سخط حاد في الجزائر إثر الإعلان عن «دولة القبائل»

سبقتها مساعٍ لزعيم الانفصاليين للاعتراف بها دولياً

فرحات مهني زعيم التنظيم الانفصالي (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)
فرحات مهني زعيم التنظيم الانفصالي (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)
TT

سخط حاد في الجزائر إثر الإعلان عن «دولة القبائل»

فرحات مهني زعيم التنظيم الانفصالي (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)
فرحات مهني زعيم التنظيم الانفصالي (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

يثير ما يسمى «قيام دولة القبائل» من طرف تنظيم تصنّفه الجزائر «منظمة إرهابية»، ردود فعل ساخطة داخل البلاد، حيث وصف حزب «جبهة التحرير الوطني»، المقرَّب من السلطة، أصحاب المسعى بـ«حركى جدد»، بينما استنكرت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية «انسلاخاً وارتداداً خطيراً، وطعنة غادرة لتضحيات الملايين من شهداء الجزائر».

وأكدت «جبهة التحرير»، في بيان مساء الخميس، أنها لم «تُفاجأ من الخطوة الخطيرة التي أقدمت عليها منظمة الماك (حركة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل) الإرهابية، بإعلانها المزعوم بخصوص منطقة القبائل، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الجزائر الواحدة والموحدة»، في إشارة إلى حدث عُد في الجزائر «غير مسبوق في خطورته»، وُقع في العشرين من الشهر الجاري أمام مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، حيث أعلن المطرب الأمازيغي فرحات مهني «قيام دولة القبائل».

الأمين العام لجبهة التحرير في اجتماع بطاقم حزبه (إعلام الحزب)

واختار مهني هذا التاريخ لرمزيته في نضال سكان منطقة القبائل (شرق الجزائر)، من أجل الاعتراف بهويتهم الأمازيغية التي تميزهم عن بقية سكان مناطق البلاد. ففي 20 أبريل (نيسان) 1980 وقعت مشادات بين قوات الأمن ومناضلين أمازيغ، شكّلت فيما بعد منعطفاً حاسماً في «الحركة البربرية»، التي تعود جذورها إلى فترة الاستعمار الفرنسي. وتجدّدت المواجهات بين الطرفين بشكل أكثر عنفاً في أبريل من عام 2001، خلّفت عدداً من القتلى والجرحى.

وبحسب «جبهة التحرير»، التي تعد القوة الأولى في البرلمان، فإن ما جرى في نيويورك الأسبوع الماضي «لن ينطلي على شعبنا الواعي، والمدرك تمام الإدراك لخلفيات هذه المناورات اليائسة، وأبعاد هذه المؤامرات المفضوحة، وهو على ثقة كاملة بقيادته السياسية، وقدرات جيش بلاده على ردع أي خطر يحدق ببلاده، مهما كان شكله ومصدره».

ووصف البيان نشطاء «حركة الحكم الذاتي للقبائل» بـ«الحركى الجدد»، وهم فئة من الجزائريين تعاونوا مع الاستعمار أيام ثورة التحرير (1954 - 1962)، وقُتل عدد منهم بأوامر من قيادة «جبهة التحرير»، وكثير منهم غادروا إلى فرنسا عشية الاستقلال.

رئيس مجتمع السلم الإسلامي مع طاقمه (إعلام الحزب)

من جهتها، قالت «حركة مجتمع السلم» المعارضة، في بيان، أصدره مكتبها بتيزي وزو كبرى مدن القبائل، إن «هذا الإعلان البائس في شكله ومضمونه، يمثل انسلاخاً وارتداداً خطيراً، وطعنة غادرة لتضحيات الملايين من شهداء الجزائر، عموماً وللتضحيات الجسام، التي قدمتها منطقة القبائل في سبيل تحرير الوطن».

مناضلون أمازيع في مظاهرة بفرنسا (ناشطون أمازيغ)

ووصف الحزب مهني، من دون تسميته، بـ«أحد الأبواق الذين تحركهم الأجندات الخارجية، ومصالحهم الشخصية المشبوهة، التي تهدف إلى النيل من هذا الوطن العزيز ووحدته الترابية، التي تغيظ الأعداء»، مؤكداً أنه «واثق من أن الوعي السياسي والروح الوطنية، اللذين يتسم بهما جماهير أهل المنطقة، كفيلان بفضح هذه الدعوات وإحباطها».

وسبقت خطوة «قيام دولة القبائل» تنقلات كثيرة لفرحات مهني للكثير من الدول، بغرض جلب الاعتراف. وتابعت السلطات الجزائرية باهتمام شديد زياراته المتكررة لإسرائيل، ولقاءاته مع مسؤوليها في السنين الأخيرة.

والمعروف أن زعيم الانفصاليين يقع تحت طائلة أمر دولي بالاعتقال، وذلك لإدانته بالسجن مدى الحياة في الجزائر بناء على تهمة «الإرهاب». وبينما استحدثت لائحة للتنظيمات الإرهابية في 2021، توجد بها «حركة الحكم الذاتي للقبائل»، تابع القضاء العشرات من الأشخاص بشبهة الانتماء إلى التنظيم، بعضهم أدانهم بالسجن، بينما حصل آخرون على البراءة بعد فترة قضوها في الحبس الاحتياطي.

ولم يصدر أي رد فعل من السلطات الجزائرية على «خطوة نيويورك»، لكن ذلك لا ينفي، حسب مراقبين، انشغالها بما سيترتب عنها، خصوصاً احتمال اعتراف دول بها. أما في منطقة القبائل فلم يظهر اهتمام لافت بها وسط سكانها، بينما كانت السلطات قد حرصت على منع الاحتفالات السنوية بـ«الربيع البربري».

تجدر الإشارة إلى أن الأمازيغية أصبحت لغة وطنية في تعديل دستوري عام 2002، ثم تمّت ترقيتها إلى لغة رسمية في تعديل آخر عام 2016، وتوجد في البلاد لهجات تتفرع عن الأمازيغية، وهي «الشاوية» و«الميزابية» و«الطرقية»، يتحدث بها سكان مناطق في الشرق والجنوب، غير أنهم لم يناضلوا من أجل التمكين لها مثل سكان القبائل، ولا يطرحونها بديلاً للعربية، عكس القبائل.


مقالات ذات صلة

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

شمال افريقيا الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
TT

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

رحب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشر، اليوم (الثلاثاء)، بإعلان رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أمس، السماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد.

وقال فليتشر عبر حسابه على منصة «إكس»، إن زيادة الرحلات الجوية الإنسانية ومراكز الإغاثة «سيسمح لنا بالوصول إلى مزيد من السودانيين لتقديم الدعم لهم».

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، اليوم، إنه التقى مع فليتشر وأبلغه بأن المجلس لديه «معلومات مؤكدة» عن استخدام قوات «الدعم السريع» لمعبر أدري الحدودي مع تشاد لأغراض عسكرية.

وأضاف عقار عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه طالب فليتشر خلال اللقاء «بتعزيز إيصال المساعدات إلى دارفور، لا سيما أننا بحاجة لمزيد من الدعم في غرب السودان».

وأشار إلى أنه طلب من المسؤول الأممي أيضاً بأن يبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، «بعدم وجود مجاعة في السودان كما يزعم البعض»، واصفاً إياها بأنها «دعاية سياسية».

كما بعث المسؤول السوداني برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مفادها «أنهم إذا أرادوا التعاون وبناء الثقة والعمل المشترك مع حكومة السودان، فعليهم أن يكونوا أكثر دقة في تناول القضايا التي ترتبط بالأوضاع الإنسانية» في البلاد.

وأعلن مجلس السيادة السوداني، أمس، أن البرهان وجه بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام مطار مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان، ومطار مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، ومطار مدينة الدمازين في إقليم النيل الأزرق «مراكز إنسانية لتشوين مواد الإغاثة».

كما سمح رئيس المجلس بتحرك موظفي وكالات الأمم المتحدة مع القوافل التي تنطلق من تلك المناطق، والإشراف على توزيع المساعدات والعودة إلى نقطة الانطلاق فور الانتهاء.