يتأرجح مصير المفاوضات المتوقعة بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع» التي من المرجح أن يستضيفها «منبر جدة» الشهر الحالي، وذلك بعد تصريحات متشددة أطلقها رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، (الأربعاء)، تضمنت 3 لاءات أمام «المفاوضات، والسلام، ووقف إطلاق النار، إلا بعد دحر تمرد (الدعم السريع)».
وكان المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريللو، أفاد باستئناف مفاوضات «منبر جدة» بشأن السودان خلال مايو (أيار) الحالي.
وعدّت مصادر سياسية ودبلوماسية رفيعة المستوى تصريحات البرهان بأنها «لا تخرج عن كونها خطاباً لتعبئة جنوده في الميدان»، وكشفت عن أن هناك «مفاوضات سرية تجري تحت الطاولة» بين الطرفين للعودة إلى المفاوضات في «منبر جدة» في إطار السقف الزمني الذي سبق أن حدده المبعوث الأميركي الخاص، وهو ثلاثة أسابيع من الشهر الحالي.
وجاء حديث القائد العام للجيش السوداني لدى تفقده الخطوط الأمامية للمتحركات بولاية نهر النيل (شمال البلاد)، وفق ما بثت منصات «إعلام مجلس السيادة»، الأربعاء.
وقال البرهان إن «قتالنا لميليشيا (الدعم السريع) الإرهابية المتمردة، لن يتوقف إلا بتحرير هذا الوطن من هؤلاء المتمردين المجرمين»، وفق البيان.
وأضاف: «لن نوقف القتال حتى هزيمة هؤلاء المجرمين الذين دمروا هذا البلد الكريم، واستباحوا ممتلكات المواطنين، ومارسوا أبشع الانتهاكات، واغتصبوا بناتنا الحرائر في الخرطوم والجنينة والجزيرة».
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم «الدعم السريع» الفاتح قرشي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حديث البرهان يأتـي لرفع الروح المعنوية المنهارة لقواته التي تعرضت لهزائم متتالية».
ورأى قرشي أن البرهان «لا يستطيع دحر (الدعم السريع) التي تحاصر القيادة العامة للجيش، وتسيطر على القصر الجمهوري ومناطق عسكرية استراتيجية بوسط العاصمة الخرطوم». وأكد أن موقف قيادة «الدعم السريع» المعلن أنها «مع الصلح والسلام لإنهاء معاناة الشعب السوداني، وليس من ضمن أهدافها التمسك باستمرار الحرب».
وأكد أن «وفد (الدعم السريع) على أتم الاستعداد والجاهزية للانخراط في (مفاوضات جدة) في أي وقت». لكنه أكد في الوقت نفسه أن قواتهم «جاهزة ومنتشرة في أرض الميدان إذا قرر الجيش السوداني مواصلة الحرب».
ومجدداً عاد متحدث «الدعم» لتكرار اتهام قائد الجيش بالتأثر في قراراته بحلفائه من «الإخوان المسلمين» (الحركة الإسلامية السودانية) التي تسعى بقوة لاستمرار الحرب للعودة إلى السلطة مرة أخرى لحكم البلاد.
وأضاف المتحدث باسم الدعم السريع، أن «قائد الجيش السوداني، يعلم أنه لا يملك من القدرات العسكرية ما تمكّنه من الاستمرار في الحرب، وأن قواته تعرضت لهزائم كبيرة في اليومين الماضيين في ولايتي كردفان، والجزيرة».
بدورها، قالت مصادر سياسية، فضلت حجب هويتها، إن «لاءات البرهان، تعكس حالة التراجع في الجيش السوداني، وإنه لا يجد الدعم العسكري الكافي، لذلك جاءت تحركاته الأخيرة لاستعادة العلاقات بـ(روسيا الاتحادية)، وكان هدفه الرئيسي تلقي دعم عسكري منها لتقوية موقفه القتالي لمواصلة الحرب ضد (الدعم السريع)».
وفسرت المصادر تصريح البرهان بالتصعيد العسكري بأنه «يبحث عن ضمانات من المجتمع الدولي والإقليمي بأن يلزم الطرف الآخر (الدعم السريع) بما تم الاتفاق عليه في (منبر جدة) تمهد لعودته إلى طاولة المفاوضات».
بدروها، اكتفت المصادر الدبلوماسية التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» بالقول، إن مشاورات غير مباشرة تجري بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» لمواصلة المحادثات في «منبر جدة» لوقف الحرب، مضيفة أن الوسطاء «يمارسون ضغوطاً كثيفة لدفعهما إلى طاولة المفاوضات المباشرة خلال وقت وجيز».