تونس تنفي وجود قوات «فاغنر» على أراضيها

وسائل إعلام أشارت إلى إمكانية تورطها في عمليات هجرة سرية لأوروبا

عناصر من مجموعة «فاغنر» الروسية (أ.ب)
عناصر من مجموعة «فاغنر» الروسية (أ.ب)
TT

تونس تنفي وجود قوات «فاغنر» على أراضيها

عناصر من مجموعة «فاغنر» الروسية (أ.ب)
عناصر من مجموعة «فاغنر» الروسية (أ.ب)

نفت السفارة التونسية في فرنسا، مساء أمس (الخميس)، صحة تقارير في وسائل إعلام بوجود عناصر من مجموعة «فاغنر» الروسية في تونس، ووصفت تلك التقارير بأنها «لا أساس لها من الصحة»، بحسب ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي». وكانت وسائل إعلام إيطالية وفرنسية أفادت بوجود أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في جزيرة جربة، الواقعة قرب الحدود مع ليبيا، وأشارت إلى إمكانية تورطهم في تسهيل عمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وقالت سفارة تونس في باريس: «أفادت قناة (إل سي آي) الإخبارية كذباً بوجود أعضاء من (فاغنر) في جربة... لم يتم التحقق من هذه المعلومات من مصادر رسمية». مضيفة أن «تونس دولة ذات سيادة، تتحكم وحدها في كامل أراضيها». وأكد البيان أن «الهجرة غير الشرعية تشكل تهديداً لجميع البلدان... بلدان المنشأ والعبور والمقصد. ولن نتمكّن من وضع حد لها وإنقاذ حياة الآلاف من البشر إلا من خلال معالجة الأصول العميقة لهذه الظاهرة».

من جهة ثانية، بدأت بالعاصمة التونسية أعمال «اللجنة العسكرية المشتركة التونسية - الأميركية»، في دورتها الـ36، برئاسة وزير الدفاع التونسي عماد ممّيش، ومساعدة وزير الدفاع الأميركي المكلفة الشؤون الأمنية سيلاست فالاندر.

وأكد وزير الدفاع التونسي أنّ تدعيم القدرات الدفاعية، وتبادل الخبرات والمعرفة في مجالات التدريب العسكري والتكنولوجيا الدفاعية، ومواجهة التحديات المشتركة، «ستُسهم بشكل كبير في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي تمتين الشراكة الاستراتيجيّة التونسيّة - الأميركيّة، القائمة على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل بين الطرفين». مضيفاً أن انعقاد اللجنة العسكرية المشتركة بصفة دورية «يدل على حرص الجانبين على تنسيق الجهود المشتركة، ودعم علاقات التعاون خدمةً للمؤسستين العسكريتين في البلدين».

من جهتها، أكدت مساعدة وزير الدفاع الأميركي مواصلة بلادها دعم تونس في مكافحتها للإرهاب، واستعدادها لدعم القدرات العملياتية للمؤسسة العسكرية في مجالات عدة، تتعلق بأمن الحدود والتكوين والتدريب والمساعدة الفنية، وتوفير التجهيزات والمعدات المتلائمة مع التهديدات غير التقليدية.


مقالات ذات صلة

أفريقيا وزير الخارجية الروسي يلتقي نظيره البوركيني في واغادوغو في 4 يونيو 2024 (رويترز)

وصول عشرات المدرّبين العسكريين الروس إلى بوركينا فاسو

وصل عشرات المدرّبين العسكريين الروس إلى بوركينا فاسو التي تشهد تمرداً في أعقاب هجوم إرهابي في الشمال المضطرب لزمت السلطات الصمت بشأنه، وفق ما أفادت مصادر.

«الشرق الأوسط» (أبيدجان)
أفريقيا السكان المحليون تظاهروا طلباً للحماية من الإرهاب (صحافة محلية)

عشرات القتلى في هجمات إرهابية لـ«القاعدة» في مالي

قتل خمسة جنود من الجيش المالي، وجرح عشرة آخرون في هجوم إرهابي شنته كتيبة تتبع لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» ضد ثكنة للجيش في منطقة قريبة من موريتانيا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا عناصر من الجيش المالي (متداولة)

مقتل 11 مدنياً في مالي... وأصابع الاتهام تتجه نحو «فاغنر» والجيش

اتهم تحالف من الجماعات الانفصالية المتمردة التي تقاتل حكومة باماكو، السبت، الجيش المالي ومجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية بقتل 11 مدنياً هذا الأسبوع

«الشرق الأوسط» (دكار)
أوروبا الرئيس فلاديمير بوتين مع وزير الدفاع سيرغي شويغو (أرشيفية- إ.ب.أ)

بوتين يستعد لحرب طويلة بتعزيز جبهته الداخلية

أشعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرجل التكهنات بقرار إقالة وزير الدفاع سيرغي شويغو من منصبه ونقله إلى مجلس الأمن القومي

رائد جبر (موسكو)

أميركا وروسيا... قطبان زادتهما «حرب النفوذ» في ليبيا تنافراً

حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف في يناير 2024 (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف في يناير 2024 (القيادة العامة)
TT

أميركا وروسيا... قطبان زادتهما «حرب النفوذ» في ليبيا تنافراً

حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف في يناير 2024 (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف في يناير 2024 (القيادة العامة)

تكثّف واشنطن وموسكو من وجودهما وتحركاتهما على الساحة الليبية، بداعي حلحلة الأزمة السياسية المعقّدة، بما يضمن التوفيق بين الفرقاء، لكن هذه المساعي تصطدم بمخاوف ليبيين، يرونها مجرد «حرب باردة على توسيع النفوذ».

واتسعت الساحة الليبية، منذ رحيل النظام السابق، لكثير من الأطراف والأقطاب الدولية المتنافرة والمتعارضة سياسياً، وبات جميعها، بما فيها أميركا وروسيا، يعمل، بحسب متابعين، على «رسم خريطة ليبيا، على نحو يخدم مصالحها الاستراتيجية».

حفتر مستقبلاً في لقاء سابق وفداً أميركياً تتقدمه مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا آي ليف (القيادة العامة)

فمن مكاتب الساسة في ليبيا إلى قاعة الجلسات الرئيسية بمجلس الأمن الدولي، تظهر ملامح تزايد هذا التنافر الأميركي الروسي، إذ يحرص مندوب كل منهما على التحدث في ملفات تزعج الطرف الآخر، وهو الأمر الذي يعيد طرح السؤال حول ما هي مقاصدهما في ليبيا؟

وأمام تزايد مخاوف وهواجس الليبيين مما يسمونه مناكفات أميركية روسية، يفسر الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، هذا الأمر بأن «من يكسب ليبيا فقد كسب عملياً قرابة 10 دول أفريقية للعمل فيها، والوصول إلى المآرب السياسية الاستراتيجية بعيدة المدى لـ50 عاماً مقبلة».

ويتحدث أوغلو إلى «الشرق الأوسط» عن أن روسيا وموسكو وبعض اللاعبين الآخرين يستغلّون، من وراء ستار، الانقسام الحاصل بين شرق ليبيا وغربها.

وفيما لم يستبعد أوغلو أن تكون رغبة هذه الأطراف الدولية هي «السيطرة على موارد البترول بشكل أساسي ومباشر»، قال إن «هناك غرضاً آخر، يتمثل في ليّ ذراع وكسر عظم الطرف الآخر، عندما يمدد نفوذه إلى مزيد من الدول في أفريقيا».

خلال لقاء سابق لحفتر بوفد أميركي في مكتبه بمدينة بنغازي (القيادة العامة)

ولوحظ أن الولايات المتحدة، ممثلة في مبعوثها الخاص ريتشارد نورلاند، تكثف جهودها الدبلوماسية من طرابلس العاصمة (غرباً) إلى بنغازي (شرقاً)، داعية إلى خريطة طريق «ذات مصداقية» توحّد الفرقاء السياسيين. كما أجرى نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف، أكثر من زيارة إلى مقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» برئاسة المشير خليفة حفتر، فسّرها متابعون بأنها «لدعم تمدد بلاده في أفريقيا من بوابة ليبيا».

حالة روسيا وأميركا في ليبيا شبّهها مركز «أبعاد» للدراسات الاستراتيجية بـ«الحرب الباردة» خلال السنوات الماضية، وقال إنها «ازدادت بشكل تدريجي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا». غير أن سياسيين ليبيين يرون أن «حرب النفوذ» بين القطبين «تتزايد، ما قد يدخل البلاد في دوامة في مقبل الأيام طبقاً لأجندة كل منهما».

ويرى المركز أنه في مقابل التحرك الأميركي بين غرب ليبيا وشرقها، الذي يستهدف إنهاء الانقسام السياسي، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تفرز سلطة جديدة، ردّت روسيا بترقية علاقتها مع شرق ليبيا إلى المستوى الرسمي، بعد أن كانت تعتمد على عناصر «فاغنر»، كما مدّت جسور التواصل مع سلطات طرابلس «لتفويت الفرصة على المحاولات الأميركية الرامية إلى تطويق نفوذها».

حفتر يلتقي في مكتبه قائد القوات المشتركة (الأفريكوم) الجنرال مايكل لانجلي (القيادة العامة)

وفي إحاطة أمام مجلس الأمن منتصف أبريل (نيسان) الماضي، تناول المندوب الأميركي، روبرت وود، بعض الملفات الشائكة التي تزعج روسيا، متحدثاً عن «القلق إزاء الانتهاكات لحظر توريد الأسلحة في ليبيا». وأشار إلى أنشطة مجموعة «فاغنر» التي تدعمها روسيا، ووصفها حينها بأنها «مجموعة إجرامية دولية لا تبالي بسيادة ليبيا أو بالدول المجاورة لها».

ولم يفوّت مندوب روسيا لدى مجلس الأمن الفرصة، فتساءل عن «الجهاز الأمني الذي تدربه الولايات المتحدة في ليبيا». غير أن السلطات الليبية في غرب ليبيا نفت الأمر.

وإلى جانب الإشكاليات الأمنية والمخاوف الأميركية من وجود عناصر «فاغنر» في ليبيا لمساندة «الجيش الوطني» بقيادة حفتر، تجددت المناكفات السياسية بين موسكو وواشنطن، عادة حول سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بعد مطالبة الأخيرة غير مرة، سلطات البلاد بضرورة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتدافع موسكو عن حقّ سيف الإسلام في خوض الحياة السياسية بصفته «مواطناً ليبياً له كل الحقوق القانونية والدستورية».

ويرى رئيس حزب «صوت الشعب»، فتحي الشبلي، أن ما يحدث بين روسيا وأميركا في أوكرانيا انعكس على كل الساحات الدولية الأخرى، خاصة أفريقيا، ومنها ليبيا.

ويعتقد الشبلي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الصراع بين هذين القطبين «لم يعد صراع نفوذ، بل أصبح صراع وجود»، وقال: «هذا هو الخطر الذي نبهنا إليه السياسيين الليبيين؛ تحويل البلاد إلى ساحة حرب بالوكالة بين الروس والأميركان».

وفتح الانقسام السياسي، الذي تعيشه ليبيا، باباً واسعاً لتغوّل قوى دولية في الشؤون الداخلية للبلاد. وبحسب ما يعتقد سياسيون وأكاديميون، فإن روسيا تأتي في مقدمة هذه الأطراف، ويرون أنها «طوّرت من وجود قوات تابعة لها في ليبيا بتمدد نفوذها»، عبر ما يعرف بـ«الفيلق الأفريقي».

خالد حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف (القيادة العامة)

والحديث عن وجود قوات روسية في ليبيا ليس جديداً، لكن اتجاه موسكو لتعزيز هذا الوجود منذ أشهر قليلة، بعد نقل قوات وعتاد إلى مناطق في شرق البلاد، زاد منسوب المخاوف والتحذيرات، ليس لدى قوى محلية فقط، بل دولية أيضاً، ومن بينها أميركا وأوروبا.

والتشكيل العسكري الروسي الجديد، أو ما يعرف بـ«فيلق أفريقيا»، تم الكشف عنه مطلع عام 2024، ودلّت تقارير على أنه يستهدف انطلاق موسكو إلى دول أفريقية من بوابة ليبيا، بقصد «دعم مصالح روسيا في القارة السمراء»، لكن روسيا تتمسك بنفي ذلك.

وينتهي الأكاديمي التركي أوغلو إلى الاستنتاج أن «الأمر ليس مقتصراً على السيطرة على أفريقيا، بقدر ما هو معتمد على رؤية أميركا وروسيا للقرن المقبل». ويرى أن «من يستطيع منهما السيطرة على أكثر الملفات سخونة، أو التي قد تكون لاحقاً ساخنة في أكثر من قارة، وفي أكثر من إقليم جيوسياسي، هو من يفرض شروطه أو يحقق أهدافه».