تونس: إجهاض تهريب 3 آلاف مهاجر أفريقي إلى إيطاليا عشية عيد الفطر

وسط مشاورات أمنية مع إيطاليا رفيعة المستوى

قوات الحرس الوطني التونسي أجهضت تهريب 84 ألف مهاجر أفريقي في 2023 حسب وزير الداخلية الإيطالي
قوات الحرس الوطني التونسي أجهضت تهريب 84 ألف مهاجر أفريقي في 2023 حسب وزير الداخلية الإيطالي
TT

تونس: إجهاض تهريب 3 آلاف مهاجر أفريقي إلى إيطاليا عشية عيد الفطر

قوات الحرس الوطني التونسي أجهضت تهريب 84 ألف مهاجر أفريقي في 2023 حسب وزير الداخلية الإيطالي
قوات الحرس الوطني التونسي أجهضت تهريب 84 ألف مهاجر أفريقي في 2023 حسب وزير الداخلية الإيطالي

كشفت مصادر أمنية تونسية رسمية أن قوات الحرس الوطني ومصالح الأمن المختصة في مكافحة التهريب والإرهاب والمخدرات والهجرة غير النظامية، أجهضت عشية عيد الفطر عشرات عمليات التهريب للبشر من السواحل التونسية إلى جنوب إيطاليا، كانت سوف تؤدي إلى نقل ما لا يقل عن 3 آلاف مهاجر جديد نحو أوروبا.

وأعلنت المصادر نفسها أن قوات «الحرس البحري» وبقية قوات أمن النخبة حجزت عشرات المراكب غير النظامية وعشرات المهربين والوسطاء، في منطقة «الوسط»، وتحديداً بالقرب من موانئ سواحل محافظة صفاقس، 270 كلم جنوب العاصمة تونس.

إيقاف مهربين وإجهاض تهريب آلاف المهاجرين الأفارقة (أرشيف مواقع الإعلام التونسية)

تونس – ليبيا – إيطاليا

وربط عدد من المراقبين، بينهم الإعلامي والخبير في السياسة الدولية منصف قوجة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بين هذا «التصعيد الأمني» وترفيع مستوى التنسيق الأمني بين وزارات الداخلية في تونس وليبيا وإيطاليا.

وعَدّ الخبير في الدراسات الأمنية البشير الجويني في تصريح «لـ«الشرق الأوسط» أن «الحاجة إلى مثل هذا التنسيق تزايدت بسبب الحوادث الأمنية التي تشهدها ليبيا خلال شهر رمضان الماضي». وقد تسببت هذه الحوادث في غلق (معبر رأس الجدير) الحدودي بين تونس وليبيا الذي يستخدمه سنوياً نحو 6 ملايين مسافر. ويخشى الخبراء الأمنيون أن يتسبب التمادي في غلق (المعبر الحدودي القانوني) في استفحال ظواهر التهريب للبشر والأموال والسلع، إلى جانب (تدهور الوضع الأمني في ميناء زوارة الليبي)، المجاور له، الذي يستخدمه المهربون بدوره بكثافة منذ سنوات، خاصة عندما تعود المواجهات بين (المجموعات المسلحة والمهربين والميليشيات المتعددة الألوان) من جهة، والقوات النظامية من جهة أخرى».

ضغوطات أمنية وسياسية

كما فسر البرلماني السابق عن دائرة إيطاليا، الحقوقي مجدي الكرباعي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «تزايد التنسيق الأمني» في ملفات الهجرة والإرهاب والمخدرات والتهريب بين تونس وليبيا وإيطاليا ومفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بـ«تزايد الضغوطات» في أوروبا عموماً وفي إيطاليا خاصة على رئيسة الحكومة اليمينية جيورجيا ميلوني وعلى المفوضية الأوروبية، بعد الكشف عن «وصول نحو 8500 مهاجر غير نظامي إلى إيطاليا عبر السواحل التونسية في أسبوع واحد، عشية عيد الفطر».

واقترنت إجازات العيد هذا العام بارتفاع درجات الحرارة وغياب العواصف، مما سهل عبور مزيد من المراكب غير النظامية من جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى شماله، وخاصة في اتجاه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.

إجهاض تهريب 84 ألف مهاجر

إيقاف مهربين وإجهاض تهريب آلاف المهاجرين الأفارقة (أرشيف مواقع الإعلام التونسية)

لكن وزير داخلية إيطاليا ماتيو بيانتي دوزي، الذي يزور تونس الأربعاء على رأس وفد يرافق رئيسة الحكومة ميلوني، نوه مجدداً بـ«جدية سلطات الأمن التونسية في التصدي لتهريب البشر عبر أراضيها وسواحلها»، وأعلن أن «تونس نجحت خلال عام 2023 في إجهاض تهريب 84 ألف مهاجر غير نظامي إلى إيطاليا»، وفي إنقاذ عشرات الغرقى في مياهها الإقليمية.

لكن الرئيس التونسي قيس سعيد الذي التقى خلال العام الماضي وزير الداخلية الإيطالية ماتيو دوزي ورئيسة حكومته ميلوني 3 مرات في تونس ومرتين في إيطاليا وبروكسل، عاد لمطالبة الاتحاد الأوروبي عموماً والسلطات الإيطالية خاصة بـ«عدم معالجة ملف الهجرة معالجة أمنية فقط»، ودعاهم إلى «شراكة أمنية اقتصادية تنموية شاملة ومتكافئة»، تؤدي إلى القضاء على «الأسباب العميقة للهجرة والتهريب بأنواعه».

كما انتقد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، وعدد من كبار المسؤولين التونسيين، مراراً «عدم احترام تعهداتهم التنموية والمالية لتونس وللبلدان المغاربية والأفريقية» التي تهدف إلى إنجاح «شراكة تنموية وأمنية شاملة».

كما أورد الرئيس قيس سعيد ووزير الخارجية الحبيب عمار بأن «تونس سوف تحمي حدودها البحرية فقط». واستبعدا أن تكون «وطناً بديلاً للمهاجرين غير النظاميين الأفارقة والأجانب الذين تسعى قيادات الاتحاد الأوروبي إلى ترحيلهم إلى خارج أوروبا، بما في ذلك لـ«بلدان العبور» وبينها تونس وليبيا والجزائر والمغرب ومصر.

أعمال عنف

يذكر أن جهات تونسية، بينها محافظة صفاقس وسط البلاد، شهدت عشية إجازات عيد الفطر أعمال عنف ومواجهات جديدة بين قوات الأمن التونسية ومئات المرشحين للهجرة غير النظامية التونسيين والأفارقة.

وكانت هذه الصدامات العنيفة استفحلت منذ عامين في العاصمة تونس وبالقرب من السواحل التي تنطلق منها «مراكب التهريب»، بعد أن ضاعفت السلطات الأمنية والسياسية الإيطالية والأوروبية ضغوطاتها على نظيرتها التونسية، وسط تقديرات بعبور أكثر من مائة ألف مهاجر سنوياً إلى جنوب أوروبا عبر السواحل الإيطالية والتونسية والليبية.

ونظمت قوات النخبة الأمنية التونسية والليبية خلال الأشهر والأسابيع الماضية حملات واسعة لإيقاف المهاجرين الأفارقة غير النظاميين وترحيلهم إلى مواطنهم براً وجواً، رغم احتجاجات بعض العواصم الأفريقية وقيادات المنظمات الحقوقية.

وانتقد عبد الرحمن الهذلي رئيس منظمة «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» باسم مؤسسته ومنظمات حقوقية تونسية وعربية في أوروبا تقارير انتقدت «المعالجة الأمنية لملف الهجرة».

واتهم الهذلي العواصم الأوروبية وبعض الحكومات العربية «بالتراجع عن المواثيق الحقوقية الأممية» وبالوقوع في «فخ مضايقة آلاف المهاجرين الأفارقة الفارين من الموت في بلدانهم بسبب الحروب والنزاعات المسلحة والمجاعة والبطالة والفقر».


مقالات ذات صلة

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: لن يكون أمامنا خيار سوى تنفيذ «ترحيل جماعي» للمهاجرين غير الشرعيين

قال الرئيس الأميركي المنتخب إن قضية الحدود تعد إحدى أولوياته القصوى، وإن إدارته لن يكون أمامها خيار سوى تنفيذ عمليات «ترحيل جماعي» للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا السويد تعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع في محاولة لخفض تدفق المهاجرين (إ.ب.أ)

الحكومة السويدية تخصص مساعدات إنمائية للدول التي يتدفق منها المهاجرون

أعلنت السويد أنها ستعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع وعلى طرق الهجرة، في أول بادرة من نوعها تربط بين المساعدات الإنمائية ومحاولة خفض تدفق المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا مبنى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (رويترز)

القضاء الأوروبي يدين قبرص لإعادتها لاجئيْن سورييْن إلى لبنان

دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، قبرص لاعتراضها في البحر لاجئيْن سورييْن وإعادتهما إلى لبنان، دون النظر في طلب اللجوء الخاص بهما.

«الشرق الأوسط» (ستراسبورغ)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
TT

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

هاجم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وجهاء النظام من فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من دون تسمية أحدهم، قائلاً إن «العصابة وأبواقها سممت الأوضاع على المسيرين النزهاء في الجزائر».

وكان الرئيس يتحدث إلى جمع من القضاة ورجال القانون، الاثنين، بمقر «المحكمة العليا» بالعاصمة، بمناسبة بدء «السنة القضائية»، حيث أكد أن «الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية، مُحصّنة بثقة الشعب»، في إشارة إلى مؤسسات جديدة جاء بها دستور سنة 2020، تتمثل أساساً في «المحكمة الدستورية» التي استخلفت «المجلس الدستوري»، وهي أعلى هيئة قضائية مكلفة بدارسة مدى مطابقة القوانين مع الدستور.

تبون أثناء خطابه في المحكمة العليا (الرئاسة)

وعندما أشار إلى «العصابة» و«المسيرين النزهاء»، فهو يقصد سجن عشرات الكوادر في الشركات والأجهزة الحكومية، بتهم «اختلاس مال عام»، و«استعمال النفوذ بغرض التربح غير المشروع»، وبأن ذلك تم بسبب «مؤامرات ودسائس»، كان وراءها مسؤولون في الحكم، بينما هم بريئون من هذه التهم، في تقدير الرئيس.

وأكد تبون بهذا الخصوص: «منذ سريان الدستور الجديد، تعززت مكانة العدالة وتجذرت بأحكامه استقلالية القضاء».

ويشار إلى أن كثيراً من المحامين والمنظمات الحقوقية، ترى عكس ما يقول تبون، فغالباً ما احتجت على «خضوع القضاة لإملاءات فوقية»، بشأن معالجة ملفات فساد وملاحقة مسؤولين بارزين من فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). زيادة على التنديد بسجن نحو 200 ناشط من الحراك الشعبي، فهم في نظرهم سجناء رأي، بينما تبون نفسه يرفض التسليم لهم بهذه الصفة، وبأن التهم التي وجهتها لهم النيابة ليست سياسية، كما تقول أحزاب المعارضة.

وبحسب تبون، فإن «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة... فلكم مني أفضل تحية». وأضاف: «يمكنني التحدث باطمئنان عن الخطوات التي قطعناها، لاستعادة ثقة الدولة وتوطيد مقتضيات الحوكمة».

الرئيس أثناء إطلاقه السنة القضائية الجديدة (الرئاسة)

ويأتي حديث تبون عن أداء القضاء، في سياق جدل حول إطلاق متابعة قضائية ضد الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، بتهمة «سرقة قصة» امرأة جزائرية من ضحايا الإرهاب، وإسقاطها في روايته «حوريات» التي نال بها جائزة «غونكور» الفرنسية المرموقة.

وتناول تبون في خطابه، نصوصاً تشريعية كثيرة صدرت هذا العام، عددها 12، وأبرزها تعديل قانون العقوبات، فقال إنه «جسّد وعوده التي تعهد بها أمام الشعب بخصوص أخلقة الحياة العامة، ومكافحة الفساد والانحرافات بلا هوادة»، مشيداً «بالتزام المنتسبين لقطاع العدالة وبحرصهم على أداء الواجب الأخلاقي والمهني، وإدراكهم للأمانة الملقاة عليهم في سبيل إرساء دولة القانون».

ووفق تبون، فقد بذلت الحكومة «جهوداً من أجل تحديث ورقمنة قطاع العدالة»، وأن ذلك تجلى، حسبه، في «حسن مستوى الأداء، وتجاوز الأساليب التقليدية البيروقراطية... ويحذوني اليقين بمزيد من الإنجازات في قطاع العدالة بالفترة المقبلة، وبخاصة في مجالي التحديث والرقمنة». وتابع أنه يتعهد «بحل كل المشاكل الاجتماعية والشخصية والعائلية للقضاة، ليؤدوا مهامهم النبيلة على أكمل وجه».

وتطرق تبون إلى مذكرات الاعتقال التي أصدرتها حديثاً، المحكمة الجنائية الدولية، ضد مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بناء على تهم تخص الجرائم التي ارتكبوها في غزة، مؤكداً أن «نداء الجزائر سمع من طرف قتلة الشعب الفلسطيني... فالشكر لهؤلاء الرجال النزهاء عبر العالم، ومنهم إخواننا في جنوب أفريقيا».