باتيلي يطوي صفحة ليبيا بانتقاد الميليشيات وانتشار السلاح

سياسيون اتهموه بعدم «طرح رؤية متماسكة» لحل الأزمة

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا المنتهية ولايته (الأمم المتحدة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا المنتهية ولايته (الأمم المتحدة)
TT

باتيلي يطوي صفحة ليبيا بانتقاد الميليشيات وانتشار السلاح

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا المنتهية ولايته (الأمم المتحدة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا المنتهية ولايته (الأمم المتحدة)

فضّل عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، المنتهية ولايته في ليبيا، أن يطوي صفحة مسيرته بالحديث عن الميليشيات والسلاح، والخصومات بين القادة السياسيين في ليبيا، وقال إنه «لا يمكن التوصل إلى حل هناك، إذا استمر اللاعبون الرئيسيون في احتكار العملية السياسية».

والتقى باتيلي، الذي تقدم باستقالته للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في 16 أبريل (نيسان) الماضي، مسؤولين سياسيين فاعلين، بالعاصمة طرابلس خلال الأيام الماضية، وُصفت بأنها تمهيد للمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري، التي رافقته خلال جولاته.

باتيلي في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني)

ورسم باتيلي في حوار مع «أخبار الأمم المتحدة» صورة قاتمة للأوضاع في ليبيا، وقال مساء (الاثنين) إن «القادة الانتقاليين استمروا طوال الفترة الماضية في التنافس، ولم يكونوا مهتمين فعلياً باستقرار البلاد»، ورأى أنهم «غير راغبين حتى الآن في المشاركة في عملية مفاوضات شاملة أو تسوية سلمية».

ولم يسلم باتيلي من الانتقادات التي وجهتها إليه قيادات سياسية، قبل وبعد انتهاء ولايته، التي استمرت نحو 17 شهراً، بحجة أنه «لم يقدم شيئاً لإدارة المشهد السياسي والحوار في ليبيا»، كما أنه «لم يصمد أمام التدخل الأجنبي».

وحمل باتيلي على ما سماهم «الأطراف الرئيسية» في ليبيا، محذراً من أنه «إذا كانوا مدعومين بطريقة أو بأخرى من قبل أطراف خارجية، فإنه لا يمكن أن يكون لدينا حل». وزاد موضحاً: «على القادة الحاليين أن يتمتعوا بإدراك للتاريخ، وأن يفكروا في مستقبل بلادهم... وعليهم تحمل المسؤولية الأخلاقية أمام بلادهم».

ورأى باتيلي أن المجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي، وحكومة «الوحدة» الوطنية، والجيش الوطني الليبي: «هي الهياكل التي يمكنها اليوم صنع السلام أو الحرب في ليبيا، والتي هي في قلب المشكلة. ولهذا السبب، كان يُنظر إلى هذا الأمر بالنسبة لنا على أنه آلية شاملة يمكن أن تحقق السلام والتسوية السلمية، إذا كانوا على استعداد للقيام بذلك».

باتيلي خلال اجتماع سابق مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (الرئاسي)

وتابع باتيلي مستدركاً: «لسوء الحظ، فقد وضع بعضهم شروطاً مسبقة، كما تم دعمهم للأسف من قبل بعض اللاعبين الخارجيين، الذين اتخذوا مبادرات موازية، التي تميل بالطبع إلى تحييد مبادرتنا. ومن ثم، فإنه إذا كان هؤلاء اللاعبون أنفسهم مدعومين بطريقة أو بأخرى من قبل لاعبين خارجيين، فلن يكون لدينا حل».

ونبه باتيلي إلى أن هناك نوعاً من تجدد الاهتمام بالموقع الجيوسياسي لليبيا من قبل عدد من القوى الإقليمية والدولية، نتيجة عدد من الأزمات الدولية والإقليمية، بما فيها الحرب في أوكرانيا، وتفاقم الأزمات في دول، مثل مالي وبوركينا فاسو، وتدفق اللاجئين إلى تشاد.

وسبق أن أعرب أعضاء مجلس الأمن عن امتنانهم لباتيلي على الجهود التي بذلها، عقب إعلانه استقالته. وفيما دعوا الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعيين خلف له «في أقرب وقت ممكن»، جددوا التأكيد على دعمهم المستمر للبعثة الأممية في ليبيا وقيادتها، وعلى أهمية أن تواصل القيادة المؤقتة للبعثة تنفيذ ولاية البعثة، وضمان الانتقال السلس إلى ممثل خاص جديد للأمين العام.

كما تطرق باتيلي للحديث عن الأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا، وقال إنه «أصبح مثيراً للقلق أكثر بالنسبة للمواطنين، في ظل تنافس المجموعات المختلفة على مزيد من السلطة، ومزيد من السيطرة على ثروة البلاد»، لافتاً إلى أن ليبيا «تراجعت إلى الوراء؛ حيث أصبح هناك مزيد من الفقر وانعدام الأمن، وديمقراطية أقل».

من اجتماع سابق بين حفتر في بنغازي مع باتيلي وصالح (الجيش الوطني)

ونوه باتيلي إلى أن الليبيين «كانوا يتطلعون إلى الديمقراطية والحرية. لكن مع خصومات القادة، والتوترات المتزايدة، والمنافسة بين الجماعات والعناصر المسلحة، المستعدة لقمع أي أصوات معارضة في البلاد، فإن الليبيين يتعاملون مع مساحة ديمقراطية تتقلص أكثر فأكثر». وقال بهذا الخصوص: «نعلم جميعاً أن ليبيا تكاد تكون اليوم بمثابة سوبر ماركت (متجر) مفتوح للأسلحة، التي تستخدم للمنافسة السياسية الداخلية بين المجموعات المسلحة، وأيضاً تلك التي يتم استخدامها في صفقات الأسلحة، وسباق التسلح وتجارة الأسلحة مع جيرانهم وما وراء ذلك».

كما تحدث باتيلي عن ملف الهجرة غير النظامية، وقال إنه «لسوء الحظ، فبسبب الوضع الأمني في ليبيا، ليس هناك أمل على المدى المتوسط، أو حتى على المدى الطويل، أن نفكر في أن هذا الوضع سيتحسن»، مبرزاً أن ليبيا «أصبحت بشكل متزايد وكأنها دولة مافيا يهيمن عليها عدد من المجموعات، المتورطة في كثير من عمليات التهريب، بما فيها الاتجار بالبشر والمعادن مثل الذهب، وتهريب المخدرات».

وكان محمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للدولة، من بين السياسيين الذين انتقدوا باتيلي، وأبدى رفضه الاتهامات التي وجهها باتيلي للأطراف الليبية خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي. فيما اتهمت أطراف ليبية أخرى باتيلي في حديثها مع «الشرق الأوسط» بأنه «لم يطرح رؤية متماسكة، وظل متأرجحاً بين الأطراف المتنافسة على السلطة».


مقالات ذات صلة

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
بيئة غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الخميس من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»، داعياً إلى اتخاذ إجراءات للحد من تأثيرات موجات الحر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
آسيا الشيخة حسينة باكية بين مرافقيها لدى تفقدها محطة المترو التي لحقت بها أضرار كبيرة خلال الاحتجاجات في دكا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في «قمع» المظاهرات ببنغلاديش

دعت الأمم المتحدة الخميس بنغلاديش إلى الكشف فوراً عن تفاصيل قمع المظاهرات الأسبوع الماضي وسط تقارير عن «أعمال عنف مروعة».

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك (رويترز)

الأمم المتحدة: 26 قتيلاً جراء هجمات على قرى في بابوا غينيا الجديدة

قالت الأمم المتحدة إن هجمات عنيفة استهدفت 3 قرى نائية في شمال بابوا غينيا الجديدة، أسفرت عن مقتل 26 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

وزير جزائري سابق يحتج بشدة على «إقصائه غير القانوني» من الترشح للرئاسة

أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
TT

وزير جزائري سابق يحتج بشدة على «إقصائه غير القانوني» من الترشح للرئاسة

أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

احتج وزير الجالية الجزائرية بالخارج، سابقاً، بلقاسم ساحلي، بشدة، على قرار رفض ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، مطالباً «المحكمة الدستورية» بإبطاله، بناء على طعن رفعه إليها، ويفترض أن تدرسه في غضون 7 أيام وفق قانون الانتخابات.

وظهر ساحلي في قمة التذمر وهو يشرح في مؤتمر صحفي، ليل السبت - الأحد، «بطلان قرار السلطة الوطنية للانتخابات» رفض ملف ترشحه. وكان رئيس هذه الهيئة، وزير العدل سابقاً، محمد شرفي، أعلن، الخميس الماضي، رفض 13 مرشحاً، والموافقة على 3 مرشحين فقط، هم: الرئيس عبد المجيد تبون، وعبد العالي حساني، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، ويوسف أوشيش، السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم حزب معارض.

محمد شرفي رئيس سلطة مراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

وأكد ساحلي أن قرار رفض ترشحه، الذي تسلمه من «سلطة الانتخابات»، كتب فيه أن أعضاءها طلبوا من رئيسها «التحري حول مسألة إقامة المرشح في العاصمة لمدة 10 سنوات على الأقل (وفق شروط القانون)، ومن احتمال وجود سوابق قضائية في حقه». مشيراً في هذا الخصوص إلى أن «المحكمة الدستورية عليها أن ترفض هذه الملاحظة، لأن سلطة الانتخابات ما كان ينبغي أن تشير إلى ذلك قبل أن تتحرى حول هذا الأمر، بحكم أنني لست معنياً بما ذكرته».

وأبرز ساحلي أن قرار رفض ترشحه، تضمن حديثاً لـ«سلطة الانتخابات» عن «أخلقة الحياة السياسية»، فتساءل باستياء بالغ: «هل أنا من المافيا، أم أنا سارق أم ماذا؟! هل أقع تحت طائلة أحكام قضائية بالسجن؟ طبعا هذا غير صحيح». وأردف: «طالب سنة أولى قانون لا يمكنه أن يرتكب خطأ كهذا».

وأوضح ساحلي، الذي كان وزيراً بين عامي 2012 و2013، أن السلطة كتبت في قرارها أنه قدم 635 استمارة توقيع خاصة بمنتخبين في ملف ترشحه، «في حين الحقيقة أنني أودعت 649 استمارة، فما مصير 14 استمارة؟ أين ذهبت؟!».

بلقاسم ساحلي وزير سابق (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وأضاف: «إذا كان هذا العدد مرفوضاً، يجب على السلطة أن تبلغني بالأسباب». مشيراً إلى أن الهيئة رفضت له 96 استمارة من 635 بذريعة أنها «مكررة مع مرشحين آخرين». وقال بهذا الخصوص: «فرضا أن ذلك صحيح، كيف لي أن أعلم أن منتخباً منح توقيعه لمرشح آخر بعد أن منحه لي؟ وحتى لو علمت بذلك، لا أملك سلطة منع هذا التصرف. القانون يقول مَن يقدم توقيعه لمرشحين يتعرض لغرامة. فما ذنبي أنا؟».

ويشترط قانون الانتخابات على مَن يرغب في تولي رئاسة الجمهورية أن يجمع 50 ألف توقيع فردي لناخبين، أو 600 توقيع منتخب في 29 ولاية على الأقل من 58 ولاية في كلا الحالتين. على ألا يقل عدد التوقيعات عن 1200 في كل ولاية.

وبحسب ساحلي، «لا يحق لسلطة الانتخابات إلغاء استمارات توقيعات الناخبين»، على أساس أن المادة 254 من قانون الانتخابات «تتحدث عن إلغاء الاستمارات المكررة عندما يتعلق الأمر فقط بالناخب الذي يمنحها للمترشح، في حين أنا وضعت لدى السلطة توقيعات المنتخبين وليس الناخبين. ألهذه الدرجة بلغ جهلهم بالقانون؟!».

سيدة الأعمال سعيدة نغزة (الشرق الأوسط)

كما احتجت سيدة الأعمال سعيدة نغزة، بشدة، على «إقصائها المجحف» من الترشح للرئاسة، معلنة في فيديو نشرته على حسابها بـ«فيسبوك»، عزمها «استعادة حقها بأي شكل». وقالت إنها أودعت طعوناً لدى المحكمة الدستورية.

وكانت لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال»، أعلنت في 11 من الشهر الحالي، سحب ترشحها واتهمت جهات في السلطة، لم تحددها، بـ«افتعال عراقيل»، حالت حسبها، دون جمعها العدد المطلوب من التوقيعات.