الجزائر تحذّر من «شبح حرب أهلية» في مالي

بعد 3 أشهر من قرار الحاكم العسكري إلغاء «اتفاق السلام»

الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ محمد ديكو رجل الدين المعارض للحكم في مالي أواخر 2023 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ محمد ديكو رجل الدين المعارض للحكم في مالي أواخر 2023 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تحذّر من «شبح حرب أهلية» في مالي

الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ محمد ديكو رجل الدين المعارض للحكم في مالي أواخر 2023 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً الشيخ محمد ديكو رجل الدين المعارض للحكم في مالي أواخر 2023 (الرئاسة الجزائرية)

اتهمت الجزائر الحكم العسكري الانتقالي في مالي بـ«اتباع نهج إقصائي» في جولات الحوار، التي يقودها منذ ثلاثة أشهر لتسوية الأزمة الداخلية، وذلك بسبب إبعاد المعارضة الطرقية منها، وحذرت من «شبح الحرب الأهلية» في هذا البلد الذي تجمعها به حدود بطول 900 كلم.

وكانت باماكو قد أعلنت في 26 من يناير (كانون الثاني) الماضي إلغاء «اتفاق السلام» بحجة أن الوسيط الجزائري، الذي يتولى رعايته، منحاز للمعارضة المتهمة بـ«نشر الإرهاب في البلاد».

وتناول وزير الخارجية أحمد عطاف، الثلاثاء بالعاصمة، في حديث جانبي مع وسائل إعلام، الخلافات مع مالي، خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في سياق تصويت مجلس الأمن، على قرار وقف إطلاق النار في غزة، وأكد أن بلاده «لا تزال تعد اتفاق السلام الإطار الأمثل الذي يصون الوحدة في مالي، وسلامتها الترابية وسيادتها».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

والمعروف أن ممثلين عن الحكومة المالية وقادة المعارضة المسلحة التقوا بالجزائر في 15 من يونيو (حزيران) 2015، وأمضوا على اتفاق تضمن عدة بنود تخص إنهاء الصراع على الحكم. غير أن غياب الثقة بين الطرفين حال دون إحراز أي تقدم في هذا المجال.

ورداً على سؤال حول «مسار الحوار بين الأطراف المالية»، الذي بدأ بعد إعلان إلغاء الاتفاق، قال عطاف إن الجزائر تراه «حواراً إقصائياً وليس شاملاً»، عكس ما يقول رئيس السلطة الانتقالية، العقيد عاصيمي غويتا. موضحاً أن «منظمات سياسية من شمال مالي أقصيت من الحوار»، في إشارة إلى تنظيمات منضوية تحت «حركة تحرير أزواد»، التي تطالب بانفصال الشمال الحدودي مع الجزائر. ولفت عطاف بهذا الخصوص إلى أن الطريقة المتبعة من طرف غويتا، دون ذكره بالاسم، «لا تخدم المصالحة الوطنية، ولن تسمح بتجنب الانحرافات التي تؤدي إلى الانقسام، ولن تبعد شبح الحرب الأهلية عن مالي»، مؤكداً أن بلاده «حريصة على أمن واستقرار مالي».

وزير خارجية الجزائر خلال لقائه الثلاثاء بالصحافة (الوزارة)

وأضاف الوزير بهذا الخصوص أن الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل، «جزء من استقرار الجزائر، لذلك لا يمكننا التقليل من خطورة التحديات التي نواجهها في منطقتنا».

ولأول مرة منذ ثلاثة أشهر، يخوض مسؤول جزائري رفيع في الخلاف مع مالي، بعد بيان وزارة الخارجية الذي عبرت فيه عن «أسفها» لقرار وقف العمل بالاتفاق، كما قالت إنه «يحمل خطورة على دولة مالي بحد ذاتها، وعلى المنطقة التي تطمح للأمن والاستقرار».

اجتماع لوزير خارجية الجزائر السابق مع ممثلي المعارضة المالية في سبتمبر 2022 (الخارجية الجزائرية)

وكانت السلطة العسكرية في مالي قد اتهمت الجزائر بـ«شن أعمال غير ودية» ضدها، وأنها «تتدخل في شؤوننا الداخلية»، وذلك في سياق قرار وقف العمل بـ«اتفاق السلام»، وكانت تقصد اجتماعات عقدها قياديون انفصاليون بالجزائر نهاية 2023، وجرت في إطار مسار التسوية. كما أن عاصيمي غويتا لم يخف تذمره من استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الفترة نفسها الشيخ محمد ديكو، الذي عرف بهجومه الحاد ضد نظام الحكم. وذهب أبعد من ذلك عندما لمح في بيان إلى احتمال استقباله عناصر «حركة الحكم الذاتي في القبائل» الانفصالية، التي تعدها سلطات الجزائر «منظمة إرهابية».

من جهتها، لم تهضم الجزائر الهجوم الذي قاده العقيد غويتا على معاقل المعارضة في الشمال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واستيلاءه على أهم المدن، مستعيناً بميليشيا «فاغنر» الموالية لروسيا. وعدت هذا التصرف «ضرباً لجهود السلام وللوساطة»، التي تقودها بين طرفي الصراع. كما رأت في الهجوم «مؤشرات دالة على إرادة غويتا التخلي عن اتفاق السلام»، زيادة على مقاطعته الاجتماعات الخاصة به في العامين الماضيين.


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»
TT

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة»، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال)، وشددت على «ضرورة سرعة تنفيذ الطرق والمرافق بمنطقة شمس الحكمة»، المخصصة لإقامة الأهالي.

و«رأس الحكمة»، مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بُعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع.

ودشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الماضي، مشروع «رأس الحكمة»، وأكد الرئيسان حينها «أهمية المشروع في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، لكونه يُمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، وفق إفادة رسمية لـ«الرئاسة المصرية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الإسكان ومحافظ مطروح خلال تفقد أعمال الطرق والمرافق بـ"شمس الحكمة" (مجلس الوزراء المصري)

وتفقد وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، ومحافظ مطروح، خالد شعيب، السبت، أعمال الطرق والمرافق للأراضي البديلة لـ«رأس الحكمة» بمنطقة «شمس الحكمة».

وأوضح الوزير المصري أن الأراضي البديلة بمنطقة «شمس الحكمة» مخصصة لأصحاب الأراضي بمدينة «رأس الحكمة»، وتشتمل المنطقة البديلة، وفقاً للمخطط، على مناطق سكنية وخدمية، وأنشطة تجارية واستثمارية، إضافة إلى شبكة الطرق الرئيسية.

ونهاية الشهر الماضي، أكدت الحكومة المصرية أنها تتابع مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع «رأس الحكمة» مع الشريك الإماراتي. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق، إنه يتابع بصورة يومية مستجدات الموقف في مدينة «رأس الحكمة»، والعقود الخاصة بالمستحقين للتعويضات من أهالي المنطقة.

مصطفى مدبولي خلال زيارته لـ«رأس الحكمة» اغسطس الماضي (مجلس الوزراء المصري)

كما زار مدبولي مدينة «رأس الحكمة» منتصف أغسطس (آب) الماضي للوقوف على «سير إجراءات تسليم التعويضات المخصصة للمستحقين». وقال حينها إن رأس الحكمة «تحظى بمقومات مميزة، تجعل منها نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام».

وأكدت الشركة القابضة الإماراتية (ADQ) من جانبها في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة «رأس الحكمة» يستهدف ترسيخ مكانتها، بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى، لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».

وشدد وزير الإسكان المصري، اليوم السبت، على ضرورة الإسراع بمعدلات تنفيذ أعمال الطرق والمرافق بمنطقة «شمس الحكمة»، وتكثيف أعداد العمالة والمعدات، مؤكداً «اهتمام الدولة المصرية بتوفير الخدمات لأهالي المنطقة، وتوفير حياة كريمة لهم في مجتمعات حضارية».