حكومتا ليبيا تتنافسان «صحياً» وسط اتساع فجوة الانقسام السياسي

تسعى الحكومتان المتنازعتان على السلطة في ليبيا للتنافس بقوة على إثبات جدارة كل منهما في إدارة مختلف مناحي البلاد، كان آخر ذلك ظهور تنافس حاد في المجال الصحي بينهما.

وأعلنت حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إنجاز «أولى الخطوات لتوطين علاج الأورام في الداخل، وذلك بافتتاح مراكز لعلاج إشعاعي». وأشار المكتب الإعلامي للحكومة، (الثلاثاء)، إلى أن المركز يستقبل أكثر من 400 حالة يومياً، علاوةً على توريد أجهزة جديدة، وإعادة تشغيل أخرى كانت متوقفة منذ سنوات، لافتاً إلى «توفير أدوية سرطان لأول مرة في ليبيا».

وكان الدبيبة قد وجه حكومته في الحفل الختامي للمؤتمر الـ21 لجمعية الجراحين الليبية بضرورة تعزيز التعاون في توطين العلاج بالداخل، وتدريب الكفاءات الطبية الليبية، خصوصاً في ظل تسمية 2024 «عام الصحة». وقال إن مرضى الأورام السرطانية سيحصلون على العلاج بداية من العام المقبل، مشيراً إلى أن الحكومة دشنت برامج وطنية طبية تحت إشراف مجلس الوزراء، من بينها البرنامج الوطني لزراعة القرنية والقلب والكلى، والمنظومة الوطنية للعلاج، والهيئة الوطنية لمكافحة السرطان، وقال بهذا الخصوص: «سترون نتائجها قريباً. فمع بداية العام المقبل، سيصل الدواء إلى بيت كل مريض من مرضى الأورام بالتليفون».

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وعلى المسار نفسه، اتجهت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، التي تتخذ من شرق ليبيا مقراً لها، وقالت إنها تدرس تقديم مساعدة مالية لنحو 772 حالة من مرضى الأورام قصد تمكينهم من توفير احتياجاتهم اليومية، لكن وزير الصحة التابع لها، عثمان عبد الجليل، أوضح أن وزارته تجهز لإجراء عمليات زراعة النخاع في ليبيا «للمرة الأولى»، وذلك بالتعاون مع استشاريين مصريين.

وقال عبد الجليل في مقطع فيديو بثه موقع حكومته، مساء (الاثنين)، إن أربعة استشاريين مصريين في جراحات النخاع وصلوا بالفعل إلى البلاد، مشيراً إلى أن الاستشاريين الذي وصفهم بأنهم «الأفضل على المستوى العربي»، سيزورون المستشفيات لاختيار الأنسب بينها لإجراء العمليات، لكنه قال إن البداية ستكون من مدينة بنغازي.

وزير الصحة بحكومة «الاستقرار» عثمان عبد الجليل مجتمعاً بفريق طبي مصري (الحكومة)

ويأتي هذا التعاون بين ليبيا ومصر في إطار تفعيل الاتفاقية، التي عقدتها وزارة الصحة مع هيئة الرعاية الصحية في مصر خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي لتوطين العلاج في الداخل، وأبرز أن الاستشاريين المصريين سيبدأون في تدريب أطباء ليبيين على إجراء مثل هذه العمليات مع نهاية شهر رمضان، ضمن برنامج تشرف عليه وزارته.

ودعا عبد الجليل إلى ضرورة تبادل الخبرات بين الجانبين الليبي والمصري، وقال إن مصر «تعد إحدى الدول الرائدة في هذا المجال على مستوى الشرق الأوسط». لافتاً إلى أن الوزارة تضع على عاتقها مسؤولية تذليل العقبات، وتقديم سُبل الدعم اللازم لتيسير العمل بملف زراعة النخاع بليبيا.

نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني طالب بضرورة تفعيل الرقابة على الأغذية والأدوية في مناطق الجنوب (المجلس الرئاسي)

ورداً على تردي الوضع الصحي في ليبيا خلال العقد الماضي، ولا سيما في المناطق النائية، طالب نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، بضرورة العمل على تفعيل فروع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في مناطق الجنوب من أجل الحصول على غذاء صحي، لتجنُّب الإصابة بالأورام.

جاء ذلك خلال لقاء الكوني مع رئيس وأعضاء الحملة الوطنية للكشف المبكر عن مرض السرطان في مناطق الجنوب، الذين استعرضوا أمامه المشاكل والصعوبات التي تعوق عمل الحملة، وعدم تمكنها من أداء المهام الموكلة إليها بالشكل المطلوب.

وتسعى الحكومتان إلى استغلال علاقتهما الخارجية لاستقدام خدمات طبية رفيعة، بقصد تطوير القطاع الصحي في كل المناطق التابعة لكليهما. وكان وزير الصحة المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية»، رمضان أبو جناح، قد بحث مع السفير الروسي لدى ليبيا، حيدر رشيد عبد الله أغانين، إمكانية تطوير قطاع الصحة الليبي، ودور وزارة الصحة الروسية في توطين العلاج بالبلاد.