الاتحاد الأوروبي ينتقد «موجة التوقيفات» الأخيرة في تونس

أكد أن حرية التعبير واستقلالية القضاء «يشكلان أساس» شراكته مع البلاد

من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المحامون وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المحامون وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي ينتقد «موجة التوقيفات» الأخيرة في تونس

من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المحامون وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)
من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المحامون وسط العاصمة التونسية (إ.ب.أ)

أعرب الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، عن «قلقه» إزاء موجة التوقيفات الأخيرة في تونس التي شملت عدة شخصيات من المجتمع المدني، وأكد أن حرية التعبير واستقلالية القضاء «يشكلان أساس» شراكته مع تونس.

وقالت المتحدثة باسم الدائرة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرالي، إن «وفد الاتحاد الأوروبي طلب محلياً توضيحات من السلطات التونسية حول أسباب هذه التوقيفات».

وكانت السلطات القضائية التونسية قد أصدرت، الأحد، مذكرة توقيف بحقّ مقدّم برامج ومعلق سياسي، إثر تعليقات انتقدا فيها الوضع العام في البلاد، وذلك غداة توقيف طال محامية هي أيضاً كاتبة، على خلفية اتهامات مماثلة.

المحامي حاتم مزيو في ندوة صحافية بعد اقتحام مبنى المحامين من قبل الشرطة (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، عبّرت هيئة المحامين الإيطالية والفرع الجهوي للمحامين بميلانو، عن تضامنهما مع المحامية التونسية، سنية الدهماني، بعد إيقافها على خلفية إبداء رأيها في موضوع يتعلق بالمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في برنامج تلفزيوني.

وأعربت الهيئة عن قلقها إزاء عملية إيقاف الدهماني من قبل الأمن التونسي.

ودعت الهيئة الإيطالية «إلى التحرك على مستوى أوروبي ودولي من أجل التنديد بمثل هذه الانتهاكات»، وفق بيان نشرته، بعد أن أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس أمراً بالسجن في حق الدهماني، أمس الاثنين، في ظل غضب عارم من المحامين والحقوقيين في قصر العدالة.

في سياق ذلك، قال شهود إن الشرطة التونسية اقتحمت، أمس الاثنين، مبنى مقر هيئة المحامين للمرة الثانية خلال 48 ساعة، واعتقلت المحامي مهدي زقروبة. وأظهر بث مباشر على وسيلة الإعلام الإلكترونية (تونس ميديا) مقاطع مصورة لأبواب زجاجية مهشمة وكراس ملقاة، بينما كان المحامون يصرخون في أثناء اعتقال زقروبة. وكانت الشرطة اقتحمت، السبت، مبنى هيئة المحامين، تنفيذاً لقرار قضائي، واعتقلت المحامية الدهماني المعروفة بانتقادها الشديد للرئيس قيس سعيد.

وأُلقي القبض على الدهماني بعد أن قالت في برنامج تلفزيوني، الأسبوع الماضي، إن تونس بلد لا يطيب فيه العيش، تعليقاً على خطاب للرئيس الذي قال إن هناك مؤامرة لدفع آلاف المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى البقاء في تونس.

ووصفت بعض الأحزاب اقتحام مبنى المحامين بأنه «تصعيد كبير»، ودفعت الخطوة هيئة المحامين إلى إعلان إضراب وطني، الاثنين، حيث تجمع العشرات من المحامين، ومن بينهم زقروبة، أمام قاعة المحكمة، حيث كان ينظر قاض في قضية الدهماني، مرددين شعارات من بينها «يا للعار، المحامون والقضاء تحت الحصار».

وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إن قرار النيابة العامة ضد زقروبة جاء بسبب اعتدائه الجسدي واللفظي على شرطيين قرب قاعة المحكمة. فيما قالت المحامية كلثوم كانو إن ما حدث «أمر لم أشاهده في حياتي. فقد دخلت قوات الشرطة بشكل استعراضي، وألقت القبض على زقروبة، وسحبته أرضاً قبل أن يعود بعضهم ليحطموا زجاج الباب».

في غضون ذلك، مدّدت النيابة العامة التحفظ على الإعلاميين مراد الزغيدي وبرهان بسيس، اللذين اعتُقلا أيضاً، السبت، في حادثة منفصلة بسبب تعليقات إذاعية ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق محامين. وتولى سعيد منصبه بعد انتخابات حرة في 2019، لكنه سيطر بعد عامين على صلاحيات إضافية، عندما أغلق البرلمان المنتخب، وانتقل إلى الحكم بمراسيم، في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب.

ويرفض سعيد الاتهامات، ويقول إن خطواته قانونية، وتهدف لإنهاء فساد وفوضى على مدى سنوات، وبدء محاسبة جميع المتورطين، مهما كانت مناصبهم أو انتماؤهم السياسي.


مقالات ذات صلة

رئيس صربيا يستبعد انضمامها للاتحاد الأوروبي قبل 2030

أوروبا الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش (رويترز)

رئيس صربيا يستبعد انضمامها للاتحاد الأوروبي قبل 2030

قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش اليوم (السبت) إنه يستبعد انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي في 2028.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع شارل ميشيل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي خلال اللقاء في أبوظبي (وام)

محمد بن زايد يبحث مع رئيس الاتحاد الأوروبي العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة

بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مع شارل ميشيل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، مختلف أوجه العلاقات بين الإمارات والاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
أميركا اللاتينية إدموندو غونزاليس مع زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)

كاراكاس تنتقل من الدفاع عن «فوز» مادورو إلى شن هجوم واسع على قادة المعارضة

بعد مضي شهر على الانتخابات الرئاسية الفنزويلية التي ما زالت نتائجها موضع خلاف عميق، وقد تسببت في أزمة تهدد بانفجار اجتماعي جديد.

شوقي الريّس (مدريد)
أوروبا جانب من أشغال المؤتمر الدولي حول أوكرانيا في بورغنستوك بسويسرا الأحد (رويترز)

هل تتخلى سويسرا عن حيادها التاريخي؟

بعد قرون من التمسك بالحياد وعدم التحالف، تواجه سويسرا تحدياً غير مسبوق يدفعها إلى إعادة النظر في موقفها الدفاعي التاريخي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مخازن وأنابيب نفطية ضمن خط دروجبا في دولة التشيك (رويترز)

أوكرانيا تهدد بوقف مرور صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا

قال مسؤول أوكراني إن بلاده ستوقف شحن النفط والغاز الروسيين من خلال خطوط أنابيبها إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».