كباشي يحذر من خطر «المقاومة الشعبية» خارج سيطرة الجيش السوداني

نائب البرهان يجدد الالتزام بمنبر «جدة»

من حفل التخرج (أ.ف.ب)
من حفل التخرج (أ.ف.ب)
TT

كباشي يحذر من خطر «المقاومة الشعبية» خارج سيطرة الجيش السوداني

من حفل التخرج (أ.ف.ب)
من حفل التخرج (أ.ف.ب)

حذر نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، من خطر «المقاومة الشعبية المسلحة» التي تعمل خارج أمرة القوات المسلحة، مشدداً على عدم استغلال المعسكرات النظامية من قبل أي حزب سياسي برفع شعارات بخلاف التي تعبر عن قومية القوات المسلحة، وبدا واضحاً أن حديثه موجه إلى تنظيم «الإسلاميين» من أنصار النظام المعزول، الذي تقاتل كتائبه في صفوفه ضد «قوات الدعم السريع»

شمس الدين كباشي خلال حفل التخرج (أ.ف.ب)

ووجه كباشي لدى مخاطبته، الخميس، حفل تخريج قوات عسكرية تابعة لـ«حركة تحرير السودان»، بمدينة القضارف (شرق البلاد)، بلهجة حاسمة، قادة الجيش بعدم السماح للمنضوين في المقاومة الشعبية بحمل السلاح خارج المعسكرات، كما أمر بجمع أي سلاح خارج الأطر النظامية.

وقال: إن «الخطر القادم على البلاد ستكون المقاومة»، مضيفاً أنه «بقدر حاجة الجيش لهذه المقاومة، فإنها تحتاج إلى انضباط، ونعكف على صياغة قانون وإصدار هياكل ولوائح بهذا الخصوص». كما دعا القوى السياسية «إلى عدم استغلال معسكرات المقاومة الشعبية برفع شعارات سياسية عدا لافتة الجيش».

وحذرت القوى السياسية والمدنية من تفريخ ميليشيات مسلحة تؤجج نار الحرب تحت رعاية الجيش السوداني؛ إذ تشارك مجموعات محسوبة على «إخوان» السودان في القتال إلى جانب الجيش في المعارك الدائرة حالياً في البلاد.

عناصر «حركة تحرير السودان» خلال حفل التخرج (أ.ف.ب)

وقال نائب البرهان: «إن الجيش مع أي دعوة صادقة للسلام، لكنه لن يوقف الحرب أو يدخل في هدنة»، مضيفاً: «لكن في النهاية نحتاج إلى الحوار».

وجدد كباشي التأكيد على التزام القوات المسلحة السودانية بمنبر «جدة» بوساطة السعودية وأميركا والأطراف الإقليمية الأخرى، وقال: «نرحب بأي جهود وطنية ومن الدول الصديقة والجوار لحل مشاكل السودان»، شريطة أن تخرج «قوات الدعم السريع» من منازل المواطنين عبر آليات متفق عليها تشمل المحاسبة وتعويض المتضررين.

وقال: «لن ندخل في عملية سياسية ما لم يغلق الملف العسكري»، وتلبية المطالب الأساسية في «اتفاق جدة» وما تلاه من تطورات على الأرض.

وأكد «أن القوات المسلحة في أفضل حالاتها، وقادرة على حسم الحرب في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى أن الحرب في السودان «حرب مرتزقة» تدار بالوكالة، وأن «الدعم السريع» مجرد أداة.

جانب من حفل التخرج (أ.ف.ب)

وقطع كباشي بـ«أن القوات المسلحة لن تكون جزءاً من السلطة الانتقالية المقبلة، لكنها ستكون جزءاً من الحوار والعملية السياسية لمناقشة القضايا الأمنية الحساسة... وهذا عهدا قطعه الجيش للشعب ولن يتراجع عنه».

ودعا نائب قائد الجيش السوداني كل القوى السياسية والمدنية إلى الجلوس مع بعضها البعض للاتفاق على وثيقة لحكم البلاد.

ومن جهة ثانية، تحدث كباشي عن المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن الجيش السوداني «لا يضع أي سقوف أو قيود على إدخالها إلى البلاد عبر الموانئ والمطارات»، كما دعا كافة المسلحين إلى عدم اعتراض مواد الإغاثة في طريقها إلى المتضررين في مناطق النزاعات.

معارك مستمرة

من مقاتلي «حركة تحرير السودان»

وفي موازاة ذلك، تواصل قوات الجيش تركيز هجماتها العسكرية على المواقع المدنية والعسكرية التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، بمناطق متفرقة من مدن العاصمة الخرطوم، فيما يكثف غاراته الجوية على إقليم دارفور.

وفي أم درمان تحاول قوات الجيش التقدم أكثر لتوسيع مناطق سيطرتها، وسط اشتباكات عنيفة مع «الدعم السريع»، فيما تشهد أحياء شمال مدينة بحري مناوشات مستمرة.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إنهم شاهدوا تصاعد الدخان الكثيف بمنطقة الكدرو، حيث تدور مواجهات في محيط المنطقة العسكرية التابعة للجيش.

ووفق مصادر محلية، تشهد أحياء بمدينة أم درمان منذ الثلاثاء، قصفاً مدفعياً متبادلاً، حيث تحاول قوات الجيش التقدم وتحقيق اختراقات في المناطق التي تقع تحت نفوذ «قوات الدعم السريع».

ويجري الجيش السوداني وحلفاؤه من الفصائل الدارفورية المسلحة، تحضيرات عسكرية وصفت بالضخمة لشن هجمات عسكرية على «الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة (وسط البلاد).


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».