة يتخوفون من حدوث تغيير ديموغرافي، نظراً لتزايد نسبة النزوح، وقال إن «عدد سكان المدينة يقترب من 60 ألف نسمة، بينما تقترب نسبة النازحين من 40 ألفاً. وبالتالي، فإن هناك تخوفاً مشروعاً من تفوقهم أعدادهم بالمدينة، وهو الأمر الذي بات ملحوظاً»، لافتاً إلى أنه «لا تزال مساعدات أهل الخير من أبناء الكفرة متواصلة؛ فالبعض لا يزال يقدم واجبات غذائية وأغطية وملابس للنازحين، وهو ما حال منذ البداية دون حدوث مجاعة بالمدينة، في ظل تزايد أعداد هؤلاء، وتداعيات ذلك على ارتفاع أسعار السلع الغذائية».

وبات النزوح السوداني الكثيف يؤرق أيضا رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، طلال الميهوب، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهود على قدم وساق من قبل الأجهزة الأمنية بشرق البلاد وجنوبها، ومن قبل القيادة العامة للجيش الوطني لمراقبة وتنظيم وجود مجموعات النازحين بالأراضي الليبية حتى لا تنفلت الأمور مستقبلاً». واستنكر الميهوب ما ردده البعض عن استقبال ليبيا لجرحى «قوات الدعم السريع»، وتقديم الدعم والرعاية الطبية لهم بمدينة الكفرة، وقال إنه «لا يوجد على أراضي ليبيا أي من العناصر المقاتلة في السودان».

من جهتها، توقعت أميرة محمد عبد الحليم، خبيرة الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية «استمرار تدفق النازحين من الفاشر لدول الجوار السوداني، خصوصاً تشاد وليبيا جراء عدم وجود أفق لقبول الطرفين المتصارعين هناك الدخول في مفاوضات تؤدي لعقد اتفاق سلام».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة)، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)»، لتتمكن من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني، بمتابعة موقف تعويضات الأهالي والتعاون مع محافظة مرسى مطروح والجهات المعنية الأخرى «لسرعة الانتهاء من هذا الملف». وأكد مدبولي خلال جولة له بمدينة العلمين (شمال مصر)، السبت، أنه «لا بديل عن الالتزام بالمواعيد المحددة لبدء المرحلة الأولى من المشروع».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وذكر مدبولي خلال توقيع الاتفاق أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر كثيراً من فرص العمل، معتبراً أن مثل هذه النوعية من المشروعات «يمكنها المساهمة في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح». ووفق إحصاءات سابقة لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن «نحو 14.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي».

وقال مدبولي في وقت سابق إن «مشروع تنمية وتطوير رأس الحكمة»، يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر. وشدد حينها على أن المشروع «شراكة استثمارية وليس بيع أصول».

رئيس الوزراء المصري ووزير الإسكان خلال زيارة "العلمين الجديدة" (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء المصري، السبت، عقب جولته بمدينة العلمين الجديدة، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين، أكد خلاله «أهمية المشروعات الجاري تنفيذها في الساحل الشمالي». وقال إنها «تضع مصر على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب المشروعات المهمة، التي يجري تنفيذها في مدينة العلمين الجديدة، فقد بدأ العمل الجاد تمهيداً للمرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة، الجاري تنفيذه بشراكة مصرية-إماراتية». ووصف مدبولي المشروع بأنه «متوقع أن يدر على الاقتصاد المصري موارد دولارية ضخمة خلال فترتي الإنشاء والتشغيل».

وكان المشروع قد جرى توقيعه في وقت شهدت مصر خلاله «فجوة دولارية». واعتبر خبراء ومراقبون وقتها (أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه في مارس/ آذار الماضي) أن الحكومة تحتاج إلى «حلول عاجلة» لإحداث توازن بين السعر الحقيقي للجنيه، والسعر المتداول للدولار في «السوق السوداء».

مخطط مدينة "رأس الحكمة" (موقع خريطة مشروعات مصر)

من جانبه، استعرض وزير الإسكان المصري خلال الاجتماع مع مدبولي «ملف التعويضات» التي سيتم تقديمها للأهالي في منطقة رأس الحكمة، تمهيداً لتسليم أراضي المرحلة الأولى للجانب الإماراتي، لبدء تنفيذ المشروع. وأكد الوزير المصري أن التنسيق مع الجانب الإماراتي «يجري بشكل متسارع من أجل تسليم أراضي المرحلة الأولى». وعرض الوزير أيضاً الموقف التخطيطي لمشروع «السكن البديل لأهالي منطقة رأس الحكمة»، لافتاً إلى أن هذا المشروع «سيتم تنفيذه بما يلائم تطلعات سكان المنطقة».

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد ذكرت في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة «يستهدف ترسيخ مكانة رأس الحكمة بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».