اجتماع إيطالي - تونسي - ليبي - جزائري لبحث إشكالية الهجرة

اللقاء ناقش «تبني مقاربة شاملة لتأمين الحدود»

الرئيس التونسي خلال استقبال رئيسة الحكومة الإيطالية التي زارت تونس لبحث سبل وقف الهجرة السرية نحو السواحل الإيطالية (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي خلال استقبال رئيسة الحكومة الإيطالية التي زارت تونس لبحث سبل وقف الهجرة السرية نحو السواحل الإيطالية (إ.ب.أ)
TT

اجتماع إيطالي - تونسي - ليبي - جزائري لبحث إشكالية الهجرة

الرئيس التونسي خلال استقبال رئيسة الحكومة الإيطالية التي زارت تونس لبحث سبل وقف الهجرة السرية نحو السواحل الإيطالية (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي خلال استقبال رئيسة الحكومة الإيطالية التي زارت تونس لبحث سبل وقف الهجرة السرية نحو السواحل الإيطالية (إ.ب.أ)

قالت وزارة الداخلية التونسية، مساء الخميس، إن اجتماعاً عقد بالعاصمة الإيطالية روما ضم وزراء داخلية إيطاليا وتونس وليبيا والجزائر لمناقشة سبل التعاون المشترك؛ لمكافحة الهجرة غير النظامية، وتأمين الحدود.

وأضاف بيان وزارة الداخلية التونسية أن الاجتماع يهدف أيضاً إلى «توحيد الرّؤى، وتبني مُقاربة شاملة لمُكافحة ظاهرة الهجرة غير النظاميّة، بمُشاركة دُول المصدر والعبُور والمقصد، ووضع الخطوط العريضة لمُكافحة هذه الظاهرة».

وشارك في الاجتماع وزراء الداخلية: الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، والتونسي كمال الفقي، والجزائري إبراهيم مراد، وعماد الطرابلسي وزير الدّاخليّة المكلف بحُكُومة «الوحدة» الوطنيّة في ليبيا.

وتتطلع إيطاليا إلى تعزيز التعاون مع دول الضفة الجنوبية للبحر المتوسط للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين نحو أراضيها، خاصة أن السواحل الليبية والتونسية باتت منصة رئيسية لانطلاق قوارب المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء نحو أوروبا. وتعاني تونس من توافد المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى أراضيها، بغية العبور إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، قد أكد الشهر الماضي أن من أولويات تونس مكافحة الشبكات الإجرامية، «ومن بينها شبكات الإرهاب، وترويج المخدرات، والاتجار بالبشر وتوجيه المهاجرين إلى البلاد». وجاء تصريح سعيد بمناسبة الاحتفال بتأسيس قوات الأمن الداخلي، كما جاء بعد مرور يوم واحد فقط أمن زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني إلى العاصمة التونسية، بهدف تعزيز جهود مكافحة تدفقات الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط، والإعلان عن تمويلات تفوق 100 مليون يورو لتونس.

وقال سعيد في باحة القصر الرئاسي بقرطاج، أمام تشكيلات أمنية، إن «تونس لن تقبل أبداً بأن تكون موطناً، أو مقراً، أو ممراً، أو معبراً لمن يتوافدون عليها خارج أي إطار قانوني... كما لن نقبل الاتجار بالبشر، ولا الاتجار بأعضاء البشر، ولن نقبل أبداً بكل أصناف الجريمة».

وأشادت ميلوني في زيارتها الرابعة لتونس منذ تسلمها منصبها، بـ«الكفاح المشترك» مع تونس ضد «مافيا» تهريب البشر، وأشارت إلى ضرورة أن يعمل البلدان معاً لمحاربة «تجار الألفية الثالثة».

وفي وقت سابق قال متحدث باسم الحرس الوطني التونسي إن الأجهزة الأمنية اعتقلت هذا العام، وحتى العاشر من أبريل (نيسان) الماضي، 566 بين وسطاء ومهربي البشر. ومن بين أكثر من 157 ألف مهاجر وصلوا إلى سواحل إيطاليا في 2023، انطلق نحو ثلثي العدد من سواحل تونس، التي تشهد أيضاً تدفقاً كبيراً للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء بنيّة عبور البحر المتوسط. ووصل أعداد الوافدين إلى تونس نحو 90 ألفاً في 2023، وفق تقديرات السلطات الأمنية.



«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
TT

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة، موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسط مطالبات بتحركات عاجلة تهدف إلى إنجاز اتفاق لإنقاذ حياة المحتجزين المتبقّين أحياءً.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن التطورات الجديدة تضع حكومة نتنياهو تحت ضغط كبير، خصوصاً مع تبنّي وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، ونقابات عديدة، للاحتجاجات، والمطالبة بإبرام الصفقة التي يعطّلها رئيس الوزراء لـ«الحفاظ على بقائه السياسي» أطول فترة ممكنة. وأكّدوا أن إدارة الرئيس جو بايدن أمام خيار صعب بعد تأكد مقتل أحد الرهائن الأميركيين، مع قرب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

في حين تباينت آراء الخبراء حول ما إذا كان مقتل الرهائن والانتقاد داخل إسرائيل سيدفعان إلى «تقدّم ملموس في ملف هدنة غزة خلال الفترة المقبلة».

وقال بايدن، الأحد، إنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن، بينهم أميركي، مؤكداً أنه «سيواصل العمل على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن المتبقين»، بعد ساعات قليلة من حديثه أن الاتفاق «وشيك». وأكّد الجيش الإسرائيلي، في إفادة، العثور عليهم في نفق تحت الأرض، متهماً «حماس» بقتلهم.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وعقب الإعلان عن العثور على جثث الأسرى، انضم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إلى المطالبة بإعلان إضراب عام في إسرائيل، واحتجاجات ومطالب بانعقاد جلسة خاصة للكنيست (البرلمان)؛ لمناقشة صفقة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بينما الكنيست لا يزال في فترة راحة، ويتطلّب عقد جلسة عامة عادية دعم 25 نائباً.

وجاء بيان لابيد بعد أن دعا «منتدى عائلات الأسرى والمفقودين»، الأحد، في بيان نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إلى إضراب عام للاحتجاج، الاثنين؛ لعدم التوصل إلى صفقة لتبادل المحتجزين المتبقين في قطاع غزة، والخروج في مظاهرة ضخمة لإغلاق الطرق بشكل كامل.

كما دعا رئيس حزب «معسكر الدولة»، بيني غانتس، الجمهور الإسرائيلي للخروج إلى الشارع؛ للتظاهر ضد حكومة نتنياهو. وأضاف أنه «حان الوقت لاستبدال حكومة الفشل المطلق»، موضحاً أن نتنياهو يتردّد ويخاف، ويلعب على فكرة «كسب الوقت» لصالحه، لاعتبارات سياسية.

ورداً على الاتهامات ضده، قال نتنياهو في بيان إن «الجهود لتحرير المخطوفين متواصلة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و(حماس) ترفض إجراء مفاوضات حقيقية»، مؤكداً أن إسرائيل «لن تهدأ حتى تصل إلى قتلة الرهائن في (حماس)».

في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، عزت الرشق، الأحد: «من يتحمل مسؤولية موت الأسرى هو الاحتلال الذي يُصِرّ على مواصلة حرب الإبادة الجماعية، والتهرب من الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والإدارة الأميركية، بسبب انحيازها ودعمها وشراكتها في هذا العدوان»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

امرأة فلسطينية ترتب الملابس على خط في مخيم بالقرب من مستشفى ناصر بخان يونس (إ.ب.أ)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أنه ليس من مصلحة «حماس» التخلص من الرهائن؛ كونها ورقة رابحة في يدها، لكن الاتهامات الإسرائيلية تأتي في إطار «حرب نفسية، والرد على عدم حسم اتفاق حتى الآن».

ولا يعتقد الحفني أن ضغوط الشارع الإسرائيلي ستسمح بتغيّر موقف نتنياهو، الذي يحتاج إلى ضغوط أكبر من ذلك ليتقبل الذهاب لاتفاق لا يريده؛ حفاظاً على بقائه السياسي، مشيراً إلى أن الأحاديث الأميركية بقرب التوصل لاتفاق «أحاديث استهلاكية انتخابية تُسمع من شهور بلا أثر».

في المقابل، يعتقد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن نتاج مقتل الرهائن، والتصاعد اللافت في الاحتجاجات والانتقاد داخل إسرائيل، سيدفع إلى «تقدّم حاسم وملموس، خصوصاً من واشنطن في ملف الهدنة».

ويرى أن موجة الغضب هذه المرة مختلفة، وتتبنّاها جهات عديدة، بخلاف المعارضة ضد نتنياهو، متوقعاً أن تجبر نتنياهو - لو تواصلت بنفس القوة - للقبول باتفاق، وتغيير مواقفه في العقبات الرئيسية، وأبرزها البقاء في «محور فيلادلفيا».

وليست المعارضة أو عائلات المحتجزين التي تطالب بموقف مغاير من نتنياهو، بل أيضاً يوآف غالانت، الذي دعا، الأحد، عبر تغريدة بمنصة «إكس»، إلى دعوة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) للانعقاد، وإلغاء القرار الذي صدر عنه، الخميس الماضي، بشأن استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا»، للذهاب لاتفاق محتمل حول صفقة تبادل أسرى.

الحفني يرى أن نتنياهو لن يستجيب لغالانت، وسيستمر في مساعي عرقلته أي اتفاق حتى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، على أمل وصول حليفه دونالد ترمب؛ للحصول على دعم أكبر لبقائه السياسي، مؤكداً أن المطلب المصري السعودي حلٌّ آمِن وسريع لإنقاذ المنطقة مما يقودها إليه نتنياهو، ويجب الاستجابة لها في أقرب وقت.

وبحذر يتفاءل فؤاد أنور بإمكانية أن يتراجع نتنياهو تحت الضغوط الداخلية المتصاعدة عن عقبة محور فلادليفيا، مؤكداً أن بايدن بحاجة إلى الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية، ولن ينتظر كثيراً، والفرصة حالياً بعد حادث مقتل الرهائن مهيّأة، مشيراً إلى أهمية الاستجابات للمطالبات العربية بإنجاز اتفاق يُهدّئ التصعيد بالمنطقة.