مقر «النواب» المصري بالعاصمة الإدارية يُدشن «الجمهورية الجديدة»

السيسي أدى فيه اليمين الدستورية... ومساحته 3 أضعاف مبنى وسط القاهرة

مقر مجلس النواب المصري في العاصمة الجديدة (الشركة المنفذة)
مقر مجلس النواب المصري في العاصمة الجديدة (الشركة المنفذة)
TT

مقر «النواب» المصري بالعاصمة الإدارية يُدشن «الجمهورية الجديدة»

مقر مجلس النواب المصري في العاصمة الجديدة (الشركة المنفذة)
مقر مجلس النواب المصري في العاصمة الجديدة (الشركة المنفذة)

جاء حلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة مدتها 6 سنوات من داخل مقر مجلس النواب المصري (البرلمان) في العاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، ليكون إعلاناً لتدشين المقر الجديد للمجلس بالعاصمة بعد 158 عاماً من افتتاح المقر التاريخي للمجلس بمنطقة وسط القاهرة في عهد الخديو إسماعيل، الذي افتُتح عام 1866. وقال نواب في البرلمان لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن «انتقال مقر مجلس (النواب) المصري إلى العاصمة الإدارية الجديدة يُدشن (الجمهورية الجديدة)».

وعرفت مصر الحياة النيابية في وقت مبكر منذ عام 1824 عبر «المجلس العالي» الذي شُكِّل في عهد محمد علي، إلا أن الحياة النيابية التمثيلية لم تبدأ إلا مع «مجلس شورى النواب» الذي أُنشئ في عهد الخديو إسماعيل عام 1866، وتَكوَّن من 75 عضواً منتخباً من قبل الأعيان، وهو المجلس الذي حصل على صلاحيات أوسع تدريجياً.

ومن شارع قصر العيني في وسط العاصمة المصرية، القاهرة، إلى قلب العاصمة الإدارية، انتقل «النواب» المصري، الثلاثاء، لمقره الجديد «الذي يقع على مساحة 109 آلاف متر مربع، وهي مساحة تصل إلى 3 أضعاف مساحة المقر القديم في وسط القاهرة، مع قاعة رئيسية تتسع لنحو ألف عضو»، بحسب مراقبين.

وشُيِّد المبنى التاريخي لمجلس النواب في العاصمة الإدارية على طراز يجمع بين الأساليب المعمارية الأوروبية في أواخر القرن التاسع عشر، والتأثيرات الإسلامية في العمارة والفنون، وهو التصميم الذي اسْتُوحِيَتْ منه فكرة تصميم المقر الجديد في العاصمة الإدارية وبجوار مباني الوزارات الحكومية المختلفة. وحاز تصميم مقر «النواب»، الذي جرى البدء في تنفيذه عام 2016، جائزة «أفضل مشروع» فئة مشروعات المباني الحكومية في مسابقة التحكيم العالمية لمجلة «ENR» الأميركية عام 2021، وتم تنفيذه بشكل يتشابه في تفاصيله إلى حد كبير مع المقر التاريخي للمجلس في وسط القاهرة، لكن على مساحة أكبر.

قبة مجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة (الشركة المنفذة)

ويتضمن المبنى الجديد لمجلس النواب قبتين؛ الأولى وسطية معدنية بقُطر 50 متراً، والثانية قبة علوية خرسانية بقُطر 57 متراً، بينما كان يبلغ قُطر قبة المجلس القديم بوسط القاهرة 22 متراً فقط، وصممت قاعة المجلس الجديدة من 3 طوابق على غرار المقر القديم.

وخصص الطابق الأول لمقاعد نواب البرلمان، والمنصة الرئيسية التي يجلس عليها رئيس المجلس، في حين خُصِّص الطابقان الآخرين للمحررين البرلمانيين والإعلاميين والضيوف والشخصيات العامة وكبار الزوار.

وبحسب عضو المجلس التنفيذي للشركة المنفذة لمشروع مبنى «النواب» بالعاصمة الجديدة، محمد علوي، فإنه «تم عمل التقسيمات الداخلية للمقر بما يتناسب مع احتياجات العمل البرلماني»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «التجهيزات الداخلية للمقر الجديد تختلف بشكل كامل عن المبنى القديم».

من جهته قال عضو مجلس النواب المصري، النائب إيهاب منصور، لـ«الشرق الأوسط» إن «المبنى الجديد صُمّم بشكل يتجنب الثغرات الموجودة في المقر القديم». وأضاف أن «زيادة عدد أعضاء المجلس خلال السنوات الماضية، جعلت المقر القديم يضيق بشكل كبير على النواب، لذا تمت مراعاة ذلك في المقر الجديد بالعاصمة الإدارية ليستوعب أي زيادة مستقبلية لأعضاء المجلس». ولفت إلى أن «مقر (النواب) الجديد يدشن (الجمهورية الجديدة)».

ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب الحالي 596 عضواً، منهم 28 عضواً معيناً من الرئيس المصري، بينما جرى انتخاب باقي النواب عبر نظامي «الفردي»، و«القوائم»، وتُجرى مناقشات بـ«الحوار الوطني» المصري، الذي أطلقه السيسي قبل نحو عامين، لزيادة عدد أعضاء مجلس النواب خلال الانتخابات المقبلة العام المقبل. (ويشار إلى أن مدة الدورة البرلمانية لمجلس النواب 5 سنوات).

أحد أحياء العاصمة الإدارية الجديدة في مصر (العاصمة الإدارية)

وهنا يرى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، النائب محمد الفيومي، أن الانتقال الكامل للوزارات الحكومية والبرلمان إلى العاصمة الإدارية يدشن «الجمهورية الجديدة» التي تعتمد على التخطيط الاستراتيجي واستخدام التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى القدرة على استيعاب المتغيرات المستقبلية، لافتاً إلى أن «المعنى الرمزي لحلف الرئيس السيسي اليمين الدستورية بمقر المجلس في العاصمة الإدارية، هو تدشين رسمي للعاصمة الجديدة و(الجمهورية الجديدة)».

وتعددت الدساتير والقوانين المُنظِّمة للعمل البرلماني في مصر، فمن القانون النظامي عام 1883 الذي نص على تكوين البرلمان المصري من مجلسين «شورى القوانين» و«الجمعية العمومية»، مروراً بـ«الجمعية الشرعية» في 1913 وجمود الحياة النيابية خلال الحرب العالمية الأولى، ثم عودتها بعد دستور 1923 بنظام غرفتين (الشيوخ والنواب) واستمر ذلك حتى ثورة 1952، وفي عام 1957 تم انتخاب «مجلس الأمة» واستمرت الحياة النيابية في مصر بعد ذلك بغرفة واحدة للبرلمان، وبموجب استفتاء 1980 عادت الغرفتان وأُطلق عليهما «الشعب والشورى». لكن الغرفة الثانية (أي الشورى) ألغيت بموجب دستور عام 2014، الذي بدّل اسم الغرفة الأولى من «مجلس الشعب» إلى «مجلس النواب»، وبموجب التعديلات الدستورية عام 2019 عادت الغرفة الثانية باسم «مجلس الشيوخ».

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال جولة سابقة للمنطقة السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

ويتضمن مبنى مجلس النواب الجديد مكتباً لرئيس البرلمان، ومكتباً لوزير شؤون المجالس النيابية، بجانب مكاتب وكلاء المجلس و30 قاعة حزبية، بجانب مكاتب للبرلمانات الدولية، ومكاتب إدارية تتسع لـ3250 موظفاً، ليتسع المقر الجديد للموظفين، الذين اضطر المجلس القديم بوسط القاهرة لاستئجار مكاتب لهم في مناطق محيطة بمقره نظراً لعدم وجود أماكن لهم في المقر القديم، بحسب المراقبين.

وكانت المنطقة المحيطة بمقر مجلس النواب في وسط القاهرة تشهد زحاماً في أثناء انعقاد جلسات المجلس، مما كان يسبب تكدساً مرورياً بوسط العاصمة بشكل يومي، لكن أستاذ التخطيط العمراني في مصر، سيف الدين فرج، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «نقل مقار الوزارات والبرلمان إلى العاصمة الجديدة سوف يُسهم في تخفيف الزحام بوسط القاهرة بشكل كبير، وسوف يوفر سيولة مرورية في هذه المنطقة مستقبلاً».


مقالات ذات صلة

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

شمال افريقيا مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مجلس الشيوخ المصري أثناء مناقشة قانون «المسؤولية الطبية» (وزارة الشؤون النيابية والقانونية المصرية)

مصر: جدل متصاعد بسبب قانون «المسؤولية الطبية»

تصاعد الجدل في مصر بسبب قانون «المسؤولية الطبية» عقب موافقة مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) نهائياً على القانون.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تؤكد التزامها بسداد الديون

أكدت الحكومة المصرية، الأربعاء، التزامها بسداد ما عليها من التزامات وديون، وذلك تزامناً مع إعلان صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مبدئي مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا المتهم خلال إحدى الجلسات السابقة (الشرق الأوسط)

محكمة مصرية تؤيد إعدام «سفاح التجمع»

أيدت محكمة الجنايات المستأنفة بالقاهرة، الأربعاء، الحكم بالإعدام على كريم محمد سليم المشهور بـ«سفاح التجمع»، بتهمة قتل 3 سيدات وإلقائهن في مناطق صحراوية بمصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت أنه لا جمارك جديدة ستفرض، لكن ستطرح منظومة جديدة لمواجهة التهريب، الذي كان يصل لنحو 95 في المائة من الواردات ويضر خزينة الدولة.

وأكد مسؤول مصري في تصريحات، الأربعاء، أن المنظومة ستطبق خلال أيام، بهدف مزيد من الحوكمة، وتطويق عمليات تهريب أجهزة الجوالات غير المسبوقة من الخارج، وسط تأكيد مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء سيحمي الاستثمارات الداخلية، ويشجع الصناعة المحلية دون أي تأثير على أسعار الهواتف داخل مصر.

وكشف نائب وزير المالية المصرية، للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، في مقطع مصور الأربعاء، عن أن هناك «إشاعات انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بفرض ضريبة جديدة على الجوّال»، مؤكداً أنه «لا فرض ضريبة إضافية على الجوالات».

هواتف «غوغل بيكسل» الجديدة (غوغل)

كما أوضح المسؤول المصري أن «كل ما في الأمر هو أن هناك حوكمة أكبر للجوالات القادمة من المنافذ الجمركية»، لافتاً إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت للأسف الشديد ظاهرة تهريب الجوالات بطريقة فاقت التوقعات».

«ويتم تهريب 95 في المائة من الجوالات المستوردة، وتدفع فقط 5 في المائة الرسوم الجمركية المقررة منذ زمن»، بحسب الكيلاني، الذي شدد على أن التهريب أضر بالخزينة العامة للدولة، دون تحديد قيمة الخسائر.

وتعد رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك.

ولمواجهة آفة التهريب، قال نائب وزير المالية، إن الوزارة صممت تطبيقاً على الجوالات يسمح للقادمين من الخارج، سواء في المواني أو المطارات، بتسجيل جوالاتهم الشخصية عن طريق التطبيق بمجرد دخولهم إلى البلاد، دون أي جمارك أو رسوم إضافية، على أن يتم إرسال رسالة نصية للجوالات المهربة غير المسجلة على ذلك التطبيق، تنص على المطالبة بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال 90 يوماً، ليتم بعدها وقف تشغيل الجوالات المهربة غير المسددة للرسوم.

مصر لمواجهة تهريب الهواتف المحمولة (آبل)

ويوضح رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أخرى، مبرزاً أن هناك شكاوى قدمت للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، من صناع ومعنيين في السوق المحلية، من إدخال البعض جوالات مستوردة من الخارج، دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم والسوق المحلية. وأكد أن التطبيق «سيواجه ذلك التهريب، وينتظر الإعلان عن موعد دخوله حيز التنفيذ، ولن يؤثر سلباً على السوق»، موضحاً أن تلك الجوالات كانت تدخل بطريقة غير رسمية للبلاد، وكانت تضر السوق.

وكانت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قد كشفت قبل أيام عن أن هناك بلبلة بشأن وقف إدخال الجوالات المستوردة من الخارج، ابتداء من يناير 2025.

وأوضحت أن «هناك مشكلة في الرقابة، ذلك أن دخول الجوالات من السوق الأوربية لمصر بشكل كبير أثر على عملية البيع المحلي في مصر»، لافتة إلى أن الجوالات «سيتم السماح بدخولها لكن سيتم دفع الرسوم المقررة».

وأكدت وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن دخول الجوال المستورد من الخارج بالضريبة «سيجعل تكلفته أغلى من سعره في الداخل، ومن ثمّ سيساهم في تقليل الاستيراد، وتعزيز البيع المحلي، وعدم اللجوء للخارج»، مؤكدة أن التوجهات الرسمية تفيد بدخول جوال واحد كل سنة دون ضريبة، وإن زاد على ذلك فلابد من دفع الرسوم المقررة.

وانتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع، من بينها الجوالات؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) جوالات سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

ويتوقع رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، أن يعزز عمل المنصة الجديدة مواجهة الجوالات المهربة داخل السوق، مرجحاً أنها قد تتلاشى مع مخاوف من عدم عملها داخل مصر، خاصة أنها قد لا تدفع الجمارك المقررة عليها، مشدداً على أن تلك الخطوة «ستشجع الاستثمارات المحلية بشأن تصنيع الجوالات، ولن تؤدي إلى أي ارتفاع جديد في أسعار الجولات داخل البلاد».

هاتف «شاومي 14 ألترا» (إدارة الشركة)

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.