أصدرت محكمة تونسية اليوم (الأربعاء) حكماً بالإعدام على 4 أشخاص، وبالسجن المؤبد على شخصين، بتهمة المشاركة في اغتيال السياسي الكبير شكري بلعيد قبل 11 عاماً، والذي كان أول اغتيال سياسي تشهده البلاد منذ عقود.
وكان بلعيد -وهو سياسي يساري- من أشد المنتقدين لحزب «النهضة» الإسلامي، واتَّهم الحزب بغض الطرف عن العنف الذي يرتكبه متطرفون ضد العلمانيين. وقُتل بالرصاص في سيارته على يد مسلحين في السادس من فبراير (شباط) 2013، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
وقرب محكمة تونس العاصمة، تجمع عشرات من أنصار بلعيد منذ مساء أمس (الثلاثاء)، رافعين شعارات تطالب بالعدالة. وهتفوا بعبارات من بينها: «شكري دايماً حي» و«أوفياء لدماء الشهداء». ورغم أن بلعيد لم تكن له سوى قاعدة سياسية صغيرة آنذاك، فإن انتقاداته القوية لسياسات حزب «النهضة» لاقت صدى لدى كثير من التونسيين الذين كانوا يخشون من أن الإسلاميين عازمون على إخماد الحريات، واستغلال المكاسب التي حصلوا عليها في أولى ثورات ما سُمِّي «الربيع العربي» الذي اجتاح العالم العربي وقتها.
وفي أول تعليق على الحكم، قال عبد المجيد شقيق شكري بلعيد، إنهم راضون عن الحكم، معتبراً أنه «مؤشر إيجابي». وذكر أن هذا الحكم هو جزء أول يتعلق بالمنفذين، مضيفاً أنه في القريب ستكون هناك محاكمة ثانية ستشمل المخططين، وهم قيادات من «الجهاز السري للنهضة» على حد تعبيره. وأضاف: «المباراة الحقيقية ستبدأ الآن... ونحن ننتظر الكثير في وقت قصير».
واتهمت عائلة بلعيد وسياسيون علمانيون قيادات في حزب «النهضة» بالوقوف وراء الاغتيال، عندما كان الحزب يقود الحكومة. ونفى حزب «النهضة» مراراً أي صلة له بالاغتيال. وعقب إصدار الأحكام قال الحزب في بيان فجر اليوم الأربعاء: «إن ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية... وما انتهت إليه الدوائر القضائية من تفاصيل تعد بشكل يقيني أدلة براءة لحركة (النهضة) وأدلة قطعية على الأجندة المشبوهة لما تسمى هيئة الدفاع». وأضاف أن صدور الأحكام ينبغي أن ينهي المتاجرة بدم الشهيد، وأن يعيد الاعتبار لمن طالته الاتهامات السياسية الباطلة، وخصوصاً رئيس الحركة راشد الغنوشي. ودعا في بيانه إلى «فتح صفحة المصالحات الكبرى، والإعراض عن الأصوات الناعقة بالفتنة والإقصاء والكراهية».
وبعد أشهر قليلة من اغتيال بلعيد، قُتل محمد البراهمي، وهو يساري آخر، برصاص مسلحين أيضاً أمام بيته. وعقب ذلك أجبرت احتجاجات حاشدة وضغوط سياسية قوية الحكومة بقيادة الإسلاميين على التنحي.
وينتمي المتهمون في اغتيال بلعيد والبراهمي إلى تنظيم «أنصار الشريعة» السلفي الجهادي الذي صنفته الحكومة في أغسطس (آب) 2013 «تنظيماً إرهابياً».