سعيّد يوجه بإنقاذ مؤسسات تونس المهددة بالإفلاس

قال إن الفساد نخرَ قطاع النقل وتسبب في معاناة يومية للمواطنين

الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء سابق مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء سابق مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة التونسية)
TT

سعيّد يوجه بإنقاذ مؤسسات تونس المهددة بالإفلاس

الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء سابق مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي قيس سعيد في لقاء سابق مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة التونسية)

طالب الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال اللقاء الذي جمعه برئيس الحكومة أحمد الحشاني، مساء الجمعة، بضرورة الإسراع بإنقاذ عدد من المؤسسات والمنشآت الحكومية التي تعاني من صعوبات مالية، وأصبح الكثير منها مهدداً بالإفلاس والإغلاق، وإصدار النص المتعلق بإحداث «ديوان تنمية الجنوب والصحراء»، علاوة على بحث ملف النقل داخل المدن وبينها، مؤكداً أن الفساد نخر هذا القطاع منذ عقود من الزمن، وهو ما تسبب في معاناة يومية للتونسيين في كافة مناطق البلاد، حسب تعبيره.

وفي هذا السياق، كشف الرئيس التونسي عن مجموعة من المعطيات السلبية المتعلقة بقطاع النقل، من بينها أن أسطول الحافلات في الولايات (محافظات) الأربعة، المشكلة لتونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة)، كان يتكون قبل سنوات قليلة من 1157 حافلة، لكن لم يتبق منه الآن سوى 434 فقط، أما بالنسبة إلى عربات المترو، فأربعون عربة فقط يقع استغلالها حالياً من إجمالي 189 ما زالت في طور الخدمة، كما أن قطار الضاحية الشمالية لا يشتغل إلا بنسبة 27.8 في المائة، عاداً أن الوضع «لا يقل قتامةً في سائر أنحاء تونس».

وطالب الرئيس سعيد بإصلاح ما يمكن إصلاحه في أقرب الآجال، وتحميل المسؤولية كاملة لمن تسبّب في هذا الوضع الكارثي، مبرزاً أن «سياسة التفريط في المرافق العمومية التي تم اتباعها منذ عقود لا بد أن تتوقف، ولا بد أيضاً من محاسبة كل من خرّب مرفق النقل العمومي، وغيره من المرافق العمومية الأخرى».

ويرى مراقبون أن تركيز الرئيس التونسي على وضعية قطاع النقل العمومي لا يخلو من دوافع انتخابية، مبررين ذلك بإعلان المنذر الزنايدي، وزير النقل السابق في عهد بن علي، عن ترشحه للمنافسة على كرسي الرئاسة، كما يرون أن اعتبار الزنايدي أحد المنافسين الرئيسيين لسعيد في الاستحقاق الرئاسي المرتقب هو الذي فجر مثل هذه الانتقادات، والدعوة لفتح تحقيق قضائي ضده بتهمة سوء التصرف في قطاع النقل عندما كان وزيراً للنقل، وتمكين أصهار بن علي من صفقات عمومية غير قانونية.

وفيما يتعلق بملف المؤسسات الحكومية الكبرى التي تعاني من أزمات متتالية، ذكّر الرئيس التونسي بوضعية الشركة التونسية للسكر، التي أنشئت منذ سنة 1961، قائلاً إن هذه المؤسسة التي تعتز بها تونس كانت تتجه بعد حوالي 10 سنوات من إحداثها إلى بلوغ طاقة إنتاج تصل إلى 700 ألف طن في السنة، «لكن معداتها تهالكت وصار جزءاً منها خارج الخدمة، وطالها ما كان يسمى بالتأهيل الشامل للمؤسسات، فلا هي تأهّلت ولا هي تطورت، بل فُتّحت أبوابها أمام اللوبيات وشبكات الفساد»، على حد تعبيره.

كما دعا رئيس الجمهورية إلى الإسراع بوضع برامج إنقاذ في أقرب الآجال لعدد من المنشآت الأخرى، على غرار «شركة الفولاذ»، و«الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق».

وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، إن وضعية هذه المؤسسات الحكومية كانت مطروحةً بإلحاح منذ سنوات ضمن شروط القروض المسندة من قبل صندوق النقد الدولي لفائدة تونس، حيث اشترط تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية، أبرزها الحد من كتلة أجور العاملين في القطاع العام، والتحكم في أعداد الموظفين، بعد أن تأكد وجود موظفين فوق حاجة تلك المؤسسات، مضيفاً أن الوضع الاجتماعي والأمني في تونس منعها من تنفيذ هذا البرنامج نتيجة تأثيره المباشر على أمن البلاد.


مقالات ذات صلة

إمام أوغلو يقاطع إحدى محاكماته بسبب تغيير مكانها في آخر لحظة

شؤون إقليمية متظاهرون في تركيا يطالبون بالإفراج عن رئيس بلدية إسطنبول المحتجز منذ 19 مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

إمام أوغلو يقاطع إحدى محاكماته بسبب تغيير مكانها في آخر لحظة

أرجأت محكمة تركية نظر إحدى القضايا المتهم فيها رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أغلو، لمقاطعته وفريقه القانوني أولى جلسات الاستماع بسبب نقل مكان انعقادها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب «النصر» القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ يحاكم بتهمة التحريض على كراهية وعداء اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب (من حسابه في إكس)

الادعاء العام بتركيا يطالب بحبس أوميت أوزداغ للتحريض على السوريين

أجّلت محكمة تركية محاكمة رئيس حزب «النصر» القومي المعارض أوميت أوزداغ بتهمة «تحريض الجمهور علناً على العداء والكراهية» إلى جلسة تعقد في 17 يونيو (حزيران).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ينظّم أوزيل احتجاجات للتنديد باعتقال إمام أوغلو ما أثار غضب الحكومة وداعميها (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

زعيم المعارضة التركية في مرمى النيران لرفضه دعم دستور جديد

تسيطر النقاشات حول قضيتي الدستور الجديد وحلّ «حزب العمال الكردستاني» على الساحة السياسية التركية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية احتجاجات مستمرة بتركيا منذ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

التوتر السياسي يُخيّم على احتفال تركيا بعيد الأضحى

خيّم التوتر السياسي وأجواء الاعتقالات في البلديات التابعة لحزب «الشعب الجمهوري» على احتفال تركيا بعيد الأضحى، وتبادل القادة السياسيون رسائل تعكس حدّة الاستقطاب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل يواجه تحقيقاً جديداً لانتقاده المدعي العام في إسطنبول (من حسابه في «إكس»)

تحقيق مزدوج يستهدف زعيم المعارضة في تركيا لانتقاده مدعياً عاماً

فتح الادّعاء العام في تركيا تحقيقاً مزدوجاً ضد زعيم المعارضة أوزغور أوزيل، بسبب تعليقات أدلى بها ضد المدعي العام لإسطنبول، اعتُبرت بمثابة تهديد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)

في حين أكّدت مصر أن «زيارة الحدود المحاذية لقطاع غزة تتطلب الحصول على تأشيرات دخول للأراضي المصرية وموافقة مسبقة»، قال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» المغاربية لـ«الشرق الأوسط» إن «القائمين عليها والمشاركين فيها عازمون على مواصلة مسيرتهم حتى بلوغ معبر رفح بعد إتمام الإجراءات القانونية المطلوبة».

وذكر مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر بالبيان الذي أصدرته وزارة الخارجية لجأت إلى حلّ وسط، أنها لا تمانع دخول القافلة أو أي قوافل؛ لكن هناك اشتراطات يجب اتباعها، وهي الحصول على التأشيرات والموافقات، ومن ثم لن يدخل أحد دون تحقيق تلك الشروط».

وأوضح المصدر أن «السلطات في مصر لن تسمح بأي حال بدخول هذا العدد الكبير الذي وصل إلى آلاف المشاركين، بحسب التقارير الإعلامية، لكن قد تسمح بدخول مجموعة قليلة جدّاً منتقاة، وبعد تحقيق الاشتراطات من أجل السماح لهم بتوصيل الرسالة التي لا تختلف مع الرسالة المصرية، وهي رفض حصار وتجويع الفلسطينيين».

وجاء في بيان صدر، مساء الأربعاء، عن «الخارجية المصرية» أن «مصر ترحب بالمواقف الدولية والإقليمية، الرسمية والشعبية، الداعمة للحقوق الفلسطينية، والرافضة للحصار والتجويع والانتهاكات الإسرائيلية السافرة والممنهجة بحقّ الشعب الفلسطيني بقطاع غزة». وتؤكد في هذا الصدد «استمرارها في العمل على المستويات كافة لإنهاء العدوان على القطاع، والكارثة الإنسانية التي لحقت بأكثر من مليونين من الأشقاء الفلسطينيين».

ليبيون يلوحون بالأعلام وهم يرحبون بالنشطاء المتجهين برّاً إلى غزة بهدف كسر الحصار عن الأراضي الفلسطينية (أ.ف.ب)

وأضاف بيان «الخارجية» أنه «في ظل الطلبات والاستفسارات المتعلقة بزيارة وفود أجنبية للمنطقة الحدودية المحاذية لغزة (مدينة العريش ومعبر رفح) خلال الفترة الأخيرة، وذلك للتعبير عن دعم الحقوق الفلسطينية، تؤكد مصر على ضرورة الحصول على موافقات وتأشيرات دخول مسبقة لإتمام تلك الزيارات، وأن السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات، هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب على غزة».

وقال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» المغاربية، نبيل الشنوفي، إن «البيان المصري لم يخص (قافلة الصمود)، بينما تحدث بشكل عام، ونحن نتفق مع ما جاء به وقد سعينا لتحقيق الاشتراطات التي تضمنها».

وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنهم «أرسلوا للخارجية المصرية، والتقوا السفير المصري في تونس قبل انطلاق القافلة وسلّموه قائمة بأسماء وأرقام جوازات سفر المشاركين وخلفياتهم، من أجل إصدار الموافقات اللازمة لدخولهم مصر، لأننا لا نهدف أبداً إلى خرق القوانين أو اقتحام الحدود، بل نلتزم بالقانون، وجميعنا مثقفون وأطباء ومحامون وأساتذة جامعات، وليس بيننا أي خارج على القانون».

تونسيون خلال الاستعداد لانطلاق القافلة من وسط العاصمة (أ.ف.ب)

وقال الشنوفي إنهم «يأملون من السلطات في مصر أن تتفهم هدفهم، وهو توصيل رسالة شعبية برفض الحصار والتجويع لأهل غزة، وتسمح لهم بالوصول إلى معبر رفح من أجل ذلك، وإنهم تحت أمر القاهرة في أي مطالب قانونية لتحقيق ذلك»، منوهاً إلى أن «القافلة بلغت مدينة مصراتة الليبية، ولم يحدث من المشاركين فيها أي خروج على القانون طوال الطريق من تونس».

والثلاثاء، أعلنت «قافلة الصمود المغاربية لكسر الحصار على غزة» انتهاء المرحلة الأولى من رحلتها بعد 24 ساعة من انطلاقها والنجاح في اجتياز كامل التراب التونسي.

وبدأت القافلة مرحلتها الثانية بعد دخول الأراضي الليبية منذ يومين، وتضمنت نحو 165 سيارة وحافلة تضم قرابة 2000 شخص شاركوا في الحملة حتى الآن من الجنسيتين التونسية والجزائرية، في مسعى للوصول إلى الحدود الليبية - المصرية، ومنها إلى معبر رفح، الأحد المقبل، بحسب المنظمين.