تصاعدت الأمور في مدينة الجميل القريبة من الزاوية بغرب ليبيا، والواقعة على بُعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، بعد اشتباكات مروعة بين مجموعات مسلحة، قادمة من خارج المدينة، ما خلّف قتيلاً وتسعة جرحى على الأقل بأعيرة نارية، بحسب مصادر محلية، بالإضافة إلى إضرام النيران في الممتلكات والعديد من سيارات المواطنين.
فبعد يوم من الاشتباكات التي شهدتها منطقة جنوب الجميل، عاد التوتر إليها، اليوم (الخميس)، على خلفية إطلاق بعض الميليشيات الرصاص على عدد من المواطنين، وسط تصاعد المطالب بضرورة طردها من حيث أتت، فيما ترى مصادر محلية بالمدينة، تحفظت على ذكر أسمائها لدواعٍ أمنية، أن «الأمور مرشحة للتصعيد إذا رفضت التشكيلات المسلحة الخروج».
وبعدما فرغ سكان الجميل، اليوم (الخميس)، من تشييع جثمان مواطن قتل بالرصاص، تظاهروا ضد وجود «جماعة الإسناد» الموجودة في «بوابة العقربية» جنوب المدينة، وطالبوا بإخراج جميع المجموعات المسلحة خارج منطقتهم.
وسعياً لتهدئة أهالي وأعيان الجميل، قال صلاح النمروش، معاون رئيس الأركان بقوات حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إنه تم الاتفاق على أن تتولى رئاسة الأركان تأمين المدينة، وإخراج كافة التشكيلات المسلحة، وأن تضطلع لجنة دعم المديريات بدعم مديرية أمن السهل الغربي.
وكانت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة قد اندلعت بين ميليشيات من مدينة الزاوية وأهالي مدينتي الجميل ورقدالين، وذلك على خلفية استهداف مواطن يدعى صهيب الخنجاري من مدينة الجميل، وحرق سيارات مدنيين خلال اشتباكات بين مجموعات وتشكيلات مسلحة من خارج مدينة الجميل.
وقبل توجه النمروش إلى مدينة الجميل، كان مشايخ القبائل قد طالبوا الحكومة الليبية «بإخراج التشكيلات التابعة لمحمد بحرون بسبب ارتكابها عدة جرائم متكررة منذ سنوات في المنطقة»، كما ناشدوا في الوقت ذاته «وزارتي الدفاع والداخلية بالحكومة التدخل العاجل لحماية مواطني البلدية».
وبحرون المقلب بـ«الفار» هو آمر قوة الإسناد الأولى بالزاوية، كما أنه يرأس أيضاً قوة دعم المديريات.
وبالنظر إلى توتر الأوضاع بالمدينة، عطلت مراقبة التربية والتعليم بالجميل الدراسة اليوم (الخميس)، على أن تستأنف يوم السبت حسب الجدول المعدل من مكتب الامتحانات.
وأطلع عميد بلدية الجميل، فتحي الحمروني، واللواء عز الدين الزوق، مدير مديرية أمن السهل الغربي، وأعيان وحكماء المدينة النائب العام الصديق الصور، على مجريات الأمور والحوادث التي شهدتها مدينتهم.
وخلال اللقاء شدد النائب العام في بيان على «ملاحقة مرتكبي الحوادث الجنائية، والأفعال الماسة بحرمة النفس والمال، من خلال تضافر سلطات إنفاذ القانون، وإنصاف الضحايا، وفرض سيادة القانون داخل مدينة الجميل».
وكان سكان أهالي وقبائل وبلديات الجميل والمنشية ورقدالين وزليتن، قد أعلنوا قبل يومين دخولهم في اعتصام كامل بجميع المؤسسات المدنية، وإغلاق جميع المنافذ لمدنهم إلى حين تلبية كافة مطالبهم.
وطالبوا بتدخل الحكومة ووزارة الداخلية، خصوصاً، من أجل وضع حل عاجل ونهائي لما يحدث في المدينة من تجاوزات أمنية، سببت وجود تشكيلات مسلحة غير منظمة، «وعلى رأسهم أبناؤنا»، مشددين على ضرورة وضع حلول أمنية، من شأنها تحسين الوضع الأمني بالمدينة بدعم المديرية وأجهزتها الأمنية، أو بدمج المديريات بالمنطقة. مؤكدين أنه في حالة عدم تنفيذ مطالبهم خلال 72 ساعة، «فإننا سنضطر إلى تصعيد الموقف لحماية مدينتنا».
وسبق أن عهدت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الوطنية قبل نحو شهر بإخلاء العاصمة طرابلس من التشكيلات المسلحة، لكن تظل الأمور على حالها حتى الآن، وهو ما يشجع المجموعات المسلحة على الصدام المسلح، دفاعاً عن تمدد نفوذها على الأرض.
وقالت بلدية المنشية الجميل إنه من خلال متابعة ما تشهده المدينة من أحداث، وحرصاً على وضع حلول جذرية للمشاكل الأمنية بالمدينة، فقد احتضنت قاعة الاجتماعات ببلدية المنشية الجميل اجتماعاً موسعاً ضم لجان المصالحة من المدن المجاورة والقيادات العسكرية بالمنطقة، وتمت مناقشة الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة، والحلول الممكنة، إضافة إلى وضع آلية لوقف التجاوزات التي تقوم بها «بعض الجهات» داخل المدينة.