ليبيا تعلن إغلاق معبر رأس جدير مع تونس بعد «خروجه عن السيطرة»

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
TT

ليبيا تعلن إغلاق معبر رأس جدير مع تونس بعد «خروجه عن السيطرة»

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

 

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية بليبيا، سحب أعضائها من منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس «حفاظاً على الأرواح والممتلكات»، بعد اقتحام مسلحين محللين للمعبر مساء الاثنين الماضي.
وقالت الوزارة في بيان، في ساعة مبكرة اليوم (الخميس)، إن الوزير المكلف عماد الطرابلسي أمر بانسحاب الأعضاء العاملين بمديرية أمن المنفذ ومركز الشرطة ومصلحة الجوازات والجنسية «بعد قيام مجموعات مسلحة خارجة عن القانون بتحشيدات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة مما شكل تهديداً مباشراً على الأعضاء العاملين بالمنفذ».
وأشار البيان إلى الوضع باعتبار أن المنفذ «خرج عن السيطرة».
وقال أيضاً إن سيارات الكشف الآلي نقلت إلى عبر الحدود بالتنسيق مع السلطات التونسية.
ويوم الثلاثاء، قالت إذاعة (تطاوين) الرسمية التونسية، أن السلطات أغلقت معبر راس جديرالحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية.
وأوضحت الإذاعة التي تبث من تطاوين الواقعة بالجنوب التونسي «تم غلق المعبر الحدودي من الجانب التونسي إثر تبادل لإطلاق النار بالمعبر الحدودي بالجانب الليبي، وذلك حفاظاً على سلامة المواطنين القاصدين الأراضي الليبية».
وأضافت: «تم السماح للمواطنين العالقين بالمعبر من الجانب الليبي بالدخول إلى تونس إلى حين استقرار الوضع الأمني بالمعبر من الجانب الليبي».
وذكرت وسائل إعلام ليبية أن مسلحين محليين اقتحموا معبر راس جدير الحدودي مع تونس مساء الاثنين واشتبكوا مع عناصر تابعة لوزارة الداخلية.


مقالات ذات صلة

دعم غربي متزايد لإجراء الانتخابات البلدية الليبية

شمال افريقيا السايح خلال اجتماع مع أجهزة أمن المنطقة الغربية (مفوضية الانتخابات)

دعم غربي متزايد لإجراء الانتخابات البلدية الليبية

وسط دعم أميركي وأوروبي لإجراء المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ليبيا، حثّت هولندا على نزاهة عملية الاقتراع.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

تصاعدت أزمة النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان رئيسه السابق محمد تكالة فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض خالد المشري.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

يطالب مرضى ضمور العضلات في ليبيا بإنشاء مستشفى متخصص لخدمتهم، ووحدات رعاية بالمستشفيات الكبرى في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

يرصد محللون ليبيون عقبات دستورية وقانونية وسياسية محتملة تعترض تفعيل ما ذهب إليه الطرابلسي، بخصوص فرض الحجاب على طالبات المدارس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تكرر تأخر الرواتب... كابوس «ينغّص حياة» الليبيين

محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)
محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)
TT

تكرر تأخر الرواتب... كابوس «ينغّص حياة» الليبيين

محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)
محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)

بعد أن تجددت أزمة تأخّر صرف الرواتب في ليبيا، وعد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، بحل الأزمة المتعلقة بصرف راتب شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل نهاية الأسبوع.

ويرى سياسيون ليبيون أن هذه الأزمة تتكرر باستمرار في البلاد، وفي هذا السياق أوضح عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، أنها «مشكلة باتت مزمنة، خصوصاً في السنوات الماضية»، وأرجع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مسؤولية ظهور هذه الأزمة لعدة عوامل، أبرزها «ارتفاع أعداد العاملين بالدولة؛ مما رفع بند الرواتب التي أصبحت تشكل أكثر من 65 في المائة من دخل البلاد».

الدبيبة وعد بحل الأزمة المتعلقة بصرف راتب شهر أكتوبر الماضي (الشرق الأوسط)

وفي تقريرها لعام 2023، قدرت هيئة الرقابة الإدارية أعداد العاملين بالجهات الممولة من خزانة الدولة بمليونين و99 ألفاً و200 موظف. وحذر التقرير من تضخم عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، لما له من تأثير مباشر على التنمية والإنتاج، إذ بلغ إجمالي رواتبهم خلال الفترة الممتدة من سنة 2012 إلى 2023 نحو 372 ملياراً و759 مليوناً و500 ألف دينار. (الدولار يساوي 4.86 دينار في السوق الرسمية).

مرتبات عشوائية

أوضح عبد السلام نصية أن «التوسع في التعيينات بالقطاع العام، وأيضاً قرارات زيادة الرواتب العشوائية، لم يقابلهما زيادة في الدخل العام، كما أنهما تمّا في إطار التنافس بين الحكومات والأفراد بهدف كسب الولاءات».

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» التي يرأسها الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس غرب البلاد مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويرى نصية أن اعتماد البلاد على النفط بوصفه مورداً رئيسياً للدخل يعد «سبباً إضافياً للأزمة»، وقال موضحاً: «بات أي تذبذب في أسعار النفط وكميته المستخرجة ينعكس سلباً على الدخل العام، وبالتبعية تتأثر رواتب العاملين من حيث القيمة، وأيضاً توقيت صرفها».

بات جل الليبيين يجدون صعوبة في شراء مستلزمات حياتهم بسبب تأخر الرواتب (أ.ف.ب)

وأضاف نصية سبباً آخر، يتمثل في «ظهور سياسات غريبة للمالية العامة»، من أهمها ما يسمى بـ«الإفراجات» التي يشوبها الكثير من الفساد، فضلاً عن انهيار ما يعرف بـ«الدورة المستندية» للدخل، من خلال قيام المؤسسة الوطنية للنفط بحجب الإيرادات والتصرف فيها قبل توريدها.

وانتهى نصية إلى أن كل الأسباب السابقة، مع زيادة سعر الصرف نتيجة التوسع في الإنفاق الناتج عن الانقسام المؤسساتي «سيظل من الأسباب التي تؤدي إلى استمرار وتفاقم أزمة الرواتب».

أزمة قديمة

من جانبه، عبر عبد العزيز الحاج (اسم مستعار) عن استيائه من تأخر صرف الرواتب طوال السنوات الماضية، ورأى أن المسؤولين «لا يشعرون بتزايد الأعباء المعيشية» عليه، وعلى زملائه من العاملين بالقطاع الحكومي.

يقول الحاج، وهو من قاطني الجنوب الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزمة ليست جديدة، لكنها تضغط على كثير من الأسر، وخصوصاً مَن لا يملكون دخلاً إضافياً».

بدورها، حمَّلت الأكاديمية الليبية، فيروز النعاس، أزمة الرواتب «للصراع والانقسام السياسي والحكومي والمؤسسي الراهن في البلاد». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «في ظل أجواء الخصومة ما بين حكومة الدبيبة والبرلمان، فإن هذا الأخير يعتمد الميزانية للحكومة المكلفة من قِبَله برئاسة أسامة حماد، ثم لا يتعامل المصرف المركزي المسؤول عن السياسة النقدية مع تلك الحكومة؛ بسبب عدم حصولها على الشرعية الأممية».

وتساءلت فيروز النعاس عن غياب اللجان والدراسات المتخصصة لتحديد الأولويات التي تحتاج إليها البلاد، معربة عن قناعتها بأن كل «المشاريع التي ينفذها المسؤولون، شرقاً وغرباً، تأتي في إطار المنافسة بينهم في حصد إنجازات تنسب لهم، رغم تمويلها من الخزينة العامة».

واجهة البنك المركزي في طرابلس (رويترز)

ولم يبتعد الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، عن الآراء السابقة، حيث أوضح أن ليبيا هي «الدولة الوحيدة التي يعد فيها صرف الراتب إنجازاً تتباهى الحكومات بتحقيقه». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم معايشة الليبيين لأزمات اقتصادية كثيرة خلال السنوات الأخيرة، فإنهم يشعرون بالاستياء تجاه عجز دولتهم النفطية عن الوفاء بالتزاماتها تجاههم فيما يتعلق بأبسط حقوقهم، أي الراتب يكون مضاعفاً».

وتحدث القماطي عن «سوء التنظيم بين المؤسسات المالية بالبلاد، وسوء الإدارة وكثرة تغيير السياسات، جراء تعاقب الحكومات بعد (ثورة فبراير)، ومعوقات البيروقراطية». وتساءل في هذا السياق عن «عدم انتباه المسؤولين لعدم وجود أموال في حسابات المؤسسة الوطنية للنفط تكفي لتغطية الرواتب، وهذا هو سبب الأزمة الشهر الحالي».

كما تساءل القماطي مستنكراً: «كيف يتم حرمان أغلب الموظفين البسطاء من رواتبهم، التي ربما لا ترتفع عن ألفي دينار، فيما سجلت تقارير المصرف المركزي إنفاق أكثر من ملياري دينار منذ بداية العام الحالي على وزارة الخارجية، التي يذهب أغلبها بوصفه رواتب تصرف بالعملة الأجنبية لموظفي البعثات والسفارات الليبية بالخارج».

أما الناشط السياسي الليبي، بشير الشيخ، فيؤكد من جانبه، أن أزمة تأخر الرواتب عرفها المجتمع الليبي خلال نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لكنها لم تتكرر كثيراً، مقارنة بالسنوات الأخيرة، وتحديداً مع حدوث الانقسام السياسي والحكومي. وأوضح الشيخ لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من الموظفين يلجأ للاستدانة للتغلب على معضلة تأخر الرواتب، فيما يضطر بعضهم للعمل في وظيفة إضافية بالقطاع الخاص».