«مجلس الأمة» في حملة انتخابية مبكرة لمصلحة تبون

مسؤول جزائري بارز يشرح أسباب تقديم موعد «رئاسية» 2024

من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
TT

«مجلس الأمة» في حملة انتخابية مبكرة لمصلحة تبون

من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

بعد أن كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد برّر قرار تقديم موعد انتخابات الرئاسة بـ«أسباب فنية»، من دون شرح مفصّل، صرح رئيس «مجلس الأمة» صالح قوجيل، من موقع الرجل الثاني في الدولة، بأن تغيير تاريخ موعد الاستحقاق «يعود إلى تزامنه مع انتخابات التجديد النصفي للمجلس»، المقررة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وأكد قوجيل، بمناسبة مصادقة أعضاء الغرفة البرلمانية الثانية على مشروعي قانوني العقوبات وصناعة السينما، أن قرار رئيس الجمهورية تنظيم انتخابات الرئاسة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، عوضاً عن نهاية العام، «تقنيّ محض، لا علاقة له بأي من الفرضيات والتكهنات التي يتجاذبها البعض هنا وهناك». في إشارة ضمناً إلى قراءات قدمها مراقبون وسياسيون تخصّ «ما وراء قرار تقديم موعد الانتخابات»، والتي عدّها تبون نفسه، «مجانبة للصواب».

الرئيس تبون مع رئيس مجلس الأمة (رئاسة الجمهورية)

وأوضح قوجيل أن شهر ديسمبر، الذي كان محدداً لـ«رئاسية» 2024، «يصادف موعد التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، وهو غير معقول من الناحية التقنية، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى»، لم يذكرها.

ولأول مرة، منذ إعلان الرئاسة في 21 مارس (آذار) الماضي تقديم تاريخ الانتخابات، يخوض مسؤول كبير بوضوح في دوافع هذا القرار الذي أثار جدلاً واسعاً، وأحال الطيف السياسي على اختلاف مشاربه إلى سنة 1998، عندما قرر الرئيس الجنرال اليمين زروال، اختصار ولايته من دون أن يذكر الأسباب. وإلى يومنا، لا أحد يعرف لماذا أقدم على تلك الخطوة، التي أفسحت المجال لتسليم السلطة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، في انتخابات 9 أبريل (نيسان) 1999.

الرئيس تبون (الرئاسة)

وسئل الرئيس تبون، في أثناء مقابلة صحافية بثها التلفزيون العمومي، ليل السبت الماضي، عن سبب تغيير تاريخ الانتخابات، فقال: «المنطق الأساسي لهذا التغيير هو أن شهر ديسمبر ليس التاريخ الحقيقي للانتخابات. نعرف أنه (...) بعد استقالة الرئيس المرحوم (عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل 2019) تولى الرئاسة رئيس مجلس الأمة (الراحل عبد القادر بن صالح) وتم تجديد موعد الانتخابات، لكن للأسف لم تحدث، وتم تمديد المرحلة الانتقالية».

وأبرز أن «الأسباب تقنية محضة ولا تؤثر في سيرورة الانتخابات». وفي تقدير تبون، «يكون المواطن في شهر سبتمبر أكثر استعداداً للإدلاء بصوته بعد العطلة الصيفية، ويكون كل الناس قد رجعوا إلى الوطن». واستبعد وجود «أي صراع أعلى هرم النظام حول بقائه أو رحيله»، ورفض الإفصاح عمّا إذا كان يرغب في ولاية ثانية، قائلاً: «الوقت لم يحن بعد».

الرئيس تبون مع قائد الجيش سعيد شنقريحة (الرئاسة)

ويشار إلى أن كلمة القيادة العسكرية في انتخابات الرئاسة كانت دائما حاسمة، ومَن يصل إلى سدة الحكم يحوز حتماً موافقتها. ففي عدد شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كتبت «مجلة الجيش»، لسان حال رئاسة الأركان، أن «ما تحقق في ظرف أربع سنوات (منذ وصول تبون إلى الحكم نهاية 2019) يبعث على الأمل، ويدعو للاستمرار بخطى ثابتة وواثقة على النهج ذاته، بما أن كل المؤشرات والمعطيات تشير، بما لا يدع مجالاً للشك، إلى أن بلادنا تتطور بسرعة». وترك هذا الكلام انطباعاً قوياً بأن الجيش يريد تبون رئيساً لخمس سنوات أخرى.

كما أن ما تضمنه خطاب صالح قوجيل (93 سنة) أمام أعضاء «مجلس الأمة»، يشبه حملة انتخابية مبكرة لصالح تبون، فقد أشاد بـ«حكمة رئيس الجمهورية في تسيير شؤون البلاد». وقال إن «الجزائر تعيش تحت قيادته، مرحلة عنوانها الحرية في القرارات المصيرية». وأثنى على «القرارات المهمة التي يتخذها في سبيل تحقيق الاستقلالية الاقتصادية لبلادنا، ومن ثمّ تعزيز القرار السيادي للدولة وإعلاء مكانتها في المشهد الدولي».


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

قبول طعن بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج عبد المجيد تبون خلال استقباله الأمير عبد العزيز بن سعود في القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر (واس)

بتوجيه من ولي العهد السعودي... وزير الداخلية يلتقي الرئيس الجزائري

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، التقى الأمير عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية، الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

الكاتب الجزائري - الفرنسي صنصال يستأنف قرار احتجازه

وُضع الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال رهن الاعتقال في وحدة احتجاز في أحد مستشفيات الجزائر العاصمة، فيما استأنف فريق الدفاع عنه قرار احتجازه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال يتحدث في مؤتمر صحافي خلال الدورة الثانية والستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي 9 فبراير 2012 (أ.ب)

الجزائر تواجه دعوات متزايدة للإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال

دعا سياسيون وكتاب وناشطون إلى الإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تعوّل على الربط الكهربائي مع السعودية لتفعيل «السوق العربية المشتركة»

وزير الكهرباء المصري خلال محطة الربط المصري - السعودي في وقت سابق (الكهرباء المصرية)
وزير الكهرباء المصري خلال محطة الربط المصري - السعودي في وقت سابق (الكهرباء المصرية)
TT

مصر تعوّل على الربط الكهربائي مع السعودية لتفعيل «السوق العربية المشتركة»

وزير الكهرباء المصري خلال محطة الربط المصري - السعودي في وقت سابق (الكهرباء المصرية)
وزير الكهرباء المصري خلال محطة الربط المصري - السعودي في وقت سابق (الكهرباء المصرية)

تُعوّل مصر على مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية لتفعيل «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، بوصفها «نواة لربط كهربائي عربي شامل» تحت مظلة جامعة الدول العربية.

وتستضيف القاهرة، الأحد، اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء، في دورته الخامسة عشرة، بحضور ممثلين عن 22 دولة عربية، وأشارت وزارة الكهرباء المصرية إلى «توقيع اتفاقيتين لإقامة تعاون عربي شامل»، بوصفه من أهم المشروعات التكاملية العربية.

ووفق خبراء فإن «مشروع السوق العربية للكهرباء سيُسهم في تحقيق أمن الإمداد للطاقة، وخفض أسعار الكهرباء بالدول العربية»، إلى جانب «تحقيق تنافسية في تقديم خدمة الكهرباء، ما يُعزز كفاءة الإنتاج».

ووقّعت 16 دولة عربية في عام 2016 على مذكرة تفاهم لإنشاء «سوق عربية مشتركة للكهرباء» تحت مظلة الجامعة العربية، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في أبريل (نيسان) 2017، وشارك البنك الدولي في إعداد الاتفاقيات الخاصة بإنشاء السوق، وفق برنامج زمني تتبناه الجامعة العربية على مراحل تنتهي في عام 2038.

ووفق «الكهرباء المصرية»، السبت، يشهد اجتماع وزراء الكهرباء العرب التوقيع على «اتفاقيتي السوق العربية المشتركة للكهرباء»، الأولى «اتفاقية عامة تتضمن أهداف السوق والمبادئ الاسترشادية لتطويرها وتشكيل مؤسساتها، وتحديد أدوارها ومسؤولياتها»، إلى جانب «اتفاقية السوق المشتركة، وتشمل آلية تنفيذ الالتزامات المحددة في الاتفاقية العامة، والجوانب التجارية، والوضع القانوني، ودور مؤسسات ولجان السوق المشتركة».

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مصطفى مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول قبل أيام (الرئاسة المصرية)

وشدّد وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، على «أهمية استكمال مشروعات الربط الكهربائي المشترك، لتفعيل السوق العربية المتكاملة»، مشيراً إلى أن «مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي الذي سيتم تشغيله مطلع الصيف المقبل، يعد نواة لربط كهربائي عربي شامل».

ووقّعت مصر والسعودية اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي: «أخيراً، سيدخل خط الربط الكهربائي المصري - السعودي، الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين»، مضيفاً أن «المشروع يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين». (الدولار يساوي 49.57 جنيه في البنوك المصرية).

وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية «نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي»، وقال خلال اجتماع حكومي، الأسبوع الماضي: «إن المشروع يعد نموذجاً يُحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ويرى رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك» السابق في مصر، حافظ سلماوي، أن «مشروع السوق العربية المشتركة، قائم بشكل أساسي، على مشروعات الربط بين الدول العربية التي سيتم من خلالها نقل تيار الكهرباء بين الدول المشتركة فيه»، مشيراً إلى أن «تنفيذ مصر مشروعات للربط الكهربائي مع السعودية، ومع دول أخرى مثل الأردن، بمثابة البداية الفعلية لتدشين السوق العربية للكهرباء، على أن تُستكمل بمشروعات ربط أخرى مع بقية الدول العربية».

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

ووفق سلماوي، فإن «مشروع السوق المشتركة يُحقق أمن الإمداد للطاقة للدول المشاركة فيه، بإتاحة الكهرباء من الدول التي لديها فائض في الإنتاج للأخرى التي تواجه عجزاً في تلبية الاستهلاك المحلي، ومن ثمّ حل مشكلة انقطاع الكهرباء التي واجهتها بعض الدول العربية أخيراً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المشروع سيتيح استيراد الكهرباء مباشرة بدلاً من الغاز والمازوت اللازم لإمداد محطات الكهرباء في عملية الإنتاج».

وشهدت نحو 7 دول عربية على الأقل انقطاعات للكهرباء بشكل مستمر خلال موسم الصيف الماضي، بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، كان من بينها مصر، التي نفّذت خطة «تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)» لمواجهة زيادة الاستهلاك.

وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية «توقف عدد من محطات الكهرباء عن الإنتاج لعدم وصول إمدادات الغاز»، وقالت في إفادة، السبت: «إن عدداً من محطات الإنتاج الجاهزة للعمل توقفت بسبب شح الغاز».

وأشار سلماوي إلى أن «مشروع السوق المشتركة للكهرباء سيُسهم في خفض أسعار الكهرباء بالدول العربية، ويُحقق تنافسية أعلى في الإنتاج»، لافتاً إلى أن «المشروع يفتح سوقاً أوسع للإنتاج الكهربائي بين منتجين ومستهلكين من الجهات الحكومية والقطاع الخاص في الدول العربية».

وفي وقت سابق، أشارت مدير «إدارة الطاقة» بجامعة الدول العربية، جميلة مطر، إلى أن «اتفاقيتي السوق المشتركة للكهرباء ستمثلان الأساس التشريعي والقانوني الذي ستقوم كل دولة بالتصديق عليه»، وقالت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المشروع سيشمل 22 دولة عربية، وستُجرى عملية التنفيذ وفق مراحل زمنية، ستبدأ عام 2025 لمدة 6 سنوات، وسينتهي المشروع للتشغيل عبر الشبكة الموحدة للكهرباء بالدول العربية عام 2038».

الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

ووفق أستاذ الطاقة بالجامعة الأميركية في القاهرة، جمال القليوبي، فإن «مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيسهم في التكامل الطاقي بين البلدين، وسيفتح فرصاً أوسع للربط بين دول عربية أخرى»، وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى مشروعات الربط الأخرى التي تستهدفها مصر مع بقية دول الجوار، مثل الأردن والعراق وليبيا والسودان، عادّاً أن «فرص إنجاز تلك المشروعات ممكنة، في ضوء توافر قدرات الإنتاج الكهربائي في مصر».

وتتبنّى الحكومة المصرية خطة للتوسع في مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار، ما يُعزز دورها الإقليمي في مجال الطاقة، وأعلنت عن مشروعات للربط الكهربائي مع دول عربية، مثل الأردن والعراق وليبيا والسودان، إلى جانب الربط مع قبرص واليونان، لفتح سوق للتصدير الكهرباء مع أوروبا.

وفي حين شدد القليوبي على أهمية مشروع «السوق العربية للكهرباء» في توفير إمدادات الكهرباء، أشار إلى أن «المشروع يواجه تحديات تنفيذية، منها عدم توافر البنية التحتية التي تستوعب قدرات الربط بين الدول العربية»، وقال: «إن المشروع يحتاج إلى تمويل مستمر لعملية الربط بين الدول المشاركة فيه، والمتابعة والرقابة المستمرة، لتنفيذ مراحله».