الجزائر: تبون يبحث مع الأحزاب «شروط نزاهة» الانتخابات الرئاسية

مَطالب بالإفراج عن معتقلي الحراك وتعديل قانون الاقتراع

الرئيس تبون أثناء استقباله قادة الأحزاب (الرئاسة)
الرئيس تبون أثناء استقباله قادة الأحزاب (الرئاسة)
TT

الجزائر: تبون يبحث مع الأحزاب «شروط نزاهة» الانتخابات الرئاسية

الرئيس تبون أثناء استقباله قادة الأحزاب (الرئاسة)
الرئيس تبون أثناء استقباله قادة الأحزاب (الرئاسة)

بحث الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الثلاثاء، مع الأحزاب التي تملك مقاعد بالبرلمان والمجالس المحلية المنتخبة، «ضمانات» تخص «نزاهة» انتخابات الرئاسة المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، وأوضاع المعيشة في البلاد، و«التهديدات الخارجية»، وفق ما ذكره قياديون في أحزاب حضروا اللقاء.

من اجتماع الرئيس بقادة الأحزاب في إطار الحوار (الرئاسة)

وأعلنت الرئاسة في حسابها بالإعلام الاجتماعي، بشكل مقتضب، عن «انطلاق أشغال لقاء رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مع رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة بالمجالس الوطنية والمحلية المنتخبة، بالمركز الدولي للمؤتمرات»، بالضاحية الغربية للعاصمة. ولم تذكر الرئاسة الداعي إلى تنظيم اللقاء، ولا أي شيء رسمي عن المواضيع التي سيجري بحثها، وبثت فيديو قصيراً عن مراسيم استقبال تبون بعض الشخصيات السياسية، ولقطات «صامتة» من الاجتماع.

الرئيس تبون مع رئيس حركة «مجتمع السلم» (رئاسة الجمهورية)

والأسبوع الماضي، أرسلت الرئاسة إلى الأحزاب دعوة للمشاركة في «حوار»، كُتب عليها أن المبادرة «فرصة لبحث مختلف القضايا المتعلقة بالشأن العام الوطني، فضلاً عن الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة»، مؤكدة أنها «مناسبة لطرح مختلف الانشغالات والاقتراحات التي ترغب الطبقة السياسية في طرحها»، ولفتت إلى أن الاجتماع «تكريس متجدد لنهج قائم على الحوار والتشاور»، كما وصفته بأنه «لقاء واعد، يريده رئيس الجمهورية فاعلاً وحيوياً، ويتضمن كل الآراء والأفكار بما يتناسب مع بناء الجزائر الجديدة».

المعارضة تطالب بالإفراج عن معتقلي الحراك قبل التوجه للانتخابات (الشرق الأوسط)

وظهر من خلال صور الفيديو حضور قادة الأحزاب المؤيدة للرئيس، التي لها تمثيل في الحكومة، وهي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني»، و«جبهة المستقبل». وقد أطلقت هذه الأحزاب الأربعة، الشهر الماضي، «تحالفاً» استعداداً لحملة داعمة لترشح تبون المفترض لدورة رئاسية ثانية.

كما ظهر في الصور زعيمة «حزب العمال» اليساري لويزة حنون، التي أعلنت ترشحها للانتخابات للمرة الرابعة بعد 2004 و2009 و2014. وشوهد أيضاً يوسف أوشيش السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، ورئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة، عبد العالي حساني، الذي يتوقع أن يعلن ترشحه للاستحقاق.

كما حضر أيضاً سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد»، الذي أثار جدلاً منذ أيام بمناشدته الرئيس عدم الترشح من جديد، بحجة أنه «لم يعد يملك ما يقدمه»، علماً أن جيلالي كان من أشد المتحمسين لتبون في بداية ولايته الأولى.

وتطالب أحزاب بإحداث تعديل في قانون الانتخابات قبل بلوغ آجال «الرئاسية»، منها «التحالف الوطني الجمهوري»، الذي رشح رئيسه بلقاسم ساحلي للاستحقاق، وهو من بين المشاركين في «حوار السلطة». ويتمثل أهم المطالب في خفض عدد التوقيعات الفردية (50 ألف توقيع في 29 ولاية على الأقل من 58 ولاية) المطلوبة في ملف الترشح.

وتطالب المعارضة، خصوصاً «القوى الاشتراكية»، بـ«توافر شروط تهدئة» قبل التوجه إلى الانتخابات. ومن بين هذه الشروط، حسبها، الإفراج عن 230 معتقلاً بسبب مشاركاتهم في مظاهرات الحراك عام 2019، و«فك القيود عن وسائل الإعلام».


مقالات ذات صلة

دعوات من مسؤولين جزائريين لـ«مشاركة قوية» في الاستحقاق الرئاسي

شمال افريقيا من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

دعوات من مسؤولين جزائريين لـ«مشاركة قوية» في الاستحقاق الرئاسي

الجزائر «مقبلة على استحقاقات رئاسية تحمل معاني الممارسة الديمقراطية؛ لذلك يجب أن يقف فيها الشعب رجلاً واحداً عن طريق المشاركة فيها بقوة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا في يونيو الحالي (الرئاسة الجزائرية)

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

بينما تتخوّف الجزائر من مصير ملفات مشتركة مع فرنسا حال تحقيق اليمين المتطرف فوزاً عريضاً تجدّدت مناكفات بين متنافسين فرنسيين على خلفية حرب غزة وجرائم الاستعمار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

الجزائر: مؤشرات على قرب إعلان تبون ترشحه لدورة رئاسية ثانية

بدعوتها تبون علناً لتجديد ولايته على رأس الدولة تُبقي «جبهة التحرير الوطني» - حسب المراقبين - قليلاً من الشكوك بشأن احتمال ترشحه لولاية ثانية

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صورة تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون في شهر أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر تطالب فرنسا بإعادة ممتلكاتها التاريخية من الحقبة الاستعمارية

قدمت الحكومة الجزائرية لنظيرتها الفرنسية لائحة مفتوحة للممتلكات التاريخية الثقافية والأرشيفية المحفوظة في مختلف المؤسسات والمتاحف الفرنسية بهدف استرجاعها.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أفيش المرشحة لانتخابات الرئاسة المحامية زبيدة عسول (حساب حزبها بالإعلام الاجتماعي)

مرشحة لـ«رئاسية» الجزائر تنتقد غياب «ظروف إجراء انتخابات حرة»

انتقدت زبيدة عسول مرشحة انتخابات الرئاسة الجزائرية «عدم توفر الحد الأدنى من الشروط اللازمة لتنظيم انتخابات في جو هادئ»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

التراجعات المتكرّرة للجيش السوداني «تهز الثقة» في أدائه

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)
دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)
TT

التراجعات المتكرّرة للجيش السوداني «تهز الثقة» في أدائه

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)
دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

رغم مرور أكثر من 6 أشهر فإن سيناريو انسحاب الجيش السوداني من مدينة ود مدني، حاضرة ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وتراجُعه أمام قوات «الدعم السريع»، لا يزال حاضراً في أذهان السودانيين، الذين باتوا يصابون بالهلع، ويسارعون للنزوح بمجرد سيطرة قوات «الدعم» على مدينة جديدة، بناءً على تصوّرهم أن الجيش لن يتمكن من دحرها.

وزادت تراجعات الجيش في مدن سودانية أمام «الدعم» الشكوكَ في أداء قواته، و«هزّت الثقة» في إمكانية استعادتها، وفق تقييم خبراء وعسكريين سابقين، وتَواكَب ذلك مع إفادات شبيهة ناقمة لمواطنين عبّروا عنها على منصات التواصل الاجتماعي.

لكن، في المقابل، درج مسؤولون في الجيش على توجيه خطابات حماسية يتوعّدون فيها بهزيمة «الدعم السريع»، وكان أحدثها ما جاء على لسان قائده عبد الفتاح البرهان، مساء الثلاثاء، إذ قال إنهم لن يتفاوضوا مع «عدو» يستمر في انتهاكاته، ولن يخضعوا لأي «ابتزاز بتفاوض يسلب هيبة وإرادة القوات، ولا يلبي طموح الشعب».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

ورأى البرهان كذلك أن قواته قد تخسر معركة، لكنها «لن تخسر الحرب». وزاد: «إذا خسرنا أشخاصاً، فالسودانيون كُثر»، وهي ذات الفكرة التي ردّدها قبله مساعده ياسر العطا، بأنهم سيواصلون الحرب، حتى لو راح ضحيتها كل سكان البلاد، حسب ما ورد في خطاب له نهاية أبريل (نيسان) الماضي.

ورأى مراقبون آخرون في تلك الخطابات الحماسية أنها «موجّهة للجيش، وكتائب الإسلاميين الذين يشاركونه القتال».

«الدعم» تتوسّع

وتوسّعت باضطراد خريطةُ المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع»، لتُقارِب أكثر من نصف مساحة البلاد؛ إذ تبسط نفوذها على 5 ولايات من أصل 18 ولاية تشكّل السودان، بينما تسيطر على مساحات واسعة من 6 ولايات، وتحاصر 5 عواصم لولايات ومدن رئيسة، وتهدّد أكثر من ولاية.

ولم تتبقّ للجيش سيطرة كاملة إلاّ على 5 ولايات، هي ولايات شرق السودان الثلاث، وولايتا الشمال، بينما يسيطر على أكثر من 80 بالمائة من العاصمة الخرطوم، إلى جانب سيطرته على معظم الطرق البرّية الرابطة بين ولايات البلاد من جهة الغرب والجنوب مع الشرق والشمال والوسط.

وقال ضابط سابق في الجيش لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن «المواطنين كانوا يتوقّعون تقدّم الجيش وتحقيق انتصارات سريعة، لكنه ظل يتراجع، ويفشل في الحفاظ على مناطق سيطرته، مكتفياً بالدفاع عن قياداته».

وأرجع الضابط السابق «السقوط المتوالي» للمدن والقيادات العسكرية بيد «الدعم السريع» إلى «تدنّي قدرات الجيش في حرب المدن».

أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)

ووفقاً للضابط السوداني السابق، فإن «حالة السخط وسط القاعدة الشعبية للجيش والناشطين طبيعية؛ لأن المواطنين يبحثون عن الأمن باعتباره مهمة الجيوش الرئيسية، وليس الانسحاب».

ويعتقد العسكري السابق أن «الجيش في (ود مدني) كان في موقف عسكري يمكّنه من الصمود والقتال لفترة طويلة، لكن قيادة فرقة الجيش انسحبت، ما جعل الكثيرين يخشون مواجهة وضع مماثل، لذلك يفكر الكل في الفرار متى اقتربت (الدعم) من مناطقهم».

تراجُع شعبية

ويقول المحلل السياسي أشرف عبد العزيز، إن «(الدعم السريع) نجحت في بناء تحالفات تجاوزت الجهوية، ما مكّنها من الحشد والتقدم في ولاية الجزيرة، وولايات الوسط الجنوبي». وتابع: «انتشار (الدعم السريع) في هذه المساحة الجغرافية يُفقد الجيش المناورة، وتحرّكه لخوض معارك قد يُفقده مدناً أخرى وسط البلاد».

وعزا عبد العزيز ما سمّاه بـ«تراجع شعبية الجيش» إلى «حالة الضجر من صمت الجيش، وعدم إطلاع الناس على الحقائق، وذلك على الرغم من فقدان (قوات الدعم السريع) للمشروعية الأخلاقية بالانتهاكات وعمليات النهب والقتل وترويع المدنيين، التي ترتكبها القوات في مناطق سيطرتها».

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)

ويعتقد عبد العزيز أن «الدعم» تتفوق على الجيش في حركتها السريعة، وقدرتها على المناورة. وزاد: «(الدعم السريع) خطوط إمدادها مفتوحة ولم تنكسر، وتمتد من الجنينة أقصى غرب البلاد إلى الخرطوم، وقد يتيح لها تموضعها في ولاية سنار فتح طرق إمداد جديدة عبر الجنوب».

وقلّل ضابط متقاعد برتبة وسيطة من تكتيكات الجيش السوداني، المتمثلة في «الانسحاب»، وقال إنها «لم تعُد قادرة على مواجهة الحروب الحديثة وحرب المدن، وخوض معركة من هذا النوع في منطقة مأهولة بالسكان قد يسبّب خسائر كبيرة بين المدنيين».

وبحسب الضابط المتقاعد، فإن «تكتيكات الجيش غير الملائمة، وخسائره الفادحة، أفقدت السودانيين الثقة في قيادة الجيش الحالية، وأصابتهم باليأس من تحقيقها لنصر قريب».