قلق في الجزائر بسبب تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف

توقيف 126 مهاجراً غير نظامي في أقل من أسبوع

دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)
دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

قلق في الجزائر بسبب تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف

دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)
دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

بينما أعلن خفر السواحل الجزائري عن إجهاض مشروع هجرة 126 شخصاً بطريقة غير قانونية عبر البحر المتوسط، أكدت تقارير أعدها ناشطون إسبان في مجال التبليغ عن «قوارب الموت، التي تواجه خطر الغرق»، بأن 160 مهاجراً جزائرياً وصلوا إلى سواحل إسبانيا خلال الأسبوع الحالي، تزامناً مع قلق السلطات الجزائرية من تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف.

الدفاع المدني الإسباني خلال عملية إنقاذ مهاجرين بالمتوسط (الدفاع المدني الإسباني)

وأكد خفر السواحل الجزائري، عبر بيان لوزارة الدفاع، اليوم الأربعاء، أن المهاجرين الذين تم منعهم من التوجه إلى شواطئ أوروبا «كانوا على متن قوارب تقليدية»، مؤكداً أن تدخلاته ضد الهجرة السرية كانت ضمن عمليات متقطعة تمت خلال أقل من أسبوع، من 22 إلى 28 مايو (أيار) الحالي. كما تم في الفترة نفسها توقيف 584 مهاجراً غير شرعي «من جنسيات مختلفة» داخل التراب الجزائري، وفق البيان ذاته، في إشارة إلى هجرة عكسية تعرفها البلاد مصدرها دول الساحل الأفريقي، وبدرجة أكبر حدود النيجر.

مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

ولم يوضح البيان الأماكن التي شهدت إحباط محاولة الهجرة السرية. لكن المعروف أن سواحل غرب البلاد تعرف نشاطاً لافتاً لقوارب المهاجرين غير النظاميين بدخول فصل الصيف، حيث يساعد هدوء البحر على تنفيذ مشروعات الهجرة نحو إسبانيا أساساً، وإلى إيطاليا بدرجة أقل انطلاقاً من سواحل شرق الجزائر.

توقيف مهاجرين من طرف خفر السواحل (أرشيف وزارة الدفاع الجزائرية)

ولا يكاد يمر أسبوع دون أن يعلن حرس السواحل عن توقيف مهاجرين سريين في البحر، وذلك ضمن حصيلة دورية عن أعمال الجيش في الميدان، تقدمها وزارة الدفاع، علماً بأن قوانين البلاد تنص على عقوبة تصل إلى السجن 10 سنوات مع التنفيذ ضد أي مهاجر غير نظامي، وأي شخص يساعده على ركوب أمواج البحر.

في سياق ذي صلة، كشف الناشط الإسباني في مجال التبليغ عن القوارب في حالة استغاثة، خوسيه كليمنتي مارتن، على حسابه بالإعلام الاجتماعي، عن نجاح 160 مهاجراً جزائرياً في الوصول إلى سواحل إسبانيا بسلام، عبر عشرة قوارب خلال الأسبوع الحالي، مؤكدا أن مجموعات المهاجرين تضم أطفالاً ونساء، من دون تحديد عددهم، وأنهم «وصلوا إلى إسبانيا وهم في صحة جيدة». كما أوضح بأن «بعضهم اعتقل من طرف الشرطة الإسبانية»، دون ذكر عددهم.

خوسيه كلمنتي ناشط إسباني في مجال الهجرة السرية (حسابات ناشطين في الإعلام الاجتماعي)

وبحسب تقارير منظمات إسبانية غير حكومية مهتمة بالهجرة غير النظامية، فقد دخل دول الاتحاد الأوروبي سراً أكثر من 271 ألف مهاجر من بلدان شمال أفريقيا عام 2023. وكانت وزارة الداخلية الفرنسية قد أعلنت مطلع 2024 أنها رحّلت أكثر من 2500 جزائري عام 2023، من ضمن 17 ألف مهاجر أبعدتهم بسبب أوضاعهم غير القانونية، مؤكدة أن عدد الجزائريين الذي أصدرت بحقهم قرارات بالأبعاد ازداد بنسبة 36 في المائة منذ 2022 (انتقل من 1882 إلى 2562).

وكانت قنصليات الجزائر بفرنسا قد تحفظت عام 2022 على طلب من الداخلية الفرنسية إصدار تصاريح قنصلية لمئات المهاجرين الجزائريين غير النظاميين، تمهيداً لطردهم من البلاد. وفي رد فعل على ذلك، قلّصت فرنسا حصة التأشيرات للجزائريين إلى النصف.

الطرق التي تسلكها قوارب المهاجرين انطلاقاً من سواحل شرق الجزائر باتجاه جزر البليار (منظمة كاميناندو فرونتيراس)

وتتعامل السلطات الجزائرية بحساسية شديدة مع «قضية الهجرة السرية»، على أساس أن التركيز معها «يصرف النظر عن أشياء إيجابية كثيرة تتم في البلاد»، تذكر منها فرص نجاح شباب أطلقوا مؤسسات خاصة بهم، «أغنتهم عن المخاطرة بأنفسهم في البحر»، حسب تقدير المسؤولين.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون اقترح في بداية ولايته عام 2020 تنظيم رحلات لشباب جزائريين إلى أوروبا باتفاق مع بعض بلدانها، ليتأكدوا بأنفسهم، حسبه، بأن «مستقبلهم موجود في بلدهم»، وبحجة أن العيش في الغرب «بات صعباً والاستقرار ببلدانه لم يعد متاحاً».


مقالات ذات صلة

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشخاص اعتقلهم الجيش بشبهة التهريب (وزارة الدفاع الجزائرية)

اعتقال 5 جزائريين بشبهة «دعم الإرهاب»

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، عن اعتقال خمسة أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية»، وذلك خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني نفذتها قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
TT

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي مرحلة جديدة، اليوم (السبت)، وسط محاولة حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، احتواء انتقادات أميركية رسمية بشأن الإدارة الجديدة للمصرف، التي نصبها المجلس الرئاسي، بينما تمسك عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بموقفه الرافض للاعتراف بها.

وعدّت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة أن بيان إدارة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، بشأن تطورات الوضع المتعلق بالمصرف، يعكس «التزام الولايات المتحدة بدعم الاستقرار المالي، وتعزيز الشفافية في مؤسساتنا المالية»، وعدّته خطوة إيجابية نحو توحيد وإصلاح المصرف المركزي.

واجهة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

وقالت «خارجية الوحدة»، اليوم (السبت): «نتفهم القلق حيال حملات التشويه والأكاذيب التي تستهدف مؤسسات الدولة الليبية، ونتفق على أن هذه المخاوف ستنتهي بمجرد زوال تلك الحملات، وتوحيد الصفوف خلف مؤسساتنا الوطنية». وأشارت إلى الحاجة المزدادة للتدقيق في المعاملات المالية خلال المراحل الانتقالية للمؤسسات النقدية، لافتة إلى أنها تعدّ هذه الإجراءات البروتوكولية «ضرورية لضمان الشفافية والمساءلة».

لقاء سابق بين رئيس مجلس النواب والسفير والمبعوث الأميركي الخاص (أرشيفية)

وأكدت الوزارة إعلان الإدارة الجديدة للمصرف «تسلم مهامها بسلاسة، ومباشرة تفعيل المنظومات المختلفة، والتجاوب الذي لاقته الإدارة الجديدة مع المنظومة المصرفية الدولية، بعد 9 سنوات من غياب الحوكمة والعمل الفردي، الأمر الذي كان مطلباً أساسياً لكل المنظمات الدولية المعنية. وهذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسيرة الإصلاح المالي والإداري في ليبيا».

وبعدما أكدت التزامها باحترام سيادة ليبيا، واستمرار ثقتها بالدولار الأميركي والمؤسسات الأميركية، خصوصاً في ظل التحديات الحالية والتجاذبات والصراع على النفوذ في أفريقيا، أعربت «خارجية الوحدة» عن التطلع لتعزيز التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام في ليبيا. وأوضحت أن المجلس الرئاسي، وفي خطوة لإضفاء مزيد من التوافق، أعلن التزامه بالانفتاح على الحوار برعاية بعثة الأمم المتحدة، مع منح فرصة أخيرة للمجلسين لتحقيق توافق بعد 10 سنوات من التخاذل، ما أدى لتعزيز الحكم الفردي وغياب الشفافية، وزيادة المخاطر المرتبطة بتنفيذ سياسات لا تعكس إرادة الدولة الليبية.

الصديق الكبير (رويترز)

وكانت «الخارجية» الأميركية قد أعلنت عبر مكتبها لشؤون الشرق الأدنى، أن البنوك الأميركية والدولية قامت بإعادة تقييم علاقاتها مع المصرف المركزي الليبي، وفي بعض الحالات وقف المعاملات المالية، حتى يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن القيادة الشرعية لـ«المركزي».

وطالبت الجهات الفاعلة الليبية باتخاذ خطوات للحفاظ على مصداقية المصرف، وإيجاد حل لا يضر بسمعته، ومشاركته مع النظام المالي الدولي، معبرة عن شعورها بالقلق من أن مزيداً من الاضطرابات مع البنوك الدولية، يمكن أن يضر بالاقتصاد الليبي ورفاهية الأسر الليبية.

وشددت على دعوة مجلس الأمن للجهات الفاعلة الليبية للعمل بشكل عاجل معاً، ومع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي، يعيد القيادة المختصة وذات المصداقية للبنك المركزي الليبي.

بدوره، حذر رالف تاراف، سفير ألمانيا لدى ليبيا، من أن تؤدي ما وصفه بـ«الإجراءات أحادية الجانب» إلى الانحراف عن طريق الاستقرار والانتخابات الديمقراطية.

وأعرب في بيان مقتضب، اليوم (السبت)، عن دعم بلاده بقوة لدعوة البعثة الأممية لإجراء اجتماع عاجل لإيجاد حل للوضع الراهن.

في المقابل، دعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، إلى ضرورة الالتزام ببنود الإعلان الدستوري، والاتفاق السياسي، الذي ينص على صلاحيات واختصاصات مجلس النواب في التكليف بالمناصب السيادية بالتشاور مع مجلس الدولة، وعدّ القرار الصادر بتكليف محافظ ومجلس إدارة للمصرف معدوماً، لافتقاده للأسباب ومخالفاً للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، ولأنه جاء بعد جهود مضنية لتوحيد المصرف.

ورحب صالح، في بيان وزعه مركزه الإعلامي، مساء الجمعة، ببيان مجلس الأمن الدولي. وأكد «دعوة مختلف الأطراف للتهدئة، والتوقف عن إصدار قرارات والقيام بتصرفات من شأنها زعزعة الاستقرار، وتعميق الانقسام المؤسسي وتقويض الثقة بين الليبيين».

من جهته، نفى مصدر بالمجلس الرئاسي، لوسائل إعلام محلية، صحة بيان منسوب للمجلس، يعيد تكليف الصديق الكبير، المحافظ السابق للمصرف، في منصبه مجدداً، علماً بأن الكبير فر إلى خارج البلاد، مدعياً تلقيه تهديدات من مجموعات مسلحة، لم يحددها.

اجتماع نجل حفتر مع رئيس المجلس الحاكم في النيجر (القوات البرية بالجيش الوطني)

في غضون ذلك، أعلنت الإدارة الجديدة للمصرف استعادة العمل بجميع الأنظمة المستخدمة، بينما شدد محافظه المكلف، عبد الفتاح عبد الغفار، خلال اجتماعه مع مسؤولي المصرف، على ضرورة رفع وتيرة العمل في كل الإدارات بكفاءة عالية، لإنجاز الملفات في أسرع وقت ممكن، وتعهد بأن تعمل إدارة المصرف على حلحلة كل العراقيل التي تواجه العمل المصرفي.

إلى ذلك، قال الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، إنه اجتمع، اليوم (السبت)، باعتباره مبعوثاً لوالده، ورئيس القوات البرية بالجيش، مع عبد الرحمن تشياني، رئيس المـجلس الحاكم في النيجر لتنسيق التعاون الثنائي بين الجانبين، ضمن جولة تشمل عدداً من الدول الأفريقية لتعزيز التعاون وأمن الحدود.

لقاء حماد مع الرئيس التشادي في إنجامينا (حكومة الاستقرار)

وكان أسامة حماد، رئيس حكومة الاستقرار، قد أوضح أن رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، الذي التقاه مساء الجمعة بالعاصمة إنجامينا، أشاد بالمشير خليفة حفتر، ودعمه اللوجيستي لبلاده في تأمين الحدود المشتركة، ومكافحة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة» والجريمة المنظمة بما يحمي السلم والاستقرار في البلدين الجارين.