قوى معارضة ليبية تطالب بمنع «الوحدة» من عقد صفقات نفطية

الدبيبة يؤكد أن حكومته تعمل وفق «القوانين والتشريعات»

مظاهرة لـ«تجمع الحركات الشعبية» في ليبيا (صورة من مقطع فيديو)
مظاهرة لـ«تجمع الحركات الشعبية» في ليبيا (صورة من مقطع فيديو)
TT

قوى معارضة ليبية تطالب بمنع «الوحدة» من عقد صفقات نفطية

مظاهرة لـ«تجمع الحركات الشعبية» في ليبيا (صورة من مقطع فيديو)
مظاهرة لـ«تجمع الحركات الشعبية» في ليبيا (صورة من مقطع فيديو)

على وقع انقسام سياسي حاد، تتصاعد احتجاجات قوى معارضة لحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس، بقصد منعها من عقد صفقات نفطية، مع شركات أجنبية. والسعي لغلّ يد حكومة الدبيبة، عن ما تسميه «حقها في ممارسة سلطاتها وفق للقانون»، بدأ مبكراً منذ أن حذّرها رئيس حكومة «الاستقرار» السابق فتحي باشاغا، في نهاية عام 2022 من عقد ما يقول إنها «صفقات مشبوهة» بقطاع النفط.

وتؤكد حكومة الدبيبة، دائماً حرصها على تطوير الحقول النفطية «دون تفريط في ثروات الليبيين»، وترى أن «الأمر لا يخلو من مناكفات وترصد، وأنها لا تتحرك إلا لتنمية قطاع النفط». ومن أمام «حقل الطهارة NC4» التابع لـ«شركة الخليج»، (جنوب العاصمة طرابلس) جاءت آخر هذه الاحتجاجات الشعبية مساء (السبت) للتأكيد على رفضهم «تنازل حكومة الدبيبة عن امتياز تشغيل الحقول النفطية المملوكة لشركات وطنية لمصلحة شركات أجنبية»، وفق ما أسموه «صفقات مشبوهة».

وقال المحلل السياسي الليبي حسام القماطي، إن هذه الحقول تابعة لشركة «الخليج العربي للنفط» وهي شركة مملوكة بالكامل للمؤسسة الوطنية للنفط، وهي حقول: «الطهارة NC4» و«اللطيف» و«سلطان»، لافتاً إلى أنها «حقول منتجة وتوجد بها احتياطيات كبيرة من النفط الخام».

جانب من حقل الطهارة النفطي جنوب العاصمة الليبية (المؤسسة الوطنية للنفط)

تمسّك المحتجين

وتمسّك المحتجون من أعضاء «تجمع الحركات الشعبية» في وقفتهم بمنطقة الحمادة، برفضهم «أي محاولات للتفريط أو البيع بمقدرات الشعب الليبي»، معربين عن استغرابهم من «تنازل» المؤسسة الوطنية للنفط عن هذا الامتياز المملوك بالكامل لـ«شركة الخليج العربي»، وهو ما يتكرر في الامتياز الوطني «NC7» وحقلي «الطيف» و«سلطان».

وسبق ورفض 42 عضواً في «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، تمرير حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، «صفقة تطوير حقل الحمادة النفطي»، محذّرين الشركات الأجنبية «من الدخول في أي شراكة مع حكومة الوحدة لعدم قانونيتها، أو الاعتداد بما يتم الاتفاق عليه». كما نبّهوا إلى أن «إبرام الصفقة لن يترتب عليه أي التزامات قانونية».

والصفقة التي أشار إليها الأعضاء بـ«مجلس الدولة» كانت تتعلق باعتزام حكومة الدبيبة توقيع اتفاقية استثمار بـ«حقل الحمادة الحمراء» النفطي بغرب البلاد، مع ائتلاف شركات «إيني» الإيطالية، و«الطاقة» التركية، و«توتال» الفرنسية و«أدنوك» الإماراتية.

الدبيبة مستقبلاً في لقاء سابق بن قدارة رئيس مؤسسة النفط الليبية (حكومة الوحدة)

وعقب تصاعد الجدل حول عملية التطوير، سارع الدبيبة بالحديث عن «الاستمرار في إجراءات تطوير حقل الحمادة النفطي»، لكن «بعد معالجة أي ملاحظات فنية أو قانونية وفق ما اتُّفق عليه في اجتماع المجلس الأعلى لشؤون الطاقة العاشر».

وقال القماطي لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه الاحتجاجات تكررت في أكثر من منشأة نفطية، كما كثُر الحديث بين الفاعلين في المشهد الليبي عن الصفقات التي يصفونها بأنها (مشبوهة)».

ويعتقد القماطي، أن قطاع النفط «ظل بمعزل خلال العقد الماضي عن التجاذبات والخلافات - باستثناء استغلال أطرافاً سياسية بعض الحقول لإغلاقها واستخدامها كورقة للمساومة السياسية- كما أن المؤسسة الوطنية للنفط كانت دائماً تعمل باحترافية بعيداً عن هذه التجاذبات».

وأشار إلى أن خلال السنة الماضية أصبحت هناك أحاديث عن «عقود يقال إنها مشبوهة في قطاع النفط». ووفقاً للمؤسسة الوطنية للنفط، ينتج حقل «الطهارة» 2500 برميل يومياً، والمتوقع أن يبلغ 40 ألف برميل متى توفرت الميزانيات اللازمة لقطاع النفط.

غير أن «تجمع الحركات الشعبية» وهو تيار مناوئ لحكومة «الوحدة» تعهد بأنه سيتصدى «لأي محاولة للتفريط في مقدرات الشعب الليبي، وأنه سيعمل بكل قدراته على إفشال أي صفقات مريبة».

الجهات الرقابية

ودعا التجمع الجهات الرقابية والنيابة العامة، وديوان عام المحاسبة، إلى تحمّل مسؤولياتهم إزاء ما يحدث في قطاع النفط، «بوقف أي اتفاقيات أو تعاقدات دولية إلى حين تشكيل حكومة شرعية تمثل كل الليبيين». وتأتي هذه الاحتجاجات وسط انقسام بين حكومتي «الوحدة» في طرابلس برئاسة الدبيبة، وغريمتها في شرق ليبيا بقيادة أسامة حمّاد.

ونهاية الأسبوع الماضي، قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، إنها تستهدف «زيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يومياً». وكان الدبيبة بحث معه الخطة التنموية للمؤسسة الوطنية للنفط والشركات التابعة لها، حيث قدّم بن قدارة موقفاً تنفيذياً حول إنتاج النفط والغاز اليومي، وسير العمل بالمشاريع التنموية لزيادة الإنتاج وفق خطة المؤسسة المعتمدة من المجلس الأعلى للطاقة.

وفي سياق قريب، قالت المؤسسة الوطنية للنفط، إنه تنفيذاً لخطتها الاستراتيجية لزيادة الإنتاج، فقد أنهت «شركة الخليج العربي للنفط»، نهاية الأسبوع تنفيذ الصيانة الشاملة للبئر «L84» بحقل السرير النفطي، المعطلة منذ 2021.

وقد أظهرت نتائج اختبار البئر بعد إعادة تشغيلها إمكانيات إنتاجية وصلت إلى أكثر من 580 برميل نفط يومياً. كما أنجزت «شركة الخليج العربي»، أعمالها بنجاح في البئر «V01- NC8A» بحقل الحمادة التي كانت متوقفة عن العمل منذ عام 2015، حيث بلغت معدلات الإنتاج أكثر من 320 برميلاً يومياً.

الدبيبة مجتمعاً مع عدد من وزراء حكومته ورئيس هيئة الرقابة الإدارية (منصة حكومتنا)

آلية منح الموافقات

في شأن مختلف، عقد الدبيبة بديوان هيئة الرقابة الإدارية في طرابلس، اجتماعاً مع رئيس الهيئة عبد الله قادربوه، بحضور وزراء التربية والتعليم والمواصلات والدولة لشؤون مجلس الوزراء، ورؤساء الأجهزة التنفيذية وعدد من مديري الإدارات بالهيئة.

وقالت الحكومة، الأحد، إن الاجتماع خُصص لمتابعة عدد من الملفات المشتركة التي تقع تحت إشراف سلطة هيئة الرقابة الإدارية، وأبرزها تنظيم آلية منح الموافقات للتعاقدات المُبرمة من الجهات التنفيذية، وجرى الاتفاق على الآلية الإدارية لضمان إنجاز العقود وفق الجداول الزمنية المُعتمدة.

كما ناقش الاجتماع، بحسب الحكومة، التعاون في مجال مكافحة الجريمة وغسل الأموال بين فرق العمل بالهيئة وجهاز مكافحة الجريمة المالية الذي أنشأته الحكومة مؤخراً.

وأكد الدبيبة أن الحكومة «تعمل وفق القوانين والتشريعات المنظمة للجهات الرقابية بمستوياتها كافة»، وأنها مستعدة للتعاون في الملفات المشتركة كافة، مشدداً على أن الحكومة تعُدّ ملاحظات الأجهزة الرقابية مؤشرات مهمة لسير العمل بالوزارات والهيئات والمؤسسات.


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
TT

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)

شهدت مصر واقعة جديدة لقفز فتاة من سيارة تابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي أثناء سيرها، لتعيد إلى الأذهان وقائع سابقة في هذا الصدد، وضعت شركات النقل الذكي في مصر أمام مسؤوليات بسبب اشتراطات السلامة والأمان.

وكشفت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن ملابسات الواقعة التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حول سقوط فتاة من سيارة خاصة بأحد تطبيقات النقل الذكي بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) وتعرضها لإصابات.

وذكرت الوزارة في بيان على صفحتها بموقع «فيسبوك»، أن فحص الواقعة المتداولة أفاد بأنه في تاريخ 26 يوليو (تموز) الحالي، أبلغت إحدى الفتيات التي تحمل جنسية دولة أفريقية بأنها حال استقلالها سيارة «تابعة لإحدى تطبيقات النقل الذكي» لتقلها من منطقة المهندسين إلى محل إقامتها بمنطقة بولاق الدكرور، حاول قائد السيارة التحرش بها، فألقت بنفسها من السيارة أثناء سيرها، مما أدى لإصابتها بسحجات وكدمات متفرقة بالجسم، وذكر البيان أن قائد السيارة فر هارباً.

وأضافت الوزارة أنه بعد تقنين الإجراءات، تمكنت الجهات المعنية من تحديد وضبط مرتكب الواقعة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، مع الإشارة إلى أنه حين ضبطه كان مصاباً (إثر تعديها عليه عقب محاولته التحرش بها)، وفق الوزارة.

وشهدت تطبيقات النقل الذكي أكثر من واقعة أدت لتحركات برلمانية تطالب بتقنين أوضاعها والتأكد من وسائل السلامة والأمان بها، بالإضافة إلى «دعوات سوشيالية» لمقاطعة هذه التطبيقات بعد تكرار الحوادث.

وكان القضاء المصري قد أصدر حكماً بالسجن 15 عاماً، على سائق يعمل لدى إحدى شركات النقل الذكي، وإلغاء رخصة القيادة الخاصة به، بعد إدانته بالشروع في خطف الفتاة حبيبة الشماع، في قضية اشتهرت باسم «فتاة الشروق»، وكانت قد قفزت من سيارة النقل الذكي في فبراير (شباط) الماضي، وذكرت لأحد المارة أن السائق كان يحاول اختطافها، وسقطت في غيبوبة لأيام إثر الحادث وتوفيت في مارس (آذار) الماضي.

كما وقع حادث آخر للفتاة نبيلة عوض التي صدر حكم قبل أيام لصالحها في قضية مشابهة ضد سائق لأحد تطبيقات النقل الذكي بالسجن المشدد 15 عاماً، بعد أن تعرضت لمحاولة خطف واغتصاب، مما أدى إلى إصابتها بجروح.

وتناول مجلس النواب المصري هذه القضية بعد أكثر من طلب إحاطة من أعضائه، وعقدت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمجلس جلسة استماع في مايو (أيار) الماضي، لمسؤولين حكوميين وآخرين من ممثلي تطبيقات النقل الذكي.

وقال النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن هذه الجلسة قد خرجت بـ4 توصيات من شأنها ضمان عنصر الأمان لمستخدمي هذه التطبيقات، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه التوصيات تمثلت في «التأكيد على أن الشركات العاملة في مجال النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات هي شركات خدمات نقل وليست شركات عاملة في مجال التطبيقات الرقمية؛ وبالتالي فهي تعد ناقلاً، ومعنية بضمان سلامة الركاب، وهو التزام وجوبي لا تجوز مخالفته أو التحلل منه».

وأشار إلى أن «التوصية الثانية تلزم وزارة النقل بسرعة إنفاذ جميع أحكام قانون تنظيم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات الصادر بالقانون رقم (87) لسنة 2018».

وتؤكد التوصية الثالثة «إلزام الحكومة بتعزيز سبل سلامة الركاب من خلال استحداث وسائل حماية إضافية، وبصفة خاصة مراقبة عملية النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات عبر الكاميرات والتسجيل الصوتي».

أما التوصية الرابعة بحسب رئيس لجنة الاتصالات بالنواب، فتشدد على «قيام جميع الشركات الراغبة في العمل بالمجال بتوفير مركز لخدمة العملاء لاستقبال الشكاوى وتسجيلها بشكل منتظم على أن تكون قاعدة بيانات الشكاوى مرتبطة إلكترونياً عند طلبها بأي وسيلة من الوسائل بوزارة النقل، وتقوم الوزارة بمتابعة التنفيذ».

وكان مسؤول بإحدى شركات النقل الذكي قال إنهم قد اتخذوا عدداً من الإجراءات عقب الحادثة الأولى لفتاة الشروق حبيبة الشماع، أولها استحداث زر استغاثة عاجلة (sos) على جميع تطبيقات النقل التشاركي، بالإضافة إلى إلزام السائقين بتقديم السجل الجنائي (فيش وتشبيه) بشكل سنوي، بالإضافة إلى فصل الراكب عن السائقين بألواح زجاجية داخل المركبات.

بينما ذكر رئيس جهاز النقل الذكي، سيد متولي، خلال جلسة الاستماع، أنه «ليس هناك ترخيص لشركات النقل الذكي، وأن هناك لجنة من الجهاز المركزي لتنظيم الاتصالات والنقل لتقنين أوضاع الشركات».