القمة الثلاثية في تونس تؤكد رفض التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي

وتدعو لوقف الحرب على غزة

الرئيسان التونسي والجزائري في مطار قرطاج (إ.ب.أ)
الرئيسان التونسي والجزائري في مطار قرطاج (إ.ب.أ)
TT

القمة الثلاثية في تونس تؤكد رفض التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي

الرئيسان التونسي والجزائري في مطار قرطاج (إ.ب.أ)
الرئيسان التونسي والجزائري في مطار قرطاج (إ.ب.أ)

وأكد زعماء تونس والجزائر وليبيا «الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي» كما دعوا إلى وقف فوري ودائم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ودعا الزعماء، بعد الاجتماع التشاوري الأول، في بيان تلاه وزير الخارجية التونسي نبيل عمار إلى «دعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى تنظيم انتخابات (في ليبيا) بما يحفظ وحدتها».

وجدد البيان مطالبة الدول الثلاث للمجتمع الدولي بالوقف الفوري والدائم «للعدوان الهمجي» الإسرائيلي والرفع الكامل للحصار عن غزة. كما حذر من «خطورة التدخلات الخارجية في منطقة الساحل والصحراء وتبعاتها على السلم في المنطقة والعالم وضرورة دعم أمن واستقرار المنطقة».

واتفق القادة الثلاث أيضاً على «تنسيق الجهود لتأمين الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة وتنمية المناطق (الحدودية) وتوحيد المواقف في الخطاب مع مختلف الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية بين الدول في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية جنوب الصحراء».

ودعا الزعماء الثلاثة إلى إقامة «مشاريع واستثمارات كبرى في مجالات مثل إنتاج الحبوب والعلف وتحلية مياه البحر» بهدف تحقيق الأمن المائي والغذائي للبلدان الثلاث.

ووقع الزعماء اتفاقاً للتعجيل بتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين ليبيا وتونس والجزائر وتطوير التعاون في مجال المناجم والطاقة المتجددة والنظيفة وتذليل الصعوبات التي تواجه تدفق السلع والبضائع، وزيادة التجارة البينية وإقامة مناطق تجارية حرة وتسهيل حركة الأفراد.

وتزامنت القمة مع انطلاق تدريبات عسكرية دولية أطلسية في تونس والمغرب وغانا والسنغال بمشاركة قوات تضم أكثر من 7 آلاف عسكري تابعة لعشرين دولة بينها الولايات المتحدة وقوى من الحلف الأطلسي.

وسبق للجزائر وإسبانيا أن تحفظتا على هذه المناورات الضخمة التي تنظَّم للعام الرابع على التوالي بمشاركة تونس والمغرب والولايات المتحدة.

سعيد والمنفي (أ.ف.ب)

وكانت القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية - الليبية، قد انعقدت بحضور الرؤساء قيس سعيد وعبد المجيد تبون ومحمد المنفي وعدد من أبرز مستشاريهم المدنيين والعسكريين والأمنيين.

وشارك في هذه القمة المغاربية المصغرة في قصر الرئاسة بقرطاج، وزراء الخارجية ومستشارون سياسيون وعسكريون وأمنيون في الدول الثلاث.

وكشفت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد، ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، على هامش اجتماع تمهيدي للقمة أشرفا عليه في «مطار تونس قرطاج» بحضور عدد من مستشاريهما، عن حرص على تبليغ رسائل سياسية عديدة للرأي العام وصناع القرار على الصعيدين المغاربي والدولي.

الرئيسان الجزائري والتونسي في مطار قرطاج (أ.ف.ب)

أولى الرسائل كانت «التطمينات» التي وجَّهها الرئيس الجزائري إلى العاصمتين الموريتانية نواكشوط، والمغربية الرباط، وإلى الدبلوماسيين في كامل المنطقة حول «عدم وجود نية لإقصاء أي طرف من خلال الدعوة إلى هذه الاجتماعات المغاربية الثلاثية»، كما نفى تبون أن تكون وراء «المبادرة بالدعوة إلى مثل هذه القمة المغاربية المصغرة (نيّات) لإقصاء أي طرف». وأكد أن هذه الاجتماعات «ليست موجهة ضد أحد».

كان وزير الخارجية التونسي الأسبق السفير أحمد ونيس، قد أدلى بتصريحات عشية هذه القمة الثلاثية طالب فيها قادة طرابلس وتونس والجزائر بأن تقتصر محادثاتهم على بعض الملفات الأمنية مثل «تداعيات الأزمة الليبية والهجرة غير النظامية من جنوب المتوسط نحو بلدان أوروبا». ودعا إلى «عدم التورط في تقسيم البلدان المغاربية وافتعال أزمات ثانوية جديدة فيها».

في الوقت نفسه، صدرت عن الرئيسين التونسي والجزائري على هامش هذه القمة مواقف أكدت بوضوح «الصبغة الاستراتيجية للشراكة والتعاون بين تونس والجزائر في كل المجالات، ووقوف الجزائر الكامل مع تونس في أزماتها».

رئيس المجلس الرئاسي الليبي (أ.ف.ب)

وذهب الرئيس عبد المجيد تبون بعيداً من حيث توضيح رهانه وحكومته على تطوير العلاقات مع «الدولة والشعب في تونس»، فردَّ على تساؤلات الصحافيين قائلاً: «تونس واقفة ولن تسقط وستظل صامدة». كما عبَّر بصيغ مختلفة عن «وقوف الجزائر مع تونس ومع الشعب التونسي ومع أخي قيس سعيد».

ورأى مراقبون في تونس أن تبون دعم مجدداً الرئيس التونسي سعيد، عشية الانتخابات الرئاسية المقررة للخريف القادم. وردَّ الرئيس التونسي على التحية بمثلها، فنوّه بدوره في العلاقات المميزة بينه وبين نظيره الجزائري والدولة الجزائرية.

تبون وسعيد (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، أكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن القمة الثلاثية «ناقشت القضايا الأمنية والسياسية الإقليمية وبينها تعقيدات الأزمة في ليبيا وملفات الهجرة والإرهاب والحروب بالوكالة التي تشهدها المنطقة، والتصعيد السياسي والعسكري منذ اندلاع طوفان الأقصى وبدء حرب الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية والقدس العربية».


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما - بيرو 15 نوفمبر 2024 (رويترز)

بايدن: العالم يواجه لحظة تغيير سياسي كبير

حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الجمعة)، من مدة، من التغيير السياسي في أثناء عقده اجتماعاً مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية في قمة آسيا والمحيط الهادئ.

«الشرق الأوسط» (ليما)
العالم عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

خيّم جوّ من عدم اليقين على قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ» (آبيك) المقامة في البيرو، بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (ليما)
تكنولوجيا خلال جلسة في «قمة الويب» 2024 في لشبونة عاصمة البرتغال 12 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

«ثورة الذكاء الاصطناعي» تطغى على «قمة الويب» في لشبونة

يطغى الذكاء الاصطناعي والتحوّلات الناتجة عنه على المناقشات خلال «قمة الويب» التي تُعقَد في لشبونة هذا الأسبوع على خلفية إعادة انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
الخليج صورة جماعية للقادة المشاركين في القمة العربية - الإسلامية في الرياض العام الماضي (واس) play-circle 00:38

قمة الرياض: تشديد على وقف الجرائم الإسرائيلية (تغطية حية)

تشهد الرياض «القمة العربية الإسلامية» غير العادية، بحضور قادة وممثلي أكثر من 50 دولة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.