جولة حوار بين تبون والأحزاب استعداداً لـ«رئاسيات» الجزائر

وسط مطالب بالإفراج عن معتقلي الحراك ومراجعة قانون الانتخاب

الرئيس مع أمين عام «جبهة التحرير الوطني» في نوفمبر 2023 (الرئاسة)
الرئيس مع أمين عام «جبهة التحرير الوطني» في نوفمبر 2023 (الرئاسة)
TT

جولة حوار بين تبون والأحزاب استعداداً لـ«رئاسيات» الجزائر

الرئيس مع أمين عام «جبهة التحرير الوطني» في نوفمبر 2023 (الرئاسة)
الرئيس مع أمين عام «جبهة التحرير الوطني» في نوفمبر 2023 (الرئاسة)

تلقت الأحزاب الجزائرية دعوةً للمشاركة في «حوار» تنظمه رئاسة الجمهورية في 21 مايو (أيار) الحالي، وذلك في إطار التحضير لانتخابات الرئاسة المبكرة، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل. وفيما ترشح للاستحقاق المرتقب شخصيتان سياسيتان فقط حتى الآن، فقد حسمت الأحزاب الكبيرة موقفها بدعم الترشح المفترض للرئيس عبد المجيد تبون لولاية ثانية.

الرئيس تبون مع رئيس حركة «مجتمع السلم» (رئاسة الجمهورية)

وتضمنت الدعوة للاجتماع أن الرئاسة تسعى من خلاله إلى «التشاور حول المسائل ذات المصلحة الوطنية»، وإلى «الانفتاح على مختلف القوى السياسية والمجتمعية الحية»، مبرزةً أن اللقاء يقتصر على الأحزاب التي تملك منتخبين في غرفتي البرلمان ومجالس البلديات والولايات. ويفهم من ذلك أن «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض غير معني بالاجتماع لأنه قاطع الانتخابات البرلمانية والمحلية، التي جرت عام 2021.

وأكدت الجهة صاحبة المبادرة أنها «فرصة سانحة لاستعراض مختلف القضايا المتعلقة بالشأن العام الوطني، خصوصاً في ضوء الاستحقاقات السياسية المهمة، فضلاً عن الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة»، مبرزةً أنها «تكريس متجدد لنهج قائم على الحوار والتشاور، وسيكون مناسبةً لاستعراض مختلف الانشغالات والاقتراحات، التي ترغب الطبقة السياسية في طرحها».

الرئيس تبون مع الأمينة العامة لـ«حزب العمال» (الرئاسة)

وعدت الرئاسة الاجتماع السياسي المرتقب «واعداً لحوار يريده رئيس الجمهورية فاعلاً وحيوياً، يتضمن كل الآراء والأفكار بما يتناسب مع بناء الجزائر الجديدة». و«الجزائر الجديدة» شعار رفعه تبون منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2019 للدلالة على قطيعة مع ممارسات السلطة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، التي يهاجمها الخطاب الرسمي بحجة أنها «عنوان للفساد».

وأفادت مصادر من الأحزاب المعنية بالدعوة بأن قادة غالبيتها سيشاركون في اللقاء، حاملين معهم مقترحات ومطالب تخص العملية الانتخابية، المقررة بعد 4 أشهر، والظروف التي تمر بها البلاد من جوانب حقوقية واقتصادية متصلة بالحريات واستقلال القضاء، وبالقدرة الشرائية المتردية لفئات من المجتمع، وحالة قطاعات الصحة والتعليم والجامعة والنقل.

المعروف أن 4 أحزاب تملك الغالبية في المجالس المنتخبة تؤيد سياسات الرئيس، ولها وزراء في حكومته، وهي «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني»، و«جبهة المستقبل». وكان قياديون منها عقدوا في أبريل (نيسان) الماضي مشاورات بهدف إطلاق «تحالف» داعم لترشح الرئيس تبون المفترض لولاية ثانية، بعد أن أوحى هذا الأخير بأنه يرغب بالتمديد في تصريحات للصحافة.

في المقابل، يطرح الحزبان المعارضان «جبهة القوى الاشتراكية» و«حركة مجتمع السلم» الإسلامي تحفظات على المشهد السياسي والحقوقي في البلاد، خصوصاً ما تعلق بحرية الصحافة وبمعتقلي الحراك الشعبي، الذين يفوق عددهم المائتين، إذ يطالب الحزبان بالإفراج عنهم، على أساس أن دوافع سجنهم «سياسية متصلة بمواقفهم المعارضة للسلطة».

مرشح الانتخابات بلقاسم ساحلي رئيس «التحالف الوطني الجمهوري» (الشرق الأوسط)

وسيكون مرشح الانتخابات بلقاسم ساحلي، رئيس «التحالف الوطني الجمهوري»، من ضمن المشاركين في «الحوار»، وهو يطالب بمراجعة قانون الانتخابات، خصوصاً تخفيض عدد التوقيعات الفردية المطلوبة في ملف الترشح.

وتشكل المادة 253 من القانون عائقاً كبيراً أمام المترشحين، وكثيراً ما تسببت في إقصاء العديد منهم في الانتخابات، إذ تشترط جمع 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو ولائية، أو برلمانية على الأقل، بحيث تكون موزعة على 29 ولاية على الأقل، أو تقديم 50 ألف توقيع فردي على الأقل، لناخبين مسجلين في لائحة انتخابية، كما يجب أن تجمع عبر 29 ولاية، على ألا يقل عدد التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع.

زبيدة عسول مرشحة انتخابات 2024 (حساب حزبها بالإعلام الاجتماعي)

يشار إلى أن المحامية رئيسة «الاتحاد من أجل الرقي والتقدم»، زبيدة عسول، مرشحة هي أيضاً لـ«الرئاسية»، ولكن لا يعرف إن كانت معنية بـ«اجتماع التشاور والحوار»، بسبب مشكلات مع وزارة الداخلية، التي اتخذت إجراءات بغرض حل الحزب، بذريعة أنه «يخالف القوانين».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

إجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند جنوب الصومال، رغم رفض مقديشو، حرّك تساؤلات بشأن مسار العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، مع حديث عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي أحمد محمد مدوبي، الرافض لقانون الاقتراع المباشر الموحد للبلاد.

اقتراع جوبالاند، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، سيعمق الخلاف مع حكومة الصومال غير المعترفة بالانتخابات، والمتمسكة بإجراء انتخابات بنظام الاقتراع المباشر، مرجحين احتمال وصول الأمر «إلى «مواجهات أو اقتتال أهلي» بين الحكومتين، وقد يستدعي «انفصال» ولاية جوبالاند ما لم يتم حدوث توافقات وحلول سريعة.

وجاءت انتخابات «جوبالاند» بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

وأفادت وسائل إعلام صومالية محلية، الاثنين، بأن «أعضاء برلمان ولاية جوبالاند في جنوب الصومال، أعادوا الاثنين، انتخاب مدوبي رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة» على الرغم من معارضة الحكومة الصومالية للانتخابات التي جرت في الولاية.

رئيس ولاية جوبالاند يتفقد عدداً من المناطق المحررة من الإرهاب (وكالة الأنباء الصومالية)

وحصل مدوبي على 55 صوتاً مقابل 16 لأقرب منافسيه فيصل محمد متان، في حين حصل المرشح الثالث، أبو بكر عبدي حسن على 4 أصوات فقط، وفق المصادر نفسها التي كشفت أن مرشحين آخرين في مدينة «كسمايو» مقاطعون لهذه الانتخابات، أعلنوا إجراء انتخابات موازية.

وأجريت تلك الانتخابات بحسب المحلل والأكاديمي المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي، الدكتور على محمود كولاني، «بسرعة، وأسفرت عن فوز مدوبي كما كان متوقعاً».

بينما رأى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «انتهاء انتخابات جوبالاند بانتخاب مدوبي للمرة الثالثة مع تسمية المعارضة رئيساً آخر (يتحدث السيناتور إلياس غابوس، عضو مجلس الشيوخ، أنه تم انتخابه رئيساً)، وهذا يعني أن الولاية فيها رئيسان، وربما تندلع مواجهات بينهما».

وكان أحمد مدوبي قد انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت إجراء انتخابات مباشرة موحدة للولايات الإقليمية الصومالية، وصدر بشأنها قانون نهائي من البرلمان، السبت، رفضته ولايتا جوبالاند وبونتلاند، وقوى سياسية أخرى.

وفي خطاب قبل نحو أسبوع، كشف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، أن «رئيس جوبالاند المنتهية ولايته، أحمد مدوبي، وقّع جميع الاتفاقيات لتوجيه الانتخابات المباشرة في البلاد»، مؤكداً أن «العملية الانتخابية التي في جوبالاند غير قانونية، وما يتمخض عنها غير مقبول»، في تصريحات سبقها بيان أصدرته وزارة الداخلية الصومالية في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كرر عدم الاعتراف بالاقتراع أيضاً.

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناءً على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة ازدادت المطالبة لإجراء انتخابات مباشرة، وفق إعلام محلي.

وسبق يوم الاقتراع في ولاية جوبالاند، نفي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) في بيان صحافي، الأحد، التقارير التي تزعم أن عناصر الشرطة التابعة لها متورطة في تنظيم الانتخابات في ولاية جوبالاند، مجددة التزامها بالحياد والدعوة إلى حوار بنَّاء بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات جوبالاند لحل النزاعات الانتخابية سلمياً.

وبرأي كولاني فإن «تلك الانتخابات التي جرت في حكومة إقليم جوبالاند الصومالية تتعارض مع قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أيام، كما أنها خطوة خطيرة على نزاهة الانتخابات التي من المتوقع إجراؤها في مناطق إقليمية عدة قريباً في الصومال، وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من هذا الأمر، وأكدت عدم الاعتراف بانتخابات مدوبي».

ويعد انتخاب أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) وفق كولاني «انتكاسة قوية للمفاوضات البطيئة بالفعل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة جوبالاند الإقليمية»، متوقعاً أن يزيد فوز مدوبي من «تصعيد الصراع القوي بين الطرفين».

ويرى أن «هذا الصراع سينتهي إلى فوضى بالبلاد في حال وجود حل فوري ينهي هذا الأمر، وكذلك التدخل الأجنبي الذي سيؤثر في نهاية المطاف في كل الانتخابات الأخرى التي من المتوقع إجراؤها قريباً في البلاد».

وبحسب تقدير مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإن «أحمد مدوبي يريد أن يفشل الحكومة الفيدرالية ونظامها الانتخابي، ويبدو في ظل الأجواء الحالية أن انتخاب مدوبي وقانون الانتخابات المدعوم من الحكومة سينتهيان بالفشل».

وسيؤدي ذلك بحسب إبراهيم إلى «تعميق الخلافات مع حكومة الصومال، وقد يحدث اقتتال مسلح بين الحكومة الفيدرالية وحكومة مدوبي»، مرجحاً حال تطور الخلافات أن تؤدي إلى انقسام وانفصال ولاية جوبالاند عن الصومال.