هل تتأثر مصر بـ«منخفض الهدير»؟

تعرضت العديد من دول الخليج، أمس الثلاثاء، وخاصة الإمارات وسلطنة عمان، لتقلبات جوية ورياح شديدة، وهطول أمطار غزيرة وصلت حد السيول والفيضانات، مما أثار الكثير من التساؤلات حول إمكانية تأثر مصر بهذه الحالة الجوية. وجاءت تلك الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة، التي أطلق عليها «منخفض الهدير»، بالتزامن مع تعرض مصر لأجواء شديدة الحرارة على الأنحاء كافة، حسب ما أعلنته الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية.

وقالت الهيئة عبر صفحتها على «فيسبوك»، اليوم الأربعاء، إن آخر صور الأقمار الصناعية تشير إلى نشاط الرياح المثير للرمال والأتربة على غرب مصر، مما يؤدى إلى انخفاض فى مستوى الرؤية الأفقية هناك. ومن المتوقع أن تتقدم الرمال المثارة إلى باقي المناطق مع تقدم الوقت.

لكن عضو المركز الإعلامي للهيئة العامة للأرصاد الجوية، الدكتورة منار غانم، أكدت أن مصر لن تتأثر بالحالة الجوية في دول الخليج (عمان والإمارات والبحرين وشرق المملكة العربية السعودية).

أمطار غزيرة وغير مألوفة ضربت أحياء وشوارع دبي اليوم الأربعاء (رويترز)

وذكرت منار غانم في تصريحات أوردتها وسائل إعلام مصرية، الأربعاء، أن «مصادر الكتل الهوائية المؤثرة على مصر مختلفة عن المصادر الهوائية المؤثر على دول الخليج، حيث تتأثر تلك الدول بمنخفض جوي متعمق في طبقات الجو العليا على سطح الأرض بارتفاع من 5 إلى 6 كيلومترات، مع كتل هوائية رطبة قادمة من المحيط الهندي وبحر العرب، ومع فرق في درجات الحرارة بين طبقات الجو العليا وسطح الأرض». مشيرة إلى أن الطبيعة الجبلية في هذه الدول تساعد على تكون السحب، التي أدت إلى هطول أمطار غزيرة، وصلت حد السيول والفيضانات، لكن مصر تتأثر بكتل هوائية صحراوية منخفضة في نسب الرطوبة، معظمها قادم من الصحراء الغربية مع مرتفع جوي في طبقات الجو العليا، لذا فإن التوزيعات في ضغط الهواء مختلفة.

كما أوضحت منار غانم أن مصر تتأثر حالياً بارتفاع ملحوظ ومؤقت في درجات الحرارة العظمى على القاهرة الكبرى لتسجل 36 درجة مئوية، وأن هناك أجواء شديدة الحرارة خلال فترة النهار، لكن يكون الجو لطيفاً في الليل على أغلب المحافظات، مع نشاط للرياح مثير للرمال والأتربة يؤدي إلى تدهور الرؤية الأفقية على معظم شمال البلاد.

مصر تتعرض لأجواء شديدة الحرارة على كافة الأنحاء (هيئة الأرصاد الجوية المصرية على «فيس بوك")

منخفض شبه خماسيني

من جانبه، قال أستاذ المناخ في جامعة الزقازيق بمصر، نائب رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية السابق، الدكتور علي قطب، إنه لا تأثير لـ«منخفض الهدير» على مصر مطلقاً، لكن مصر تتعرض حالياً لمنخفض جوي صحراوي، شبه خماسيني (ينشط بعد 50 يوماً من دخول فصل الربيع)، قادم من الصحراء الأفريقية الكبرى، يؤدي لارتفاع في درجات الحرارة، يكون مصحوباً بنشاط للرياح تبلغ ذروته، اليوم الأربعاء، ثم تنخفض غداً درجات الحرارة، ولن يكون هذا المنخفض مصحوباً بأمطار.

وأضاف قطب موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن الظواهر الجوية المصاحبة عادة للمنخفضات الجوية تتوقف على جهة قدومها، لكن في مصر فإن المنخفض الحالي قادم من الصحراء الأفريقية الكبرى، وليس له امتداد في طبقات الجو العليا، وبالتالي هو هواء جاف مصحوب بأتربة ورمال، ويتحرك وفق الحركة الطبيعية للرياح من الغرب إلى الشرق.

لكن في المقابل، فإن «منخفض الهدير»، الذي حدث في دول الخليج، تكوّن في المحيط الهندي وتحرك باتجاه بحر العرب، فتشبع بنسبة كبيرة للغاية من بخار الماء، وله امتداد في طبقات الجو العليا، وأدى إلى تكوين كميات كبيرة من السحب الممطرة الرعدية الركامية، التي يصاحبها عادة أمطار غزيرة ورعدية خلال فترات زمنية قصيرة، ثم يضعف هذا المنخفض وينتهي تماماً.

صور الأقمار الصناعية تشير إلى نشاط الرياح المثير للرمال على غرب مصر (صفحة هيئة الأرصاد الجوية المصرية على «فيس بوك")

وعن كيفية حدوث ذلك، أوضح قطب أن المنخفضات الجوية التي تُسبب هطول الأمطار تترافق عادة مع منخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا، مصحوب بكتبة هوائية باردة، ثم يبدأ الهواء الساخن ذو الضغط المنخفض في الصعود إلى طبقات الجو العليا، حيث يتمدد ويبرد، مما يؤدي إلى انخفاض ضغطه، وتكوين منخفض جوي في طبقات الجو العليا، وأثناء اندفاع الهواء البارد فوق الهواء الدافئ الرطب على سطح الأرض، يتكثف الهواء الدافئ المشبع بالرطوبة على شكل غيوم، مما يؤدي إلى تساقط الأمطار.

مواطن إماراتي يحاول عبور الشارع بعد أن غطته مياه الأمطار وسط مدينة الشارقة الإماراتية (أ.ف.ب)

وأشار قطب إلى أنه من الوارد خلال الأيام المقبلة أن تتأثر مصر بمنخفض خماسيني، يمكن أن يمتد تأثيره إلى الجزيرة العربية، وتحديداً الكويت والعراق وبلاد الشام والأردن، لافتاً إلى أن المنخفضات الجوية التي تتأثر بها مصر تكون عادة قادمة من الغرب، وتتحرك إلى الشرق. وأوضح أن المنخفضات الخماسينية تكون عادة جافة ومتربة، ومصحوبة برياح قوية محملة بكميات من الرمال والأتربة، ونادراً ما تسقط معها أمطار، لأنها لا تحتوي على امتداد لمنخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا.

في غضون ذلك، نصحت الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية بتجنب التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر، مع ارتداء الكمامات لمرضى الحساسية الصدرية، والقيادة بهدوء تام.