جدل بمصر حول استخدام «العصا الإلكترونية» في امتحانات الثانوية العامة

«التعليم» عدّتها وسيلة «آمنة» لمواجهة «الغش»

اجتماع سابق لوزير التربية والتعليم مع قيادات الوزارة  (التربية والتعليم)
اجتماع سابق لوزير التربية والتعليم مع قيادات الوزارة (التربية والتعليم)
TT

جدل بمصر حول استخدام «العصا الإلكترونية» في امتحانات الثانوية العامة

اجتماع سابق لوزير التربية والتعليم مع قيادات الوزارة  (التربية والتعليم)
اجتماع سابق لوزير التربية والتعليم مع قيادات الوزارة (التربية والتعليم)

عاد جدل استخدام «العصا الإلكترونية» في امتحانات الثانوية العامة بمصر، قبيل نحو أسبوعين على انطلاقها، من جديد في البلاد، عقب تمسّك وزارة التربية والتعليم باستخدامها بشكل «مشدد» هذا العام لمواجهة «الغش»، وانتقادات مجتمعية بشأن تأثيرها على تركيز الطلاب.

و«العصا الإلكترونية» تستخدم في الكشف عن الهواتف الجوالة أو الأجهزة الإلكترونية مثل السماعات. واستخدمتها «التعليم المصرية» منذ عام 2014 على أبواب المدارس أثناء دخول الطلاب، لكنها قررت هذا العام استخدامها داخل اللجان الامتحانية.

عادت «العصا الإلكترونية» للواجهة من جديد، عقب مداخلة لوزير التربية والتعليم الدكتور رضا حجازي، مساء الخميس، مع الإعلامي المصري خالد أبو بكر، خلال برنامجه، أكد فيها تمسك وزارته بـ«تطبيق استخدام العصا الإلكترونية وتمريرها بين اللجان لمواجهة (الغش)».

إلا أن أبو بكر قال إن مرور «العصا» داخل اللجان يسبب إزعاجاً ويعطل الطلاب، مشدداً على «أهمية مراجعة هذا الإجراء والاكتفاء بالتفتيش الإداري، حرصاً على سير الامتحانات وتركيز الطلاب». وأضاف أن «التفتيش يتم خلال دخول المدرسة، فلا داعي لتفتيش آخر داخل اللجان». ليعلق الوزير بقوله: «من حق الدولة المصرية والناس ضمان تكافؤ الفرص... وإذا عطلت العصا الطالب عليه الاعتراض، (أنا لا أعطله تماماً)».

وعقب البرنامج انتقل جدل «العصا الإلكترونية» إلى منصات التواصل الاجتماعي والمعنيين، ما بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة. واعتبر حساب باسم «مودة محمد» على «فيسبوك» تلك الخطوة أنها «تسبب قلقاً للطلاب».

وتاريخياً، كان مصطلح «بُعبع» سائداً عند الأسر المصرية عن الثانوية العامة؛ لأن البعض عدّها «عنق الزجاجة» التي ترسم ملامح مستقبل الطلاب، على حد زعمهم، حيث يحدد المجموع الكلية التي سيلتحق بها الطالب، فضلاً عن أن هناك صراعاً قديماً ولا يزال قائماً من الأسر على إلحاق أبنائهم بـ«كليات القمة» في الجامعات الحكومية (مجموعة الكليات الطبية والهندسية للقسم العلمي، والاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام للقسم الأدبي)، رغم وجود التعليم الخاص في البلاد.

وزير التربية والتعليم المصري خلال تفقد إحدى لجان امتحانات الثانوية العام الماضي (التربية والتعليم)

وتنطلق امتحانات الثانوية العامة بمصر، الممهدة للتعليم الجامعي، في 10 يونيو (حزيران)، وأعلنت وزارة التربية والتعليم خلال السنوات السابقة خططاً لمواجهة «الغش». وعمدت إلى تركيب كاميرات مراقبة باللجان، وتقديم بلاغات للنيابة العامة بتهمة «الغش». وكل عام تعلن «التعليم» رصد محاولات «غش» داخل اللجان سواء عبر الهواتف الجوالة، أو تسريب الامتحانات عبر مجموعات إلكترونية على منصات التواصل، اشتهرت باسم «غروبات الغش».

الخبير التربوي المصري كمال مغيث قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ضد إجراء العصا الإلكترونية، ولا بد من توفير درجة من الأمان النفسي والهدوء»، مضيفاً أن «التفتيش هكذا مبالغ فيه، وقد تكون محاولة من الوزارة لمواجهة الغش الإلكتروني؛ لكنها غير موضوعية».

ووفق مغيث، فإن القانون المصري «يضم عقوبات تصل إلى 6 سنوات سجناً لمواجهة الغش». وأرجع حديث وزير التعليم المصري إلى أنه «شكل من أشكال التنبيه على الطلاب قبل انطلاق الامتحانات». ويعتقد مغيث أن «تلك المحاولات غير مجدية، وقد تكون تضييعاً للوقت، ولا بد من تطوير الامتحانات والعملية التعليمية، وأن يبقى التقييم للطلاب طوال العام، وليس في ساعتي امتحان آخر العام للتخلص من هذا الكابوس السنوي (أي الثانوية العامة)».

في المقابل، أيّدت عضو «لجنة التعليم» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة جيهان البيومي، استمرار استخدام «العصا الإلكترونية» في مواجهة الغش، ووصفته بأنه «فكرة إيجابية». وتعجبت البيومي من انتقاد استخدام «العصا الإلكترونية» داخل اللجان، متسائلة: «يتم تفتيش الطلاب بها على بوابات المدارس، لكن تم اكتشاف حالات أخرى لتسريب الامتحانات عبر أجهزة إلكترونية عقب بدء الامتحان، فماذا يجب أن نفعل؟».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «يجب استخدام تلك الوسيلة، مثلها مثل المراقب، ولا تشويش ولا إزعاج للطلاب بسببها، ومن شأنها تحقيق العدل وتكافؤ الفرص، وعدم حدوث غش أو تسريب امتحانات»، لافتة إلى أن مثل هذه الإجراءات «احترازية لمواجهة حيل الغش المتجددة كل عام»، مشددة على أنها «تراعي تحقيق العدل وأن يأخذ كل طالب الدرجات التي يستحقها مع مراعاة الهدوء أثناء تنفيذها».


مقالات ذات صلة

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
TT

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

أعادت الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن (بغرب ليبيا) إثر اندلاع النيران في مخزن للذخيرة مخاوف ومطالب المواطنين بضرورة إخلاء المناطق كافة من عتاد الميليشيات المسلحة، كما وجه رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، بسرعة فتح تحقيق في تلك الانفجارات.

وكانت انفجارات ضخمة متتالية هزّت زليتن الساحلية، فجر الجمعة الماضي، إثر انفجار المخزن الذي تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، الأمر الذي دفع المجلس البلدي لزليتن، إلى مطالبة الجهات الأمنية والعسكرية بـ«سرعة التعامل مع مخازن الذخائر وإبعادها عن المناطق المأهولة بالسكان».

انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011 اتخذت التشكيلات المسلحة من بعض البنايات قواعد عسكرية، ودشنت بها مخازن للعتاد الذي تستخدمه كلما اندلعت اشتباكات على توسيع النفوذ.

وأمام ازدياد مخاوف الليبيين، قال أستاذ القانون والباحث السياسي، رمضان التويجر، لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا بصفتها دولة «بكل أسف تفتقر لمبدأ احتكار القوة العسكرية التي أصبحت موزعة على قبائل ومدن بعينها».

وتحوّل العتاد المخزّن لدى المجموعات المسلحة، وبعض المواطنين خارج إطار الدولة، إلى مصدر قلق للسلطات الليبية وللمواطنين أيضاً. وهو ما دفع «الأمم المتحدة» لدعوة الأطراف كافة إلى ضرورة إبعاده عن مناطق المدنيين، ودمج هذه التشكيلات في أجهزة الدولة الرسمية.

وعقب انفجار مخزن الكتيبة التي يطلق عليها أيضا «فرسان زليتن» بالمدينة الواقعة على بعد (150 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس)، ذكّر المجلس البلدي للمدينة بتكرار حوادث انفجار مخازن الذخائر في الفترة الماضية، معرباً عن «قلقه البالغ» حيال ذلك.

ودعا المجلس البلدي أيضاً الجهات الأمنية والعسكرية، إلى «تطبيق المعايير المتعارف عليها على تلك المخازن، بحيث يتم نقلها خارج المدن»، مشدداً على ضرورة «فتح تحقيق عاجل من قبل جهات الاختصاص، لتحديد أسباب هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرارها».

وعادة ما تُحدث انفجارات مخازن العتاد خسائر في الأرواح وممتلكات المواطنين التي تجاور ديارهم، القواعد العسكرية للميليشيات المسلحة. وكانت مقاطع فيديو متداولة عقب حادث زليتن، أظهرت تدميراً في محيط «كتيبة العيان»، وهو ما أكده مدير فرع جهاز الإسعاف والطوارئ، الطاهر الشطشاطي.

وبث مواطنون ليبيون بالعاصمة مخاوفهم من تراكم هذه الأسلحة بالقرب من ديارهم، لوسائل إعلام محلية، وتتكرر المخاوف كلما اندلعت اشتباكات مسلحة.

من اجتماع سابق في طرابلس للدبيبة مع محمود حمزة آمر «اللواء 444 قتال» (حكومة الوحدة)

وبصفته وزيراً للدفاع بها، قالت حكومة «الوحدة»، إن الدبيبة أصدر تعليماته للمدعي العام العسكري باتخاذ الإجراءات، وفتح تحقيق في الانفجار الذي وقع فجر الجمعة بمدينة زليتن.

وأعلن في ليبيا عن إطلاق مبادرات عدة لجمع السلاح بداية من عام 2012، انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي، تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك». وفي فبراير (شباط) 2013 وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية، تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والمقدّر عددها بـ20 ألف صاروخ، لكن هذا الأمر لم يحدث.

وبمواجهة أزمة عتاد التشكيلات المتراكم في المدن الليبية، يرى التويجر، أن «عملية إخلائها لن تكون بالمطالبات، وإنما بتنفيذ عملي من الدولة، حينما تكون قوية»، ويعتقد أن هذا الأمر: «لن يتم في ظل الوضع القائم، ولن يتغير الحال أو تقوم الدولة بهذا الشكل».

وتعاني ليبيا من انقسام حكومي حاد منذ عام 2014، حكومة في العاصمة طرابلس بقيادة الدبيبة، وثانية برئاسة أسامة حماد، وتدير شرق ليبيا وبعض مدن الجنوب.

من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

وسبق أن أعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في 21 فبراير الماضي، أنه بعد مشاورات ومفاوضات، امتدت لأكثر من شهر، تم التوصل إلى «اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل قريباً من بعض الأجهزة الأمنية».

ولم يحدد الطرابلسي حينها موعداً زمنياً لتنفيذ هذا التعهد، لكنه قال حينها إنه سيتم إرجاع كل هذه الأجهزة إلى ثكناتها، باستثناء الجهات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، على أن يقتصر العمل الأمني على «الداخلية»... وحتى الآن، لم يتم شيء من ذلك.

والميليشيات التي وصفها الطرابلسي بـ«الأجهزة الأمنية» هي: «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

وقال مصدر مقرب من حكومة «الوحدة الوطنية» إن النيابة العامة أُخطرت الأحد بطلب الدبيبة للتحقيق في تفجير مخزن الذخيرة، لكنه يعتقد «بعدم التوصل إلى نتيجة واضحة وحاسمة بشأن أي شيء يتعلق بمثل هذه الوقائع؛ لارتباط الأمر بتشكيلات وثيقة الصلة بالدبيبة».

ويلفت المصدر في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إلى إن أزمة الميليشيات وعتادها «ستظلان صداعاً في رأس ليبيا ومواطنيها ما دام يستمد ساستها في عموم البلاد، قوتهم ونفوذهم من هذه التشكيلات المدعومة بسخاء».

يشار إلى أن «البرنامج الليبي للإدماج والتنمية»، الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين»، قدم في السابق استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع «المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية». غير أن الوضع يراوح مكانه راهناً.