اقترحت الولايات المتحدة على بقية أعضاء مجلس الأمن اتخاذ «إجراءات سريعة» لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى ملايين السودانيين المهددين بالمجاعة، بما في ذلك إنشاء «آلية عبر الحدود» لهذه الغاية، إذا لم يسمح الجيش السوداني بتوصيل المعونات عبر كل المنافذ الحدودية.
وتقوم إدارة الرئيس جو بايدن بهذا الجهد المشابه لقرارات اتخذها مجلس الأمن لتوصيل المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، على مشارف الذكرى السنوية الأولى للحرب بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، من الجهة الأخرى، وبالتزامن مع مؤتمر باريس للمانحين في 15 أبريل (نيسان) المقبل، ومحادثات السلام المتوقعة بعد شهر رمضان الحالي، في جدة.
وورد هذا الاقتراح من المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد والمبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو أمام مجلس الأمن مساء الخميس، حيث أشارت توماس غرينفيلد إلى أن «نحو 18 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد. والأطفال يتضورون جوعاً، ويهزلون، ويموتون». وإذ ذكرت بـ«تجاهل» قرار مجلس الأمن 2724 حول وقف النار في شهر رمضان، قالت إنه بعد مضي نحو عام على بدء الأزمة «لا يزال الوضع في السودان كارثياً، ويزداد سوءاً»، مضيفة أنه «في الوقت الحالي، تمت تلبية خمسة في المائة فقط» من النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل هذا البلد. ولاحظت أن «الأمر لا يقتصر على نقص التمويل فحسب، بل إن العاملين في المجال الإنساني غير قادرين ببساطة على إيصاله إلى المحتاجين»، متهمة مقاتلي الطرفين بأنهم «عملوا على تقويض» توصيل المساعدات (...) ويشمل ذلك القوات المسلحة السودانية، التي أعاقت عبور المساعدات الإنسانية الرئيسية من تشاد إلى دارفور».
المعابر الحدودية
وطالبت توماس غرينفيلد القوات المسلحة السودانية بـ«إعادة فتح كل معابرها الحدودية مع تشاد على الفور وبشكل كامل لأغراض إنسانية، بما في ذلك معبر أدري الحدودي»، مؤكدة أنه «إذا لم يفعلوا ذلك، فيجب على مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات سريعة لضمان تسليم وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك، إذا لزم الأمر، من خلال آلية عبر الحدود». وحضت الأطراف المتحاربة على «وقف القتال ووضع السودان على طريق السلام. لأننا لا نستطيع أن نأمل في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان وما حوله إذا لم نعالج الأسباب الجذرية».
وأعطت الكلام إلى بيريللو الذي يعمل على «تعزيز جهودنا لإنهاء الأعمال العدائية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، ودعم الشعب السوداني في سعيه إلى السلام».
وقال بيريللو: «نواجه أزمة قاتلة بالفعل للعديد من الفئات الأكثر ضعفاً ويمكن أن تتفاقم بشكل كبير في الأسابيع المقبلة»، عادّاً «الشعب السوداني متحداً للغاية، وما يريده هو إنهاء هذه الحرب. إنهم يريدون التوصيل الكامل للمساعدات عبر الحدود وعبر الجبهات». وأضاف أنه «من المهم لمجلس الأمن والأمم المتحدة والناس في كل أنحاء العالم أن يتفهموا هذه الضرورة الملحة، وأن ينتبهوا إلى الأزمة في بلد يبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة، ونزح بالفعل أكثر من 20 مليوناً من ديارهم».
«يتضورون جوعاً»
ورداً على أسئلة الصحافيين، قالت توماس غرينفيلد إن الوضع حالياً «أسوأ مما كان عليه في العام الماضي»، عادّة «الوضع في المنطقة الحدودية من تشاد يقترب من أن يصير حرجاً، وربما يؤدي إلى مجاعة. الناس يتضورون جوعاً».
وكشف بيريللو عن أن الرئيس جو بايدن والوزير أنتوني بلينكن يشددان على «إلحاح هذه القضية»، مضيفاً أنه سينضم إلى أعضاء من مجلسي الشيوخ والنواب لزيارة مخيمات اللاجئين في تشاد بهدف «الاطلاع بشكل مباشر على درجة شدة المعاناة». ونقل عن العديد من السودانيين أنهم «لا يرون التغطية في الصحافة الغربية. وهم لا يرون ذلك في الصحافة الأفريقية أو في صحافة العالم العربي بما فيه الكفاية». وحذر من أنه «حتى لو انتهت الحرب غداً، فلن نتمكن من منع حدوث مجاعة قادمة». وقال: «يجب علينا أن نضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام يعيد الشعب السوداني إلى المسار الذي (...) يريد أن يسلكه، مع زيادة كبيرة أيضاً في حجم المساعدات الإنسانية والقدرة على توصيلها إلى حيث تمس الحاجة إليها».
وفيما يتعلق بالضغط على قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، ذكّر بيريللو بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على «الجهات الفاعلة السيئة من كلا الجانبين، مما يدل على ضرورة وجود محاسبة على تلك الأعمال الوحشية»، مشيراً بصورة خاصة إلى «قضية التطهير العرقي ضد المساليت في حادثة قامت بها قوات الدعم السريع».
السودانيون «متحدون»
وإذ عدّ بيريللو «الشعب السوداني متحداً للغاية فيما يريده لمستقبله»، مسمياً «السلام الفوري، والوصول الكامل للمساعدات الإنسانية، والعودة إلى الانتقال الدستوري الذي ساعد على توحيد وإلهام الشعب السوداني وغيره عام 2019 ومسألة الجيش المهني الموحد»، قال: «كنا بالطبع داعمين للغاية لعملية جدة»، حيث «سنشهد محادثات شاملة مع عدد أكبر من الجهات الفاعلة الرئيسية تجتمع مجدداً في جدة قريباً»، على الأرجح في 18 أبريل (نيسان) المقبل، أي بعد يومين من مؤتمر باريس للمانحين، معولاً على قيادة الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» والقادة الأفارقة.