هل يستطيع الدبيبة حشد الشارع الليبي للاستفتاء على الدستور؟

في إطار خلافه المحتدم والمستمر مع مجلس النواب

عقيلة صالح ورئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» أكدا في تصريحات متعددة جاهزية إجراء الانتخابات العامة (الشرق الأوسط)
عقيلة صالح ورئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» أكدا في تصريحات متعددة جاهزية إجراء الانتخابات العامة (الشرق الأوسط)
TT

هل يستطيع الدبيبة حشد الشارع الليبي للاستفتاء على الدستور؟

عقيلة صالح ورئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» أكدا في تصريحات متعددة جاهزية إجراء الانتخابات العامة (الشرق الأوسط)
عقيلة صالح ورئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» أكدا في تصريحات متعددة جاهزية إجراء الانتخابات العامة (الشرق الأوسط)

على مدار الأيام القليلة الماضية، تبارى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، في إطلاق تصريحات متعددة تؤكد على جاهزية إجراء الانتخابات العامة. لكن رغم توحد دعوتهما لإجراء الاستحقاق الانتخابي، فإن أهدافهما اختلفت بدرجة كبيرة.

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة (حكومة الوحدة)

ففي تصريحات سابقة لصالح توقع إجراء الانتخابات الرئاسية نهاية العام الحالي، في ظل جاهزية إصدار القوانين المنظمة لها، إلا أنه شدّد على أن «الأمر يتطلب تشكيل حكومة موحدة لعدم إمكانية إجرائها من قبل حكومتين»، وهو ما يعني، بحسب مراقبين، الإطاحة بحكومة الدبيبة.

أما الدبيبة الذي تحدث عن الانتخابات، وقدرة وزارة الداخلية بحكومته على تأمينها، فقد تساءل في المقابل عن أسباب عدم «طرح الدستور الذي أعدته لجنة منتخبة من الشعب للاستفتاء، وطالب بذلك».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ويرى مراقبون أنه بالرغم من تزايد حدة المناكفة السياسية بين صالح والدبيبة بخصوص إجراء الانتخابات، فإن ذلك لا ينبئ عن قدرة أي منهما على حسم الصراع بحشد الشارع الليبي، أو المواقف الدولية لصالح دعوته بشأن الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة.

في هذا السياق، تحدث رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، عن تكرار لجوء الدبيبة للحديث عن ضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور، والاكتفاء بالانتخابات التشريعية «كلما استشعر وجود تحركات محلية أو إقليمية تستهدف استبدال حكومته بواسطة أخرى جديدة، أو مع طرح مبادرة ما تتعلق بإجراء الأخيرة».

وربط زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بين تصريحات الدبيبة الأخيرة، وبين ما تم تداوله من أنباء عن تسلم البرلمان لملفات مرشحين لرئاسة «حكومة جديدة»، وتكرار دعوات صالح طيلة الأشهر الماضية بضرورة تشكيل تلك الحكومة. كما ربط التصريحات أيضاً «بوصول الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري إلى طرابلس، ومباشرتها مهامها بصفتها رئيساً للبعثة الأممية بالإنابة، وقرب انعقاد الجولة الثانية من اللقاء الثلاثي لرؤساء مجالس البرلمان والأعلى للدولة والرئاسي، برعاية الجامعة العربية في القاهرة خلال الفترة المقبلة».

وتوقع زهيو أن «تقابل خطوة الدبيبة إذا ما قرر فعلاً المضي قدماً بتفعيل مسار الاستفتاء على الدستور برفض واسع من قبل أغلب الأحزاب، والنشطاء وقطاع من الشارع» الليبي.

وسلط زهيو الضوء على قائمة طويلة من الاعتراضات والعقبات، التي تحاصر مسودة الدستور، ومن بينها رفض المكونات الثقافية، من تبو وأمازيغ وطوارق، وشرائح وقوى أخرى بالمجتمع لها، وكيف يمكن لهؤلاء جميعاً الطعن عليها، وهو ما قد يستغرق كثيراً من الوقت.

من جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي، صالح أفحيمة، إن «الأهم في قضية الانتخابات الليبية هو إيجاد ضمانات للقبول بنتائجها، وليس فقط معالجة أي عراقيل أو تحديات أمنية قد تواجه الحكومتين المتنازعتين على السلطة بالبلاد في مناطق نفوذهم».

ورأى أفحيمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من دون ضمانات للقبول بنتائجها ستعد الانتخابات قفزة للمجهول، وقد تعود بالبلاد إلى نقطة الصفر»، معرباً عن اعتقاده بأنه «من الأفضل، إذا ما صدق الحديث عن جاهزية إجراء الانتخابات، أن يفعل الاستحقاق التشريعي والرئاسي أيضاً، ومن قبلهما الاستفتاء على الدستور».

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى تسمى «الوحدة» الوطنية المؤقتة في العاصمة طرابلس، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان ويرأسها أسامة حماد، وتدير شؤونها من شرق البلاد.

وبخصوص تصوره لإمكانية دعم الدول الغربية المنخرطة بالساحة الليبية لدعوة الدبيبة بإجراء الاستفتاء، والاكتفاء بالانتخابات التشريعية، قال أفحيمة موضحاً أن هناك دولاً غربية بعينها «قد تدعم الدبيبة في توجهاته لكون بقاء حكومته بالسلطة يخدم مصالحها».

وعادة ما تندد الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بعرقلة أطراف سياسية، وقوى محلية ودولية، عملية الاستفتاء على الوثيقة الدستورية التي أعدتها في يوليو (تموز) 2017.

كما أوضح أفحيمة أن جلّ الليبيين يتطلعون للانتخابات كونها وسيلة لتجديد الشرعية، وتحقيق الاستقرار دون اكتراث قطاع كبير منهم بنوعية الاستحقاق الانتخابي، سواء كان استفتاء، أو انتخابات رئاسية وتشريعية أو تشريعية فقط.

وخلال تصريحاتهما الأخيرة، تبادل صالح والدبيبة اتهامات بالسعي للاستمرار بالسلطة، وهو ما أثار موجة واسعة من الانتقادات بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت تشبث كل منهما بموقعه.

بالمقابل، دافع المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، عن دعوة الدبيبة لإجراء الاستفتاء، وعدّها «ضرورة لحسم المطالب، والتأكد من نسبة قبول أو رفض الليبيين لتلك المسودة»، بالإضافة إلى «عدم إثارة الأمر مجدداً حتى وإن استغرق الأمر بعض الوقت، وذلك لوجود اعتراضات عدة حول تلك المسودة». وذهب الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الدعوة بشأن الاستفتاء، وكذلك إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة «ستجد مناصرين كثيرين»، مرجعاً ذلك إلى «تضاؤل شعبية البرلمان، وكذلك المجلس الأعلى للدولة، الذي ينتهي دوره بالمشهد مع انتهاء دور البرلمان الحالي».

وانتهى المحلل السياسي إلى التأكيد على أن السيناريو الأقرب للواقع «هو تجميد الوضع الحالي، أي استمرار كل حكومة بمناطق نفوذها، وذلك بفعل تأثير التدخلات الدولية».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة)، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)»، لتتمكن من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني، بمتابعة موقف تعويضات الأهالي والتعاون مع محافظة مرسى مطروح والجهات المعنية الأخرى «لسرعة الانتهاء من هذا الملف». وأكد مدبولي خلال جولة له بمدينة العلمين (شمال مصر)، السبت، أنه «لا بديل عن الالتزام بالمواعيد المحددة لبدء المرحلة الأولى من المشروع».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وذكر مدبولي خلال توقيع الاتفاق أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر كثيراً من فرص العمل، معتبراً أن مثل هذه النوعية من المشروعات «يمكنها المساهمة في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح». ووفق إحصاءات سابقة لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن «نحو 14.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي».

وقال مدبولي في وقت سابق إن «مشروع تنمية وتطوير رأس الحكمة»، يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر. وشدد حينها على أن المشروع «شراكة استثمارية وليس بيع أصول».

رئيس الوزراء المصري ووزير الإسكان خلال زيارة "العلمين الجديدة" (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء المصري، السبت، عقب جولته بمدينة العلمين الجديدة، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين، أكد خلاله «أهمية المشروعات الجاري تنفيذها في الساحل الشمالي». وقال إنها «تضع مصر على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب المشروعات المهمة، التي يجري تنفيذها في مدينة العلمين الجديدة، فقد بدأ العمل الجاد تمهيداً للمرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة، الجاري تنفيذه بشراكة مصرية-إماراتية». ووصف مدبولي المشروع بأنه «متوقع أن يدر على الاقتصاد المصري موارد دولارية ضخمة خلال فترتي الإنشاء والتشغيل».

وكان المشروع قد جرى توقيعه في وقت شهدت مصر خلاله «فجوة دولارية». واعتبر خبراء ومراقبون وقتها (أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه في مارس/ آذار الماضي) أن الحكومة تحتاج إلى «حلول عاجلة» لإحداث توازن بين السعر الحقيقي للجنيه، والسعر المتداول للدولار في «السوق السوداء».

مخطط مدينة "رأس الحكمة" (موقع خريطة مشروعات مصر)

من جانبه، استعرض وزير الإسكان المصري خلال الاجتماع مع مدبولي «ملف التعويضات» التي سيتم تقديمها للأهالي في منطقة رأس الحكمة، تمهيداً لتسليم أراضي المرحلة الأولى للجانب الإماراتي، لبدء تنفيذ المشروع. وأكد الوزير المصري أن التنسيق مع الجانب الإماراتي «يجري بشكل متسارع من أجل تسليم أراضي المرحلة الأولى». وعرض الوزير أيضاً الموقف التخطيطي لمشروع «السكن البديل لأهالي منطقة رأس الحكمة»، لافتاً إلى أن هذا المشروع «سيتم تنفيذه بما يلائم تطلعات سكان المنطقة».

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد ذكرت في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة «يستهدف ترسيخ مكانة رأس الحكمة بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».