ما أسباب تمركز الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية؟

الاشتباكات المتكررة أعادت طرح السؤال

عناصر أمنية في طرابلس (رويترز)
عناصر أمنية في طرابلس (رويترز)
TT

ما أسباب تمركز الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية؟

عناصر أمنية في طرابلس (رويترز)
عناصر أمنية في طرابلس (رويترز)

أعادت الاشتباكات التي اندلعت بين تشكيلين مسلحين بطرابلس الليبية نهاية الأسبوع الماضي، التساؤل حول إصرار قيادات أغلب المجموعات المسلحة على التمركز بالعاصمة مقارنة بغيرها من المدن، مما حولها خلال السنوات الماضية إلى مسرح مستمر لصراعاتها.

وفي معرض إجابته عن هذا التساؤل، ذكّر وزير الداخلية الليبي الأسبق عاشور شوايل، بقرار حكومة «الوفاق الوطني» السابقة برئاسة فائز السراج، بدمج عدد من تشكيلات المنطقة الغربية بوزارتي الداخلية والدفاع التابعتين لحكومته، «ما أنهى أي فرصة لإخراج تلك التشكيلات من العاصمة، رغم انتماء كثير منها لمدن ومناطق أخرى».

من آثار معارك سابقة بالعاصمة الليبية طرابلس (إ.ب.أ)

وأوضح شوايل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قرار «شرعنة التشكيلات لم يرسخ وجودها في العاصمة بالقرب من مؤسسات صناعة القرار السياسي والمالي فقط، وإنما أفقد أي حكومة فيما بعد، القدرة على تأسيس وامتلاك قوة مسلحة منظمة واحترافية خاصة بها، توازي قوة تلك التشكيلات لتستطيع عبرها فرض قراراتها وتنفيذ القانون».

ورأى أن «كل تشكيل يعرف جيداً حدود نفوذه داخل العاصمة، والأغلب أنهم يتحركون وفقاً لأجندة من يمولهم من شخصيات تتشبث بمواقعها وتحاول إزاحة منافسين لها في إطار الصراع المستمر على السلطة».

ونوه بأنهم «ربما يتحركون أيضاً وفقاً لأجندة سياسية وآيديولوجية لشخصيات ودول تريد إبقاء الوضع الراهن بكل انقساماته للاستفادة منه».

وانتهى شوايل إلى أن «الحل الرئيسي، لمعالجة تلك المعضلة في عموم ليبيا، يكمن في توحيد السلطة التنفيذية وكل المؤسسات، خصوصاً الأمنية والعسكرية».

قوات عسكرية في طرابلس (مواقع التواصل)

أما الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، فأرجع تفضيل كثير من التشكيلات التمترس بالعاصمة قرب المؤسسات السيادية المالية والإدارية الكبرى، «إلى رغبة بعضهم في ابتزاز تلك المؤسسات وغيرها من الشركات والمصارف بالحصول على أموال أو اعتماد، ووظائف عليا للمقربين منهم».

ولفت القماطي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن حساسية وضع العاصمة - بما تحتويه من سفارات وبعثات وشركات طيران، ومقرات لشركات النفط العالمية - «دفع أغلب الحكومات التي تعاقبت على إدارة البلاد بعد (ثورة 17 فبراير/شباط) للاستجابة سريعاً لمطالب تلك التشكيلات»، لافتاً لقيامها «بإغلاق الطرق الرئيسية بالعاصمة أو الدفع بتحشيدات بهدف الحصول على مبالغ مالية أو امتيازات ما».

واستبعد القماطي ما يتردد عن وجود «حاضنة اجتماعية لتلك التشكيلات»، موضحاً: «هذا النهج بإثارة الاشتباكات وتحرك الأرتال والسيارات المعززة بالأسلحة الثقيلة يقلق الأهالي ويحد من نشاطهم الاقتصادي».

عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة الدبيبة (مقطع فيديو للمؤتمر الصحافي)

ورغم تعهد عماد الطرابلسي، وزير الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إخلاء العاصمة من جميع التشكيلات المسلحة، يرى القماطي أن هذا التعهد «غير قابل للتطبيق».

وأرجع ذلك «لعدم وجود رغبة سياسية من قبل حكومة عبد الحميد الدبيبة بتنفيذه، كونها تميل للاعتماد عليها لحمايتها من أي محاولة إزاحة».


مقالات ذات صلة

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

شمال افريقيا أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

قضت محكمة ليبية بإدانة 12 مسؤولاً بعقوبات بالسجن تتراوح بين 15 و30 عاماً بتهمة التقصير وسوء إدارة السدود بعد كارثة سد درنة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

وجه عبد الحميد الدبيبة بسرعة فتح تحقيق في الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن بوقت تحوّل العتاد المخزّن لدى التشكيلات المسلحة خارج إطار الدولة إلى مصدر قلق.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.


محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)
أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)
TT

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)
أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)

قضت محكمة ليبية، الأحد، بإدانة 12 مسؤولاً بعقوبات بالسجن، تتراوح بين 15 و30 عاماً، بتهمة التقصير وسوء إدارة السدود التي انهار اثنان منها، في أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في البلاد العام الماضي، بينما أعلن مجلس النواب رسمياً فتح باب الترشح لرئاسة «حكومة جديدة».

وأعلن مكتب النائب العام في العاصمة طرابلس أن محكمة جنايات درنة أدانت 12 مسؤولاً في كارثة الفيضانات التي تعرضت لها مدينة درنة العام الماضي بعقوبات تتراوح بين 15 و30 عاماً مع النفاذ، وإلزام بعض المتهمين بإرجاع المبالغ المختلسة بسبب التقصير في حفظ وصيانة المال العام، مشيراً إلى أن المحكمة قضت بمعاقبة 7 من المتهمين بعقوبة السجن تسع سنوات، ودفع الدية المحكوم بها، كما عاقبت متهماً بالسجن لمدة 19 سنة، ودفع الدية المحكوم بها، وعقوبة السجن 27 سنة، وآخر بالسجن سنة، ودفع الدية المحكوم بها.

صورة للدمار الذي خلفته الفيضانات في مدينة درنة (أ.ب)

وقضت المحكمة أيضاً بإدانة متهم بالسجن 19 سنة، ودفع الدية المحكوم بها، وبمعاقبة آخر بالسجن 24 سنة، ودفع الدية المحكوم بها، فيما قضت ببراءة 4 متهمين، وألزمت 3 متهمين برد الأموال المتحصلة من الكسب غير المشروع.

وشمل الحكم، إدانة علي الحبري، المحافظ السابق للمصرف المركزي، المعاقب بالسجن لمدة 15 عاماً غيابياً، بتهمة الإخلال بواجباته كمدير لصندوق إعمار درنة، قبل كارثة انهيار السدين.

وفى أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في تاريخ ليبيا، اجتاحت فيضانات مدمرة ناجمة عن «العاصفة دانيال»، مناطق شاسعة في شرق البلاد، في العاشر من شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وأودت بحياة الآلاف من الأشخاص، حيث جرفت الفيضانات العارمة نحو ربع مدينة درنة، التي تبعد عن العاصمة طرابلس، مسافة نحو 1300 كيلومتر شرقاً.

منظر عام يظهر الدمار الذي خلفته الفيضانات بعد أن ضربت عاصفة «دانيال» مدينة درنة شرق ليبيا (أ.ف.ب)

في شأن مختلف، أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في بيان مفاجئ في ساعة مبكرة من صباح الأحد، عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس «الحكومة الجديدة»، بقصد إنهاء الصراع على السلطة بين حكومتي «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وغريمتها حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد.

ودعا صالح «من يرغب في الترشح، ويأنس في نفسه الكفاءة لهذا المنصب، لتقديم مستندات ترشحه إلى مكتب مقرر المجلس في مدينة بنغازي» بشرق البلاد، اعتباراً من الأحد. كما دعا رئاسة وأعضاء «المجلس الأعلى للدولة» لتزكية من يرون فيه الكفاءة لشغل هذا المنصب.

وأدرج البيان، الذي وزعه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي للمجلس، هذه الخطوة «في إطار الاستناد إلى أحكام الإعلان الدستوري والتعديل الدستوري الـ13، وأحكام قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، ووفقاً لما تم الاتفاق عليه بمخرجات لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، واستناداً إلى الاتفاق بين صالح، ومحمد تكالة رئيس مجلس الدولة، ومحمد المنفى رئيس المجلس الرئاسي، بمقر الجامعة العربية في القاهرة، في العاشر من شهر مارس (آذار) الماضي، واستناداً إلى ما اتفق عليه اللقاء الأخير لأعضاء مجلسي النواب والدولة في القاهرة، في الـ18 من هذا الشهر». ولم يصدر على الفور، أي تعليق رسمي من حكومة «الاستقرار»، كما التزمت حكومة «الوحدة» الصمت.

كما رصدت وسائل إعلام محلية، ظهور الدبيبة، مع عبد المجيد مليقطة، رئيس «الشركة الليبية لإدارة مشاريع المشاركة مع القطاع الخاص»، وأبرز مستشاريه، بأحد مقاهي طرابلس، وسط حراسة أمنية مشددة، بعد إعلان القبض على المتهمين بمحاولة اغتياله.

وكانت وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، أعلنت الاتفاق مع السلطات التونسية على تسليم 4 متهمين إلى ليبيا، لجلبهم وتسليمهم لمكتب النائب العام، بعد اعتقالهم بالتورط في هذه المحاولة بعد تمكنهم من الفرار إلى تونس، كما تم اعتقال مسؤولين في جهاز المخابرات الليبية في الإطار نفسه.

الدبيبة متفقداً طريقاً في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)

إلى ذلك، اعتبر الدبيبة، خلال تفقده مساء السبت، سير عمل المرحلة السادسة من مشروع «طريق حي الأندلس» البحري في العاصمة طرابلس، أن هذا المشروع يأتي «ضمن خطة الحكومة لتطوير البنية التحتية والخدمات في مختلف المناطق الليبية، بما يعزز من جودة الحياة للمواطنين».

بدورها، أصدرت محكمة استئناف بنغازي حكماً بانعدام قرار الدبيبة الإذن لمصلحة التسجيل العقاري بتفعيل العمل العقاري جزئياً في ليبيا.

وقضت المحكمة «بوقف القرار وكل ما يترتب عليه من آثار»، واعتبرته «مخالفاً من عدة وجوه، وصادراً من غير ذي اختصاص».

في غضون ذلك، أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، أنه وصل مساء السبت للعاصمة الفرنسية باريس للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، حيث استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لدى وصوله، موضحاً أن مشاركته جاءت بدعوة من ماكرون، ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية.