الحكومة الجزائرية ترد على اتهامها بـ«عسكرة الإعلام»

بعد جدل حول «توجيه صحافيين» بعدم تغطية إضراب في قطاع التعليم

مسيرو وسائل إعلامية يتابعون كلمة وزير الاتصال حول الإعلام وتوزيع الإعلانات (الوزارة)
مسيرو وسائل إعلامية يتابعون كلمة وزير الاتصال حول الإعلام وتوزيع الإعلانات (الوزارة)
TT

الحكومة الجزائرية ترد على اتهامها بـ«عسكرة الإعلام»

مسيرو وسائل إعلامية يتابعون كلمة وزير الاتصال حول الإعلام وتوزيع الإعلانات (الوزارة)
مسيرو وسائل إعلامية يتابعون كلمة وزير الاتصال حول الإعلام وتوزيع الإعلانات (الوزارة)

رفضت الحكومة الجزائرية اتهامها بـ«التضييق على الصحافيين»، معيبة على مهنيي قطاع الإعلام «ممارسة الرقابة الذاتية طمعاً في الحصول على إعلانات حكومية».

وحلت الجزائر في المركز 142 في تقرير «مراسلون بلا حدود» حول حرية الصحافة لعام 2023. وهو تصنيف عدته الحكومة «جائراً في حقها ولا يعكس الواقع».

جانب من لقاء وزير الاتصال مع الصحافيين والمثقفين (الوزارة)

وقال وزير الاتصال محمد لعقاب، مساء الثلاثاء، في لقاء مع مديري وسائل الإعلام العمومية والخاصة ومثقفين، عقد بمقر الوزارة بالعاصمة، إنه سأل «العديد من الصحافيين إن كان أي أحد (من المسؤولين) طلب منهم عدم الكتابة أو الاشتغال بأي موضوع، فكان ردهم أن لا أحد منعهم من ذلك. وحاولت التوقف عند أسباب تراجع الحريات... في الواقع، السبب غير مرتبط بالأوضاع السياسية، بل بالنشاط الاقتصادي غير المتطور بالشكل اللازم. وعندما يزدهر فستتحرر المؤسسة الإعلامية من الإعلانات الحكومية». مشيراً إلى أن الإعلانات «تدفع الصحافيين إلى الرقابة الذاتية علهم يظفرون بها، أما اتهام الحكومة أو رئاسة الجمهورية (بالتضييق عليهم)، فهذا لم يحدث».

مسيرو وسائل إعلامية يتابعون كلمة وزير الاتصال حول الإعلام وتوزيع الإعلانات (الوزارة)

والمعروف أن أكثر من 180 صحيفة، و30 قناة تلفزيونية عامة وخاصة، وعدداً كبيراً من المواقع الإلكترونية، تعيش حصرياً على الإعلانات التي تمنحها الحكومة عن طريق جهازها «وكالة النشر والإشهار»، وذلك في ظل انقطاع الإعلانات الخاصة في السنوات الأخيرة، بسبب ركود يعيشه اقتصاد البلاد المعتمد بشكل كبير على مداخيل بيع النفط والغاز.

والشائع في أوساط الصحافيين أن «الوكالة» وسيلة في يد الحكومة لـ«مكافأة المؤسسات الإعلامية الموالية بإغداق أموال الإشهار عليها، ولتأديب المعارضين لسياساتها بحرمانهم منها».

وخاض الوزير لعقاب في «قضية التضييق على الصحافة»، بمناسبة إضراب في قطاع التعليم يومي 27 و28 أبريل (نيسان) الماضي؛ حيث تداول صحافيون في مجموعات على منصة «واتساب»، أن وزارة الاتصال «وجهت بعدم إيلاء أي أهمية للإضراب». وقال لعقاب بهذا الخصوص: «لم أسمع بهذا الإضراب، لكن عندما سئلت عنه قلت إن الأمر يتعلق بالقانون الأساسي للمعلم الذي يوجد قيد التحضير. ورئيس الجمهورية نفسه أكد أهمية أن يكون للمعلم قانون خاص به. وقد رفض النسخة الخاصة بالقانون ثلاث مرات، وأعادها إلى وزارة التربية لمراجعتها، فهل بعد هذا يذهبون (نقابات التعليم) إلى الإضراب؟».

جانب من تفاعل الصحافيين مع الوزير حول حرية الإعلام بالجزائر (الوزارة)

كما أكد الوزير أنه عندما عبر عن موقفه من الإضراب «كنت أقصد أن الرئيس حريص على هذا الأمر (مطالب المضربين)، وأنه لا ينبغي أن يعطي الصحافيون أهمية للإضراب، لكن لم أسد توجيهات بعدم تغطيته... فكل واحد حرّ، ولا أحد من الوزارة منع الصحافيين من التعاطي مهنياً مع الإضراب».

وبخصوص اتهام بوجود توجه لعسكرة قطاع الإعلام في البلاد، نفى الوزير بشدة «وجود إرادة لعسكرة الإعلام»، لكنه لم يخف أن الوزارة طلبت من الصحافة «عدم إيلاء أهمية للإضراب». وقال: «لو أرادت منعهم من ذلك، لأصدرت أوامر واضحة بهذا الخصوص».

وعاد لعقاب إلى جدل وقع في رمضان الماضي، عندما جمع مديري أكثر من 20 قناة تلفزيونية عمومية وخاصة، من أجل إبلاغهم بأن الحكومة ضاقت ذرعاً بمحتويات مسلسلات الدرامية، بحجة أنها «تحمل جرعة زائدة من العنف، والمس بأخلاق المجتمع والذوق العام». وأوضح بهذا الخصوص أن السلطات «لم تقم محاكم تفتيش، وإنما لفتت انتباه الإخوة في القنوات الخاصة، بكل محبة، إلى أن المحتوى الذي تبثه لا يلائم المجتمع». وقال موضحاً: «هذا ردي على مجموعات تقول إن الوزير يراقب، والحكومة تراقب وسائل الإعلام». عادّاً الصحافيين «يشتغلون في بيئة صعبة، وهذا يؤثر على حريتهم ومهنيتهم».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.