العملية السياسية المجمدة في ليبيا تنتظر «لجنة حوار» خوري

وسط دعوات لتعيين مبعوث أممي جديد

الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري (القيادة العامة)
الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري (القيادة العامة)
TT

العملية السياسية المجمدة في ليبيا تنتظر «لجنة حوار» خوري

الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري (القيادة العامة)
الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري (القيادة العامة)

بدا المشهد السياسي في ليبيا مرتبكاً وغير محدد المعالم، بعد استقالة المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي، وتعطّل المفاوضات بين ما يسمى «الأطراف الفاعلة» لجهة حل الخلافات المتعلقة بالقوانين المنظّمة للانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

ويرى سياسيون ومحللون ليبيون كثيرون أن الأزمة أضحت «أشد تعقيداً من ذي قبل، في ظل تعمّق الانقسام الحكومي، وتمسّك كل رئيس جبهة سياسية بما يراه صائباً له ولأنصاره على صعيد تحقيق المكاسب»، وبات الجميع في انتظار تحرك الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري.

اجتماع سابق للبعثة الأممية لدى ليبيا مع حفتر (القيادة العامة)

والتقت خوري، غالبية أطراق الأزمة السياسية في طرابلس وبنغازي، منذ بدايات مايو (أيار) الحالي، وناقشت معهم آخر تطورات الأزمة الليبية، وتطرقت في اجتماعاتها إلى جهود البعثة الأممية الرامية للدفع بالعملية السياسية قدماً من أجل عقد الاستحقاق العام.

ويتوقع الباحث والمحلل السياسي الليبي محمد امطيريد، أن تتجه خوري، قريباً للإعلان عن مؤتمر أو تجمع يُعقد في مدينة غدامس، (نحو 600 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من طرابلس العاصمة) يعمل على تأسيس «لجنة جديدة للحوار».

وأشار امطيريد لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود تباينات في الآراء بأن خوري ستستند إلى لجنة مدنية، ولكن من دون دمج مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بها، لافتاً إلى وجود توجه آخر «بضرورة أن يكون المجلسان ضمن تأسيس هذه اللجنة» المنتظرة.

غير أن امطيريد نوّه بوجود بعض الروايات التي تشير إلى أن اللجنة المزمع تشكيلها ستكون بين مدنيين يتبعون كتلة عبد الحميد الدبيبة (رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة) وأخرى للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الذي يترأسه المشير خليفة حفتر.

باتيلي وخوري في اجتماع سابق مع المنفي بالمجلس الرئاسي الليبي (المجلس الرئاسي)

وسبق أن أطلق باتيلي مبادرة لكنها لم تحظ بقبول الأطراف الليبية المتنافسة، وكانت تتضمن «إنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى لإعداد الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، تجمع كل أصحاب المصلحة الليبيين بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأهم الشخصيات السياسية، والقادة القبليون، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية، والنساء والشباب»، غير أن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» شكَّلا لجنة مشتركة «6+6»، توصلت إلى صياغة لقانوني الانتخابات، لكن حدث خلاف بينهما بشأنها.

وكانت مدينة غدامس قد استضافت عامي 2014 و2015 جلسات مماثلة للحوار السياسي الليبي، برعاية بعثة الأمم المتحدة، بقصد الوصول إلى حل سياسي للأزمة في البلاد. وفي مطلع أبريل (نيسان) 2019 دعا المبعوث الأسبق غسان سلامة إلى «مؤتمر جامع» في غدامس، لكن الحرب التي شنها «الجيش الوطني» في هذا التوقيت على العاصمة طرابلس أفشلته.

ولم تسلم البعثة الأممية لدى ليبيا من الانتقادات الحادة وتحميلها جانباً من تعثّر العملية السياسية، لكن في هذا البلد، الذي يعاني من الانقسام الحكومي، تسود حالة من الترقب للمساعي التي قد تقودها خوري في مقبل الأيام، بالإضافة إلى بروز مطالب بضرورة تعيين مبعوث أممي جديد.

حفتر خلال استقباله البعثة الأممية في لقاء سابق (القيادة العامة)

ويرى سياسي ليبي مُوالٍ لحكومة شرق البلاد أن الدبلوماسية الأميركية خوري أمام «تحديات كبيرة تفرض عليها ضرورة النجاح فيما فشل فيه سلفها من مبعوثين أمميين، والاتجاه بالبلاد إلى إجراء الانتخابات المؤجلة».

وكانت خوري قد أكدت خلال لقائها عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، «دعمها جهود المجلس الرئاسي الهادفة لتحقيق الاستقرار في ليبيا»، فضلاً عن التعاون مع المجلس لمعالجة حالة الانسداد السياسي الراهن. كما تباحثت في اجتماع مع حفتر، في مكتبه بمنطقة الرجمة بمدينة بنغازي، «حول أهمية مواصلة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا جهودها الرامية للدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي».

ويعوّل المسؤول الليبي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على اجتماع منتظر بجامعة الدول العربية بالقاهرة، لرؤساء المجالس الرئاسية في ليبيا، وهم: «الرئاسي» محمد المنفي، و«النواب» عقيلة صالح، و«الأعلى للدولة» محمد تكالة، بغية استكمال مشاوراتهم بشأن تشكيل «حكومة جديدة موحدة».

أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية يتوسط صالح والمنفي وتكالة (المجلس الأعلى للدولة الليبي)

ويتمسك مجلس النواب الليبي بتنفيذ القوانين الانتخابية التي أقرّتها لجنة «6+6»، ويصادق عليها وعلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة الانتخابات، لكنه يواجه معارضة من «الأعلى للدولة» الذي يرفض بعض القوانين التي تبنّاها البرلمان خصوصاً المتعلقة بشروط الترشح للرئاسة، وتترقب الأوساط السياسية اجتماع المنفي وصالح وتكالة بالقاهرة لحلحلة هذه الأزمة.

وكان من المقرر أن يجري أول استحقاق رئاسي في ليبيا، في 24 ديسمبر (كانون الأول) عام 2021، لكن خلافات سياسية بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، حالت دون إجرائها.


مقالات ذات صلة

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

تصاعدت أزمة النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان رئيسه السابق محمد تكالة فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض خالد المشري.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

يطالب مرضى ضمور العضلات في ليبيا بإنشاء مستشفى متخصص لخدمتهم، ووحدات رعاية بالمستشفيات الكبرى في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

يرصد محللون ليبيون عقبات دستورية وقانونية وسياسية محتملة تعترض تفعيل ما ذهب إليه الطرابلسي، بخصوص فرض الحجاب على طالبات المدارس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية قيد الصيانة في مايو الماضي (الصفحة الرسمية للشركة)

الديون والأعطال والرواتب... أزمات متراكمة تحاصر شركات الطيران الليبية

قدّر تقرير حديث صادر عن هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا إجمالي ديون «الخطوط الليبية» بنحو 1.12 مليار دينار؛ لعدة أسباب، من بينها انخفاض عدد الطائرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تدعو لمضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين

وزير الخارجية المصري يستقبل كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو لمضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين

وزير الخارجية المصري يستقبل كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (الخارجية المصرية)

طالبت مصر، الثلاثاء، بالعمل على مضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين بقطاع غزة مع دخول فصل الشتاء، وفي ظل ما تسببت فيه السياسيات والإجراءات الإسرائيلية من «تفشي المجاعة والأوبئة».

واستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في القاهرة، سيغريد كاخ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة؛ لـ«متابعة سبل التعامل مع الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين داخل القطاع»، وفق بيان للخارجية المصرية.

ونقل السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، عن الوزير عبد العاطي، حرصه على «مواصلة التشاور مع المسؤولة الأممية حول تنفيذ ولايتها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2720»، وضرورة «العمل على الإنفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين في قطاع غزة، والضغط على إسرائيل لتحمل مسؤولياتها تجاه المدنيين داخل القطاع»، وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وباعتبارها قوة الاحتلال.

عبد العاطي يستقبل سيغريد كاخ في القاهرة (الخارجية المصرية)

وأدان وزير الخارجية المصري قرار إسرائيل الأخير بالانسحاب من الاتفاق المنظم لعمليات وكالة «أونروا»، مؤكداً أن «هذه الخطوة تعدّ تصعيداً خطيراً يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين».

وأشار الوزير عبد العاطي إلى «ضرورة العمل على مضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين بالقطاع مع دخول فصل الشتاء وفى ظل ما تسببت فيه السياسيات والإجراءات الإسرائيلية من تفشي المجاعة والأوبئة»، مشدداً على أن «المعدل اليومي لدخول المساعدات الإنسانية غير كافٍ للتعامل مع حجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع».

كما أكد أن «استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، وتقاعس إسرائيل عن فتح معابرها الأخرى بشكل كامل، أديا إلى تقويض عملية النفاذ الإنساني»، وهو أمر «ترفضه مصر بشكل قاطع ويعكس إصراراً إسرائيلياً على إعاقة دخول الشاحنات الإنسانية في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني».

واستعرض الوزير الجهود المصرية خلال الفترة الأخيرة لتحقيق التقارب بالداخل الفلسطيني، مشدداً على «موقف مصر الثابت بشأن تمكين السُلطة الوطنية الفلسطينية من الاضطلاع بواجباتها في قطاع غزة، وحرص على التأكيد على ثوابت الموقف المصري، وفي مقدمتها رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وضرورة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت قيادة السلطة الفلسطينية باعتبارها وحدة متكاملة من الأراضي الفلسطينية، وأهمية تنفيذ حل الدولتين».