بوشناف: لا جدية في تعامل الأطراف الدولية مع الملف الليبي

مستشار الأمن القومي استبعد في حوار لـ«الشرق الأوسط» عقد «الاجتماع الخماسي»

إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي (المكتب الإعلامي لبوشناف)
إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي (المكتب الإعلامي لبوشناف)
TT

بوشناف: لا جدية في تعامل الأطراف الدولية مع الملف الليبي

إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي (المكتب الإعلامي لبوشناف)
إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي (المكتب الإعلامي لبوشناف)

رأى مستشار الأمن القومي الليبي، إبراهيم بوشناف، أن الأزمة السياسية في بلاده يمكن معالجتها «كونها تنطلق من مخاوف وإشكاليات، وليس من خلاف ديني أو عرقي، على غرار دول أخرى بالمنطقة»، لكنه استبعد إمكانية عقد طاولة «الحوار الخماسية» التي دعا إليها المبعوث الأممي عبد الله باتيلي قبل أشهر، مؤكداً أنه «ليست هناك جدية حقيقية في تعامل أغلب الأطراف الدولية مع الملف الليبي».

وتحدث بوشناف، في حوار مع «الشرق الأوسط»، عن قضايا كثيرة في ليبيا، من بينها التشكيلات المسلحة، وفيما أكد ضرورة إيجاد حلّ لتلك الشريحة، قال: «هؤلاء ليبيون، وليس من الصواب جرّهم إلى صراعات دولية قد تكون لصالح الغير».

وأعرب عن تشككه في «نوايا بعض الأطراف في إبقاء هؤلاء ميليشيات ليتمكنوا من توظيفهم في مشاريع ربما تؤدي إلى مزيد من الانهيار لكيان الدولة».

وقال إن «بعض الدول استقطبت، وتبنت ميليشيات بعينها، واستقبلت قيادتها وأمدتها بالسلاح، وكما يعرف الجميع أي تغيير مسلح في أي دولة تكون له آثاره الممتدة، ويجعل كيان الدولة هشاً».

وحول تقييمه لحجم المخاطر التي تتعرض لها ليبيا اليوم، دعا بوشناف إلى ضرورة تفهم أن ما حدث في عام 2011 «لم يكن سقوطاً للنظام السياسي، بقدر ما كان سقوطاً للدولة وأجهزتها»، لافتاً إلى أن «الدول التي انخرطت بالتدخل في الساحة منذ ذلك التاريخ، والتي ساهمت في تعقيد الأزمة السياسية، لم تبذل أي جهد حقيقي لمعاونة الليبيين لاستعادة دولتهم».

وبشأن تقييمه لجدية المواقف الدولية حيال قضية إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، قال: «ليست هناك جدية حقيقية في تعامل أغلب الأطراف الدولية مع الملف الليبي، وكل ما سمعناه هو تطمينات لا يؤيدها الواقع، ويبدو أن الجميع ما زالوا في مرحلة إدارة الأزمة في ليبيا، وليس حلها».

وكان باتيلي قد دعا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رؤساء كل من المجلس الرئاسي، والبرلمان، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة «الوحدة» والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي، للمشاركة في طاولة خماسية بهدف التوصل إلى تسوية سياسية حول القضايا مثار الخلاف، التي تعوق إجراء العملية الانتخابية.

وتحدث عن إمكانية الوصول لحلّ يقوده ويملك زمامه الليبيون، يؤدي لإنهاء حالة الانسداد السياسي الراهنة، بما تمثله من خطر على وحدة البلاد واستقرارها، وقال: «الرهان على الليبيين أنفسهم في إدراك حجم الصراعات والمخاطر والتهديدات التي تحيط ببلادهم والمنطقة».

وأشار بوشناف إلى الاجتماع المشترك لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» الذي عقد في تونس قبل شهرين وما صدر عنه من نتائج «يمكن البناء عليها»، داعياً القائمين عليه «لتوسيع دائرة المشاركين والقضايا المطروحة للحوار، بضمّ مكونات ذات ثقل بالمجتمع، مثل الأحزاب والنقابات ورؤساء الجامعات وأساتذة الاقتصاد والعلوم السياسية».

وتصدر التوافق على تشكيل «حكومة جديدة»، تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، نتائج اجتماع 120 شخصية من أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، الذي جرى في تونس.

وتطرق بوشناف للجدل المتصاعد مؤخراً حول وجود شركة أميركية أمنية بالساحة الليبية، وما يتردد أن الهدف من وراء ذلك هو محاولة تقويض الوجود الروسي بالمنطقة.

وتابع: «بشكل عام نستشعر خطراً كبيراً من التنازع الدولي على الساحة الليبية، وهو ما عبرنا عنه في أكثر من تقرير للمجلس»، وقال: «نعمل على إيجاد صيغ مشتركة عقلانية تبتعد تماماً عن الانحياز لأي طرف، لمنع تحول شمال أفريقيا لساحة مواجهة دولية كبرى».

وعلى مدار الأيام الماضية، نشر عدد من التقارير الإعلامية أنباء تفيد بتولي شركة أمنية أميركية مهمة تدريب عدة مجموعات مسلحة بالمنطقة الغربية، بهدف توحيد تلك المجموعات وتكليفها بتأمين الحدود.

وحرص مستشار الأمن القومي على التذكير بأهمية وضع دستور دائم للبلاد، واصفاً إياه «بالخطوة الأولى لبناء الدولة وتحقيق استقرار وحسم كثير من الإشكاليات التي تواجه البلاد».

ودعا إلى تمكين الليبيين من الاستفتاء على مسودة الدستور الذي وضعته هيئة منتخبة عام 2017، لإبداء رأيهم بالموافقة عليه من عدمه.

وإلى جوار تأمين الحدود لمنع اختراقها من قبل مافيات تهريب البشر والأسلحة والمخدرات، يشدد بوشناف على أهمية الانتباه للفراغ السكاني مستقبلاً، وندرة المياه والتصحر، بالإضافة إلى استمرار المشاريع الغربية لتوطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا، والاعتداء على استثمارات ليبيا بالخارج، وتدني مستوى المعيشة وانتشار الفقر.

ورغم تأكيده على تراجع وجود عناصر التنظيمات المتطرفة داخل ليبيا، دعا بوشناف للانتباه إلى أن الصراعات والاضطرابات الراهنة داخل بعض دول الجوار الأفريقية المحيطة قد تشكل بوابة لإعادة تشكيلها.

ولم يتردد بوشناف في الإقرار بوجود تأثير لحالة الانقسام السياسي والحكومي الراهن على عمل مجلس الأمن القومي. وأكد أن المجلس «في تواصل دائم مع الأطراف كافة شرقاً وغرباً وجنوباً، ويحاول دائماً عبر التنسيق معهم الدفع بجهود حل الأزمة وتجاوز العقبات عبر تهدئة المخاوف».


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.