هل يحسم اجتماع المنفي وصالح وتكالة في القاهرة مصير «الحكومة الليبية»؟

وسط تخوف من «تعارض المصالح»

أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط يتوسط صالح والمنفي وتكالة في اجتماع سابق بمقر الجامعة في القاهرة (مجلس الدولة)
أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط يتوسط صالح والمنفي وتكالة في اجتماع سابق بمقر الجامعة في القاهرة (مجلس الدولة)
TT

هل يحسم اجتماع المنفي وصالح وتكالة في القاهرة مصير «الحكومة الليبية»؟

أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط يتوسط صالح والمنفي وتكالة في اجتماع سابق بمقر الجامعة في القاهرة (مجلس الدولة)
أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط يتوسط صالح والمنفي وتكالة في اجتماع سابق بمقر الجامعة في القاهرة (مجلس الدولة)

تضطر الأزمة الليبية المعقدة بعض أطراف الصراع السياسي للعودة ثانية إلى استكمال التفاوض، بجامعة الدول العربية بالقاهرة، وسط تساؤلات حول ما يمكن أن تُقدمه تلك الأطراف بشأن تشكيل «الحكومة الجديدة الموحدة»، فضلاً عن النقاط الخلافية الخاصة بقوانين الانتخابات الرئاسية والنيابية.

وسبق أن التقى رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي ومجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، بجامعة الدول العربية في 10 مارس (آذار) الماضي، واتفقوا في بيان ختامي على عدد من البنود؛ بينها وجوب تشكيل «حكومة موحدة» جديدة تشرف على الانتخابات التي طال انتظارها. لكن منذ ذلك التاريخ لا يزال الجمود السياسي يراوح مكانه.

وكان مقرراً أن يلتقي القادة الثلاثة بالجامعة العربية في نهاية أبريل (نيسان) الماضي لعرض النتائج التي خرجوا بها المرة الأولى، غير أن الاجتماع تأجل على خلفية وفاة خالد، نجل رئيس مجلس النواب. واكتفى تكالة، في حوار تلفزيوني، بالقول إن الاجتماع سيلتئم قريباً في الجامعة العربية.

وبالنظر إلى جملة العقبات التي تواجهها الأزمة الليبية، وما يمكن أن تقدمه مثل هذه الاجتماعات، قال رمضان التويجر، أستاذ القانون والباحث السياسي الليبي، إن الشعب الليبي «سئم من هذه اللقاءات المتكررة التي ما أن تأتي بخريطة طريق حتى تعقّد المشهد أكثر وأكثر». لكنه عبّر عن أمله في الوصول إلى «خريطة طريق تؤدي إلى استقرار البلاد رغم التحديات الكبيرة على الصعيدين المحلي والدولي».

ويعتقد التويجر، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن «أي خريطة طريق لا تضع ضمن أولوياتها توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية هي استنساخ لفشل الاتفاق السياسي بالصخيرات (في المغرب) والحوار الوطني بجنيف».

وفي الاجتماع الأول، توافق المنفي وصالح وتكالة، على سبعة بنود، بقصد كسر حالة الجمود السياسي، من بينها تشكيل لجنة فنية خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة للقوانين الانتخابية التي انتهت إليها لجنة «6+6»، وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة. كما اتفقوا على «وجوب» تشكيل حكومة موحدة مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي لم يحدث، رغم مرور نحو شهرين على الاجتماع.

ويرى المحلل السياسي أحمد أبو عرقوب أن «ترجمة نصوص البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع رؤساء المجالس الثلاثة ورعته الجامعة العربية، على أرض الواقع صعبة للغاية».

وأرجع أبو عرقوب ذلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «وجود أطراف قوية على الأرض مصالحها تتعارض مع بنود الاتفاق؛ لذلك دائماً نشدد على أن نجاح أي اتفاق في ليبيا يحتاج إلى حوار سياسي يشمل كل الأطراف الفاعلة وتوافق حقيقي على تغيير المشهد السياسي راهناً»، لافتاً إلى ضرورة «وجود توافق دولي لدعم البعثة الأممية في مساعيها لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أقرب وقت ممكن».

تكالة يلتقي المبعوث الأممي «المستقيل» باتيلي برفقة نائبته ستيفاني خوري (مجلس الدولة)

ويأتي اللقاء المرتقب على خلفية استقالة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي، من منصبه، بينما ينتظر الليبيون إعلان تسلّم الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري، التي عيّنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نائبة لممثله الخاص في بعثة الأمم المتحدة بليبيا.

ويعتقد أبو عرقوب أن خوري «ستحقق نجاحات على مستوى حشد الدعم الدولي لخطة جمع الأطراف الليبية الرئيسية حول طاولة المفاوضات لوضع خريطة طريق تقود نحو الانتخابات العامة».

وتتفاقم الخلافات يوماً بعد يوم بين حكومتي «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس وغريمتها في شرق ليبيا بقيادة أسامة حمّاد، بينما يأمل متابعون في أن تشهد الأيام المقبلة انفراجة تسفر عن تشكيل تلك الحكومة.

وليس للجامعة العربية مبعوث في ليبيا منذ وفاة السفير صلاح الدين الجمالي، في 13 سبتمبر (أيلول) عام 2019، لكنها تعمل من خلال عقد اللقاءات والاجتماعات بقادتها السياسيين على تقريب وجهات النظر، ويعد الاجتماع الأخير للثلاثي الليبي الأبرز.

واشتمل توافق المنفي وصالح وتكالة أيضاً على توحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المناط بها على مستوى الدولة الليبية، ودعوة البعثة الأممية والمجتمع الدولي لدعم هذا التوافق في سبيل إنجاحه، كما شددوا على عقد جولة ثانية «بشكل عاجل» لإتمام هذا الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ.

وعقب نحو شهرين من الاجتماع الأول، لا يعوّل رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي عمر الشبلي، على الاجتماع المرتقب «في أن يسفر عن أي نتيجة»، وقال إن «الأطراف التي ستجمعها الجامعة العربية مختلفة بشكل كبير؛ لكل منها أجندته ومآربه التي يقف وراءها الراعي الإقليمي».

والشبلي، الذي وجّه انتقادات حادة لموقف الجامعة العربية من قضية بلده، يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المنفي وصالح وتكالة «يختلفون في توجهاتهم»، معتقداً أن الحديث عن «الحكومة الجديدة» هو «إضاعة للوقت؛ لأنهم لن يتفقوا على حكومة تمكّن الليبيين من الانتخابات، في حين يحرصون على البقاء في كراسيهم وتدوير الأزمة».

وكانت الجامعة العربية قد عيّنت التونسي صلاح الدين الجمالي مبعوثاً للأمين العام للجامعة العربية لدى ليبيا، عام 2016، خلفاً للفلسطيني الدكتور ناصر القدوة.

وتعثرت العملية السياسية، الرامية لحل الصراع الممتد في ليبيا لما يزيد على 12 عاماً، منذ فشل التوافق حول الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) 2021، وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين.


مقالات ذات صلة

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

نشرت الجريدة الرسمية لمجلس النواب مجدداً قراره بنزع صلاحيات المجلس الرئاسي برئاسة المنفي قائداً أعلى للجيش، وعدّ حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة منتهية الولاية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

يرى ليبيون من أسر ضحايا «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة غرب البلاد أن «الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»

شمال افريقيا السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

قال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى التي تجاوزت 77.2 % هي الأعلى بتاريخ المحليات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
TT

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

هاجم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وجهاء النظام من فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من دون تسمية أحدهم، قائلاً إن «العصابة وأبواقها سممت الأوضاع على المسيرين النزهاء في الجزائر».

وكان الرئيس يتحدث إلى جمع من القضاة ورجال القانون، الاثنين، بمقر «المحكمة العليا» بالعاصمة، بمناسبة بدء «السنة القضائية»، حيث أكد أن «الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية، مُحصّنة بثقة الشعب»، في إشارة إلى مؤسسات جديدة جاء بها دستور سنة 2020، تتمثل أساساً في «المحكمة الدستورية» التي استخلفت «المجلس الدستوري»، وهي أعلى هيئة قضائية مكلفة بدارسة مدى مطابقة القوانين مع الدستور.

تبون أثناء خطابه في المحكمة العليا (الرئاسة)

وعندما أشار إلى «العصابة» و«المسيرين النزهاء»، فهو يقصد سجن عشرات الكوادر في الشركات والأجهزة الحكومية، بتهم «اختلاس مال عام»، و«استعمال النفوذ بغرض التربح غير المشروع»، وبأن ذلك تم بسبب «مؤامرات ودسائس»، كان وراءها مسؤولون في الحكم، بينما هم بريئون من هذه التهم، في تقدير الرئيس.

وأكد تبون بهذا الخصوص: «منذ سريان الدستور الجديد، تعززت مكانة العدالة وتجذرت بأحكامه استقلالية القضاء».

ويشار إلى أن كثيراً من المحامين والمنظمات الحقوقية، ترى عكس ما يقول تبون، فغالباً ما احتجت على «خضوع القضاة لإملاءات فوقية»، بشأن معالجة ملفات فساد وملاحقة مسؤولين بارزين من فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). زيادة على التنديد بسجن نحو 200 ناشط من الحراك الشعبي، فهم في نظرهم سجناء رأي، بينما تبون نفسه يرفض التسليم لهم بهذه الصفة، وبأن التهم التي وجهتها لهم النيابة ليست سياسية، كما تقول أحزاب المعارضة.

وبحسب تبون، فإن «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة... فلكم مني أفضل تحية». وأضاف: «يمكنني التحدث باطمئنان عن الخطوات التي قطعناها، لاستعادة ثقة الدولة وتوطيد مقتضيات الحوكمة».

الرئيس أثناء إطلاقه السنة القضائية الجديدة (الرئاسة)

ويأتي حديث تبون عن أداء القضاء، في سياق جدل حول إطلاق متابعة قضائية ضد الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، بتهمة «سرقة قصة» امرأة جزائرية من ضحايا الإرهاب، وإسقاطها في روايته «حوريات» التي نال بها جائزة «غونكور» الفرنسية المرموقة.

وتناول تبون في خطابه، نصوصاً تشريعية كثيرة صدرت هذا العام، عددها 12، وأبرزها تعديل قانون العقوبات، فقال إنه «جسّد وعوده التي تعهد بها أمام الشعب بخصوص أخلقة الحياة العامة، ومكافحة الفساد والانحرافات بلا هوادة»، مشيداً «بالتزام المنتسبين لقطاع العدالة وبحرصهم على أداء الواجب الأخلاقي والمهني، وإدراكهم للأمانة الملقاة عليهم في سبيل إرساء دولة القانون».

ووفق تبون، فقد بذلت الحكومة «جهوداً من أجل تحديث ورقمنة قطاع العدالة»، وأن ذلك تجلى، حسبه، في «حسن مستوى الأداء، وتجاوز الأساليب التقليدية البيروقراطية... ويحذوني اليقين بمزيد من الإنجازات في قطاع العدالة بالفترة المقبلة، وبخاصة في مجالي التحديث والرقمنة». وتابع أنه يتعهد «بحل كل المشاكل الاجتماعية والشخصية والعائلية للقضاة، ليؤدوا مهامهم النبيلة على أكمل وجه».

وتطرق تبون إلى مذكرات الاعتقال التي أصدرتها حديثاً، المحكمة الجنائية الدولية، ضد مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بناء على تهم تخص الجرائم التي ارتكبوها في غزة، مؤكداً أن «نداء الجزائر سمع من طرف قتلة الشعب الفلسطيني... فالشكر لهؤلاء الرجال النزهاء عبر العالم، ومنهم إخواننا في جنوب أفريقيا».