أكدت مصر حرصها على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية. وحذر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي من «خطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية، وانعكاساته التي قد تدفع المنطقة للانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار».
جاءت تأكيدات مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية، الأربعاء، في مقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة. واستعرض خلاله الجهود المصرية لتسريع التوصل إلى حل للأزمة في قطاع غزة. وأشار إلى تلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالين هاتفيين، أخيراً، من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز، وتم التأكيد خلالهما على «خطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية».
وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوسيط في مفاوضات تستهدف تحقيق هدنة في القطاع، وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، لكن جهود الوساطة المستمرة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي لم تنجح حتى الآن. وكان وزير الخارجية سامح شكري أكد في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، الأسبوع الماضي، أن «المحادثات مستمرة، ولم يتم قطعها أبداً. وهناك أفكار مستمرة تطرح، وسنستمر في ذلك حتى يتحقق الهدف».
في غضون ذلك، نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، ما تم نشره بإحدى الصحف الأميركية الكبرى من أن «مصر تداولت مع الجانب الإسرائيلي حول خططه للاجتياح المزمع لرفح». وأكد أن «الموقف المصري الثابت والمعلن مرات عدّة من القيادة السياسية هو الرفض التام لهذا الاجتياح الذي سيؤدي إلى مذابح، وخسائر بشرية فادحة، وتدمير واسع، تضاف إلى ما عانى منه الشعب الفلسطيني الشقيق خلال 200 يوم من العدوان الإسرائيلي الدموي»، موضحاً أن «تحذيرات مصر المتكررة قد وصلت -من كافة القنوات- للجانب الإسرائيلي، منذ طرحه فكرة تنفيذ عملية عسكرية في رفح، بسبب هذه الخسائر المتوقعة، فضلاً عما سيتبعها من تداعيات شديدة السلبية على استقرار المنطقة كلها».
ويثير تنفيذ مخطط اجتياح رفح مخاوف من دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية، لا سيما أن المدينة باتت الملاذ الأخير لنحو مليون ونصف مليون شخص نزحوا إليها.
وأضاف رشوان، وفق ما أوردت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، مساء الثلاثاء، أنه «في الوقت الذي تفكر إسرائيل في هذا الاجتياح الذي تقف مصر وكل دول العالم ومؤسساته الأممية ضده، تركز الجهود المصرية المتواصلة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين، إلى جانب السعي لدخول المساعدات الإنسانية بالقدر الكافي، ولكل مناطق القطاع، وبخاصة الشمالية، ومدينة غزة، وإخراج مزيد من الجرحى والمرضى للعلاج خارج القطاع الذي انتهت به تقريباً كل الخدمات الصحية».
وكان رشوان أكد أن «بلاده لديها السيادة الكاملة على أرضها، وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية مع غزة، أو إسرائيل». وقال في تصريحات نقلها التلفزيون المصري الرسمي، مساء الاثنين الماضي، إنه «تم تدمير أكثر من 1500 نفق، وتقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «كل دول العالم تعرف جيداً حجم الجهود التي قامت بها مصر في آخر 10 سنوات لتحقيق الأمن في سيناء، وتعزيز الأمن على الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة». وجدد حينها رفضه ما وصفه بـ«مزاعم وادعاءات باطلة حول عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية».
كما جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، «التأكيد على رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، لا سيما إلى سيناء». وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء الأحد الماضي، إن «هذا الأمر مرفوض بالكامل ومجرم؛ لأن نقل السكان الأصليين من مناطقهم للإعاشة خارج ديارهم غير مقبول وفقاً للقانون الدولي الإنساني»، محذراً من تبعات تنفيذ «مخطط التهجير». وقال إن «حكومة نتنياهو تتبع أسلوباً شريراً بدفع الفلسطينيين إلى الجنوب حتى يضغطوا على الحدود المصرية»، مؤكداً أن «الدخول إلى سيناء يمثل جريمة كبرى بحكم القانون الدولي».
إلى ذلك، تواصل مصر جهود إدخال المساعدات الإنسانية. وقال مصدر مطلع في معبر رفح إن «56 شاحنة عبرت الأربعاء، و159 شاحنة عبرت من كرم أبو سالم»، مضيفاً أن «مصر استقبلت، الأربعاء، 32 شخصاً من المصابين، و53 مرافقاً لهم».