تلقت الأحزاب الجزائرية دعوةً للمشاركة في «حوار» تنظمه رئاسة الجمهورية في 21 مايو (أيار) الحالي، وذلك في إطار التحضير لانتخابات الرئاسة المبكرة، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل. وفيما ترشح للاستحقاق المرتقب شخصيتان سياسيتان فقط حتى الآن، فقد حسمت الأحزاب الكبيرة موقفها بدعم الترشح المفترض للرئيس عبد المجيد تبون لولاية ثانية.
وتضمنت الدعوة للاجتماع أن الرئاسة تسعى من خلاله إلى «التشاور حول المسائل ذات المصلحة الوطنية»، وإلى «الانفتاح على مختلف القوى السياسية والمجتمعية الحية»، مبرزةً أن اللقاء يقتصر على الأحزاب التي تملك منتخبين في غرفتي البرلمان ومجالس البلديات والولايات. ويفهم من ذلك أن «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض غير معني بالاجتماع لأنه قاطع الانتخابات البرلمانية والمحلية، التي جرت عام 2021.
وأكدت الجهة صاحبة المبادرة أنها «فرصة سانحة لاستعراض مختلف القضايا المتعلقة بالشأن العام الوطني، خصوصاً في ضوء الاستحقاقات السياسية المهمة، فضلاً عن الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة»، مبرزةً أنها «تكريس متجدد لنهج قائم على الحوار والتشاور، وسيكون مناسبةً لاستعراض مختلف الانشغالات والاقتراحات، التي ترغب الطبقة السياسية في طرحها».
وعدت الرئاسة الاجتماع السياسي المرتقب «واعداً لحوار يريده رئيس الجمهورية فاعلاً وحيوياً، يتضمن كل الآراء والأفكار بما يتناسب مع بناء الجزائر الجديدة». و«الجزائر الجديدة» شعار رفعه تبون منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2019 للدلالة على قطيعة مع ممارسات السلطة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، التي يهاجمها الخطاب الرسمي بحجة أنها «عنوان للفساد».
وأفادت مصادر من الأحزاب المعنية بالدعوة بأن قادة غالبيتها سيشاركون في اللقاء، حاملين معهم مقترحات ومطالب تخص العملية الانتخابية، المقررة بعد 4 أشهر، والظروف التي تمر بها البلاد من جوانب حقوقية واقتصادية متصلة بالحريات واستقلال القضاء، وبالقدرة الشرائية المتردية لفئات من المجتمع، وحالة قطاعات الصحة والتعليم والجامعة والنقل.
المعروف أن 4 أحزاب تملك الغالبية في المجالس المنتخبة تؤيد سياسات الرئيس، ولها وزراء في حكومته، وهي «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني»، و«جبهة المستقبل». وكان قياديون منها عقدوا في أبريل (نيسان) الماضي مشاورات بهدف إطلاق «تحالف» داعم لترشح الرئيس تبون المفترض لولاية ثانية، بعد أن أوحى هذا الأخير بأنه يرغب بالتمديد في تصريحات للصحافة.
في المقابل، يطرح الحزبان المعارضان «جبهة القوى الاشتراكية» و«حركة مجتمع السلم» الإسلامي تحفظات على المشهد السياسي والحقوقي في البلاد، خصوصاً ما تعلق بحرية الصحافة وبمعتقلي الحراك الشعبي، الذين يفوق عددهم المائتين، إذ يطالب الحزبان بالإفراج عنهم، على أساس أن دوافع سجنهم «سياسية متصلة بمواقفهم المعارضة للسلطة».
وسيكون مرشح الانتخابات بلقاسم ساحلي، رئيس «التحالف الوطني الجمهوري»، من ضمن المشاركين في «الحوار»، وهو يطالب بمراجعة قانون الانتخابات، خصوصاً تخفيض عدد التوقيعات الفردية المطلوبة في ملف الترشح.
وتشكل المادة 253 من القانون عائقاً كبيراً أمام المترشحين، وكثيراً ما تسببت في إقصاء العديد منهم في الانتخابات، إذ تشترط جمع 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو ولائية، أو برلمانية على الأقل، بحيث تكون موزعة على 29 ولاية على الأقل، أو تقديم 50 ألف توقيع فردي على الأقل، لناخبين مسجلين في لائحة انتخابية، كما يجب أن تجمع عبر 29 ولاية، على ألا يقل عدد التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع.
يشار إلى أن المحامية رئيسة «الاتحاد من أجل الرقي والتقدم»، زبيدة عسول، مرشحة هي أيضاً لـ«الرئاسية»، ولكن لا يعرف إن كانت معنية بـ«اجتماع التشاور والحوار»، بسبب مشكلات مع وزارة الداخلية، التي اتخذت إجراءات بغرض حل الحزب، بذريعة أنه «يخالف القوانين».