«مصير» التبرعات لغزة يثير فتنة في الجزائر

حرب مستعرة بين رئيسة «الهلال الأحمر» والإسلاميين

جانب من المساعدات التي أوصلتها «البركة» إلى غزة (حساب الجمعية بالإعلام الاجتماعي)
جانب من المساعدات التي أوصلتها «البركة» إلى غزة (حساب الجمعية بالإعلام الاجتماعي)
TT

«مصير» التبرعات لغزة يثير فتنة في الجزائر

جانب من المساعدات التي أوصلتها «البركة» إلى غزة (حساب الجمعية بالإعلام الاجتماعي)
جانب من المساعدات التي أوصلتها «البركة» إلى غزة (حساب الجمعية بالإعلام الاجتماعي)

يحتدم جدل حاد بين الإسلاميين وقيادة «الهلال الأحمر» في الجزائر، بخصوص «الوجهة الحقيقية» للأموال والتبرعات والمساعدات التي يجمعها ناشطون بالمجتمع المدني، لفائدة سكان قطاع غزة، والتي تجري تحت إشراف السلطات العمومية، لكن من دون التصريح بذلك علناً.

وأعلنت كتلة الإسلاميين المعارضة في البرلمان، عن رفع «سؤال شفوي» للوزير الأول نذير عرباوي، بخصوص ما وصفوها بـ«تصريحات غريبة ومسيئة للجزائر وللمقاومة في غزة»، صدرت عن رئيسة «الهلال الأحمر الجزائري»، ابتسام حملاوي.

رئيسة الهلال الأحمر الجزائري (الهلال)

وقال أحمد صادوق، رئيس مجموعة «حركة مجتمع السلم» الإسلامية في «المجلس الشعبي الوطني»، (غرفة التشريع)، على حسابه في الإعلام الاجتماعي، إنه راسل الرجل الثاني في السلطة التنفيذية، مطالباً بـ«اتخاذ إجراءات لوقف هكذا تصريحات لامسؤولة تمسّ بهيبة الدولة ومؤسساتها، وتضع الجزائر محل شكوك ومساءلة».

وجاء في «السؤال الشفوي» الذي نشره البرلماني الإسلامي، أن السيدة حملاوي «أطلقت وصف المرتزقة وسمسارة الحرب، بحق هيئات وجمعيات وطنية جزائرية، قائمة على إيصال المساعدات إلى غزة، برعاية الدولة وبالتنسيق مع جهات فلسطينية رسمية». مشيراً إلى أن السلطات الجزائرية «تدعم أهلنا في غزة، منذ الأيام الأولى للعدوان على القطاع وحتى اللحظة».

وأكد صادوق أن «عموم الشعب الجزائري شاهد الأثر الخيري للجمعيات (التي تتلقى الإعانات لغزة) التي شرَّفت الدولة والشعب الجزائري، وهو ما يبرزه التلفزيون العمومي في تقاريره المصوَّرة».

أحمد صادوق رئيس كتلة الإسلاميين في البرلمان (حسابه الخاص في الإعلام الاجتماعي)

كانت رئيسة «الهلال» قد كتبت على حسابها في الإعلام الاجتماعي، في السادس من الشهر الجاري، أن «الهلال الأحمر الجزائري هيئة إغاثية إنسانية، تنتمي إلى الحركة الدولية الإنسانية وتتعامل مع الهيئات الإنسانية الأخت والدول، ولا تتعامل مع المرتزقة وسماسرة الحرب». مشيرةً بنبرة حادّة إلى أن «كل المساعدات التي جمعناها كانت عينية، ولم نفتح مجالاً لجمع الأموال والحمد لله. واليوم وصلت كمية المساعدات المرسلة إلى القطاع، منذ بداية العدوان، إلى نحو 420 طناً تم نقلها من طرف القوات الجوية واستقبلها الهلال الأحمر الفلسطيني».

ولم تذكر حملاوي مَن تقصد بهجومها، لكنّ وسائل الإعلام والمهتمين بالشأن العام، فهموا أنها استهدفت حركة «حماس» و«جمعية البركة للعمل الخيري والإنساني»، التي تتعامل معها والمقرَّبة من أوساط الإسلاميين في الجزائر، وتحديداً «حركة مجتمع السلم» التي هي امتداد لتيار «الإخوان».

وقفة تضامنية للبرلمانيين الجزائريين مع غزة (البرلمان)

والمعروف عن حملاوي أن لها مواقف سياسية وشخصية معارضة للإسلاميين، كما لا تتوانى عن الهجوم على خصوم السلطة من حين لآخر.

وقد فرضت «البركة» منافسة شديدة على «الهلال الأحمر»، الذي هو مؤسسة تابعة للدولة، في مجال جمع التبرعات والمساعدات وإرسالها إلى قطاع غزة، وذلك بموافقة الحكومة التي تتكفل بنقل تلك المساعدات عن طريق القوات الجوية العسكرية.

وأكثر ما تعيب حملاوي على الجمعية الإسلامية، هو جمع الأموال بداعي التضامن مع غزة، وتعتقد أن من «يفترض أن تصل إليهم ليسوا بالضرورة ضحايا العدوان الإسرائيلي». كما أن طرق إرسال هذه الأموال «مشبوهة»، وفق ما أوحت به رئيسة «الهلال». غير أن الأكيد أن أعمال «جمعية البركة» تجري تحت إشراف الحكومة.

رئيس جمعية «البركة» (حسابها في الإعلام الاجتماعي)

وعدَّ البرلماني الإسلامي صادوق، موقف حملاوي «مسيئاً للجزائر ومن شأنه زعزعة الإجماع الوطني، بخصوص دعم القضية الفلسطينية». كما اتهمها بـ«التشكيك في الموقف الرسمي الداعم للمقاومة والذي عبّر عنه وأكده السيد رئيس الجمهورية في كثير من المحطات، وهي للأسف تقدم فرصة سانحة لجهات عديدة تتربص بالجزائر، بسبب مواقفها المشرفة تجاه القضية الفلسطينية».

وخاطب صادوق الوزير الأول بقوله: «كيف لرئيسة مؤسسة رسمية تمثل الدولة الجزائرية، أن تشكّك بشكل لامسؤول، في جهود الإغاثة التي ترعاها الجهات الرسمية، وفي القائمين عليها؟! ألم يكن من واجبها التحفظ في التصريح، بالأخص في ظل حرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة؟».​


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».