كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات أمنية وعسكرية من فرق النخبة المختصة في مكافحة الإرهاب أوقفت بعد عمليات أمنية مشتركة، 3 متهمين «خطرين جداً» في جرائم إرهابية في جبال محافظة القصرين المتاخمة للحدود مع الجزائر.
ورجّحت مصادر مطلعة أن يكون الموقوفون من «مجموعة جند الخلافة» الذي صنّفته السلطات الجزائرية عام 2015 والسلطات التونسية في 2021 تنظيماً إرهابياً. كما اتهم بالتعامل مع تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» ومجموعات مسلحة إرهابية مماثلة.
وأورد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني العميد حسام الدين الجبابلي أن قوات الأمن والجيش نصبت «كميناً محكماً» لثلاثة متهمين خطرين بالإرهاب في جبال المنطقة الحدودية مع الجزائر. وأمكن اعتقال قائد المجموعة، ثم اثنين من مجموعته في ظرف 24 ساعة.
تنظيم مسلح
وكشفت المصادر نفسها عن أن المتهم الأول الموقوف هو زعيم مجموعة مسلحة سرية عُرفت باسم «جند الخلافة». وهذه المجموعة متهمة بـ«ترويع المدنيين وشنّ هجمات على العسكريين والأمنيين ومصالح الناس في محافظة القصرين والمناطق الجبلية والغابات المنتشرة وكامل في المنطقة»، ولديها سوابق في الجزائر خلال صراعات قوات الأمن والجيش مع التنظيمات الإرهابية.
كما اتهمت هذه المجموعة المتشددة بالمشاركة في العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس والدول المغاربية منذ انتفاضات 2011 التي أدت إلى «إضعاف الدولة المركزية»، بسبب إسقاط حكومات الرئيس زين بن علي في تونس ومحمد حسني مبارك ومعمر القذافي في ليبيا وانفجار «نزاعات مسلحة عنيفة في سوريا واليمن وفي المنطقة».
وأورد بلاغ رسمي للإدارة العامة للحرس الوطني أن أعضاء هذه المجموعة الإرهابية كانوا يختفون في غابات الجبال في المنطقة نفسها منذ أعوام.
قتلى وموقوفون وفارّون
وقال الوزير السابق والمحامي سمير بن عمر، المختص في قضايا المتهمين بالانتماء إلى المجموعات السلفية والمسلحة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع أن يكون عدد المشتبه بانتمائهم إلى المجموعات «التكفيرية» و«التنظيمات المسلحة» بضع عشرات من «بين الفارين» بسبب برقيات تفتيش قد تكون صدرت ضدهم عن عدد من المحاكم والمؤسسات الأمنية.
وأوضح بن عمر أن عدد هؤلاء الفارين إلى الجبال كان قبل نحو عشرة أعوام أكبر بكثير، وشمل آلاف المتهمين، لكنه انخفض بعد أن قُتل كثير منهم خلال المواجهات مع القوات الأمنية والعسكرية أو شملتهم حملات الاعتقال والمحاكمات خلال العشرية الماضية من قِبل المصالح المختصة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب.
في الوقت نفسه، كشفت تقارير نشرتها مراكز دراسات أمنية واستراتيجية تونسية ودولية، عن أن آلاف «السلفيين التكفيريين» وعناصر المجموعات المسلحة فرّوا خلال العشرية الماضية نحو ليبيا وسوريا والعراق وعدد من «بؤر التوتر» في بلدان الساحل والصحراء الأفريقية.
أحزمة ناسفة
وفي سياق متصل، توقع الخبير في الدراسات الأمنية وعالم الاجتماع، نور الدين النيفر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تشهد المناطق الجبلية والغابات في المحافظات الحدودية مع الجزائر مزيداً من الإيقافات»؛ لأن المعطيات الأمنية والقضائية كانت تؤكد أن نسبة كبيرة من المسلحين والمتهمين بالإرهاب في كامل المنطقة يتنقلون بين الدول المغاربية ودول الساحل والصحراء.
و أوضحت مصادر وزارة الداخلية التونسية أن القوات المسلحة رصدت يوم الأربعاء عُنصرين إرهابيّين بجهة «عين الغرم»، في عمق جبل «السيف» بولاية القصرين.
وقامت السلطات الأمنية بتشكيل «فريق يضم وحدات من فرق مكافحة الإرهاب والإدارة العامّة للمصالح المختصّة للأمن الوطني وفرقة الإرشاد الحدودي للحرس الوطني». وبعد عمليات «تمشيط واسعة للمكان» و إعداد «كمين محكم» أمكن إلقاء القبض على العنصر الإرهابي المدعو سيف الدين زبيبة. وأُعلن لاحقاً صباح اليوم (الجمعة) عن إلقاء القبض على عنصر إرهابي ثالث فارّ في المنطقة الجبلية الحدودية نفسها في محافظة القصرين الحدودية. كما أُعلن عن حجز أسلحة وذخيرة وأحزمة ناسفة عند الإرهابيين.
يذكر أن هذه المتغيرات الأمنية تزامنت مع تظاهرات متنوعة في سياق احتفال السلطات بالعيد الـ68 لتونسة الأمن الوطني قي العاصمة وفي الجهات. وأشرف على بعض هذه التظاهرات الرئيس قيس سعيّد ورئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرا الداخلية كمال الفقي والعدل ليلي جفال. وشملت التظاهرات تكريم عائلات الأمنيين الذين قُتلوا أو أُصيبوا خلال عمليات إرهابية منذ 2011.