بينما تنفي السلطات الجزائرية بشدّة وجود «معتقلي رأي» في سجون البلاد، طالبت عدة منظمات حقوقية محلية ودولية بالإفراج عن 200 شخص، دانتهم المحاكم بسبب التعبير عن مواقف سياسية معارضة للسلطة، وينتمي أغلبهم للحراك الشعبي الذي دفع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في 2019.
وأعلنت التنظيمات الحقوقية، في مدونة جماعية نشرتها اليوم السبت، بالمنصة الإخبارية الرقمية الفرنسية «ميديا بارت»، عن إطلاق «حملة للمطالبة بإطلاق مساجين الرأي فوراً»، عَادَة أن سجنهم «تم بسبب التعبير عن آرائهم وممارسة حقوقهم الأساسية».
وجاء في المدوَنة أن العام الحالي «سيشهد تنظيم انتخابات رئاسية مسبَقة في سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بعد خمس سنوات من اندلاع الحراك السلمي في فبراير (شباط) 2022 الذي رفع مطالب متصلة بدولة القانون والديمقراطية». ويفهم من هذا الطرح أن مصداقية الاستحقاق مرهونة، حسب هذه المنظمات، بتوفير شروط تهدئة على رأسها عودة المعتقلين إلى ذويهم، مؤكدة أن «مساحات الحقوق والحريات الأساسية عرفت انكماشاً حاداً منذ المراجعة الدستورية (2020)، إلى جانب إدخال تعديلات على قوانين عززت نزعة التسلط، على عكس تعهدات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان».
وتبرز في لائحة المنظمات، «لجنة الحفاظ على الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، و«شعاع لحقوق الإنسان» (بريطانيا)، و«لجنة المدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر» (مونتريال) و«البديل الديمقراطي والاجتماعي في الجزائر» (فرنسا).
وانتقد نشطاء هذه التنظيمات متابعة المناضلين في المجتمع المدني والأحزاب والصحافيين والنقابيين في القضاء، وإدانتهم بالسجن. وأشاروا إلى «وجود علامات تدل على رغبة السلطة الجزائرية في التخلي عن سياسة الغلق»، منذ أن استقبلت مقررين حقوقيين تابعين للأمم المتحدة، نهاية 2023.
ومن الأمثلة التي ساقتها المنظمات الحقوقية عن الوضع السائد في الجزائر، حلّ جمعية حقوقية لها وجود منذ 30 سنة، كما حلّت تنظيماً شبابياً في 2021 كان له حضور بارز في مظاهرات الحراك.
وتناولت المدونة إغلاق المنصة الإخبارية الفرنكفونية «ماغراب إيمرجنت» نهاية 2022، والحكم على مديرها الصحافي الكبير إحسان القاضي بالسجن 7 سنوات، بتهمة «تلقي أموال من الخارج لتقويض السلم في البلاد». كما تناولت سجن شابين برزا في الحراك، هما إبراهيم لعلامي و«شاعر الحراك» محمد تاجديت. وفي السنين الأخيرة، جمّدت الحكومة نشاط حزبين معارضين هما «الحركة الديمقراطية والاجتماعية» التي سجن رئيسها فتحي غراس، و«الحزب الاشتراكي للعمال».
وتتعامل السلطات بحدة مع إطلاق صفة «معتقلي الرأي» على عشرات الأشخاص الذين دانتهم المحاكم بالسجن، منذ بداية الحراك. وأكد الرئيس عبد المجيد تبون في لقاءات ينظمها التلفزيون العمومي بشكل دوري، أن «الحديث عن وجود مساجين سياسيين أعتبره أكذوبه القرن»، موضحاً أن حرية التعبير «مضمونة في الجزائر ولا يمكن لأي شخص منعها أو التشكيك فيها، والانتقاد السياسي حق لكل مواطن ولا يعاقب عليه القانون».
ووفق الرئيس «لا يعاقب القانون أصحاب الانتقادات البناءة، ما دامت لا تتجاوز حدود الشتم والقذف والتحريض والمس بأمن الدولة».
ورأى أن «هناك بعض الأشخاص يخدمون أطرافاً معينة، وتوظفهم جهات أجنبية لضرب استقرار الجزائر، ويطالبون بحرية التعبير على حساب أمن واستقرار الوطن»، لافتاً إلى أن «المجال مفتوح أمام المعارضين، الذين يعبرون بقناعة عن وجهات نظرهم، لكن أن تكون بوقاً لجهات من وراء البحر فهذا أمر مرفوض»، ومشدداً على أن بلاده «تدعم وتدافع عن حرية الصحافة، بدليل أن لدينا أزيد من 8 آلاف صحفي و180 جريدة يومية وما زالت الدولة تدعمها».