جثث مهاجرين غرقى تتكدس في صفاقس التونسية

البرلمان الأوروبي يوافق على إصلاحات واسعة لنظام الهجرة واللجوء

مهاجرون على متن قارب صيد بعد عملية إنقاذ قبالة جزيرة كريت في اليونان عام 2022 (رويترز)
مهاجرون على متن قارب صيد بعد عملية إنقاذ قبالة جزيرة كريت في اليونان عام 2022 (رويترز)
TT

جثث مهاجرين غرقى تتكدس في صفاقس التونسية

مهاجرون على متن قارب صيد بعد عملية إنقاذ قبالة جزيرة كريت في اليونان عام 2022 (رويترز)
مهاجرون على متن قارب صيد بعد عملية إنقاذ قبالة جزيرة كريت في اليونان عام 2022 (رويترز)

قال مسؤول في قطاع الصحة بصفاقس التونسية، الاثنين، إن جثث الغرقى من المهاجرين «تجاوزت طاقة الاستيعاب بقسم الأموات بمستشفى المدينة، بنحو 3 أضعاف مع تخطي العدد عتبة الـ100 الجثة».

وأفاد المدير الجهوي للصحة لوسائل الإعلام المحلية، بأن المستشفى «يواجه أزمة بسبب العدد الكبير للجثث، بينما لا تتعدى طاقة استيعاب قسم الأموات 35 جثة».

انتشال جثث مهاجرين غرقوا في عرض البحر قبالة شواطئ ليبيا (أرشيفية - رويترز)

وتعد سواحل صفاقس منصة رئيسية لانطلاق قوارب الهجرة غير النظامية نحو سواحل الجزر الإيطالية القريبة. ومع دخول فصل الربيع الدافئ تنشط عصابات تهريب البشر وقوارب الهجرة بوتيرة أكبر، ما يتسبب في حوادث غرق مأساوية متكررة لمهاجرين أغلبهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بمن في ذلك النساء والأطفال.

وقال مسؤول في المجلس البلدي في صفاقس في وقت سابق لوكالة الأنباء الألمانية، إن المقابر «تواجه ضغطاً بسبب أعداد الجثث الكثيرة في ذروة موجات الهجرة».

كما تعاني السلطات المحلية من نقص في الإمكانات اللوجيستية لحفظ الجثث فترات أطول، حتى إجراء اختبارات الحمض النووي وتوفير مقابر.

وكانت السلطات أطلقت قبل أسبوع «خلية أزمة» للتعامل مع الوضع. وشهدت سواحل تونس في 2023 وفاة أكثر من 1300 مهاجر غرقاً، وفق بيانات «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» الذي يهتم بقضايا الهجرة.

وكان البرلمان الأوروبي قد وافق، الأربعاء الماضي، على إدخال إصلاحات واسعة على قوانين الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل ضوابط حدودية أكثر صرامة، ومزيداً من مشاركة الأعباء بين الدول الأعضاء.

ويضم «اتفاق الهجرة واللجوء» الجديد 10 قوانين جرت صياغتها بعد مفاوضات استمرت سنوات، وهو يهدف إلى دفع دول الاتحاد الأوروبي التي تختلف أولوياتها الوطنية، إلى «التحرك معاً» في قضايا الهجرة، استناداً إلى قواعد مشتركة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الإصلاحات سوف «تكفل أمن الحدود الأوروبية»، وفي الوقت نفسه «تضمن حماية الحقوق الأساسية» للمهاجرين.

البرلمان الأوروبي أثناء جلسة تصويت (حساب البرلمان في الإعلام الاجتماعي)

وجرى تمرير 10 نصوص قانونية جاءت الموافقة على كثير منها بهامش ضئيل، وسط معارضة للإصلاحات من اليمينيين واليساريين. وعلى سبيل المثال، جرى اعتماد آلية أزمات لمواجهة أي تدفق غير متوقع للمهاجرين، بأغلبية 301 صوت، مقابل 272 صوتاً، وامتنع 46 عضواً عن التصويت.

ووصف المستشار الألماني أولاف شولتس ووزير الهجرة اليوناني ديميتريس كايريديس إصلاحات الهجرة واللجوء بأنها «تاريخية». وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن أوروبا تتحرك «بشكل فعال وإنساني»، كما وصف وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتدوسي (تيار اليمين) الاتفاق بأنه «أفضل حل وسط ممكن».

ولكن كانت هناك معارضة أيضاً. ووصف رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الإصلاحات بأنها «مسمار آخر في نعش الاتحاد الأوروبي». وغرد عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «انتهت الوحدة، ولم تعد هناك حدود آمنة. لن تستسلم المجر أبداً لنوبة الهجرة الجماعية نحن بحاجة إلى تغيير في بروكسل من أجل وقف الهجرة».

مهاجرون جرى اعتراضهم من قبل خفر السواحل التونسي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إن حكومته «سوف تحمي بولندا ضد آلية إعادة التوطين».

وانتقدت الجماعات التي تطالب بتطبيق سياسات أكثر ليبرالية بشأن الهجرة واللجوء، الاتفاق الأوروبي الأخير، الذي يتضمن إقامة مراكز حدودية لاحتجاز طالبي اللجوء، وإرسال بعض منهم إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي تعد آمنة.

ووفق النظام الجديد، ستحتجز المراكز الحدودية المهاجرين غير الشرعيين، بينما تخضع طلبات اللجوء الخاصة بهم للفحص، مع تسريع وتيرة ترحيل غير المؤهلين للجوء.

ويتطلب إصلاح نظام الهجرة واللجوء أن تستقبل الدول الأخرى أعضاء التكتل، الآلاف من طالبي اللجوء من دول الوصول الأولى مثل إيطاليا واليونان.

وهناك بديل متاح أمام هذه الدول الأخرى، وهو تقديم أموال أو موارد أخرى للدول التي تقع تحت ضغط. ويتوقع أن يخضع ما لا يقل عن 30 ألف طالب لجوء سنوياً لنظام «إعادة التوطين». وسوف يجرى تحديد تعويض مالي سنوي بقيمة 600 مليون يورو (650 مليون دولار) للدول التي تفضل دفع المال عوضاً عن استقبال مهاجرين.

مهاجرون ينتظرون في مرفأ قبرصي (أرشيفية - رويترز)

وطمأنت رئيسة المفوضية فون دير لاين دول الوصول الأولى، مثل إيطاليا، أنها من الآن فصاعداً «لن تظل وحيدة».

وبالتوازي مع إصلاح نظام الهجرة واللجوء، أبرم الاتحاد الأوروبي صفقات مع دول أخرى بهدف وقف تدفق المهاجرين، على غرار الاتفاق مع تركيا في عام 2016 وقد توصل بالفعل إلى اتفاق مع تونس ومصر.

وقال وزير خارجية المجر بيتر سيارتو قبل تصويت الأربعاء الماضي: «من الناحية العملية، يعطي الاتفاق الجديد الضوء الأخضر للهجرة غير الشرعية

لأوروبا»، مضيفاً أن بودابست «لن تسمح للمهاجرين غير الشرعيين بأن تطأ أقدامهم المجر»، كما رفضت الحكومة في سلوفاكيا، والتي يقودها الديمقراطيون الاشتراكيون، على نحو قاطع، الاتفاق الجديد. وقال وزير الخارجية السلوفاكي يوراج بلانار إن بلاده لم توافق على إعادة توزيع المهاجرين غير الشرعيين بشكل إجباري.


مقالات ذات صلة

وزيرة الصناعة التونسية: نستهدف مضاعفة مساهمة الفوسفات في الناتج المحلي

الاقتصاد وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية فاطمة شيبوب في مؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط) play-circle 01:15

وزيرة الصناعة التونسية: نستهدف مضاعفة مساهمة الفوسفات في الناتج المحلي

أكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية فاطمة شيبوب، أن الفوسفات يساهم بنسبة 1 في المائة بالناتج المحلي الخام، وتهدف البلاد إلى مضاعفة هذه المساهمة.

آيات نور (الرياض)
شمال افريقيا المتهمون بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

إحالة سياسيين متهمين بـ«التآمر على أمن تونس» إلى الجنايات

محكمة النقض في تونس العاصمة ترفض الطعون التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن عشرات القادة السياسيين الموقوفين منذ نحو عامين بتهم خطيرة.

كمال بن بونس (تونس)
شمال افريقيا ليلى الطرابلسي (متداولة)

تونس:حكم قضائي جديد بسجن زوجة ابن علي وصهره 20 عاماً

أصدرت محكمة تونسية حكماً جديداً بسجن ليلى الطرابلسي، زوجة الرئيس السابق الراحل، زين العابدين بن علي، وصهره السابق رجل الأعمال محمد صخر الماطري، لمدة 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)

تونس «جبهة الخلاص» المعارضة تطالب بالإفراج عن سجناء الرأي

دعت «جبهة الخلاص الوطني» المعارِضة في تونس السلطات إلى الإفراج عن سجناء الرأي، وفتح حوار وطني حول الإصلاحات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)

خوري تناقش في بنغازي «مبادرة» البعثة لكسر الجمود السياسي بليبيا

صورة وزعها مجلس النواب للقاء بعض أعضائه مع خوري في بنغازي
صورة وزعها مجلس النواب للقاء بعض أعضائه مع خوري في بنغازي
TT

خوري تناقش في بنغازي «مبادرة» البعثة لكسر الجمود السياسي بليبيا

صورة وزعها مجلس النواب للقاء بعض أعضائه مع خوري في بنغازي
صورة وزعها مجلس النواب للقاء بعض أعضائه مع خوري في بنغازي

تسعى ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، للحصول على دعم المنطقة الشرقية لمبادرتها المرتقبة لحلحلة العملية السياسية وإجراء الانتخابات المؤجلة في البلاد.

وناقشت خوري خلال زيارة مفاجئة للمرة الأولى، مساء الأحد، إلى مقر مجلس النواب في بنغازي، مع بعض أعضائه، العملية السياسية التي تعتزم البعثة الأممية تيسيرها من أجل كسر الجمود السياسي، وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات، واستعادة الوحدة والشرعية للمؤسسات.

وقالت إن النواب شاركوا بآرائهم حول مختلف جوانب العملية، بما في ذلك العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات، وضرورة توحيد المؤسسات السياسية والأمنية في ليبيا، وأهمية الشروع في الإصلاحات الاقتصادية، مشيرة إلى مناقشة ضرورة وضع إطار توافقي للمصالحة الوطنية.

ونقلت عن النواب استعدادهم للتعاون البنّاء مع البعثة في الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن مشروع قانون المصالحة الوطنية.

وقال مجلس النواب في بيان للناطق باسمه عبد الله بليحق، إن الاجتماع ركز على «سُبل إنهاء الأزمة الليبية من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وكذلك تشكيل حكومة موحدة في كل أنحاء البلاد لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي»، مشيراً إلى مناقشة «مشروع قانون المصالحة الوطنية كإحدى الخطوات الأساسية نحو تعزيز الاستقرار السياسي في البلاد».

كما أكدت خوري لدى اجتماعها مساء الأحد بـ14 من الناشطين وممثلي مختلف منظمات المجتمع المدني من شرق ليبيا وجنوبها، بمقر الأمم المتحدة في بنغازي، «التزام البعثة باتباع نهج شامل يضمن سماع جميع الأصوات الليبية»، وحضت على «المشاركة الفعالة في المناقشات الجارية التي تهدف إلى تشكيل مستقبل الأمة».

وقالت: «شاركتُ معهم تقييم البعثة للوضع السياسي والأمني والاقتصادي الذي دفعها لإعادة إحياء العملية السياسية»، مشيرة إلى أن المشاركين اقترحوا خيارات للمضي قدماً، «بما في ذلك سبل معالجة دوافع النزاع، كما شددوا على أهمية إنشاء آلية وطنية للإشراف على تنفيذ نتائج العملية السياسية».

كما استعرضت خوري مع مستشار الأمن القومي إبراهيم بوشناف، التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه ليبيا، والمخاطر التي تشكلها هذه التحديات على استقرار البلاد ووحدتها وسيادتها، مشيرة إلى تركيز النقاش على «سبل النهوض بالعملية السياسية التي أعلنت عنها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لإنهاء الوضع الراهن غير المستدام».

وفي شأن ذي صلة، قال السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين، إنه ناقش الاثنين، مع السفير الصيني ليو جيان، التنسيق الثنائي بين السفارتين والمستجدات الراهنة في العملية السياسية الليبية.

السايح مستقبِلاً مساعدة نائب وزير الخارجية لشؤون أفريقيا بكندا (مفوضية الانتخابات الليبية)

وفيما يتعلق بالانتخابات المحلية والعامة، التقى رئيس مجلس المفوضية عماد السايح، الاثنين، مساعدة نائب وزير الخارجية لشؤون أفريقيا بكندا تشيرل أوربان، وسفيرة كندا لدى ليبيا إيزابيل سافارد، وذلك في ديوان مجلس المفوضية بالعاصمة طرابلس.

وقالت المفوضية إن اللقاء تناول تبادل الآراء حول آخر التطورات المتعلقة بمسار العملية الانتخابية في ليبيا، مع التركيز على الانتخابات البلدية والتحديات التي تواجه تنظيمها. كما تم استعراض مستوى جاهزية المفوضية، و«مدى استعدادها لتلبية المسؤوليات الملقاة على عاتقها فيما يتعلق بالاستحقاقات القادمة، سواء على الصعيد المحلي أو الوطني».

من جانبها، أعربت أوربان عن «تقديرها للجهود الكبيرة التي تبذلها المفوضية في تنظيم الانتخابات البلدية، والتي تُعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز المشاركة الديمقراطية على مستوى المجتمعات المحلية». كما جددت سافارد تأكيد التزام حكومة بلادها بدعم المسار الانتخابي في ليبيا، مشيرة إلى «حرص كندا على مواصلة تقديم الدعم الفني واللوجستي لضمان نجاح الانتخابات، وتعزيز الاستقرار والمؤسسات الديمقراطية في البلاد».

إلى ذلك، قال محمد تكالة، المتنازع على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة»، إن ممثلي «الحراك الملكي» الذين التقاهم مساء الأحد بالعاصمة طرابلس، اقترحوا «دستور الاستقلال» باعتباره خياراً قائماً من أجل إجراء الانتخابات، لافتاً إلى ضرورة «وجود دستور دائم للبلاد يتم من خلاله تحقيق الاستقرار».

وقال تكالة إن المجلس «يمثل كل الليبيين، وإن رؤيته قائمة على احترام كل التيارات السياسية»، مؤكداً أن الهدف «هو استقرار الدولة من خلال توافق الليبيين على أساس دستوري يحقق الاستقرار السياسي للبلاد».

لقاء الدبيبة مع رئيس مؤسسة النفط (حكومة الوحدة)

وفيما يتعلق بالثروة النفطية في ليبيا، أعلنت حكومة «الوحدة» المؤقتة، الاثنين، تمكن شركة «أكاكوس» النفطية من الوصول لمعدلات إنتاج هي الأولى لها منذ نحو 7 سنوات، بعد تسجيلها إنتاج 306 آلاف برميل خلال 24 ساعة، واعتبرت هذه الخطوة بمثابة «تتويج لجهودها وللمؤسسة الوطنية للنفط للرفع من معدلات الإنتاج بكافة الحقول والمواني».

وكان عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» قد أكد دعمها الكامل لجهود مؤسسة النفط لتعزيز الإنتاج وتحقيق الاستقرار في القطاع، مشيداً بما وصفه بـ«الجهود الجبارة التي يبذلها مستخدمو القطاع في مختلف مواقعهم».

وأوضح أنه تابع مساء الأحد، مع رئيس المؤسسة الجديد مسعود سليمان موسى، سير خطة رفع الإنتاج النفطي، وعمل المشاريع التنموية بالقطاع، لافتاً إلى أنه تلقى موقفاً مفصلاً حول معدلات إنتاج النفط والغاز اليومي الذي تجاوز 1.4 مليون برميل يومياً من النفط الخام.