تونس: الحكومة والداخلية تفتحان ملفات الإرهاب والجوازات الجديدة

إيقاف «تكفيريين» ومهربين وتجار مخدرات

رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرا الداخلية كمال الفقي والخارجية نبيل عمار في اجتماع مع كوادر الأمن حول جوازات السفر وبطاقات الهوية الجديدة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)
رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرا الداخلية كمال الفقي والخارجية نبيل عمار في اجتماع مع كوادر الأمن حول جوازات السفر وبطاقات الهوية الجديدة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)
TT

تونس: الحكومة والداخلية تفتحان ملفات الإرهاب والجوازات الجديدة

رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرا الداخلية كمال الفقي والخارجية نبيل عمار في اجتماع مع كوادر الأمن حول جوازات السفر وبطاقات الهوية الجديدة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)
رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرا الداخلية كمال الفقي والخارجية نبيل عمار في اجتماع مع كوادر الأمن حول جوازات السفر وبطاقات الهوية الجديدة (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)

بعد أيام قليلة من إلقاء القبض عن 3 متطرفين «خطيرين جداً قريبين من (تنظيم داعش) الإرهابي» في جبال محافظة القصرين الحدودية مع الجزائر، كثّفت سلطات الأمن ورئاسة الحكومة متابعتها للملفات الأمنية ولمطاردة المتهمين بالإرهاب وتهريب البشر والسلع والمخدرات.

وأشرف وزير الداخلية كمال الفقي على مظاهرة وطنية ضد الإرهاب بمناسبة «اليوم العربي للتوعية بمخاطر الإرهاب».

كما تحركت رئاسة الحكومة، ضمن خطة تشارك فيها وزارات الداخلية والخارجية ومختلف مصالح الأمن الداخلي والخارجي قصد تجديد بطاقات الهوية وجوازات السفر بالنسبة لكل المواطنين داخل البلاد وفي المهجر انطلاقاً من أوائل العام المقبل.

وزير الداخلية وكبار كوادر الأمن التونسي في مظاهرة ضد الإرهاب الاثنين أمام مقر وزارة الداخلية في تونس (الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التونسية)

استراتيجية أمنية لوجيستية

في هذا السياق، انعقدت جلسة عمل رسمية، ترأسها أحمد الحشاني رئيس الحكومة، رسمت استراتيجية أمنية لوجيستية كاملة لتنفيذ قرار سابق، صادق عليه مجلس الوزراء ومجلس النواب، ينص على تعميم بطاقات الهوية وجوازات السفر البيومترية، أي وثائق السفر الإلكترونية الأكثر تطوراً من الجوازات الحالية.

وأعلن أن تونس ستعمم النوعية الجديدة من الجوازات وبطاقات الهوية عام 2025، وأنها تستبق المنظمات العالمية للطيران والهيئات الأمنية الأممية التي قررت مطالبة مئات الملايين من المسافرين عام 2026 بجواز سفر «بيومتري».

وقد قررت مصالح الأمن الدولية لأسباب أمنية استخباراتية استبدال وثائق السفر التقليدية بأخرى «بيومترية»، تتضمن «شفرة» تحيل على كل المعطيات الأمنية الشخصية للمسافرين.

وكانت منظمات حقوقية وهيئات المعطيات الشخصية في عدد من الدول اعترضت على «انتهاك الجوانب السرية والسيرة الذاتية الشخصية» لمئات الملايين من المواطنين في العالم عبر «شفرات» الجوازات الجديدة المرتبطة بـ«الغرف الأمنية السرية» لوزارات الداخلية ومصالح الاستخبارات في العالم.

لكن التنسيق الأمني بين منظمات الشرطة الدولية ووزارات الداخلية في المنطقة العربية والعالم أدى إلى انخراط دول المنطقة، وبينها تونس، في المنظومة العالمية «البيومترية» لبطاقات الهوية وجوازات السفر.

وقد أسفر اجتماع رئاسة الحكومة، بمشاركة عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين في البلاد، من بينهم وزيرا الداخلية والخارجية، عن قرارات كثيرة لتسوية «النقائص الحالية» عند إسناد جوازات السفر التقليدية للمواطنين التونسيين داخل البلاد وفي الخارج. وتقرر اختزال مدة «الانتظار» بالنسبة لكل من يتقدم بمطلب جواز سفر في قنصليات تونس في المهجر إلى أسبوعين في أقصى الحالات.

كما تقرر إيجاد حلّ لمعضلة «نقص وثائق السفر» في عدد من مؤسسات الأمن وطنياً وجهوياً، بما تسبب مراراً في «تأخير مواعيد تسليمها لأسباب فنية».

منشقون عن تنظيم «عقبة بن نافع»

من جهة أخرى، كشف المحامي المختص في قضايا المجموعات السلفية والمتهمين بالإرهاب، سمير ديلو، لـ«الشرق الأوسط» أن الموقوفين الثلاثة «الخطيرين جداً» الذين أعلنت السلطات الأمنية عن إيقافهم مؤخراً متهمون بالانتماء إلى «تنظيم جند الخلافة» السلفي المتطرف.

وحسب مصادر أمنية وقضائية، فإن أعضاء هذا التنظيم من بين المسلحين «التكفيريين» الذين انشقوا عن تنظيم «عقبة بن نافع» السلفي والمجموعات المشابهة له التي بزرت في العقود الماضية في الجزائر وتونس وليبيا. ومن بين هؤلاء الإرهابيين من بايع قيادات إقليمية ودولية لتنظيم «داعش»، بعد أن كانوا أقرب إلى «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» الذي برز خلال العقدين الماضيين في الجزائر والبلدان المغاربية، ثم في منطقة الساحل والصحراء، من موريتانيا إلى مالي والتشاد والصومال.

ورغم الضربات الموجعة التي وجّهتها قوات الأمن التونسية لأبرز قيادات هذه التنظيمات المسلحة خلال الأعوام الماضية، وبينها اغتيال زعيمها لقمان أبو صخر، ونحو 10 من مساعديه قرب الحدود التونسية الليبية، فإن مجموعات صغيرة من «المسلحين» ما زالوا يتحركون في الغابات والجبال والمناطق التي يعتقدون أنها «بعيدة عن أعين قوات الأمن والجيش».

لكن الناطق باسم وزارة الداخلية فاكر بوزغاية، والناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، أعلنا خلال الأسابيع القليلة الماضية عن «تصفية 3 إرهابيين خطرين»، ثم عن سلسلة من الإيقافات لمتهمين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» صدرت ضدهم أحكام غيابية في عدة محاكم تونسية وطنياً وجهوياً.

كما أعلنت مصادر أمنية خلال اليومين الماضيين عن إيقاف متهمين بالإرهاب و«الانتماء إلى التكفيريين» في محافظات تونس العاصمة والمهدية، وسط البلاد.

19 جثة ومهربون

وفي سياق مكافحة «تهريب البشر والسلع الممنوعة والمخدرات»، أعلنت مصالح الأمن الوطني التونسية عن حجز كميات هائلة من المخدرات والمواد والأموال المهربة، وعن إيقاف 5 من بين أبرز المتهمين بـ«تهريب المهاجرين غير النظاميين» التونسيين والأجانب انطلاقاً من السواحل التونسية.

وأسفرت عمليات تدخل الحرس البحري في سواحل وسط البلاد عن «انتشال 19 جثة آدمية» تمت إحالتها على بيت الأموات من بين المهاجرين غير النظاميين الذين غرقت مراكبهم.

وبعد مرور أكثر من شهر على غلق بوابة رأس الجدير الحدودية البرية بين تونس وليبيا، التي يستخدمها عادة أكثر من نصف مليون مسافر شهرياً في الاتجاهين، كثّفت مصالح الأمن التونسية والليبية مراقبة المحافظات الحدودية بعد صدور تقارير إعلامية وأمنية توحي ببروز مؤشرات جديدة لاستفحال «التهريب بقوة للبشر والسلع والمخدرات والأموال والذهب»، على طول الشريط الحدودي الصحراوي الذي يربط براً ليبيا بتونس والجزائر، والذي يقدر طوله بنحو 700 كيلومتر.


مقالات ذات صلة

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

شؤون إقليمية قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

اندلعت أعمال عنف وشغب تخللتها أعمال حرق ونهب لمحال تجارية في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل 3 رؤساء بلديات منتخبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

كشفت المواقع الرسمية للداخلية التونسية أن وزير الدولة للأمن وعدداً من كبار المسؤولين أشرفوا في المنطقة الحدودية التونسية - الليبية على «عملية أمنية».

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

إردوغان طلب من ترمب وقف الدعم الأميركي لأكراد سوريا

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أنه طلب من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وقف الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
شؤون إقليمية الطفلة نارين غوران راحت ضحية لجريمة قتل بشعة على يد أفراد من عائلتها هزَّت تركيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

بدء محاكمة المتهمين في جريمة قتل بشعة لطفلة هزَّت تركيا

عقدت محكمة الجنايات العليا في ديار بكر جنوب شرقي تركيا أولى جلسات الاستماع في قضية مقتل وإخفاء جثة الطفلة نارين غوران التي هزَّت البلاد وشغلت الرأي العام لأشهر

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

أطلق رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، تحذيراً من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي.

وأعرب حمدوك الذي يرأس تحالف «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، عن تخوفه من أن يتمزق السودان إلى كيانات عديدة تصبح بؤراً جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.

وقالت «تنسيقية تقدم» في بيان، إن حمدوك شارك في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في اجتماع مجلس «مؤسسة مو إبراهيم» التي تعنى بالحكم الرشيد في أفريقيا، وتسلط الضوء على نماذج لقيادات ناجحة، ومجلس «مؤسسة أفريقيا وأوروبا»، وهو منتدى مستقل يعنى بالتعاون بين الجانبين تأسس عام 2020. وحضر الاجتماع عدد من الرؤساء الأفارقة والأوروبيين السابقين، إلى جانب قيادة الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية.

تحذير من موجة نزوح الى أوروبا

وقال حمدوك إن الحرب تسببت في قتل أكثر من 150 ألف مواطن، وتشريد 12 مليوناً، نزوحاً ولجوءاً، وتدمير قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والقطاعات الإنتاجية. وأضاف: «إن الكارثة الإنسانية الكبرى ما يتعرض له المدنيون من أهوال ومخاطر في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، في مقابل القصور البين من المجتمع الدولي والأمم المتحدة».

الدكتور عبد الله حمدوك خلال ندوة في لندن الأربعاء 30 أكتوبر (موقع «تقدم» على فيسبوك)

وحذر رئيس الوزراء السابق، من أن استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن، سيفاجئ الجميع بأكبر أزمة لجوء لم يشهدها العالم من قبل، وعلى أوروبا الاستعداد من الآن لاستقبال الملايين الذين سيطرقون أبوابها عبر البحر الأبيض المتوسط.

وطالب حمدوك المجتمع الدولي باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين، عبر تفعيل قرار الجمعية العمومية المعني بمبدأ مسؤولية الحماية.

وكرر دعوته إلى إنشاء مناطق آمنة، ونشر قوات حماية، والبدء في عملية إنسانية موسعة عبر دول الجوار وخطوط المواجهة كافة دون عوائق، ومحاسبة من يعوقون العون الإنساني المنقذ للحياة.

وطالب مجدداً بفرض حظر الطيران الحربي فوق كل السودان، من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيّرات.

وقالت «تنسيقية تقدم» في البيان إن المشاركين في الاجتماعات أبدوا اهتماماً وتوافقوا على ضرورة التحرك العاجل لوقف الحرب في السودان.

وذكر البيان أن حمدوك التقى على هامش الاجتماعات بالممثل السامي للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوزيف بوريل، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.

تجدد المعارك

ودارت اشتباكات عنيفة الجمعة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منطقة الحلفايا شمال مدينة الخرطوم بحري، استخدما فيها المدفعية الثقيلة والمسيّرات، وهز دوي الانفجارات القوية ضواحي مدن العاصمة الخرطوم.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

وقال سكان في بحري إنهم «شاهدوا تصاعد أعمدة الدخان في سماء المنطقة، مع سماع أصوات الأسلحة الثقيلة وتحليق مكثف لطيران الجيش».

وأفادت مصادر محلية بأن قوات الجيش نفذت فجر الجمعة هجوماً واسعاً على دفاعات «قوات الدعم السريع» في منطقة السامراب.

في المقابل، قالت «الدعم السريع» إنها شنت هجوماً مباغتاً على قوات الجيش المتمركزة في محور الحلفايا، ودمرت عدداً من السيارات القتالية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمكن الجيش السوداني من عبور جسر الحلفايا الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري، والوصول إلى عمق المناطق التي كانت تسيطر عليها «الدعم السريع».

من جهة ثانية، قالت كتلة منظمات المجتمع المدني بدارفور إن الطيران الحربي للجيش السوداني قصف مدينة الكومة شمال غربي الإقليم بـ6 صواريخ استهدف مدرسة لإيواء النازحين، أسفر عن مقتل عدد من الأطفال وتدمير مصدر المياه، وعدد من المنازل السكنية.

واستنكر التجمع في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه تكرار القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ التدابير كافة لحظر الطيران الحربي.