اتهامات لعناصر من الجيش السوداني بـ«نهب ممتلكات» في أم درمان

تقرير: «الدعم السريع» تستخدم «التجويع» للإجبار على التجنيد

آلية للجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)
آلية للجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)
TT

اتهامات لعناصر من الجيش السوداني بـ«نهب ممتلكات» في أم درمان

آلية للجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)
آلية للجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)

يواجه السودانيون تحت نيران البنادق انتهاكات من الأنواع والصنوف كافة، ولم تقتصر الاتهامات بارتكاب انتهاكات على طرف واحد من جانبي الحرب المشتعلة في البلاد منذ عام تقريباً، وفي حين قال نشطاء محليون وشهود إن مسلحين يرتدون ملابس الجيش السوداني نهبوا منازل في أم درمان (إحدى مدن العاصمة الخرطوم)، نقلت تقارير صحافية أن «قوات الدعم السريع» بعد انتقالها إلى ولاية الجزيرة (وسط البلاد) أجبرت رجالاً وفتياناً على «الانضمام لصفوفها قسراً».

وقالت «لجان مقاومة ود نوباوي» بأم درمان إن «مسلحين يرتدون أزياء الجيش السوداني قاموا بنهب 70 بالمائة من منازل الحي» وذلك بعد أيام قلائل من استعادة الجيش سيطرته على المنطقة التي عانت عمليات نهب وسلب واسعة إبان سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها.

ونقل بيان صادر عن اللجان إن «(حي أبوروف)، وهو أحد أحياء أم درمان القديمة العريقة، شهد عدداً من عمليات السرقة والنهب لما تبقى من أثاث ومقتنيات المواطنين، بواسطة أفراد من القوات المسلحة (الجيش) والشرطة أمام أنظار الضباط والمسؤولين، ما يجعلهم شركاء في الجريمة بالصمت والتغاضي».

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

ووفقاً للبيان، فإن «منطقة أم درمان كانت قد شهدت إبان سيطرة قوات الدعم السريع عليها (كل أنواع الانتهاكات)، وإن المواطنين استبشروا بعد سيطرة الجيش على المنطقة وطرد (الميليشيا) منها باستقرار الأوضاع، لكن عمليات النهب تواصلت».

وأدان البيان بشدة ما وصفه بـ«الجريمة»، وحذّر من تكرارها، ومن «فقدان الثقة بين المواطن وأجهزة الحماية». مطالباً «قيادة القوات المسلحة بضرورة وقف هذه العمليات ومحاسبة مرتكبيها، وتقديمهم للعدالة ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه أن يعتدي علي ممتلكات المواطنين».

«سرقات ممنهجة»

وفي السياق، أبلغ عدد من المواطنين السودانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن «سرقات ممنهجة يقوم بها أشخاص، بعضهم برتبة ضابط، وهم يرتدون أزياء الجيش، يقومون بعمليات (نهب مسلح) في عدد من أحياء أم درمان القديمة التي سيطرت عليها القوات المسلحة أخيراً».

واستنكر مواطنون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ما عدّوه «إهمالاً وتجاهلاً للشكاوى التي تقدموا بها لقيادات القوات الموجودة في المنطقة (أم درمان)»، ونسب بعض سكان المنطقة انتهاكات رصدوها إلى عناصر من «قوات مالك عقار»، وهي قوات تابعة لنائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، وتم دمجها في الجيش.

الدخان يتصاعد في مدينة أم درمان بالخرطوم جراء عمليات القصف (رويترز)

كما نقلت صحف محلية سودانية أن «أحياء أم درمان القديمة شهدت عمليات نهب واسعة، نفذها جنود سودانيون وأفراد مستنفرون لدعم الجيش والقتال معه، غداة سيطرة القوات المسلحة على مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون وأحياء في أم درمان القديمة قبل عدة أيام».

وقال شهود إن «جنوداً بزي الجيش السوداني وجماعات المتستنفرين ارتكبوا انتهاكات واسعة في أحياء أم درمان القديمة، بما في ذلك أعمال نهب وسلب وسرقة وتخريب منازل المواطنين».

وأفاد مازن عثمان، وهو من سكان حي «الملازمين» في أم درمان، في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن «عمته» التي قال إنها لم تبرح منزلها منذ بداية الحرب برغم تعرضه لدمار هائل «طُلب منها مغادرة المنزل والذهاب إلى (مسيد شيخ الأمين) هي وأطفالها، لكن الجنود سلبوا نقودها وهاتفها قبيل مغادرتها، وحين عادت لتفقد منزلها وجدت عربتي نقل تنقلان أثاث المنزل بحضور أحد الأفراد بزي الجيش».

صمت على الانتهاكات

من جهته، ذكر الناشط السياسي محمد خليفة، الذي يرصد عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي عمليات السرقات والنهب في أم درمان، أنه «منذ سيطرة الجيش على أحياء أم درمان القديمة، حدثت سرقات كبيرة لمنازل المواطنين، إذ تتم سرقة أثاث المواطنين من ثلاجات، ودواليب، وسرائر، وكراسي، وترابيزت وغيرها من أثاث المنازل بواسطة عربات ويتم ترحيلها إلى جهات مجهولة».

وانتقد خليفة ما أسماه «الصمت على انتهاكات الجيش»، وقال: «سرقة أثاث المواطنين تحدث أمام مرأى ومسمع من ضباط القوات المسلحة، وحين تعبر المسروقات ارتكازات الجيش لا أحد يتحدث»، تحت ذريعة أنها «غنائم» من ممتلكات أفراد «الدعم السريع».

وفي سياق قريب، نقلت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية، في تحقيق بثته الاثنين، أن «(قوات الدعم السريع) بعد انتقالها إلى ولاية الجزيرة (وسط السودان) دأبت على إجبار الرجال والفتيان على الانضمام لصفوفها قسراً». وذكرت أن «الدعم» تستخدم «التجويع» لإجبار الناس على الانضمام لقواتها.

ونسبت الشبكة إلى شهود عيان أن «(الدعم السريع) تستخدم الجوع كسلاح، حارمةً من لا يريد الانضمام من الطعام»، وقالت إن تحقيقاتها «أظهرت أن 700 رجلاً، و65 طفلاً، تم تجنيدهم قسراً في ولاية الجزيرة وحدها».


مقالات ذات صلة

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.