واشنطن تلوّح بقرار أممي لتوصيل المساعدات إلى السودان

تزامناً مع ذكرى الحرب ومؤتمري باريس في 15 أبريل وجدة للسلام بعد شهر رمضان

لاجئون سودانيون يحصلون على مواد غذائية من وكالات إغاثية في شرق تشاد (أ.ب)
لاجئون سودانيون يحصلون على مواد غذائية من وكالات إغاثية في شرق تشاد (أ.ب)
TT

واشنطن تلوّح بقرار أممي لتوصيل المساعدات إلى السودان

لاجئون سودانيون يحصلون على مواد غذائية من وكالات إغاثية في شرق تشاد (أ.ب)
لاجئون سودانيون يحصلون على مواد غذائية من وكالات إغاثية في شرق تشاد (أ.ب)

اقترحت الولايات المتحدة على بقية أعضاء مجلس الأمن اتخاذ «إجراءات سريعة» لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى ملايين السودانيين المهددين بالمجاعة، بما في ذلك إنشاء «آلية عبر الحدود» لهذه الغاية، إذا لم يسمح الجيش السوداني بتوصيل المعونات عبر كل المنافذ الحدودية.

وتقوم إدارة الرئيس جو بايدن بهذا الجهد المشابه لقرارات اتخذها مجلس الأمن لتوصيل المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، على مشارف الذكرى السنوية الأولى للحرب بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، من الجهة الأخرى، وبالتزامن مع مؤتمر باريس للمانحين في 15 أبريل (نيسان) المقبل، ومحادثات السلام المتوقعة بعد شهر رمضان الحالي، في جدة.

وورد هذا الاقتراح من المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد والمبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو أمام مجلس الأمن مساء الخميس، حيث أشارت توماس غرينفيلد إلى أن «نحو 18 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد. والأطفال يتضورون جوعاً، ويهزلون، ويموتون». وإذ ذكرت بـ«تجاهل» قرار مجلس الأمن 2724 حول وقف النار في شهر رمضان، قالت إنه بعد مضي نحو عام على بدء الأزمة «لا يزال الوضع في السودان كارثياً، ويزداد سوءاً»، مضيفة أنه «في الوقت الحالي، تمت تلبية خمسة في المائة فقط» من النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل هذا البلد. ولاحظت أن «الأمر لا يقتصر على نقص التمويل فحسب، بل إن العاملين في المجال الإنساني غير قادرين ببساطة على إيصاله إلى المحتاجين»، متهمة مقاتلي الطرفين بأنهم «عملوا على تقويض» توصيل المساعدات (...) ويشمل ذلك القوات المسلحة السودانية، التي أعاقت عبور المساعدات الإنسانية الرئيسية من تشاد إلى دارفور».

المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (الأمم المتحدة)

المعابر الحدودية

وطالبت توماس غرينفيلد القوات المسلحة السودانية بـ«إعادة فتح كل معابرها الحدودية مع تشاد على الفور وبشكل كامل لأغراض إنسانية، بما في ذلك معبر أدري الحدودي»، مؤكدة أنه «إذا لم يفعلوا ذلك، فيجب على مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات سريعة لضمان تسليم وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك، إذا لزم الأمر، من خلال آلية عبر الحدود». وحضت الأطراف المتحاربة على «وقف القتال ووضع السودان على طريق السلام. لأننا لا نستطيع أن نأمل في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان وما حوله إذا لم نعالج الأسباب الجذرية».

وأعطت الكلام إلى بيريللو الذي يعمل على «تعزيز جهودنا لإنهاء الأعمال العدائية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، ودعم الشعب السوداني في سعيه إلى السلام».

وقال بيريللو: «نواجه أزمة قاتلة بالفعل للعديد من الفئات الأكثر ضعفاً ويمكن أن تتفاقم بشكل كبير في الأسابيع المقبلة»، عادّاً «الشعب السوداني متحداً للغاية، وما يريده هو إنهاء هذه الحرب. إنهم يريدون التوصيل الكامل للمساعدات عبر الحدود وعبر الجبهات». وأضاف أنه «من المهم لمجلس الأمن والأمم المتحدة والناس في كل أنحاء العالم أن يتفهموا هذه الضرورة الملحة، وأن ينتبهوا إلى الأزمة في بلد يبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة، ونزح بالفعل أكثر من 20 مليوناً من ديارهم».

«يتضورون جوعاً»

ورداً على أسئلة الصحافيين، قالت توماس غرينفيلد إن الوضع حالياً «أسوأ مما كان عليه في العام الماضي»، عادّة «الوضع في المنطقة الحدودية من تشاد يقترب من أن يصير حرجاً، وربما يؤدي إلى مجاعة. الناس يتضورون جوعاً».

المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريللو (رويترز)

وكشف بيريللو عن أن الرئيس جو بايدن والوزير أنتوني بلينكن يشددان على «إلحاح هذه القضية»، مضيفاً أنه سينضم إلى أعضاء من مجلسي الشيوخ والنواب لزيارة مخيمات اللاجئين في تشاد بهدف «الاطلاع بشكل مباشر على درجة شدة المعاناة». ونقل عن العديد من السودانيين أنهم «لا يرون التغطية في الصحافة الغربية. وهم لا يرون ذلك في الصحافة الأفريقية أو في صحافة العالم العربي بما فيه الكفاية». وحذر من أنه «حتى لو انتهت الحرب غداً، فلن نتمكن من منع حدوث مجاعة قادمة». وقال: «يجب علينا أن نضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام يعيد الشعب السوداني إلى المسار الذي (...) يريد أن يسلكه، مع زيادة كبيرة أيضاً في حجم المساعدات الإنسانية والقدرة على توصيلها إلى حيث تمس الحاجة إليها».

وفيما يتعلق بالضغط على قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، ذكّر بيريللو بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على «الجهات الفاعلة السيئة من كلا الجانبين، مما يدل على ضرورة وجود محاسبة على تلك الأعمال الوحشية»، مشيراً بصورة خاصة إلى «قضية التطهير العرقي ضد المساليت في حادثة قامت بها قوات الدعم السريع».

السودانيون «متحدون»

وإذ عدّ بيريللو «الشعب السوداني متحداً للغاية فيما يريده لمستقبله»، مسمياً «السلام الفوري، والوصول الكامل للمساعدات الإنسانية، والعودة إلى الانتقال الدستوري الذي ساعد على توحيد وإلهام الشعب السوداني وغيره عام 2019 ومسألة الجيش المهني الموحد»، قال: «كنا بالطبع داعمين للغاية لعملية جدة»، حيث «سنشهد محادثات شاملة مع عدد أكبر من الجهات الفاعلة الرئيسية تجتمع مجدداً في جدة قريباً»، على الأرجح في 18 أبريل (نيسان) المقبل، أي بعد يومين من مؤتمر باريس للمانحين، معولاً على قيادة الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» والقادة الأفارقة.


مقالات ذات صلة

نائب البرهان يتوعد بمواصلة القتال حتى «تطهير» السودان من «الدعم السريع»

شمال افريقيا البرهان مستقبِلاً نائبه شمس الدين الكباشي في بورتسودان (أرشيفية - الجيش السوداني)

نائب البرهان يتوعد بمواصلة القتال حتى «تطهير» السودان من «الدعم السريع»

الكباشي أشرف على العملية العسكرية من داخل منطقة النيل الأبيض العسكرية، وشاركت فيها قوات من ولاية سنار، وأخرى من ولاية النيل الأبيض.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا دخان يتصاعد في سماء الخرطوم إثر مواجهات مسلحة خلّفت عشرات القتلى والجرحى (أ.ف.ب)

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في دارفور

لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي بشأن آلية لمراقبة الاتفاقيات الحالية».

هبة القدسي (واشنطن) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا اجتماع سابق لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي (أرشيفية - الخارجية المصرية)

مباحثات أفريقية رفيعة لوقف حرب السودان

يُجري وفد من «مجلس الأمن والسلم الأفريقي»، الذي وصل إلى بورتسودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، مباحثات مع المسؤولين السودانيين تتعلق بسبل إنهاء الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)

مصر: إرجاء محاكمة المتهمين في جريمة «الدارك ويب»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: إرجاء محاكمة المتهمين في جريمة «الدارك ويب»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

قرَّرت محكمة جنايات شبرا، الاثنين، إرجاء محاكمة المتهمين في قضية طفل شبرا، الذي تعرض للقتل و«انتُزعت أحشاؤه»، في جريمة «ارتُكبت بغرض بثها على مواقع (الدارك ويب)»، بحسب تحقيقات الحادث الأولية، وذلك إلى جلسة الأربعاء 9 أكتوبر (تشرين الأول)؛ لاستكمال التجهيزات الفنية اللازمة من أجل فض أحراز القضية.

بدأت جلسات المتهمين وسط إجراءات أمنية مشددة، مع منع الإعلاميين من حضور الجلسة، التي كان يفترض أن تتضمن مشاهدة للفيديوهات التي وثَّقت الجريمة التي حدثت في منتصف أبريل (نيسان) الماضي؛ بناءً على قرار تأجيل المحاكمة من الشهر الماضي، قبل أن يتعذر مشاهدة الفيديوهات لغياب التجهيزات الفنية اللازمة.

ووجهت النيابة المصرية للمتهمَين: طارق (29 عاماً) وعلي الدين (15 عاماً)، تهمة «القتل العمد مع سبق الإصرار للمجني عليه الطفل أحمد محمد، بعدما حرّض المتهم الثاني المتهم الأول على قتل الطفل مقابل الحصول على 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 48.30 جنيه في البنوك)».

وطعن محامي المتهم الثاني (علي الدين)، على التقرير الصادر عن اللجنة الثلاثية التي أقرَّت عدم معاناة موكله أي «أمراض نفسية» ومسؤوليته عن تصرفاته، مطالباً بعرض المتهم على لجنة نفسية أخرى من خارج مستشفى العباسية.

وأكد المحامي أن «موكله يعاني مرضاً نفسياً ولم يكن في حالته الطبيعية أثناء ارتكاب الجريمة التي يحاكم على أساسها»، في حين طالب المدعي بالحق المدني عن الطفل الضحية بـ«تعويض مالي قدره 5 ملايين جنيه على سبيل التعويض من المتهمين».

كانت المحكمة أمرت الشهر الماضي بوضع المتهم الثاني (علي الدين) لمدة شهر تحت الملاحظة في مستشفى الصحة النفسية المختصة لتحرير تقرير طبي تفصيلي مع استمرار حبس المتهمين. وطلب ممثل النيابة في جلسة سابقة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين، مناشداً المحكمة إصدار حكم بالإعدام للمتهم الأول، والسجن المشدد للمتهم الثاني الذي لم يبلغ السن القانونية.

ومن المقرر أن تستمع المحكمة في الجلسة المقبلة لدفاع المتهمين، بالإضافة إلى مشاهدة الفيديوهات الموجودة في الأحراز المرفقة بالقضية والتي تتضمن مشاهد ارتكاب الجريمة وتوثيقها. وبحسب التحقيقات، فإن المتهم الثاني عرض على المتهم الأول أثناء تواجده في الكويت برفقة والده صورة الطفل الضحية قبل تنفيذ جريمته؛ أملاً في الحصول على المال الذي وعد به.

وذكرت التحقيقات أن المتهم علي الدين طلب من الشاب الموجود في مصر إزهاق روح الضحية تمهيداً لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء عن طريق تقنية «الفيديو كول»، وأخبره بأنه سيتم إبلاغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن نفَّذ ما طلب منه، كلفه تكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، لكن تم ضبط المتهم قبل قيامه بذلك.

وبعدما تمكنت النيابة العامة المصرية من الوصول إلى المتهم المقيم بالكويت بعد استخدامه شريحة هاتف جوال باسم والده، أقرّ علي الدين – وفق التحقيقات - بأنه من «أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه والتمثيل بجثمانه، حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة»، كما قرَّر أنه «سبق أن قام بهذا الفعل في مرات سابقة» وفق بيان النيابة العامة الصادر عن نتائج التحقيقات».