وزير التعليم بـ«الوحدة» الليبية: الانقسام السياسي يعمّق أزمات القطاع

المقريف تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «عدالة اعتماد رواتب المعلمين»

وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» موسى المقريف (الشرق الأوسط)
وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» موسى المقريف (الشرق الأوسط)
TT

وزير التعليم بـ«الوحدة» الليبية: الانقسام السياسي يعمّق أزمات القطاع

وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» موسى المقريف (الشرق الأوسط)
وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» موسى المقريف (الشرق الأوسط)

تحدث وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، موسى المقريف، عن «وجود مشاكل عدة بقطاع التعليم لا يمكن فصلها عن الانقسام الحكومي راهناً؛ بجانب الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية التي سادت ليبيا على مدار السنوات الماضية»، مؤكداً على «العدالة في اعتماد رواتب المعلمين بالبلاد».

وقال المقريف لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ضاعفت رواتب المعلمين أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، لافتاً إلى أن ما يتقاضاه المعلم يتراوح بين 1500 و2300 دينار (الدولار يعادل 4.83 دينار في السوق الرسمية).

وحرص المقريف على الإشارة إلى جهود وزارته وتنسيقها مع الأسرة التربوية في عموم البلاد «لتقليص تداعيات الانقسام الحكومي على العملية التعليمية»، قائلاً: «منذ أن توليت مسؤولية الوزارة نجحنا مع زملائنا بالمنطقة الشرقية في توحيد موعد الدراسة والامتحانات».

ولفت إلى أن وزارته «أبقت الاعتماد على النظام السنغافوري المطبق في ليبيا منذ 2009، وذلك للتخوف من وجود اعتراضات من الطرف الآخر على أي نظام تعليمي جديد»، في إشارة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب. ونوه إلى أن إجمالي عدد المعلمين في ليبيا يقارب 700 ألف شخص، لكنه أقر بأن «قطاعاً غير هين منهم يفتقر للمهارات التربوية والتقنية، إلى جانب قلة عدد المتخصصين منهم ببعض المواد العلمية».

الدبيبة خلال افتتاح مدرسة في غريان غرب ليبيا (المكتب الإعلامي للدبيبة)

توفير الكتاب المدرسي

وعلى مدار الأعوام الماضية، يتأخر توفير الكتاب المدرسي في ليبيا إلى ما يقارب انتهاء الفصل الدراسي الأول. وتسببت هذه الأزمة خلال العام الدراسي (2021-2022) في غضب الطلاب وأولياء الأمور، مما أدى إلى حبس المقريف احتياطياً ثلاثة أشهر؛ «لمسؤوليته عن تأخر طبع الكتاب وتسليمه للطلاب».

ورغم حرصه على التوسع بالتعليم الإلكتروني، شدد المقريف على أن عدد المدارس في ليبيا حالياً 6400 مدرسة بين عام وخاص، «وهو رقم غير متكافئ على الإطلاق مع عدد الطلبة الذي يقترب من مليونين و300 ألف طالب».

وتحدث الوزير عن ظاهرة التسرّب من التعليم، التي رُصدت بوضوح بشريحة الذكور وخاصة مرحلتي التعليم الثانوي والجامعي خلال السنوات الست الأولى على ثورة 17 فبراير (شباط)، و«كيف أن دافعها الرئيسي كان الالتحاق بالتشكيلات المسلحة للحصول على رواتب مغرية في ظل سعي كل طرف من الأطراف المتصارعة على السلطة لتقوية جبهته»، لكنه لفت إلى أن «تلك النسبة كانت محدودة، على عكس ما يتردد». وقال إن «هناك نسبة زيادة سنوية للالتحاق بالعملية التعليمية تقدر بـ150 ألف طالب، فضلاً عن التحاق أبناء الوافدين من دول أخرى، والتعليم متاح للجميع بالمجان».

ليبيون مسنون يؤدون امتحان مرحلة التعليم الأساسي (وزارة التربية والتعليم)

الاستياء الشعبي

وأبدى المقريف تفهماً للغضب والاستياء الشعبي الذي ثار عقب الإعلان عن «خروج ليبيا عن التصنيف الدولي لجودة التعليم وفق ما أظهر مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) عام 2022»، مرجعاً ذلك «لعدم تسلم المسؤولين عن مركز الإحصاء بالمنتدى الدولي لبيانات وإحصاءات العملية التعليمية في ليبيا بتوقيت مناسب، وليس لأي سبب آخر». وأكد أنه «تم تدارك الأمر العام الماضي والمسارعة بإرسال كافة البيانات ليقوم مسؤولو المؤشر بتحليلها بوقت مناسب وقياس جودة التعليم الليبي»، متوقعاً أن «تحظى بلاده بموقع جيد بترتيب هذا المؤشر، رغم كل ما تواجهه من تحديات».

وأشار إلى انفتاح الأجيال الصغيرة على عالم التكنولوجيا بما يضمه من منصات تعليمية ومواقع ذكاء اصطناعي، فضلاً عن تفاعلهم النشط بمواقع التواصل الاجتماعي؛ بات يشكل تحدياً جديداً للعملية التعليمية في بلاده؛ لما يفرضه ذلك «من ضرورة تحديث المناهج الدراسية، وتطوير الكادر التعليمي، وكذلك نظم إيصال المقررات والمواد العلمية». وقال إن «الطالب الآن أصبح يتفوق من حيث مهاراته التقنية والتكنولوجية على المعلم بالمدرسة؛ وللأسف الدورات التي قُدمت لتطوير المعلم كانت خجولة جداً، وخاصة في فترة الصراعات السياسية والمسلحة التي شهدتها البلاد منذ عام 2011، لعدم وجود ميزانيات».

التحول للتعليم الإلكتروني

وشدد المقريف على أهمية التحول للتعليم الإلكتروني الذي بات ركيزة المشهد التعليمي بالعالم، واصفاً بالمقابل الكتاب المدرسي المطبوع بكونه «لم يعد يشكل إلا جزءاً بسيطاً من العملية التعليمية»، معوّلاً على أن يسهم تدشين منصة «مستقبلي بيدي» التعليمية في تعزيز اقتناع المجتمع بالتعليم الإلكتروني.

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» (المؤقتة)، عبد الحميد الدبيبة، قد أعلن شروع حكومته في إنشاء 500 مدرسة قبيل انتهاء العام الحالي، وذلك في إطار مشروع وطني لبناء 1500 مدرسة لمعالجة إشكالات مثل «الاكتظاظ، وعدم وجود مدارس في بعض المناطق، ووجود (مدارس الصفيح)».

حول المخصصات المالية للتعليم، أكد المقريف «على أنها محدودة»، داعياً السلطة التشريعية لدراسة وسرعة البت بمقترح تقدمت به وزارته لتخصيص قرابة 20 في المائة للإنفاق على قطاع التعليم من الباب الثالث لميزانية الدولة.

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى تتمركز في غرب البلاد بقيادة الدبيبة، والثانية شكّلها مجلس النواب بداية عام 2022 وتسيطر على شرق البلاد ويرأسها أسامة حماد.


مقالات ذات صلة

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عدداً من التحذيرات لقادة البلاد ودعتهم للتحاور والاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة، كما شددت على ضرورة إعادة إنتاج وضخ النفط.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا طالبت لجنة الأزمات والطوارئ ببلدية زليتن المواطنين بالابتعاد عن مجرى الوادي (مديرية أمن طرابلس)

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

ضربت أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول مناطق عدة في شمال غربي ليبيا، وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ رفع درجة الاستعدادات وسط إنقاذ عائلات عالقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».