«الاستقرار» الليبية تطالب «المركزي» بوقف تمويل حكومة «الوحدة»

بعد حصولها على حكم جديد يمنع الدبيبة من «فتح اعتمادات مالية مؤقتة»

حماد وبلقاسم حفتر وحاتم العريبي يتفقدون صيانة جسر الباكور (حكومة «الاستقرار»)
حماد وبلقاسم حفتر وحاتم العريبي يتفقدون صيانة جسر الباكور (حكومة «الاستقرار»)
TT

«الاستقرار» الليبية تطالب «المركزي» بوقف تمويل حكومة «الوحدة»

حماد وبلقاسم حفتر وحاتم العريبي يتفقدون صيانة جسر الباكور (حكومة «الاستقرار»)
حماد وبلقاسم حفتر وحاتم العريبي يتفقدون صيانة جسر الباكور (حكومة «الاستقرار»)

صعّدت حكومة «الاستقرار» الليبية، برئاسة أسامة حمّاد، من تحركها قضائياً بقصد غلّ يد غريمتها في طرابلس، مالياً، وذلك بعد حصولها على حكم جديد يمنع رئيس «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، من «فتح اعتمادات مالية مؤقتة».

ودعا حمّاد المصرف المركزي بالعاصمة إلى «الامتناع عن تنفيذ أي أوامر بدفع أموال» صادرة عن حكومة الدبيبة، استناداً إلى هذا الحكم القضائي، في حين أعلنت حكومته أن دائرة بمحكمة استئناف بنغازي قضت مساء الخميس بوقف تنفيذ قرار الدبيبة، بشأن منح الإذن بفتح اعتمادات مالية مؤقتة، بعدما طعنت عليه «الاستقرار».

وعدّ حمّاد الحكم «إضافة إلى الأحكام المماثلة، الصادرة أخيراً عن القضاء الليبي، لوقف قرارات حكومة الدبيبة (منتهية الولاية) بصرف المال العام دون وجه حق»، مؤكداً أن الحكم يعني أن «إجراء أي مدفوعات يكون باطلاً»، مشيراً إلى أن «كل من يمتنع عن تنفيذ هذه الأحكام القضائية، ويوافق على الصرف المالي لهذه الحكومة، فإن ذلك يشكل جرماً جنائياً»، ومؤكداً أن الحكم الصادر عن محكمة بنغازي «واجب النفاذ».

كما ناشد رئيس حكومة «الاستقرار» الجهات المعنية في ليبيا كافة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد حكومة الدبيبة، داعياً مكتب النائب العام لاتخاذ كل ما يلزم، وتحمل المسؤولية اللازمة، لتنفيذ هذا الحكم القضائي.

وكانت محكمة أجدابيا الابتدائية قد أيدت في العاشر من الشهر الماضي تعيين حارس قضائي على إيرادات النفط، استجابة لطلب حكومة حماد، ورفضت طعن حكومة الدبيبة على الحكم.

من جهة ثانية، وبينما تجري الاستعدادات الاستباقية قبيل إعادة تشغيله، تفقد معاون رئيس الأركان العامة بحكومة «الوحدة»، صلاح الدين النمروش، معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، مساء (الخميس)، للوقوف على مدى التقيّد بالتعليمات الصادرة لكافة الوحدات العسكرية المشكلة لتأمينه.

النمروش متفقداً معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (رئاسة أركان «الوحدة»)

وقالت رئاسة الأركان إن النمروش اجتمع مع رئيس «القوة العسكرية المشكّلة»، وآمري الكتائب، للاستماع لكافة الصعوبات والعراقيل «من أجل العمل على حلحلتها»، مشدداً على «ضمان عودة حركة المعبر بكل سلاسة، وتأمين كافة المسافرين، وتوفير المتطلبات اللازمة لتسليم المعبر للجهات ذات الاختصاص من الأجهزة الأمنية المختصة، ومساندتها لإيقاف التهريب والفوضى من الأطراف الخارجة عن القانون».

وبُذلت جهود واسعة لنزع فتيل الاقتتال بين قوة حكومة «الوحدة» والقوة التابعة للمجلس العسكري بزوارة، رعاها المجلس الرئاسي، بالإضافة إلى حكماء وأعيان المنطقة الغربية، انتهت إلى الاتفاق على وجود قوة عسكرية، مشكلة من رئاسة الأركان العامة التابعة لـ«الوحدة»، تتولى تأمين المعبر مع قوات زوارة.

وكانت تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية في ليبيا قد دعت إلى «احترام سيادة الدولة، وضرورة بسط سلطتها على كامل تراب الوطن»، في إشارة إلى معبر «رأس جدير»، منتقدة ما أسمته «بطء» حكومة الدبيبة في التعامل مع أزمة المعبر خلال الأسبوع الماضي، ما أدى إلى إغلاقه، و«إلحاق الضرر بمصالح المواطنين».

قوات تؤمن معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (رئاسة أركان «الوحدة»)

وأكدت التنسيقية في بيان مساء (الخميس) على «ضرورة الالتزام بتوفير أعلى قدر من معايير الحرفية والنزاهة في من يتم تكليفهم بمسؤوليات إدارة الأموال العامة، والمنافذ البرية والبحرية والجوية»، معبرة عن إدانتها لـ«أشكال الفساد ونهب المال العام كافة، سواء بالتهريب أو الرشوة، أو الاختلاسات والتلاعب المالي»، مشيرة إلى أن الأوضاع الأمنية المتردية «تفاقمت وصاحبتها تداعيات اجتماعية خطيرة أصبحت تهدد وحدة النسيج الوطني بمناطق مختلفة»، ومؤكدة أن «الفساد المستشري في البلاد أدى إلى سوء إدارة ومعالجة الملف الاقتصادي على المستويات كافة، ما تسبب في اتخاذ قرارات غير مدروسة ومنفردة».

ورأت التنسيقية، التي تضم 9 أحزاب، من بينها «تحالف القوى الوطني»، و«المدني الديمقراطي»، أن «الانسداد السياسي المزمن رمى بليبيا في أتون الصراعات والحسابات الشخصية والقبلية والجهوية»، وأوضحت أن «سيادة ليبيا وحاضرها باتت مرتهنة لقوى دولية وإقليمية، نتيجة تشبث المتصدرين للمشهد السياسي بمناصبهم دون وجه حق»، قائلة إن «تغليب طرف ليبي على آخر يؤزم الأوضاع الحالية في البلاد، ويؤدي لنتائج لا تحمد عقباها»، وحذرت في هذا السياق «من مغبة تسخير أدوات الدولة وسلطاتها في حسابات شخصية أو سياسية أو جهوية أو قبلية لتغليب طرف ليبي على آخر».

حماد وبلقاسم حفتر والعريبي يتفقدون صيانة جسر الباكور (حكومة «الاستقرار»)

في غضون ذلك، بحث وزير المواصلات بحكومة «الوحدة» محمد الشهوبي، مع رئيس مؤسسة «بيكر» العالمية دوغلاس بيكر، والوفد المرافق له، فرص التعاون والاستثمار بين البلدين.

وبحسب منصة «حكومتنا»، استعرض ممثلو الشركة الأميركية مجالات العمل والتعاون المقترحة مع وزارة المواصلات، مؤكدين رغبتهم في «العمل بعد تحقق الاستقرار والجدية التي تشهدها البلاد»، بحسب المنصة.

وبالعودة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أجرى رئيسها حماد، رفقة مدير عام «صندوق التنمية وإعادة الإعمار» بلقاسم حفتر، ورئيس لجنة «إعادة الإعمار والاستقرار» حاتم العريبي، ووكيل وزارة الحكم المحلي أبو بكر مصادف، جولةً تفقدية على أعمال جسر الباكور في بلدية توكرة.

ويعاني الجسر الرابط بين بنغازي وتوكرة والمرج عبر الجبل الأخضر منذ عقود من تشققات، «باتت تشكل خطراً كبيراً على حياة المواطنين»، بحسب الحكومة، التي قالت إن حماد تابع عمل الشركة الأجنبية العاملة في الجسر، تحت إشراف وزارة المواصلات والنقل بالحكومة الليبية.


مقالات ذات صلة

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة في مجلس النواب الليبي (المجلس)

تباين ليبي حول استدعاء البرلمان حكومة حماد للمساءلة

فتح قرار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، استدعاء حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلسه، للمساءلة، نقاشاً واسعاً بين النخب السياسية والمراقبين للشأن الليبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عمليات شفط مياه الأمطار في بنغازي (وسائل إعلام ليبية)

سوء الأحوال الجوية يعطل الدراسة في شرق ليبيا

أدّت التقلبات الجوية العنيفة التي شهدتها معظم مناطق شرق ليبيا إلى تعليق الدراسة في مدن عدة، بناءً على توجيه من السلطات المحلية.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة خلال احتفال «عيد الاستقلال» بطرابلس (حكومة الوحدة)

ليبيا: الدبيبة يدعو إلى اعتماد دستور «ينهي المراحل الانتقالية»

هاجم رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، مجدداً «خصومه السياسيين»، ودعا إلى اعتماد دستور ينهي المراحل الانتقالية.

خالد محمود (القاهرة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.