ما دلالة عودة «داعش» للتهديد باستهداف ملاعب أوروبية؟

خبراء تحدثوا عن محاولات التنظيم لاجتذاب عناصر جديدة

الدمار الذي لحق بـ«كروكوس سيتي هول» في موسكو بسبب هجوم «داعش» (إ.ب.أ)
الدمار الذي لحق بـ«كروكوس سيتي هول» في موسكو بسبب هجوم «داعش» (إ.ب.أ)
TT

ما دلالة عودة «داعش» للتهديد باستهداف ملاعب أوروبية؟

الدمار الذي لحق بـ«كروكوس سيتي هول» في موسكو بسبب هجوم «داعش» (إ.ب.أ)
الدمار الذي لحق بـ«كروكوس سيتي هول» في موسكو بسبب هجوم «داعش» (إ.ب.أ)

عاد «تنظيم داعش» الإرهابي من جديد، وهدد باستهداف ملاعب أوروبية. ورغم أن التهديد الجديد ربما سيكون مثل التهديدات السابقة والمتكررة للتنظيم؛ فإنه دفع إلى تساؤلات حول دلالة ذلك، خاصة على مستقبل التنظيم، الذي يعاني من أزمات في القيادة والعناصر. في حين تحدث بعض الخبراء عن «محاولات التنظيم لاجتذاب عناصر جديدة». وشرحوا أن التنظيم يستهدف من عودة تهديد أوروبا إلى «إثبات الوجود، وتنفيذ عمليات عبر الذئاب المنفردة».

ووفق مراقبين فإن هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها «داعش» الإرهابي نيته استهداف أحداث رياضية، إذ سبق أن هدد باستهداف بطولة كأس العالم في روسيا عام 2018، وهدد حينها عدداً من اللاعبين ونشر أسماءهم، كما دعا عناصره إلى تنفيذ هجمات خلال بطولة كأس العالم في قطر عام 2022. وأصدرت وسيلة إعلامية مرتبطة بـ«داعش» أخيراً، منشورات عدة تدعو إلى شن هجمات على بعض ملاعب كرة القدم في أوروبا.

عناصر لـ«داعش» في منطقة الساحل الأفريقي (أرشيفية - أ.ف.ب)

إحياء الخلايا

وقال الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أحمد بان، إن توعد «داعش» باستهداف الملاعب في أوروبا أمر طبيعي. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» يراهن الآن على «إعادة تكليف هياكله عبر الأفرع أو الولايات البعيدة لتنفيذ عمليات إرهابية»، موضحاً أن المناطق التي لا توجد فيها فروع له، يحاول إحياء خلايا لتنفيذ هجمات. ودلل على ذلك بأن متحدث «داعش»، أبو حذيفة الأنصاري، وجه في كلمة أخيرة له عبر مقطع فيديو، العناصر المتأثرة بأفكار التنظيم لتنفيذ عمليات في أوروبا، وخصوصاً فرنسا، لافتاً إلى «أن الهجوم الإرهابي الذي نفذه التنظيم في روسيا، الشهر الماضي، فتح شهية التنظيم لتجنيد مزيد من العناصر، وإطلاق منصة جهادية في أوروبا لدفع الذئاب المنفردة للانضمام إليه».

وبث «داعش» كلمة للأنصاري في يناير (كانون الثاني) الماضي، تحت عنوان «واقتلوهم حيث ثقفتموهم»، واستغرقت 33 دقيقة، وهي الكلمة التي طرحت دلالات حينها بشأن مسارات التحركات المحتملة التي يمكن أن يقوم بها التنظيم خلال المرحلة المقبلة. وأكد بان أن التنظيم حريص على «إثبات الوجود»، وتنفيذ عمليات داخل أوروبا؛ لاجتذاب «مزيد من العناصر، خصوصاً في آسيا الوسطى بين الشباب المقتنعين بالأفكار الجهادية».

أفريقيا و«داعش»

وقُتل 144 شخصاً على الأقل في هجوم الشهر الماضي على قاعة «كروكوس سيتي»، وهو الهجوم الأكثر دموية في روسيا منذ 20 عاماً. وأعلن «تنظيم داعش» مسؤوليته عنه. وذكر في العدد الأخير من مجلته الأسبوعية «النبأ» أن الهجوم نفذه «أربعة من العناصر».

وحول تأثير دعوة «داعش» في أوروبا على أفريقيا. أشار أحمد بان إلى أن أي «عملية ينفذها التنظيم ترفع معنويات عناصره في باقي الأفرع»، لافتاً إلى أن التنظيم «لديه صعود في منطقة الساحل الأفريقي، وعنده منافسة في شرق أفريقيا وغربها مع (تنظيم القاعدة) الإرهابي، ونجح في حسم كثير من المعارك لصالحه، وهذا كله يفتح شهية عناصره ويفتح الباب لمزيد من الأتباع الجُدد».

ولفت تقرير صادر عن الأمم المتحدة، الشهر الماضي، إلى أن الآلاف من مقاتلي تنظيمي «القاعدة» و«داعش» ينتشرون في مناطق مختلفة من قارة أفريقيا، وخصوصاً في منطقتي الساحل والقرن الأفريقي، ليصل التهديد الإرهابي إلى ذروته في القارة الأفريقية، بالتزامن مع تراجعه في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.

وأشار التقرير حينها إلى أن «القاعدة» و«داعش» أوقفا الحرب الطاحنة التي دارت بينهما، طيلة السنوات الماضية، في وسط مالي وفي بوركينا فاسو وعلى حدود النيجر، وهو الصراع الذي أودى بحياة كثير من مقاتلي التنظيمين الإرهابيين.

قوات الأمن الروسية انتشرت في الميدان الأحمر بموسكو عقب الهجوم على قاعة للحفلات قرب العاصمة (أ.ف.ب)

التحدي الأكبر

عن تأثير تهديدات «داعش» على القارة الأوروبية خلال الفترة المقبلة. أوضح الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر أنه «عقب توقيف خلايا للتنظيم في ألمانيا والنمسا، هناك تنسيق وتبادل استخباراتي وأمني بين دول القارة الأوروبية، لكن يبقى التحدي الأكبر أمام جهود مكافحة التنظيم في أوروبا، وهم الذئاب المنفردة».

وأعلنت الشرطة الإيطالية، الاثنين، أنها أوقفت طاجيكياً توجّه قبل عشر سنوات إلى سوريا للقتال، وما زال عنصراً نشطاً في «داعش». وقالت الشرطة إن توقيفه يندرج في إطار إجراء «وقائي» للسلطات الإيطالية، مشيرة أيضاً إلى «الحساسية البالغة» للظروف الدولية حالياً. وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، أن بلاده لن تصبح هدفاً للأصوليين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

تعليقاً على تهديد «داعش» لملاعب كرة القدم. أشار مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن «داعش» يدرك تماماً الشعبية الجارفة لكرة القدم ومدى التفاف الجماهير حولها، لذا يحاول توظيف هذا النوع لـ«تجنيد المزيد من الشباب بغرض تنفيذ عمليات إرهابية». ودعا المرصد الدول الأوروبية إلى توخي الحذر واتخاذ ما يلزم تحسباً لتنفيذ التنظيم هجمات إرهابية؛ إذ إن «التجمعات البشرية الكبيرة تمثل فرصة مواتية له لاستخدام الوسائل غير التقليدية، مثل الدهس بالمركبات لإيقاع عدد أكبر من القتلى والمصابين».

لقطة تُظهر القاعة المحترقة بعد الهجوم المميت الذي وقع الشهر الماضي بروسيا (رويترز)

تحركات جديدة

في سياق ذلك، رأى الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أحمد كامل البحيري، أن كلمة متحدث «داعش» الأخيرة بدت وكأنها «بداية جديدة محتملة لاتساع نطاق عمليات التنظيم الإرهابية خلال المرحلة المقبلة، مع التأكيد على استمرار التنظيم في تنفيذ قاعدة أولويات الاستهداف المرتبطة بما يطلق عليه العدو القريب».


مقالات ذات صلة

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

يوميات الشرق امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

أصبحت سيدة تبلغ 61 عاماً أكبر امرأة تلد طفلاً في مقدونيا الشمالية، وفق ما أعلنت السلطات الصحية في الدولة الواقعة في منطقة البلقان الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (سكوبيي (مقدونيا الشمالية))
تحليل إخباري سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)

تحليل إخباري خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

هل الاتفاق، الذي يبدو أنه جُزّئ بين «حزب الله» و«إسرائيل»، يعني أن يدَ «الحزب» العسكرية ستبقى طليقة في لبنان.

إيلي يوسف (واشنطن)
آسيا خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده.

«الشرق الأوسط» (سيول)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
TT

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

تسعى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى استعادة ملكية مزرعة موالح كبرى من دولة غينيا، توصف بأنها «الأكبر في غرب أفريقيا».

المزرعة التي تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً، وفق بيانات «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، مخصصة لزراعة المانجو والأناناس، وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات. وتعد المزرعة المستهدفة من بين الأصول الليبية، التي تديرها «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وهي عبارة عن صندوق استثماري ليبي، وتتوزع في أكثر من 430 شركة، و200 عقار في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وأجرى وفد رفيع من حكومة «الوحدة»، برئاسة وزير الشباب فتح الله الزني، الذي وصل غينيا مساء (الاثنين)، مباحثات مع مسؤوليها حول كيفية استرجاع المزرعة لليبيا.

وتأتي زيارة وفد الحكومة في طرابلس، عقب جدل وشكوك بشأن انتحال الغيني أمادو لامين سانو صفة «وزير ومستشار خاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو»، خلال لقائه مسؤولين في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب.

وكانت غينيا قد صادرت المزرعة الليبية عام 2020 بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الغيني السابق، إلا أن المحكمة العليا الغينية قضت مؤخراً بإبطال ذلك المرسوم، ومن ثم إعادتها إلى ليبيا.

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

وضم الوفد الذي ترأسه الزني، بصفته مبعوثاً للدبيبة إلى غينيا، أيضاً مصطفى أبو فناس، رئيس مجلس إدارة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وعضو مجلس إدارة المحفظة خليفة الشيباني، والمدير العام لـلشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (لايكو)، محمد محجوب.

واستقبل الوفد الليبي وزير الشباب الغيني فرنسواه بوقولا، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الغينيين. وشارك في اللقاء القائمون بأعمال سفارتي البلدين.

ورأت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» أن هذه الزيارة «خطوة تمثل تطوراً مهماً في سياسة حكومة (الوحدة) لاستعادة وتسوية الملفات العالقة، المتعلقة بالاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية، كما تعكس حرص مجلس إدارة (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار) على استعادة جميع ممتلكات المحفظة».

فيما يرى ليبيون أن الانقسام السياسي الليبي أثر على متابعة الأصول الخارجية المملوكة للبلاد.

وكانت أفريقيا الوسطى قد أقدمت على عرض أحد الفنادق الليبية في مزاد علني، ما أعاد السؤال حول مصير الأصول المجمدة بالخارج، التي تديرها «المؤسسة الليبية للاستثمار»، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع.

وسبق أن قضت محكمة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي: «فندق فخم»، قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان تضمان شققاً بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى لعقد المزاد العلني. وقالت «الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية» إن الدولة الليبية حصلت على هذه العقارات مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية، بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2007؛ لحماية وتشجيع الاستثمار.

وفي مايو (أيار) 2023 قالت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» إنها نجحت في رفع الحجز عن فندق «ليدجر بلازا بانغي»، وهو من فئة 5 نجوم ومملوك لليبيا في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي.

وتُعنى «لايكو» بإدارة الفنادق والمنتجعات المملوكة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية، والتي تعمل تحت مظلة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، والمؤسسة الليبية للاستثمار المعروفة بـ«الصندوق السيادي الليبي». وتضم «لايكو» مجموعة من 11 منشأة، بها أكثر من 2200 غرفة من فئة 4 إلى 5 نجوم، وتطل على المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن ناقش النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، خلال لقائهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ملف الاستثمارات الليبية وكيفية حمايتها.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكانت الأموال الليبية المجمدة في الخارج تُقدر بقرابة 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.