مصر: عشرات آلاف الغزيين في حاجة إلى توفيق أوضاع إقامتهم

عقب حديث سفير فلسطين بالقاهرة عن أعدادهم

مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

مصر: عشرات آلاف الغزيين في حاجة إلى توفيق أوضاع إقامتهم

مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

دفعت مناشدة السفير الفلسطيني بالقاهرة، دياب اللوح، للسلطات المصرية، «ضرورة استصدار تصاريح إقامة مؤقتة للفلسطينيين الذين وصلوا إلى القاهرة خلال الحرب على غزة، وذلك لأغراض قانونية وإنسانية»، إلى الحديث عن «حاجة عشرات آلاف الغزيين إلى توفيق أوضاع إقامتهم في مصر». وبينما حذر بعض الخبراء الأمنيين من «تداعيات منح تصاريح إقامة للغزيين»، دعا آخرون إلى «ضرورة تحديد ضوابط لإقامتهم في مصر».

وكان السفير الفلسطيني بالقاهرة قد أكد في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء، «وجود ما يقرب من 100 ألف من سكان غزة في مصر عبروا قطاع غزة منذ بدء الحرب، ويفتقرون إلى الوثائق اللازمة لتسجيل أطفالهم في المدارس أو فتح شركات أو حسابات مصرفية أو السفر أو الحصول على خدمات صحية». وعدّ السفير الفلسطيني أن «التصاريح للغزيين في مصر ستكون بشكل مؤقت، حيث تستهدف فئة من الفلسطينيين في ظرف استثنائي»، كما طالب بـ«منحهم إقامات مؤقتة قابلة للتجديد لحين انتهاء الأزمة في غزة».

ووفق عضوة اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة، إيمان بعلوشة، «يواجه عشرات الفلسطينيين المقيمين في مصر تحديات تتعلق بخدمات التعليم والصحة والإقامة». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جامعات كثيرة قدمت تسهيلات للطلاب الفلسطينيين بالإعفاء من المصروفات أو تخفيضها، والبعض الآخر يشترط ضرورة تحصيل المصروفات قبل امتحانات نهاية العام، فضلاً عن الصعوبات القانونية الخاصة بتحركات الفلسطينيين داخل مصر أو استئجار وحدات سكنية للإقامة بها بسبب عدم وجود تصاريح الإقامة».

جريحة فلسطينية تظهر أثناء نقلها عبر معبر رفح الحدودي في مصر بعد إجلائها من قطاع غزة (أ.ف.ب)

ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تستقبل مصر حالات استثنائية من المصابين ومرافقيهم للعلاج في المستشفيات المصرية. وقالت عضو اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة إن «استخراج تصاريح إقامة ولو مؤقتة سوف يسهل أي تحديات أمام الغزيين»، مضيفة أن «السفير الفلسطيني طالب باستخراج تصاريح مؤقتة للغزيين، بسبب كثرة المطالب التي تتلقاها السفارة الفلسطينية بالقاهرة في هذا الصدد وللتخفيف من ظروف الحرب القاسية».

وفي فبراير (شباط) الماضي، قال محافظ شمال سيناء، محمد عبد الفضيل شوشة، إن «مصر استقبلت منذ بدء العدوان على غزة نحو 1500 من المصابين والمرضى الفلسطينيين من سكان قطاع غزة للعلاج في المستشفيات المصرية، يرافقهم نحو ألفي شخص من أقاربهم».

ورأى مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، محمد نجم، أن «منح تصاريح للفلسطينيين سيفتح الباب أمام باقي الغزيين لترك قطاع غزة، ويشجع على الهجرة من القطاع، وسيسهم في تنفيذ المخطط الإسرائيلي الهادف لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، مشيراً إلى أن «أي إجراء يشجع الفلسطينيين على الهجرة لمصر سوف يشكل أعباء سياسية وأمنية واقتصادية على المجتمع المصري».

صورة مأخوذة من رفح تظهر الدخان الناتج عن القصف الإسرائيلي الذي يغطي أفق خان يونس (أ.ف.ب)

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أكد أخيراً أن «مصر تنفق نحو 10 مليارات دولار سنوياً مقابل استضافة أكثر من 9 ملايين أجنبي يقيمون على أراضيها» (الدولار الأميركي يساوي 47.94 جنيه في البنوك المصرية).

وأضاف نجم لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تقوم بدور محوري في دعم الفلسطينيين بغزة، حيث تتولى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل يومي للغزيين في القطاع، وفي الوقت نفسه تتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإعلان دولة فلسطين المستقلة، كما تقوم باستقبال الحالات الإنسانية والطبية لعلاجهم في المستشفيات المصرية». ولفت في الوقت نفسه إلى أن «الغزيين لا مبرر لانتقالهم لمصر».

وسبق للقاهرة ودول عربية وغربية عدة أن أكدت أكثر من مرة «رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «التهجير» بمثابة «تصفية للقضية».

بينما عدّ مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أشرف أمين، أن «الإشكالية في منح تصاريح إقامة للغزاويين في مصر، تتمثل في منحها بشكل مطلق، ووقتها سيساعد في هجرة الفلسطينيين من قطاع غزة». لكنه أشار إلى أنه «من المهم أن يتم تقنين إقامة الفلسطينيين الموجودين في مصر، كما الحال في الإجراءات بكل دول العالم». وقال أمين لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقنين المقصود به وضع ضوابط محددة للإقامة في مصر، وهذا من شأنه سيساعد في التصدي لمسألة الهجرة من غزة لمصر».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص التي توفيت في غزة (المركز الفلسطيني للإعلام)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

أفاد الدفاع المدني في غزة، اليوم (الأحد)، بأن 28 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، قُتلوا في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت الأحد، في قطاع غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج،

علي ربيع (عدن) كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».