باتيلي: ليبيا صارت ساحة تنافس شرس إقليمياً ودولياً

اتهم رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، عبد الله باتيلي، الثلاثاء، الزعماء الرئيسيين في البلاد بـ«التحدي المتعمد» للجهود الدولية لإحلال السلام، والعمل على «تأخير الانتخابات بشكل دائم»، محذراً أيضاً من أن ليبيا صارت «ساحة للتنافس الشرس» بين الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، التي «تتدافع بشكل متجدد» من أجل الحصول على موقع ليبيا ومواردها، وهذا ما يجعل الحل «بعيد المنال».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة (الوحدة)

وفي مستهل جلسة عقدها مجلس الأمن حول الوضع في ليبيا، قدم المبعوث الأممي، الذي يعمل أيضاً ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إحاطة عبّر في بدايتها عن أسفه لأن محاولاته مع أصحاب المصلحة الليبيين الخمسة الرئيسيين لحل كل القضايا المتنازع عليها، والمتعلقة بالقوانين الانتخابية، وتشكيل حكومة موحدة «قوبلت بمقاومة عنيدة، وتوقعات غير معقولة، ولامبالاة بمصالح الشعب الليبي». وقال إنه «منذ نهاية عام 2022، واجهت الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للمساعدة في حل الأزمة السياسية في ليبيا، من خلال الانتخابات، نكسات وطنية وإقليمية، مما كشف عن تحدٍّ متعمد للانخراط بشكل جدي، وإصرار على تأخير الانتخابات بشكل دائم»، مضيفاً أنه «في ظل المواقف المتحجرة، والتعقيدات الإقليمية والعالمية، أصبحت التحديات التي تواجه الجهود التي تقودها الأمم المتحدة في ليبيا واضحة بشكل كبير». موضحاً أنه رغم المشاركة المستمرة وواسعة النطاق مع الجهات المؤسسية الفاعلة الرئيسية، فإن مواقفها «لا تزال تعرقل بشكل كبير الجهود المبذولة لدفع العملية السياسية».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (حكومة الاستقرار)

كما أوضح باتيلي أن رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، رشحا ممثليهما للحوار المقترح، لكنّ كليهما «وضع شروطاً مسبقة تتطلب إعادة فتح القوانين الانتخابية، التي جرى التوصل إليها بتوافق الآراء بعد ثمانية أشهر من المفاوضات من طرف لجنة (6+6)، ونشر في الجريدة الرسمية بقرار من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح». مضيفاً أن تكالة والدبيبة يطالبان بـ«اعتماد دستور جديد شرطاً مسبقاً للعملية الانتخابية»، فضلاً عن أن صالح يواصل «وضع تشكيل حكومة جديدة من مجلس النواب كأولوية له»، معتبراً أن مجلس النواب هو «الهيئة التشريعية الرئيسية التي تتمتع بمنتهى الشرعية». ومن جهته، يشترط قائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، «مشاركته إما بدعوة من حكومة أسامة حماد المدعومة من مجلس النواب، وإما بإلغاء دعوة الدبيبة، أي استبعاد الحكومتين». موضحاً أن «الجيش الوطني الليبي هو بلا منازع سلطة اتخاذ القرار في الأمور السياسية والعسكرية والأمنية في شرق وجنوب ليبيا. وحكومة حماد هي جناحها التنفيذي».

باتيلي في لقاء سابق مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي (الوحدة)

وأضاف باتيلي موضحاً أنه بينما تعمل «أنسميل» ووكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها على مشاركة الحكومة، المدعومة من مجلس النواب، خصوصاً في القضايا المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في درنة، فإنها «ليست واحدة من المؤسسات الرئيسية التي يتعين قبولها من أجل التوصل إلى تسوية سياسية لتمكين إجراء الانتخابات». وحذر من خطورة «إضفاء طابع رسمي على الانقسامات» في ليبيا، معتبراً أن «التنافس بين اللاعبين الخمسة الرئيسيين هو جوهر المشكلة»، وأن «الحوار هو وسيلة متوازنة لحل شامل».

كما لفت باتيلي أيضاً الى أن «التعقيدات تفاقمت بسبب اتفاق واضح بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، حسب بيان مشترك عقب اجتماع ثلاثي في القاهرة»، مؤكداً أن مناقشاته اللاحقة مع القادة الذين شاركوا في اجتماع القاهرة «كشفت عن تفسيرات متباينة ونقص في التفاصيل بشأن نتائجه». ونبه إلى أن «المبادرات الأحادية والموازية وغير المنسقة تسهم في تعقيدات غير ضرورية، وترسيخ الوضع الراهن».

حفتر وباتيلي في لقاء سابق بحث إجراء الانتخابات الليبية

في سياق ذلك، رأى باتيلي أيضاً أن الشروط المسبقة التي طرحها القادة الليبيون «تتعارض مع نيتهم المعلنة إيجاد حل للصراع بقيادة ليبية»، متهماً هؤلاء بأنهم «لم يُظهروا حتى الآن حسن نيتهم». وقال إن «المخاوف تزداد بشأن إضعاف الإجماع الدولي حول ليبيا بين عامة السكان، لأن بلادهم صارت ساحة للتنافس الشرس بين الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية بدوافع جيوسياسية وسياسية واقتصادية»، فضلاً عن «المنافسة التي تمتد إلى ما هو أبعد من ليبيا والمتعلقة بجيرانها». محذراً من أن «التدافع المتجدد على ليبيا وموقعها، ومواردها الهائلة بين اللاعبين الداخليين والخارجيين، يجعل الحل بعيد المنال».

وبخصوص الوضع الاقتصادي في ليبيا أوضح باتيلي أنه «شهد توتراً شديداً، وسط تحذيرات من مصرف ليبيا المركزي من أزمة سيولة وشيكة»، ملاحظاً أن الرسوم الإضافية على صرف العملات الأجنبية، وتقييد الوصول إليها، وانخفاض قيمة الدينار الليبي «أدت إلى تأجيج الغضب الشعبي». وبهذا الخصوص حضّ باتيلي السلطات الليبية على «الاتفاق بسرعة على ميزانية وطنية، ومعالجة أوجه القصور الكبيرة بشكل حاسم في الإدارة الشفافة والعادلة والمسؤولة لموارد الدولة لصالح جميع الليبيين، بمن في ذلك المهمشون». كما حذر من أن «أي تصعيد للتوترات في ليبيا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار، ليس فقط في تشاد والنيجر والسودان ولكن أيضاً في كل أنحاء منطقة الساحل الأوسع».