مصر تكثف اتصالاتها لاحتواء التوتر في المنطقة

عبرت عن قلقها من استمرار التصعيد الإيراني - الإسرائيلي

إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

مصر تكثف اتصالاتها لاحتواء التوتر في المنطقة

إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)

أكدت مصر أنها «سوف تستمر في تكثيف اتصالاتها مع جميع الأطراف المعنية والمؤثرة من أجل احتواء التوتر والتصعيد الجاري في المنطقة»، معربة في إفادة رسمية صادرة عن وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، عن «قلقها البالغ» تجاه استمرار التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، إثر ما تردد عن «توجيه ضربات صاروخية ومسيرات ضد مواقع في إيران وسوريا»، بحسب الإفادة.

وطالبت مصر الطرفين بـ«ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتثال الكامل لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة»، محذرة من «عواقب اتساع رقعة الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة، وآثارها الخطيرة على أمن وسلامة شعوبها».

وأعلنت إيران أن انفجارات وقعت في وسط البلاد وفي وقت مبكر من الجمعة، بينما تحدث مسؤولون أميركيون عن «هجوم إسرائيلي رداً على هجمات غير مسبوقة بطائرات مسيّرة وصواريخ ضد إسرائيل الأسبوع الماضي»، لكن وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء نقلت عن مصادر مطلعة قولها إنه «لا معلومات تشير إلى هجوم من الخارج»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ومنذ الهجوم الإيراني بالمسيّرات على إسرائيل، الأسبوع الماضي، تبذل القاهرة جهوداً مكثفة لـ«احتواء التصعيد»، و«منع اتساع رقعة الصراع»، حيث أجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتصالات مع نظرائه في الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، الأحد الماضي، ركزت في مجملها على «الدعوة لضبط النفس» مع تأكيد «استعداد القاهرة للتعاون مع الشركاء سعياً لنزع فتيل الأزمة».

كما بحث وزير الخارجية المصري، الجمعة، مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا، ناليدي باندور، في العاصمة بريتوريا، آخر المستجدات في قطاع غزة، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد. وجدد شكري، خلال اللقاء، التأكيد على «رفض مصر التام لأية عملية عسكرية في رفح الفلسطينية، نظراً لتداعياتها الإنسانية الخطيرة»، مشدداً على «ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون أية عوائق».

وحذر وزير الخارجية المصري من «الخطورة البالغة للأزمة الراهنة، التي يُمكن أن تخرج عن إطار السيطرة»، مؤكداً «أهمية تكثيف التواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية من أجل وقف التصعيد واحتواء الأزمة الراهنة».

أدخنة تصاعدت من خان يونس جراء الغارات الإسرائيلية قبل أيام (د.ب.أ)

وأشاد شكري بـ«موقف جنوب أفريقيا الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين كأساس للتسوية النهائية، والداعم للجهود المصرية فيما يتعلق بالدفع قدماً بإيجاد حل عادل ودائم لتلك القضية».

وكانت جنوب أفريقيا قد أقامت دعوى في محكمة العدل الدولية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وطلبت اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، واتهمت تل أبيب بارتكاب «إبادة جماعية» في حربها على القطاع.

وتلعب مصر إلى جانب قطر والولايات المتحدة دور الوسيط من أجل التوصل لاتفاق هدنة في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، يجري خلالها تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى من الجانبين، وعقد الوسطاء جولات تفاوض غير مباشرة منذ يناير الماضي، لم تسفر حتى الآن عن اتفاق.

وبدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، «أهمية الاتصالات والجهود الدبلوماسية الرامية لمنع اتساع رقعة الصراع في المنطقة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الجهود قد تنجح في وقف التصعيد لا سيما أن الولايات المتحدة وطهران لا ترغبان في توسيع الصراع». وأوضح أن «طهران ترغب في الخروج من حالة العزلة، واستعادة علاقاتها مع دول المنطقة، ولذلك لا ترغب في الدخول في حرب، ومن هنا كانت الضربة التي وجهتها لإسرائيل محدودة ودون خسائر، من قبيل إرسال رسالة بأنها قادرة على الوصول إلى تل أبيب».

في نفس الوقت يؤكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن «الولايات المتحدة لا تريد توسيع الصراع لا سيما أنها في عام انتخابات، وتل أبيب تدرك أنها غير قادرة على توجيه ضربة موجعة لإيران دون مساعدة واشنطن».

وسبق أن حذرت القاهرة أكثر من مرة من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، وهو ما أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التأكيد عليه خلال مؤتمر صحافي مع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في القاهرة، الأربعاء الماضي. وقال السيسي حينها، إن «مصر سبق أن حذرت كثيراً من تبعات الحرب في غزة، سياسياً وأمنياً وإنسانياً، إضافة على ما ستجر من اتساع للصراع وامتداد حتمي لدعوات التصعيد والانتقام ما يدخل المنطقة في دائرة من العنف والعنف المضاد». وشدد على «ضرورة التكثيف والتشجيع الفوري لجهود إيقاف التصعيد سواء في الأراضي الفلسطينية أو على المستوى الإقليمي».

فلسطينيون ينصبون خياماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة بين الجيش الإسرائيلي و«حماس» (د.ب.أ)

ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة «قناة السويس» المصرية، الدكتور جمال سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجهود الدبلوماسية رغم أهميتها؛ فإن نجاحها متوقف في هذه القضية على الموقف الإسرائيلي، وما إذا كانت ستكتفي بالضربة المحدودة جداً التي وجهتها، الجمعة، لإيران، أم ستعمد إلى توجيه هجمات أخرى»، مشيراً إلى أن «العملية محصورة بين قوتين إقليميتين إسرائيل وإيران». ولفت إلى «مساعي الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل حتى لا يتوسع الصراع».

وأضاف سلامة أنه رغم التحذيرات الدولية فإن «الحرب في غزة بدأت تتوسع لتمتد إلى مناطق أخرى في الإقليم، ما ينذر بمخاطر كبيرة يصعب التكهن بها». وتابع: «العالم كله يطالب بضبط النفس، لكن الأمر متوقف على سلوك إسرائيل».

وفي سياق متصل، أعرب وزير الخارجية المصري، الجمعة، عن «أسفه لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة».

واستخدمت الولايات المتحدة، الخميس، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبلغ عدد الأعضاء الذين صوتوا لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في جلسة عقدها مجلس الأمن، 12 دولة، في حين امتنعت دولتان عن التصويت هما بريطانيا وسويسرا.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في منشور عبر حسابه على «إكس»، الجمعة، إنه «أمر مؤسف للغاية أن يستخدم الفيتو لإعاقة إرادة دولية واضحة بالموافقة على انضمام فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة». وأضاف: «نعلم أنها ليست سوى خطوة في طريق كفاح سياسي طويل سينتهي حتماً بانتصار الإرادة الفلسطينية المدعومة عربياً ودولياً».


مقالات ذات صلة

الرئيس الفرنسي دعا إلى وقف تقديم الأسلحة المستخدمة في غزة

تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

الرئيس الفرنسي دعا إلى وقف تقديم الأسلحة المستخدمة في غزة

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)

تحليل إخباري دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

وسط تصعيد إسرائيلي للحرب في لبنان وتواصلها في غزة، أثارت دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن الكف عن تسليم أسلحة لإسرائيل، تساؤلات بشأن إمكانية تفعيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة ) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس (أ.ب)

هاريس: الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار

أعلنت نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

برغم مرور 51 عاماً على حرب السادس من أكتوبر عام 1973، تشهد مصر منذ أيام احتفالات واسعة بالنصر على إسرائيل الذي تحلّ ذكراه بالتزامن مع استمرار الحرب في غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شؤون إقليمية تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

استدعى الجيش نحو 300 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، خدم كثير منهم لعدة أشهر، وسيكون لتجاربهم وتجارب أسرهم تأثير على المواقف في إسرائيل لسنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.