ليبيون ينشدون «رئاسية» تنهي التجاذبات حول عوائد النفط

الرقابة الإدارية تعيد الوزير عون إلى عمله

الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
TT

ليبيون ينشدون «رئاسية» تنهي التجاذبات حول عوائد النفط

الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

عبر سياسيون ومحللون ليبيون عن آمالهم في إجراء انتخابات عامة، تنهي التجاذبات المتواصلة بشأن قطاع النفط بالبلاد، وذلك على خلفية عودة وزير النفط محمد عون في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إلى عمله (الثلاثاء) بعد انتهاء التحقيق معه.

وكان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، عبد الله قادربوه، قد قرر في 25 من مارس (آذار) الماضي، إيقاف عون عن العمل «لدواعي ومقتضيات مصلحة التحقيق»، مبرزاً أن «مجريات التحقيق في وقائع القضية (رقم 178) كشفت عن وجود مخالفات قانونية»، دون مزيد من التفاصيل.

وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» المؤقتة محمد عون (وزارة النفط)

وأعلنت وزارة النفط بطرابلس (الثلاثاء)، أنه بعد رفع الوقف الاحتياطي لعون، عقب انتهاء التحقيق معه، وإخطار الحكومة بذلك، استأنف مهامه بديوان وزارة النفط والغاز.

ويرى سياسيون ومتابعون لملف النفط أن عودة الوزير عون إلى عمله «لن تنهي التجاذبات المستمرة مع المؤسسة الوطنية للنفط، التي يترأسها فرحات بن قدارة»، والتي يشار إلى أن الأول بدأها مع مصطفى صنع الله، الرئيس السابق للمؤسسة، بسبب خلافات حول أمور تتعلق بإدارة القطاع.

وتعلّق قطاعات عديدة من الليبيين آمالاً عريضة على أن عقد الانتخابات العامة «سيحلّ عديد الأزمات التي تضرب البلاد، من بينها الصراع على السلطة والمال، ورغبة البعض في الاستحواذ على النصيب الأكبر من كعكة موارد النفط».

وعبر مسؤول بقطاع النفط الليبي عن مخاوفه من «تجدد الخلاف بين عون وبن قدارة مرة ثانية، في ظل اتساع الفجوة بينهما، وتباين موقفيهما بشأن عديد الملفات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الأول لديه «ملاحظات عديدة بشأن التعاقدات التي تجريها مؤسسة النفط مع شركات أجنبية؛ لذا فإن أي تجدد للخلافات لن يكون في صالح القطاع».

ليبيون يأملون أن تنهي الانتخابات الرئاسية التجاذبات حول عوائد النفط (الشرق الأوسط)

وبينما ذهب المسؤول إلى أن الانتخابات الرئاسية المؤجلة «هي السبيل الوحيدة لإنهاء فوضى الانقسام السياسي، والتجاذبات بشأن النفط وموارده»، تساءل عن مصير «اللجنة المالية العليا»، التي سبق أن شكّلها ويترأسها رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بهدف تحديد أوجه الإنفاق العام، ومراقبة التوزيع العادل لإيرادات النفط.

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي الليبي، محمد إمطيريد، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن «استقرار قطاع النفط مرهون بإجراء انتخابات تسفر عن وجود رئيس»، معتبراً أنه «رغم خبرة عون الكبيرة، فإن وجوده على رأس الوزارة يعدّ شكلياً بصفة وزير».

وسبق للمنفي تشكيل «اللجنة العليا» في يوليو (تموز) 2023، بهدف إبعاد النفط عن التجاذبات السياسية، وتحييد إيراداته لضمان استمرار الإنتاج، وتختص اللجنة بإقرار أوجه الإنفاق العام، وأبواب الصرف واعتماد ترتيبات مالية، وفقاً لمبدأ الرشد المالي والتوزيع العادل.

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وشهدت الساحة الليبية خلال الأشهر الماضية مشادات كلامية بين عون وبن قدارة. وفي سياق هذا الصراع بين الطرفين أكدت حكومة «الوحدة» أنها لا تنحاز إلى عون أو إلى بن قدارة، لكنها أوضحت أن الأول لديه جميع صلاحياته كوزير.

وكان أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة قد دعوا النائب العام والأجهزة الرقابية للتحقيق بشكل فوري في «شبهات فساد»، تتعلق بعقود نفطية أُبرمت خلال السنوات الماضية، وقالت «كتلة التوافق الوطني» بالمجلس الأعلى للدولة، إنها تقدمت ببلاغ إلى النائب العام، المستشار الصديق الصور، ضد بن قدارة، بداعي أنه «يحمل جنسية دولة أخرى»، ورأت أن ذلك «يفقده الجنسية الليبية».

وأمام صراع لا ينتهي، دخلت النيابة العامة الليبية حينها على خط الأزمة بين وزارة النفط والغاز، ومؤسسة النفط الليبية، وأوقفت في 27 من ديسمبر (كانون الأول) 2023، «صفقة نفطية» أثار الإعلان عنها جدلاً متفاقماً داخل الأوساط السياسية، لكن الأخيرة قالت إن «جميع إجراءاتها قانونية وتخدم جميع الليبيين».

وتسعى البعثة الأممية إلى دفع الأطراف السياسية في ليبيا للتوافق حول إجراء الانتخابات، التي تأجلت منذ نهاية عام 2021 بسبب الخلاف بشأن قانون الانتخابات، ووجود مرشحين للرئاسة وُصفوا بأنهم «مثيرون للجدل».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد سيارة تحت المطر بجوار موقع منهار في المكسيك دمَّره إعصار «بيريل» وهو في طريقه إلى تكساس (رويترز)

الإعصار «بيريل» في طريقه إلى تكساس المنتجة للنفط الأميركي

رغم تراجع قوة الإعصار «بيريل» ليصبح عاصفة مدارية، فإنه من المتوقع أن يزداد قوة مع اقترابه من ولاية تكساس الأميركية، المنتجة للنفط الأميركي، بنهاية الأحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «شل» البريطانية على إحدى مضخات الوقود في مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

أسبوع رابع من المكاسب في أسواق النفط

تذبذبت أسعار النفط قليلاً، يوم الجمعة، لكنها لا تزال قرب أعلى مستوياتها منذ أواخر أبريل الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صهاريج لتخزين النفط الخام في مركز كاشينغ النفطي بولاية أوكلاهوما الأميركية (رويترز)

تراجع مخزونات النفط والبنزين بأميركا أكثر من المتوقع

ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأربعاء أن مخزونات النفط الخام والبنزين ونواتج التقطير بالولايات المتحدة انخفضت بالأسبوع المنتهي في 28 يونيو

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أبراج كهرباء ضغط عالٍ في مصر (رويترز)

وزير البترول المصري الجديد: أولوية لتوفير الوقود لحل أزمة الكهرباء

قال وزير البترول المصري كريم بدوي، إن الوزارة ستعطي أولوية لتأمين واستدامة الوقود للسوق المحلية، خلال فترة توليه المنصب الجديد، الذي تولاه بدءاً من الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل اقترب الوسطاء من «اتفاق إطاري» يُنهي حرب غزة؟

دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
TT

هل اقترب الوسطاء من «اتفاق إطاري» يُنهي حرب غزة؟

دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

في وقت تصاعد فيه الزخم من أجل إنجاز «هدنة»، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، تردّد حديث عن تراجع حركة «حماس» بشأن مطلب «وقف نهائي للحرب»، الذي كان بمثابة «عقبة» عرقلت جهود الوسطاء على مدار الشهر الماضي.

التحركات الجديدة عدّها محلّلون، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «نقلة تعزّز اقتراب الوسطاء من إبرام اتفاق إطاري» يُنهي حرباً متواصلة منذ آخر هدنة وقعت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولفتوا إلى أن واشنطن تبحث عن حل للأزمة؛ للتفرغ للانتخابات، واقتناص مكاسب للرئيس جو بايدن خلال السباق الحالي أمام دونالد ترمب.

ونهاية مايو (أيار) الماضي، قدّم بايدن مقترحاً لإنهاء الأزمة ينفّذ على 3 مراحل، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ، رغم تأييده من مجلس الأمن الدولي في 11 يونيو (حزيران) الماضي، بقرار دعا إلى «وقف إطلاق النار، والعودة للمفاوضات السياسية؛ لإيجاد حلول مستدامة تُنهي المعاناة الإنسانية في القطاع».

مقترح بايدن ردّت عليه آنذاك «حماس» بـ3 تعديلات، كان أبرزها ضرورة الوقف الدائم للحرب، وهو ما رفضته إسرائيل، ومن ثم دخلت المفاوضات مرحلة من الكمون، إلا أنه في 24 يونيو الماضي، تحدثت الحركة عن تلقّي تعديلات أميركية، لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، على مقترح بايدن لاقت قبولاً لديها.

تصاعُد دخان بعد قصف إسرائيلي على موقع جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

والأربعاء الماضي، سلّمت الحركة ردّها الجديد لإسرائيل، لكنها لم تعلن تفاصيله. وأشار قيادي في «حماس» لـ«رويترز»، السبت، إلى أن الحركة قبلت المقترح الأميركي لبدء المفاوضات، وتخلّت عن مطلب التزام إسرائيل أولاً بوقف دائم لإطلاق النار قبل توقيع الاتفاق، وستسمح بتحقيق ذلك عبر المفاوضات خلال مرحلة أولى تستمر 6 أسابيع.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، رأى أن الزخم الحالي «مؤشر على أن الوسطاء يقتربون من اتفاق إطاري، وإنهاء أطول حرب بين الطرفين»، في ضوء تواتر معلومات عن تقدّم «حماس» بمقترحات رأت فيها إسرائيل تطوراً إيجابياً، وحراك للوسطاء تقوده واشنطن.

ووفق حجازي، تتجه «حماس» إلى هذا التراجع المؤقت، وترحيل الأزمة لمرحلة تالية بالمفاوضات، على «أمل إحراج بنيامين نتنياهو أمام المجتمع الدولي، ومن ثم استدراج المشهد نحو وقف دائم لإطلاق النار».

تراجع «حماس» فسّره المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، بأنه سيجعل الحركة أمام العالم معنية بـ«إنهاء الحرب، وليست معطّلة له»، مرجحاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وافق على إرسال الوفد المفاوض إلى قطر؛ للتخلص من «تبعات الضغوطات» التي يواجهها من الشارع الإسرائيلي واحتجاجاته، و«الخلافات مع الجيش»، وأيضاً «الاستعداد لزيارة واشنطن هذا الشهر».

وأضاف العبادي أن الحديث عن اتفاق هدنة قريب مرتبط بـ«جدية» نتنياهو، بحيث لا تكون موافقته «إجراءً تكتيكياً» لإظهار حسن النيات قبل زيارته لواشنطن، ومحاولة لشراء الوقت، واتباع أسلوب المراوغة.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية، القيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، فإن إدارة بايدن في عجلة من أمرها قبل الانتخابات، وتريد تحقيق أي إنجاز، ولو كان وقف النار بشكل مؤقت، لذلك «هناك ضغط كبير للذهاب لتلك المرحلة، لكن نتنياهو مستمر في ابتزاز جميع الأطراف».

ويتوقع الرقب أن يذهب نتنياهو إلى إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق، مع تأكيد ضرورة وجود ضمانات؛ كون رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يرضخ للضغوط الأميركية، و«هذا يهدّد بانهيار الاتفاق في المرحلة الثانية لو عاد إلى المعارك»، حسبما قال.

فلسطينية تبكي عقب فرارها من الجزء الشرقي من خان يونس (رويترز)

من جهته، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حجازي، أن الداخل الإسرائيلي؛ سواءً عبر الاحتجاجات أو موقف الجيش المخالف لنتنياهو، يمثّل عامل ضغط لاستمرار جهود تثبيت وقف النار، لكن يجب أن يستمر ذلك مع ضغوط الوسطاء أيضاً.

وبحسب ما نقلته «رويترز» عن مصدر في «حماس»، فإن الاقتراح الأميركي الجديد يشمل ضمان الوسطاء تحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار، وتوصيل المساعدات، وانسحاب القوات الإسرائيلية طالما استمرت المحادثات غير المباشرة، لتطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.

وفي هذا الإطار، توقّع الرقب بدء هدنة مؤقتة تستمر نحو 6 أسابيع، تضم صفقة تبادل رهائن وأسرى، على أن يشمل تنفيذ المرحلة الأولى محادثات لتثبيت الهدنة. وفي هذه المرحلة قد يستجيب نتنياهو إلى «فكرة إبداء انسحابات من غزة، والإبقاء على نقاط تمركز داخل القطاع، تسمح بتنفيذ عمليات دقيقة، أو العودة لمعارك جديدة حال أراد العمل على انهيار اتفاق الهدنة».