توتر العلاقات مع مالي والنيجر يثير قلق قيادة الجيش الجزائري

دعت إلى رص الصفوف... وتقوية الجبهة الداخلية

الرئيس تبون مع قائد الجيش وخلفهما قائد الحرس الجمهوري (الرئاسة)
الرئيس تبون مع قائد الجيش وخلفهما قائد الحرس الجمهوري (الرئاسة)
TT

توتر العلاقات مع مالي والنيجر يثير قلق قيادة الجيش الجزائري

الرئيس تبون مع قائد الجيش وخلفهما قائد الحرس الجمهوري (الرئاسة)
الرئيس تبون مع قائد الجيش وخلفهما قائد الحرس الجمهوري (الرئاسة)

قالت «مجلة الجيش»، لسان حال قيادة القوات المسلحة الجزائر، إن البلاد «اليوم واحة للأمن والسكينة رغم كل المحاولات اليائسة لاستهداف انسجامها ووحدتها». وتواجه الجزائر، حالياً، توترات على الحدود الجنوبية، خصوصاً في مالي والنيجر، حيث تتهم سلطاتها دولاً أجنبية عن المنطقة بـ«التآمر عليها بهدف تقويض أمنها».

وأكدت النشرية العسكرية في عددها الشهري، الصادر الأحد، أن «بلادنا لا تعيش بمنأى عن الأحداث، ولا بمعزل عن تأثيرها»، مشيرة إلى «عالم مضطرب يموج بالتحولات والتقلبات، ومنطقة إقليمية تتسم بالتوتر وعدم الاستقرار»، مبرزة أن الظروف الإقليمية والدولية، «تستوجب تكاتف جهود الجميع لرصّ الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية، وتستدعي ترتيب الأولويات من منظور وطني استراتيجي، ومن منطلق ضرورة الاضطلاع بالمسؤوليات على أكمل وجه إزاء التحديات التي تواجه بلادنا، وفي مقدمتها الحرص على المساهمة الجماعية الواسعة في حفظ الاستقرار الذي ينعم به الشعب الجزائري، في جوار يتسم بالتوتر المنذر بتهديد السلم والأمن في المنطقة، وفي عالم تطبعه نزاعات وصراعات واستقطابات معقّدة».

العدد الجديد لـ«مجلة الجيش» بثلاث لغات (الشرق الاوسط)

ويتضمن كلام «مجلة الجيش»، حسب محللين، إشارات إلى ما يحدث في البلدان المحيطة بالجزائر. ففي المدة الأخيرة، انقلب النفوذ الذي كان لها في مالي والنيجر، إلى ما يشبه مواجهة وتحدياً من طرف السلطتين العسكريتين في البلدين، اللتين جاءتا عن طريق الانقلاب في العامين الأخيرين.

فقد أعلنت باماكو مطلع العام، استغناءها عن وساطة الجزائر في الصراع الداخلي، واتهمتها بـ«القيام بأعمال عدائية ضدها». وفي النيجر، استنكرت نيامي «الظروف المهينة» التي ميزت عمليات ترحيل رعايا النيجر المقيمين بالجزائر بطريقة غير شرعية.

واشتمت الجزائر في هذين الموقفين المفاجئين بالنسبة لها، رائحة «ضغوط قوى أجنبية عن المنطقة، على الجارتين الجنوبيتين بهدف تأليبهما ضد الشقيقة الكبرى في الشمال».

الرئيس في اجتماع مع قيادات الأجهزة الأمنية والجيش (الدفاع)

وسبق لدبلوماسيين جزائريين أن حذّروا من دور ميليشيات «فاغنر» المدعومة من طرف روسيا، في الهجومات التي شنّها جيش مالي على معاقل المعارضة في الشمال، نهاية العام الماضي، والتي كانت مقدمة لوقف العمل بـ«اتفاق السلام» الموقّع بالجزائر عام 2015. كما استنكرت الجزائر، مطلع العام، «تصرفات عدائية صادرة عن بلد عربي شقيق»، لم تذكر اسمه، وذلك خلال اجتماع لكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين لبحث الأوضاع في منطقة الساحل.

ويكون صدور أعداد «مجلة الجيش»، عادة، محل ترقب في الأوساط السياسية والإعلامية، لوجود اعتقاد راسخ بأن كل عدد جديد يحمل مواقف وتوجهات تخص قضايا مهمة محلياً وخارجياً. وتناولت هذه المرة، انتخابات الرئاسة المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، مؤكدة أن التحضير لها يجري «في ظل حركة دؤوبة في مختلف المجالات، وعلى المستويين الداخلي والخارجي. فداخلياً تعمل الجزائر بوتيرة متسارعة، على رفع مختلف التحديات التي تواجهها؛ تعزيزاً لسيادتها الوطنية واستقلالية قرارها، وليس من المبالغة في شيء القول إن الجزائر الجديدة في طريقها لكسب الرهان الاقتصادي».

قائد الجيش خلال زيارة لمنشأة عسكرية بوسط البلاد (وزارة الدفاع)

و«الجزائر الجديدة»، شعار يرفعه الرئيس عبد المجيد تبون منذ وصوله إلى السلطة نهاية 2019، للدلالة على أن عهده «خالٍ من الفساد الذي استشرى في فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة» (1999- 2019).

وفي ما يشبه دعوة للتمديد للرئيس تبون، الذي لم يعلن رغبته في الترشح بعد، ذكرت المجلة أن «عديداً من المؤشرات تثبت أنها (الجزائر الجديدة) تسير على النهج السليم، الذي سيمكّنها من تحقيق نتائج جيدة وفي مستوى تطلعات المواطنين»، لافتة إلى «ضرورة توحيد جهود الجميع؛ حفاظاً على المكتسبات المجسدة، والتطلع لتحقيق مزيد من النجاحات ومكامن القوة، في عالم لا مكان فيه للضعفاء».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.